المشروع الاصلاحي والتحرك نحو الديمقراطية

مفهوم الانتقال :

هو الفترة الفاصلة بين نظام سياسي وآخر هو لحظة بناء نظام جديد ، هو مرحلة خاصة في تطور مجتمع ما وهي المرحلة التي يواجه فيها التطور صعوبات متزايدة داخلية أو خارجية لتجديد إنتاج النظام السياسي – الاجتماعي – الاقتصادي

والذي سوف ينبني عليه ذلك المجتمع وشكل الدولة ويبدأ في تنظيم نفسه بشيء من السرعة والعنف على قاعدة نظام آخر يصبح بدوره في نهاية المطاف الشكل العام للظروف الحياتية الجديدة أولاً :

  • إذا اخذنا بالمدرسة البنيوية والتي تعتمد على المنهج التاريخي المقارن المستمد من كارل ماركس ، فأن الانتقال هو مسارات وأشكال (( تحول )) من نمط (( طريقة )) للإنتاج معين إلى نمط أو أنماط أخرى ومن تشكيلة اقتصادية اجتماعية إلى تشكيلة أو تشكيلات أخرى ففي فترات التحول وهي التي تتميز بخلق علاقات اجتماعية جديدة متميزة بتغيرات اجتماعية – سياسية توافق تغيرات في نمو القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج وهي من جانب آخر فترات يستمر فيها النمو المتناقض لنمط الإنتاج أو أنماط الإنتاج المتعايشة معه للتشكيلة الاقتصادية والاجتماعية المؤسسة على قاعدته وهنا يتم تحديد مسار (( التحول )) .
  • إن مفتاح تأويل هذا المنهج لعملية الانتقال من نمط  أو أنماط إنتاج إلى نمط آخر إنما هو التمييز النظري بين خضوع مسار الإنتاج شكلاً وفعلاً لعلاقات إنتاج جديدة ولشكل اجتماعي جديد للإنتاج بحيث أن يكون تحليل مسار التحول بتحليل ظروف وأشكال ذوبان علاقات الإنتاج التي تؤدي إلى الفصل بين منتجين وظروف مادية واجتماعية للإنتاج وهذه المنهجية طبقت على هيكل نمط الإنتاج الرأسمالي من حيث أن :
  • نمط الانتاج الرأسمالي هو الشكل الأكثر تطوراً للإنتاج السلعي .
  • إنتاجا يقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج و المال.
  • هذه الأخيرة موظفة كرأس مال أي مستعملة لإنتاج فالإنتاج. الذي يبرز كالهدف والمحرك الفاعل لهذا الشكل من الإنتاج.
  • تتجسم قيمة رأس المال وتتحقق باستغلال العمال الأجراء المتحكمين في أشخاصهم ولكنهم المحرومون من وسائل الإنتاج.

هنا من المهم هو اكتشاف ظروف وأسباب تمازج هذه النقاط الأربع في علاقة جديدة تظهر في صلب المجتمع.

وقد تم التبدل عندما دك الشكل الرأسمالي للإنتاج القوى المنتجة الموروثة من الماضي وولد نمط إنتاج مادي جديد يناسب شروط تطوره وهذا النمط الجديد في الإنتاج قد ولدته (( الثورة الصناعية )) التي بواسطتها لم يعد مسار العمل لعلاقات الإنتاج الرأسمالية علاقة شكلية وتغيراً في الطريقة الاجتماعية لانتزاع (( العمل الزائد )) بل أصبح ( علاقة خضوع ) حقيقية أي تعتمد على قوى إنتاجية جديدة لا تدين بالفضل في قدرتها على الوجود والتطور مادياً الا لشكل الإنتاج الرأسمالي .

كما تفترض هذه المنهجية أو المنهج تحليل مسار ( تحول ما ) المزج بين النهج التراجعي والنهج التقدمي كيف يكون ذلك وماهي الآلية ؟

بالنسبة للانتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية يتم التركيز هنا على دور (( العمل )) فلأن كان خضوع ((العمل)) الشكلي لرأس المال لا يهز لمدة طويلة القاعدة المادية لمسار (( العمل )) فهو مع ذلك يقوم بتغيير اجتماعي أساسي فيصبح (( العمل )) اكثر كثافة ، واكثر تواصلاً ويتحقق ( استغلال قوة العمل ) في البداية بالمد في يوم (( العمل )) والتنقيص في عدد أيام العطل أن هذه الآلية ترتكز على إنتاج ((القيمة الزائدة المطلقة )) وأن (( الانتقال )) من الادراج الشكلي الى الادراج الحقيقي يصير في الوقت نفسه الانتقال من نمط (( استغلال )) الى آخر وفي ظل تطور الرأسمالية ننتقل من القيمة الزائدة المطلقة الى القيمة الزائدة النسبية زيادة أيام العطل تقليل ساعات العمل الخ … من المكتسبات التي تفرضها نضالات الطبقة العاملة تسير بصورة كاملة ظروف الانتاج والانتاجية (( للعمل الاجتماعي )) وتخفض تكلفة تجديد انتاج قوة (( العمل )) فمع الآلة يتم تغيير اجتماعي آخر بدأ من حقبة المانيفاكتورة وهو حلول ( العامل الجماعي ) محل (( العامل الفردي )) ومع الثورة الصناعية أصبح (( العامل الجماعي)) خاضعا لنظام الآلات مكملاً لها أن لم تقل ملحقاً بها .

