لم يكن هذا الاقتتال الطائفي والعرقي والحروب الأهلية في الدول العربية تحدث لو أن النخب السياسية والمفكرين والمثقفين في المجتمعات العربية عملت على نشر الوعي السياسي والفكري والاجتماعي بين الجماهير في الدول العربية.
وأول القضايا التي كان يجب التعرض لها هي قضية دولة المواطنة والقانون، أسس ومقومات دولة المواطنة والقانون؛ ان الأنظمة العربية التي استحوذت على السلطة بعد انتهاء فترة الاستعمار لم يكن في همها توعية وتثقيف الجماهير، بل كان همها الوصول الى سدة الحكم والتسلط، وعملت على تجهيل واستغفال الجماهير. ان ما تحتاج اليه الشعوب العربية الآن قبل كل شيء هو التنوير تماماً مثل الذي حدث في أوروبا والذي على أثره خرجت الشعوب الأوربية من عصور الاقتتال الديني والطائفي والعرقي الى عصر تأسيس الدولة المدنية الديمقراطية العلمانية، دولة المواطنة والقانون. ان البكاء والسب والتخوين لن يخرج هذه الشعوب من أزمتها المستحكمة؛ قامت ايران ، وفعلت اسرائيل وتأمرت أمريكا وتواطئ الغرب او تركيا، كل هذا لن يجدي نفعاً، ولن يادي الى الخروج من الأزمة، فالدواء يكمن في انتشال الجماهير في الدول العربية من عصر الظلام الى عصر التنوير. ان جمهورية الهند تضم مئات الملايين من البشر، كما انها تضم مئات من الأديان والقوميات والأقليات والطوائف.
لماذا لا تتقاتل الشعوب الهندية على الحكم والسلطة؟؟ هل هناك سر يخص الشعب الهندي؟!! أم أن الشعب الهندي بعد أن أسس دولة المواطنة والقانون وقام بصياغة دستور الدولة على أساس الديمقراطية والعلمانية وضمن الأمن والأمان ؟؟؟ نعم هناك بعض المشاكل بين بعض طوائف الشعب الهندي، ولكن تلك المشاكل ليس هي صراع واقتتال على إدارة الدولة أو على السلطة، ان الصراع على إدارة الدولة يتم عن طريق صناديق الاقتراع ومن ثم في البرلمان، بينما تلك المشاكل هي خلافات اجتماعية في أغلبها.
ليس هناك طائفة في الهند يحرم أبناءها من الالتحاق بالقوات المسلحة، سواء كانت البرية أو البحرية أو الطيران. المساواة في المواطنة هي الأمر السائد في الدولة الهندية، وهذا لا يتأت الا في دولة المواطنة والقانون، الدولة الديمقراطية العلمانية. لولا النظام الديمقراطي العلماني الذي تتمتع به الهند لكانت هناك حروب واقتتال بين طوائف الشعب الهندي، ولكن العلمانية هي صمام الأمان.
أفلا نتخذ من الهند نموذج نحذو حذوه؟؟