يأتي يوم ٨ مارس اي اليوم العالمي للمرأة في ٢٠١٥ في ضل اوضاع ما سمي بثورات الربيع العربي وتداعياتها الكارثية علي الدول والمجتمعات التي حدثت فيها

حيث انعكست علي النظام السياسي والمجتمع المدني وما يخص موضوعنا هنا وهو ( المرأة ) فتحت عنوان لون القرنفل لون الدم قدم الكاتب بدر عبدالملك لوحة لهذه التداعيات كان من المفترض في الرابع عشر من فبراير ٢٠١١ ان يحمل الناس في يوم فالنتينو من محلات بيع الزهور باقات تعبير بمعني مختلف ( يوم الحب ذكري عطرة بين العشاق ) بل ونسي العالم احتفاليات سنوية مهمة كان الجميع يحمل فيها زهورا و قرنفل الي النساء في مارس العطر سواء بيومها في الثامن من مارس يوم المرأة العالمي او الخامس عشر يوم العائلة العالمي ولكن يبدو ان لون الورد صار بلون الدم فهؤلاء من حملوها في المسيرات وامام قوات الأمن لا يحملوها كل عام الي محبيهم فلا الرجال اعتادوا تلك الروح الرومانسية ولا النساء المتلفعات بروح الغضب والكراهية وسواد المشاعر فالنساء في هذا اليوم شمرن عن سواعدهم الاحتجاجية والاعتصامات وتعشقن رائحة الدم والعصيان المميت ( ولبسن الأكفان ) وكما ان الجمعيات السياسية استقطبت المجتمع وقسمته طائفيا ما بين دوار مجلس التعاون في الضفة الشيعية وفي الضفة الأخرى في مسجد الفاتح في الضفة السنية كانت المرأة حاضرة وبكثافة في الفعل السياسي في تلك الأحداث اذ برهنت المرأة البحرينية انها عنصر فاعل في المسيرات والاعتصامات والخطب الساخنة تلك المرأة التي لم تجد من رجال الاتجاهات الدينية ( الطائفية المتشددة ) أية حقوقً الا حقوق التبعية والهيمنة ومنعوا عنها اكتساب حقوقها المدنية المتمثّلة في قانون عصري للأحوال الشخصية ؟! ولكنهم في المواجهات وضعوها في المتاريس وفوهات المدافع نقلوها الي الدوار لكي ترفع من حرارة وترمومتر الأحداث وتضخيم حجم المسيرات فالنساء نصف المجتمع وحملوا بمسئولية ( وطنية وطائفية بامتياز ) فالذهاب الي الدوار رالي كل ساحة معركة هو رسالة زينبية من اجل الشهادة والتضحية وفي لقاء مسجد الفاتح التاريخي كانت المرأة حاضرة وبكثافة لتقول للعالم ان المرأة في بلادنا متعددة الاتجاهات حيث اصبح هناك قطبين نسويين تواجها من بعيد وتجاذبا بسخونة الحناجر والشعارات والهتافات وتعاركا من بعيد ففي عاصفة الصراع وتجاذبه تتحول المرأة الي موقف سياسي لا يهادن بين الضفتين وتوترهما ومن جانب اخر خرج صوت اتحاد النساء والجمعيات النسوية التابعة للجمعيات( كما هو حال جمعياتهم ) متنافر الأصوات مبحوح ومتشنج تائه ومرتبك كل هذا يطرح امام المرأة في البحرين وخصوصا في هذه المرحلة من الانقسام والاستقطاب الطائفي مسالة المرأة البحرينية والطريق الي نيل حقوقها كمواطنة والي انتزاع هذه الحقوق سواء من الدولة او من هيمنة الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين مما يطرح التساؤل الاخر وهو المرأة البحرينية والمعوقات التي تقف حجرة عثرة في طريق انتزاعها لحقوقها ان مسالة حقوق المرأة السياسية تتجاوز مساهمة المرأة في الحياة العامة الي حقيقة ان المرأة في بيئة المجتمع المدني في البحرين تمثل علامة رمزية لحدود الأمة – الدولة وسلطتها ولذلك فان السيطرة علي المرأة تتصل بالمتغير البنائي الذي يحكم جميع العلاقات الاجتماعية سواء في الدولة او الجمعيات السياسية كمكون للمجتمع المدني وهو ( الضبط الاجتماعي فالعلاقة هنا مع المرأة هي علاقة قوة وتحكم وضبط وسيطرة شانها شان العلاقات الاجتماعية الأخرى ولكن السيطرة علي المرأة لها الصفة الاستثنائية لأنها طريقة لتوكيد حقوق الأمة – الدولة من خلال التنظيم الدقيق للزواج والتجنس والميراث وحقوق الملكية وهذا التنظيم الدقيق ترك في ضل المشروع الاصلاحي للمؤسسة الدينية والتي كانت تحمل بعدا طائفيا ( سنية – شيعية ) من خلال قوانين الأحوال الشخصية وهي القوانين المنظمة للعائلة والزواج والطلاق والمواريث وحضانة الأطفال وهنا تكتسب العائلة أهمية استثنائية ليس بوصفها القناة الأهم اللاتنشئة الاجتماعية وإنما ايضا بوصفها اداة للضبط في ما يتصل بحقوق المرأة كونها الوسيلة الوحيدة التي تكتسب فيها المرأة حق المواطنة فالمرأة في هذه البيئة لا تكتسب المواطنة بشخصها كفرد في المجتمع وإنما بحكم كونها عضوة في العائلة كأم او كزوجة او كائنة معتمدة في ذلك علي الرجل مما يجعل الحديث عن المواطنة عندما تبلغ سن الرشد يصطدم بهذا المعوق الخفي والضمني كما في ( فكرة الولي والمحرم ) والذي يستخدمه الرجل كما المرجعيات والرموز الدينية.