  • هنا يحتل شكل الانتاج الرأسمالي بواسطة الصناعات الكبرى كل فروع الإنتاج تدريجياً ويخلق أخرى جديدة ، ويحل بمنافسته أو يحطم أشكال الإنتاج القديمة ، يجعل قواعدها المادية بآلية وكذلك نمط إنتاجها المادي او يحدد انتاجها على قاعدة مادية توفرها هي نفسها ، لكن الحركة لاتقف عند هذا الحد ، إن الصناعات الكبرى والانتاج الجماهيري تدخل شيئا فشيئا في ( صراع مع الطابع الخاص لوسائل الإنتاج وللمنتوج ) وفي نفس الوقت (( تصبح مولدة للظروف المادية والمعنوية اللازمة لحل هذا ((التناقض )).

هذه المدرسة أو المنهج يطرح عدة استنتاجات فهي تطرح تصور وضعية انطلاق يظهر في صلبها شكل انتاج جديد يساعد على تطوير هذه الاخيرة اكثر من الشكل القديم ، هذا الشكل الجديد ينمو انطلاقاً من قاعدة مادية موروثة من القديم وهي من صنع الشكل الجديد فينبغي على هذا الاخير إذاً ان يزيل نقطة انطلاقه ويبتدع قاعدة مادية تكون خاصة به ، وعلى هذه القاعدة بالذات ينتعش ويصبح مسيطرا ، مع ملاحظة أن انتعاش او نهوض شكل انتاج جديد يعني ايضا َ انتعاش المتضادات والمتناقضات الاجتماعية التي يحتوي عليها هذا الشكل كالتقابل بين رأسماليين وعمال والتناقض بين الملكية الخاصة ونمو أشكال انتاج اجتماعية ، كارل ماركس (( كل شكل تاريخي محدد لمسار انتاج ما يواصل تنمية القاعدة المادية والاشكال الاجتماعية لهذا المسار ، لكن هذا الشكل التاريخي المحدد يُخلع عندما يصل إلى درجة معينة من النضج ليترك مكانه لشكل أرقى )) مع ملاحظة أن توسيع نمط انتاج قديمة حيث يؤكد ماركس مرة اخرى بأنه ( لا يزول شكل اجتماعي أبداً قبل أن تكون الظروف المادية لوجود هذه العلاقات محتواه في صلب المجتمع القديم ذاته ))

وهذا ينطبق على الرأسمالية فإنها تخضع لها شكلياً مسارات للعمل وقاعدة مادية سابقين لها ولم يتولدوا عنها.

ومادام (( البديل )) التجارب الاشتراكية التي لم تثبت عمليا ً انها  في عصرنا الطريق الوحيد الممكن لهز علاقات الانسان بالطبيعة والمجتمع فإن الرأسمالية ستواصل البروز في صورة الطريق الممكنة لتطور الانسانية وحتى بشكلها المعولم (( العولمة )) مهما كانت مظاهرها السلبية والالام التي تسببها ، حيث حلت ((البقرطة))في البلدان الاشتراكية سواء في الاقتصاد أو المجتمع مكان ((دمقرطة)) الإنتاج والحياة الاجتماعية أو على الأقل حددت تطورها وأحيانا أوقفته .

  • مع ملاحظة أن فكرة الانتقال في تفكير كارل ماركس قد ظهرت في لحظة محددة من تاريخ الصراع الطبقي ( أي بعد فشل ثورة 1848 ) لتحتل فيه موقعاً محدداً ضمن منظومة المفاهيم التي ينظمها التوجه نحو الاشتراكية ، ولكن نسيان هذا الاصل التاريخي والنظري هو الذي سيسمح بعد قرن من ظهور هذه الفكرة ومن خلال (( الوثوقية الستالينية)) واتباعها المعاصرين بتحوليها الى ( حجر الفلاسفة )  الى طريقة سحرية ( طريقة افتح يا سمسم )  تفتح الحاضر على مستقبل مجهول بأقل ما يمكن من الجهد النظري كما حدث عندنا في البحرين لحساب ثورة موهومة في أحداث 14 فبراير 2011 .
  • أن لينين يهذب التعريفين الذين قدمهما ماركس للتحول الى الاشتراكية ( تحول ثوري – تحول سياسي ) ويجمعهما في مفهوم واحد للانتقال يعكس الوحدة المتناقضة القائمة بين العمليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والايديولوجية وخصوصا (( الثقافية )) التي تحقق على الصعيد المادي ما عرف بالتوجه  نحو الاشتراكية ، بحيث ينظر إليه لا من منظار تطوره في اطار نمط الانتاج الرأسمالي بل من منظار صيرورته الفعلية بعد التغير ( وهذا ما كان غائب كلياً عن من خطط لاحتجاجات 14 فبراير الكارثية ) .
  • ان اشكالية الانتقال لا تنفصل  البته عن فهم الاشكال  الاجتماعية لعلاقات الانتاج في عصر الإمبريالية حيث أفرد لينين لها كتاب خاص (( الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية)) وهي بذلك عند لينين تلتقي مع اشكالية (( الثورة العالمية )) وهو مفهوم اساسي لدى لينين و تر وتسكي يوجه تحليلاتهما لفترة الثورة  وهذا التحديد يلغى كل تنظير لبناء اشتراكية في بلد واحد .
  • ينتج عن هذين الجانبين السابقين ان الانتقال الاشتراكي يصبح فترة جديدة في مسار (( الصراع الطبقي )) ينبغي تحليل اشكاله في خصوصيتها وتصبح الاشتراكية (( نتيجة الصراع الذي يجري للوصول اليها وهذا التحديد يبعد كل تنظير لزوال الصراع الطبقي داخل الانتقال ذاته وليس كما فعله ستالين بمحاولة إرساء الاشتراكية بمجرد التقدم (( المتسارع )) لقوى الإنتاج .
  • هناك اهمال تدريجي لخصوصيات الانتقال واختزال لهذا المفهوم في الفكرة العامة التي تدل عليها عموماً عبارة (( طريق العبور الى الديمقراطية او الاشتراكية )) وبشيء من المفارقة فإن اهم الاعمال التي تمثل هذه النظرة لم تعر اهتماماً خاصا لتاريخ نشأة هذا المفهوم الذي ربما على عكس ذلك ساعدت على زواله في حين أنها حاولت الاسهام بنسبة مازالت رهن إعادة التقييم في تحديد اشكالية مفهوم الانتقال ذاتها (( بمفاهيم جديدة )) من مثل (( دور الديمقراطية التمثيلية )) ((ديمقراطية المجالس العمالية ))(( الثورة الديمقراطية والطريق السلمي  ))(( الديمقراطية الاجتماعية والديمقراطية السياسية)) (( الهيمنة كطريقة في الديمقراطية )) (( الاشتراكية الديمقراطية )) وتركز كل هذه المفاهيم الجديدة واهتمامها على نقد اشكال استبداد الدولة وهي تبقى كلها سجينة الثنائية (  الجهنمية ) الدولة – مجتمع مدني .
  • أن سحب اشكالية الانتقال الديمقراطي من الاطار الفلسفي الذي لم تنفصل ابداً عنه وهو شكل التنبؤ يفترض على وجه خاص العدول عن كل تنظير (( لقوانين الانتقال )) كما سوف نوضحه عندما نناقش المنهج الانتقالي وكذلك رفض القول بوجود نموذج مفروض حتما ً للانتقال كما حدث عندنا مع احتجاجات 14 فبراير (( اسقاط النظام )) ويفترض ذلك ايضاً اعادة النظر في طبيعة (( قوانين النزوع)) نزعه العنف والفوضى النزعات المحلية – المناطقية نزعه المخاطرة والمغامرة ، ويجب إعادة تأسيس مفهوم استقلالية الشأن السياسي عن الجانب الطائفي – القبلي – المذهبي ، ويتطلب ذلك إلى جانب هذا أعمال الفكر في الظروف  الاجتماعية التي يتم فيها إعادة إنتاج النظام بحيث لا يجري اختزال ذلك في مجموعة من آليات (( النظام )) او في اشكال (( التنظيم الذاتي )) بل بحيث يقع التركيز على اوجه القطيعة والانفصال عن التركة الثقيلة التي ورثها المشروع الاصلاحي ، وعندما تتمكن اشكالية الانتقال من الخروج من ميدان سواء السياسية أو الاقتصادية ((المرحلية)) ستستعيد الموضوع الذي حدد وهو فهم الظروف الاجتماعية الفعلية التي تمكن من التغير ومن التقدم ولكن ماذا عن مفهوم الظروف الاجتماعية او الظروف السياسية ؟

حول مسألة ظرف – حالة فحسب ما يطرحه معجم الماركسية النقدي المعد من قبل جيرار بن سوسان – جورج لابيكا :