فالأساس النظري الذي يقوم عليه مبدا المواطنة هو ان الفرد المواطن هو صاحب الحقوق والواجبات ولكن في بيئة المجتمع في البحرين يبدو ان المرأة لا تدخل في علاقة مباشرة مع الدولة وإنما عن طريق العائلة وعن طريق الجماعات او التضامنيات الفرعية مثل الطائفة – القبيلة وهذا ما حدث بالضبط للمرأة منذ انطلاقة المشروع الاصلاحي حيث هيمنت هذه الجماعات الطائفية علي صوت وموقف المرأة سواء في تجيزها لمكاسب انتخابية في جميع الانتخابات التي تمت من عمر هذه التجربة واستخدمتها بشكل مكثف في احداث ١٤ فبراير وهنا تكمن المفارقة ذلك ان هذه الجماعات او الجمعيات الطائفية التي أشهرت مع طرح قانون الجمعيات السياسية وبالتالي تمكنت وهيمنة علي المجتمع تحمل طابعا ابويا او لنقل طابع هيمنة فئة رجال الدين المتمرسين بالطائفة والذين يتحكمون بهذه الجمعيات عبر الفتاوي او عبر الأوامر والنواهي فهي جمعيات ثيوقراطية تخضع لسيطرة رؤساء العائلات او فئة رجال الدين ورؤساء الطوائف ومتنفذيها فان هذه الجمعيات او الترتيبات التي نشئت عنها هي التي تتوسط بين الفرد والدولة بحيث تجمع ترتيبات هذه المؤسسة المجتمع المدني والدولة والسوق اي العلاقات الاقتصادية والعائلة والطائفة في نسيج واحد وهو مصدر التعقيد بالنسبة لوضع المرأة في هذه الترتيبات بحكم ارتباطها بالعائلة والطائفة فعليها اولا تحديد انتمائها الي هذه الطائفة او تلك وعليها في الوقت نفسه الكفاح من اجل الحصول علي حقوقها كمواطنة وفي الأحداث الخيرة اي ما سمي بثورة ١٤ فبراير وجدنا ان المرأة علي الضفتين الطائفيتين فضلت توكيد انتمائها الي الطائفة المسيّسة علي حساب اكتساب حقوقها كمواطنة اي كفرد مسئول عن نفسه مستقل عن الطائفية السياسية ففي تلك الأحداث زادت أهمية الجمعيات الطائفية السياسية بشكل مواز لأهمية الدولة بل انها طرحت مشروع دولة المحاصصة الطائفية ولما كانت كل تلك الجمعيات التي شاركت في الأحداث ذات طابع أبوي ولترتيبات أبوية ذات طابع ديني طائفي فلن هيمنتها علي الحراك السياسي في البحرين ليس في صالح كفاح المرأة من اجل نيل حقوقها السياسية وحتي المجتمع المدني ذو الصبغة الليبرالية او العلمانية والمشكل من جمعيات تسمي نفسها تيار وطني ديمقراطي اتضح انها أبوية اي تحكمها الترتيبات الأبوية وان جاءت تحت مسمي زعيم او أمين عام وهي جمعيات اتضح انها غير ديمقراطية ولا تحمل من الديمقراطية غير الاسم فهي أصبحت في المجمل تمثل قوة معيقة امام نيل المرأة لحقوقها فقد أوضحت تلك الأحداث انه مهما تحسن وضع المرأة من حيث التعليم ومهما توسعت فرص العمل وفرص التوظيف امام المرأة فان الترتيبات الأبوية والتي أخذت بعدا طائفيا والتي كانت تحكم او تتحكم في المجتمع المدني تجذب المرأة الي الخلف وتمنعها من ترجمة مكاسبها الي حقوق سياسية وارتفاع في مكانتها الاجتماعية ولذلك فان الكفاح من اجل تعميق الديمقراطية الدستورية وكفاح المرأة من اجل نيل حقوقها السياسية مرتبطان عضويا وهذه المهمة ملقاة علي عاتق جمعية التغيير الديمقراطي لتفعيلها في المجتمع المدني ذلك ان ضعف مؤسسات المجتمع المدني مقابل تدخل الدولة والجمعيات الطائفية السياسية وتسلطها علي المجتمع مما يعطي للحلف الطبقي والجمعيات الطائفية السياسية حيث يعطي الانطباع بأنهما وهو فعلا ما حدث في الواقع البحريني أنهما السبيل الي الحصول علي الموارد والمكاسب والمنافع السياسية والاقتصادية وهو ما حدث بعد تداعيات احداث الدوار فالمراكز المتقدمة والمناصب المهمة والمزايا المادية يستحوذ عليها هؤلاء فهي توزع ضمن هذه الترتيبات الأبوية وعلي اساسها وهنا يلعب الزعماء سواء في الحلف الطبقي او زعماء الطرائف دورا بارزا في توزيع المكاسب والمنافع في علاقة يطلق عليها ( المعزب – الزبون ) وبذلك يحصل المواطنون علي حقوقهم عبر علاقة المعزب الزبون اي من خلال الحلف الطبقي او الجمعيات الطائفية المسيّسة وهذا يمثل معوقا اخر امام المرأة في حال دخولها ميدان العمل لان عليها ان تبحث عن من يمثل هذا الحلف الطبقي او هذه الجمعية الطائفية او تلك لضمان حقوقها ومكاسبها فهي في وضع ضعيف في عملية التنافس علي المنافع والمكاسب مع وجود الترتيبات الأبوية القائمة بشكلها الحالي هذا كما يطرحه الكاتب والمفكر الراحل خلدون النقيب