  • اننا مازلنا الى يومنا هذا لا ندرك جيداً   أهمية مفهوم (( الظرف السياسي )) ليس بالنسبة للممارسة اليسارية وحسب ، بل أيضا بالنسبة الى العمل النظري الهادف الى معرفة آليات اتخاذ القرار. هاجس السياسي أحيانا ً الظرف السياسي يمثل أيضا الخبز اليومي وكما يقول ماركس (( المادة التاريخية الحية والمتجددة يومياً للصحافي والمؤرخ وحتى مجرد المواطن الذي يرفض أن يحبس نفسه في الاطار الضيق للأيديولوجيات المخلوقة والحتمية واذا كان تطور تقنيات الاعلام ( معلوماتية تقنيات  السبر علوم الاتصال) اي العالم الافتراضي (( شبكة انترنت ، فيس بوك ، تويتر ، انستغرام الخ … )) قد ساهم في تكديس الادوات الضرورية للتحليلات الظرفية ، فإن هذا لا يغير في شيء طبيعتها الاجتماعية وغايتها التاريخية .
  • مصادر التحليل الظرفي ما قبل وأثناء احداث 14 فبراير وما بعد قانون السلامة الوطنية والى الان كان هناك عدد ضخم من الاخبار والبيانات والتحليلات السياسية لوضعيات راهنة وهذه التي استطاع الكاتب بدر عبدالملك مسكها وتسليط الضوء عليها في مقالات صدرت في جريدة الايام وستظهر مرة ثانية الى النور في كتاب عندما تندفع عجلة التاريخ نحو الهاوية كذلك فعلت بعض النخب السياسية في جمعيات ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي (( الاقلية ))في محاولة لنقد خط الجمعية وخطابها السياسي تعرف بالقرارات التي اتخذت وتسلط عليها النقد وتعلق عليها وعلى الشعارات التي تسجل عليها هذه القرارات السياسية او تستخلص منها النتائج .
  • حيث يمكن لكل قارئ نبيه عندما يتتبع سلسلة الحلقات التي صدرت في جريدة الايام تحت عنوان عندما تندفع عجلة التاريخ نحو الهاوية ان يستخرج من هذه الدراسات تسلسل الاحداث والانشطة ويفهم منطقها الداخلي ، وكذلك الطريقة التي عولجت بها ونتائجها الكارثية كما يستطيع أن يفهم  أشكال تنظيم الصراع الطبقي ويميز بين مستوياته المختلفة وأساليب قيادته ، والتفاعل فيما بين الظروف النظرية والظروف غير النظرية . وهي بذلك تمكن من صوغ نظرية حول العمل السياسي تأخذ بعين الاعتبار الظروف الحقيقية للممارسة السياسية  ، موكلة إليها موضوعها وموازين القوة بين الطبقات المتصارعة في (( اللحظة الراهنة )) كما طرح ضمن النظرية الماركسية للتاريخ (( أشكال تغاير المهيمن داخل البناء الاجتماعي على قاعدة التحديد الاقتصادي في اخر المطاف .

هذه الاشكال القادرة على المحافظة إلى أقصى حد على الطابع المميز لليسار ضد محاولات التشويه المستهدفة لها من داخل الجمعيات السياسية أو من خارجها وخصوصاً عند مقارنه ما يحدث في البحرين من احتجاجات في 14 فبراير جاءت كانعكاس ميكانيكي لما سمى بالربيع العربي الطارئ وهذا يعني أن ليس هناك ظرف سياسي يشابه ظرفاً آخر ، وهذه الرؤية تمكن في النهاية من (( الطرح الملموس لمسألة وحدة النظرية والممارسة )).

  • مكانه مفهوم ((الظرف السياسي )) في النظرية حول التاريخ وحول المعرفة حيث لمفهوم (( الظرف السياسي )) موقعه في الحقل المعرفي للنظرية حول التاريخ ومن خلال تقطعات (( الممارسة السياسية العلمية ، بدءاً بالمقالات التي تعالج الأحداث والتي صدرت سواء عبر جرائد أو كتيبات ، كان مفهوم التاريخ هو موضوع الكتابة التاريخية اليسارية التي تركز على البعد الوطني ، الديمقراطي سواء كان ذلك مادة المسار الفكري أم غاية في أن لا يحصر الفكر العلمي التاريخ في معرفة مجردة ، ذهنية للأحداث والمجتمعات والحضارات ، بل تدعمها خلفية مزدوجة أولاً قراءة للزمن كمعطى خطى مسترسل ومتواصل وثانياً وراء هذه القراءة فلسفة تحاول مسك الجوهر .
  • أن الجدل التاريخي إذ يرفض في الوقت نفسه (( النزعة التاريخانية )) التي كانت تفصل بين زمن البنية ومثل مفاهيم يوم العمل والاجر – الزمن نسبة للزمن البنيوي ومن ناحية  أخرى زمن ((الظرف)) والازمات الدورية نسبة للزمن الظرفي كما أن الجدل التاريخي يرفض (( النزعة الوضعية الجديدة التي أدرجت ازدواجية (( الراكد/ الحركي)) الاجتماعي والتي تطرح أن بينات الزمانية تخضع لبنى التاريخ وان بينات الزمانية وتبايناتها الخاصة تنتجها مسارات تكون مفهوم التاريخ كتحديدات ضرورية لموضوعه كما يطرح الاسلام السياسي الشيعي بأن التاريخ هو تاريخ المظلومية للطائفة ويقابله تاريخ الغزو الذي جاء عبره النظام الحاكم ، أو كما يطرح لدى الاسلام السياسي السني  هو تاريخ أشخاص صنعوا التاريخ عبر الفتوحات وأن التاريخ هنا يعيد إنتاج نفسه حيث من يصنع التاريخ هو الماوراء الطبيعة وما يجري في الغيب.

ومن هنا فإن التفكير في التاريخ يعني بالنسبة لليسار التقدمي العقلاني التفكير في مختلف التحديدات ((الضرورية)) ((للكل الاجتماعي)) سواء ك((درجات)) أو ((لحظات)) متماسكة عضوياً لمسار المعرفة التاريخية ، نمط إنتاج ، تشكيلة اجتماعية – اقتصادية أو( أشكال انتقالية ) أو ( أشكال تغير المهيمن ) وظروف سياسية أو ( أشكال بروز وفرادة عله الصراع الطبقي ) وهذا يعني بتعبير آخر فهم التاريخ كمسار للمعرفة انطلاقاً من التحديدات الأكثر تجريداً حتى نصل إلى انتاج المشخص من جديد عن طريق الفكر كالدراسة التي قام بها الدكتور خلدون النقيب من أول كتاب له المجتمع والدولة في الخليج والجزيرة العربية من منظور  مختلف أي آخر كتبه في البدء كان الصراع .

  • كيف يمكن إذاً ضبط (( الظرف السياسي)) عند تقاطع نظرية التاريخ مع نظرية العمل السياسي ؟ مهما كان الشكل الذي يظهر فيه ( اقتصادي ، سياسي ،ثقافي ، فني ) فهو دائماً يعني نقطة تطور عقدة في النسيج التاريخي أو ((لحظة)) في سروره اجتماعية معينة
  • وليست الازمة ((مثال أزمة أحداث 14 فبراير )) بالنسبة لمراقب الشأن السياسي الا ظرفاً سياسيا برزت معالمه بصفة أكثر جلاء ووضوحاً ووقعت عليها من الفئة الشيوعية الطائفية المغامرة والاتجاه المتطرف في الاسلام السياسي الشيعي واليسار الشيوعي المغامر عملية تضخيم قصوى ، وصحيح تلك ((اللحظة السياسية )) والتي تحولت إلى أزمة سياسية كانت تعبر عن اشتداد الصراع الطبقي وليس كما كانت توحى به الفئة الشعبوية الطائفية المغامرة ( حق  – وفاء – مركز البحرين لحقوق الإنسان ) او الاتجاه المتطرف في جمعيات الاسلام السياسي الشيعي (( الوفاق – أمل )) بأنه صراع بين قوى دينية أو معارضة شيعية أو كما حاولت مكيجته بعد قانون السلامة الوطنية (( جبهة القوى الوطنية الديمقراطية )) وهنا برز التحليل الظرفي باستقلاله عن المعرفة التجريدية العامة بل كان على التيار الوطني – الديمقراطي بحكم مسئوليته الوطنية والتاريخية بإعادة العلاقة العضوية بين هذين النمطين من المعرفة ، فلم تقم جمعيات ما سمى بالتيار الوطني – الديمقراطي بأخذ المبادرة في طرح المطالب سواء السياسية – الاجتماعية – الاقتصادية  (( الشعب يريد)) وربطها بالظرف السياسي (( اللحظة السياسية )) كما سماها جرامش باللحظات (( اللحظة السياسية – اللحظة الاقتصادية – اللحظة الاجتماعية – اللحظة الأمنية )) أي لم تقم بالربط الجدلي بين الفاعل الاجتماعي (( الشعب بكل اطيافه وطوائفه وقواه الاجتماعية )) سواء كجماعات أو كأفراد والخلفية التاريخية للحركة الوطنية – الديمقراطية منذ الخمسينيات لغاية المشروع الاصلاحي وخصوصا ً إذا أخذنا في الاعتبار بأن برامجها السياسية وانظمتها الداخلية تختلف في الاهداف  والمهمات والرؤية  عن البرامج السياسية  والأنظمة الداخلية للإسلام السياسي ((شيعي – سني )) فلا يمكن أن يكون هناك ( ظرف سياسي ) مالم تكن هناك (( ذاتية تاريخية )) باعتبار أن للجمعيات الثلاث امتداد تاريخي في الحركة الوطنية البحرانية ، ففي العلاقة الجدلية بين الاستعدادات  والحدث يتكون ( الظرف ) القادر على تغير الممارسات الموضوعية المتجانسة جزئيا أو كليا لدى ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي لو عمل وتكتل في تجمع وطني – ديمقراطي مستقل عن الإسلام السياسي والفئة الشعبوية  المغامرة الطائفية وتحول إلى عمل جماعي أي سياسة تخص هذا التيار ويستقطب الجماهير ضمن إطار مسيراته واعتصاماته وبشعاراته الوطنية الديمقراطية لخلق الطريق الثالث ، ولكنها بدلاً من ذلك وقعت في المستنقع الطائفي المذهبي وانساقت خلفه بطرح شعار التغير الجذري (( اسقاط النظام )) تحت مسمى ثورة شباب 14 فبراير ولم تمعن النظر في المصطلحات السياسية أو العسكرية (( ميزان القوى )) في هذه (اللحظة السياسية ) والتي تعني (( تضافر الشروط الذاتية والموضوعية الناضجة والضامنة لانتصار التغير = الوضع الثوري .
  • يستخلص من كل هذا أن مفهوم (( الظرف السياسي )) هو عنصر من عناصر النظرية والممارسة لليسار التقدمي العقلاني للتاريخ والسياسة.
  • ويمكن تعريف هذا المفهوم كمحصلة من أجل العمل السياسي للتناقضات الحقيقة لتشكيلة اجتماعية أو لنظام تشكيلات اجتماعية في لحظة من لحظات تطورها ، ويبرز أساساً كصراع سياسي متعدد الأوجه ( اقتصادي – سياسي – ايديولوجي – أمني ) بين مختلف القوى الاجتماعية .
  • وفي الحقل المعرفي للمدرسة – المنهج البنائي المقارن للصراع الطبقي فإن الترابط بين التحديد البنيوي للطبقة (( الموقع الطبقي )) والمواقف الطبقية وليس (( الطائفية- القبلية )) في صلب التشكيلة الاجتماعية مكان تواجد (( الظرف السياسي )) يستدعى استخدام مفاهيم خاصة كمفهوم ( الإستراتيجيا – التكتيك ) حيث تغطي هذه المفاهيم الظواهر الملموسة للحياة السياسية سواء ضد الاتجاه المتطرف في الإسلام السياسي ( شيعي – سني ) أو فئة شعبوية طائفية مغامرة أو ضد الحلف الضمني ( عقاريين جدد – بورجوازية تجارية محلية – برجوازية مالية مصرفية – بورجوازية بيروقراطية ونخب متشددة .
  • لقد أبان ضعف أو فشل أو عدم معرفة لدى ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي وانجراره خلف قيادة الفئة الشعبوية الطائفية المغامرة والاتجاه المتطرف في الاسلام السياسي الشيعي بعدم قدرته على (( التحليل الظرفي )) كان ناتج عن ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي عن وجود أزمة داخلية بين الأغلبية الساحقة التي انفردت بالقرارات والمواقف والاقلية التي كانت ضد تلك القرارات الخاطئة والكارثية ، ولم تفهم الأكثرية الساحقة عندها أن التحليل والتشخيص (( الظرفي )) أي اخذ (( الظرف السياسي )) بعين الاعتبار عملاً بريئاً البته ! أن التحليل (( الظرفي )) لاعتبارات سجاليه هو ممارسة نضالية قلما تخضع للخطابة غير الهادفة أنه يوثر في غالب الأحيان على تسجيل قطيعة داخلية , صراع بين خطين حيث يكون ((الظرف )) هو موضوعه ومبتغاه ومع ذلك لا يكفي مقاومة ظلال النظرية أمام (( الحياة)) ولا يكفي أن نندد من وقت لآخر بأولئك الذين يتأخرون ( لينين) عن ركب الحياة بسبب الروتين ، بل يجب أيضاً التفكير من جديد في البني  التي تنساق مع الروتين ويضيف ( لينين ) .
  • أن نقداً مسئولاً (( للجمود العقائدي )) يعادل دائماً مطلب تنظيم  (( الحزب الثوري )) من جديد وتجديد إطاراته ومراجعة عقيدته ، بهذا المعنى يمثل التحليل (( الظرفي )) لحظة متقدمة في سيرورة التفكير الذاتي وتطور (( الحزب الثوري ))
  • أن العلاقة بين التحليل (( الظرفي )) والجدل التاريخي هي علاقة معقدة تجمع بين الاستباق والتأخير أو الاستبدال فتارة يسبق التحليل المشخص أو بدقه اكثر يحل محل النظرية مازالت مترددة لم تتضح بعد وخاصة قبل  توضيح مسألة نمط الإنتاج كما هو حادث في البحرين وتارة أخرى تظهر بصفة (( ملتوية )) في هذا السجال أو ذلك وطوراً تنفصل عن النظرية لتشكل نمطاً مستقلاً من الكتابة .
  • أن الممارسة (( الظرفية )) التي تحتد في بعض الفترات تندرج بلا شك في علاقة (( وحدة الأفق )) مع الممارسة النظرية وفي غياب بناء نظري منجز فإن التحليل (( الظرفي)) يساهم في تشكيله وفي صوغه ، وهنا يبرز التحليل (( الظرفي )) كسلاح متميز في الكفاح ضد محاولات افساد للبناء النظري  والذي أصبح تحت تأثير ممارسات ما سمى بالتيار الوطني – الديمقراطي ، سلاحا للتهور والمخاطرة والمغامرة والعنف والفوضى وحتى للانتهازية وهنا اهمية  ان يبرز التحليل الملموس للواقع الملموس دائماً كأداة سياسية لمحافظة اليسار التقدمي العقلاني على طابعه المميز كنظرية وممارسة للتغيير .
  • وثانياً إذا أخذنا بالمدرسة (( المنهج )) الانتقالية فإن ما يميز ( الفترة – اللحظة ) الانتقالية هو سرعة التغير حيث تتدفق عوامل النشاط السياسي باستمرار وتزايد التعبير الحر عن المصالح والافكار سواء لدى (( النخبة الحاكمة أو الفاعلين السياسيين )) في أثناء وعقب الانفراج السياسي وإضافة الى التبدلات والتعبيرات في تشكيلة السلطة والمصالح داخل النظام السلطوي وارتفاع نسبة التفاعلات غير المحددة والاستراتيجيات لدى النخبة الحاكمة والفاعلين السياسيين في المعارضة .

ماهي نقطة الانطلاق هنا ؟

  • هي عملية انحلال او تحلل النظام السلطوي وتفسخه هذا من جهة وبإقامة أما نوع من الانفراج السياسي والديمقراطية أو بعودة أشكال الحكم السلطوي أو نشوء اتجاه يتبنى العنف في اسقاط النظام  كما حدث في احتجاجات 14 فبراير .

ما هو المؤشر النموذجي لبدء الانتقال ؟

  • هو عندما تبدأ النخبة الحاكمة بتعديل قواعدها الخاصة باتجاه تأمين المزيد من الضمانات لصالح حقوق الافراد والجماعات اي ( الانفراج السياسي) .
  • في 23 فبراير 2000 كلف الأمير نخبه خاصة مؤلفة من 46 شخصية بحرينية بارزة من بينهم ست سيدات ومعارضين لوضع خطة عمل ترسم التطور السياسي والمؤسساتي في البلاد كللت عملها بعد شهر 23 / 12/2000 من العام نفسه تحت ما سمى به ( ميثاق العمل الوطني ) .
  • بعد الموافقة على ميثاق العمل الوطني شكلت لجنتين احداهما لتفعيل ما ورد في ميثاق العمل الوطني من موضوعات تضع حداً لكافة القوانين  التي صدرت في مرحلة قانون أمن الدولة وذلك برئاسة ولي العهد ، ولجنة تعديل بعض أحكام الدستور ، دستور 1973 برئاسة وزير العدل .
  • بدأ التحديث على شكل خطب من أمير البحرين  وكانت خطب قصيرة وخطب طويلة ، تم توصيف التطور بأنه مسيرة التحديث السياسي للدولة والنظم والمؤسسات .
  • تحديث مؤسسات الدولة وبدء التجربة ، الخطاب كان في 2/10/2001
  • في 16/12/2001 طرح المشروع الوطني للتحديث الشامل .

أبرز الميثاق في الفصل الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع المبادئ التالية :

1 – المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات .

2 – الحرية الشخصية مكفولة وفقاً للقانون .

3 – لا يجوز بأي حال تعريض أي شخص لأي نوع من أنواع التعذيب المادي أو المعنوي أو لأية معاملة غير إنسانية ومهنية أو ماسة بالكرامة .

4 – لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون .

5 – العقوبة شخصية والمتهم بريء حتى تثبت إدانته .

6 – للمساكن حرمة مصونة .

7 – تكفل الدولة حرية العقيدة وتصون حرمة دور العبادة وتضمن حرية إقامة الشعائر الدينية .

8 – لكل مواطن حق التعبير عن رأيه بالقول والكتابة أو بأي طريقة أخرى من طرف التعبير عن الرأي أو الإبداع الشخصي .

9 – العمل واجب وحق .

في الجانب الإقتصادي الميثاق نص على :

1 – مبدأ الحرية الإقتصادية ومايتصل به من المبادرة الفردية وحرية رأس المال في الإستثمار والتنقل ودعم القطاع الخاص .

2 – تأكيد صيانة الملكية الخاصة .

3 – تملك الغير قادرين .

4 – توسيع قاعدة الملكية في المجمعات التجارية التي انشأتها الدولة .

في الجانب السياسي الميثاق نص على :

1 – يتمتع المواطنون رجالاً ونساء بحق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية في البلاد بدءاً بحق الانتخاب طبقاً لأحكام القانون .

2- جعل نظام الانتخابات البلدية نظام محافظات وليس نظام مركزي .

3 – إقامة جمعيات تمثل مختلف أطياف الحركة السياسية البحرينية .

4 – طرحت رؤية لتطوير الجمعيات السياسية لتكون أحزاب سياسية وترك في يد السلطة التشريعية .

5 – تم الاعتراف الرسمي بوجود المعارضة والسماح لها بالتجمع وبتكوين جمعيات والعمل في العلن .

6 – العفو العام والسماح بحرية الرأي ودعم الندوات المؤتمرات وتبادل الأفكار مع رموز المعارضة .

7 – بعد الموافقة بالتصويت بنعم على الميثاق الوطني صدر قرار أعلنت فيه وزارة الداخلية أنها أعدت قائمة تحتوي على 289 إثم سوف يطلق سراحهم منهم 75 معتقلاً و 142 شخصاً صدرت بحقهم أحكام سجن بالإضافة إلى 72 منهم في انتظار المحاكمة. كما أعدت الوزارة قائمة تحوي 108 مواطنين بحرينيين يعيشون في الخارج ويرغبون في العودة إلى البحرين .

8 – تم إصدار مرسوم آخر بالعفو عن 27 سجيناً من المحكومين في قضايا تتعلق بإزهاق أرواح كانوا قد استثنوا من قانون العفو العام .

9 – بالنسبة للجمعيات المهنية كان هناك رأي بإمكانية تحويل من يرغب منها إلى التحول إلى نقابات أو اتحادات ليتسنى لها الارتقاء بصفتها التمثيلية .

10 – طرأ تحول على مؤسسات المجتمع المدني المسجلة لدى وزارة العمل والشئون الاجتماعية ووزارة الإعلام منذ مشروع ميثاق  العمل الوطني في 23 ديسمبر 2000 ففي خلال عام 2001 (سمي عام الميثاق).

الجمعيات الأهلية والثقافية في البحرين

السنة عدد الجمعيات
1995 176
2000 210
2001 283

الجمعيات السياسية في البحرين بلغت 13 جمعية .

11 – تكوين جمعيات ذات طابع متخصص وترتبط بالشأن العام منها الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان . فتم الإعلان عن لجان واتفاقيات :

  • لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى .
  • توقيع البحرين على وثائق لحقوق الإنسان .
  • اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري .
  • اتفاقية مكافحة جريمة الإبادة الجماعية .
  • اتفاقية منهاضه التعذيب .
  • اتفاقية حقوق الطفل .
  • في ميثاق العمل الوطني وفي المادة السابعة من الفصل الثاني منحت :
  • المرأة البحرينية حق الانتخاب والترشيح للانتخابات .
  • تأسيس المجلس الأعلى للمرأة .
  • تأسيس الاتحاد النسائي للمرأة البحرينية .
  • تزايد عدد الجمعيات النسائية باختلاف انتمائها السياسي والفكري والمهني ، حيث ارتفع عدد الجمعيات النسائية المسجلة لدى وزارة العمل والشئون الاجتماعية من 5 إلى 9 جمعيات بين عامي 2000 – 2001 .
  • إقدام الحكم في مطلع العام 2001 بإلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة وإطلاق سراح كل السجناء  والمعتقلين …….. إلخ . وصدرت القوانين المنظمة لممارسة الحقوق والحريات السياسية مثل:
  • قانون مباشرة الحقوق السياسية .
  • قانون عمل المجالس البلدية .
  • عمل مجلس النواب والشورى .
  • قانون الصحافة ( طرح ثم سحب للاعتراض الحاصل عليه )
  • هل يمكن أن نسمي كل هذا بالانفراج السياسي ؟
  • هل تعتبر مؤشر على بدء الانتقال حيث يتم إرساء بعض الحقوق التي تحمي الأفراد والمجموعات الاجتماعية من التصرفات الاستبدادية او غير القانونية التي ترتكبها الدولة ؟
على مستوى الأفراد تشمل الضمانات هنا
  • الاحتجاز بأمر قضائي .
  • حرمة المنزل الخاص وسرية المراسلات .
  • الحق في الحصول على دفاع في محاكمة عادلة ضمن قوانين سارية.
  • حرية الانتقال .
  • حرية التعبير والاعتراض .
على مستوى المجموعات
  • عدم التعرض للعقاب بسبب التعبير عن اعتراض جماعي على سياسة الحكومة .
  • عدم تعرض وسائل الاعلام والاتصال للرقابة .
  • حرية الانضمام بشكل طوعي الى باقي المواطنين لتأليف جمعية .
  • أن تطبيق هذين المستويين يشكل انفصالاً مهماً عن الممارسة المعتادة في الأنظمة التسلطية ، أن التحرر في هذا الاتجاه مهما كان عشوائياً ومتفاوتاً يشكل انفصالاً مهماً عن  الممارسة المعتادة في النظام التسلطي ، مع الأخذ بالاعتبار هنا أن ان انكماش وتقلص الحريات واتساعها وتوسيعها كان بمثابة الازدواجية في تناقضات ممارسة السلطة ولكن كيف انعكس هذا على القوى الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية ، وكيف حللت وشخصت هذه العملية أثناء العملية الانتقالية ؟
  • في البدء  كما ذكرنا تكمن الصعوبة في عدم الركون الى التحليل الأحادي الجانب ، حيث تتعدد السيناريوهات للدور الذي ستلعبه الطبقات والقطاعات والمؤسسات والمجموعات وأية قضايا ستختار وأية اجراءات بديلة ستدعم ، وهذا كان واضحاً منذ تم طرح مشروع الميثاق الوطني ، والاستفتاء عليه وبداية انطلاق العمل  في ظل المشروع الاصلاحي والحراك السياسي سواء في الشارع أو في العالم الافتراضي واتضحت الصور بشكل اكثر دقة ما قبل واثناء احداث 14 فبراير وأيضا بعد تطبيق قانون السلامة الوطنية وحتى الآن .
  • وحيث بأن معظم  إن لم يكن كل الفاعلين السياسيين منقسمين ومترددين حيال مصالحهم ومثلهم العليا وغير قادرين على الالتزام بعمل جماعي ، خصوصاً في ظل التركة الثقيلة التي ورثها المشروع الاصلاحي من الدولة التسلطية .
  • الفاعلين سياسياً يتعرضون إلى تغييرات مهمة أثناء محاولتهم الاستجابة للسياق التغيري عند بدء الانفراج السياسي والدمقرطة.
  • قواعد اللعبة السياسية رغم انها معنية الا انها عادة موضع اعتراض وليس اتفاق والنشطاء الفاعلون يتصارعون لتلبية مصالحهم من منطلق قبلي – طائفي أو طبقي أو مصالح أولئك الذين يزعمون تمثيلهم بل ويعملون على بسط وهيمنة الإسلام السياسي والحلف الضمني على مؤسسات الديمقراطية كالمجالس البلدية ومجلس النواب أو منظمات المجتمع المدني وذلك من أجل تحديد القواعد والإجراءات من خلال تلك المؤسسات التي سوف تحدد هوية الفائزين والخاسرين المحتملين في التشكيل السياسي ، تجربة المجالس البلدية ( 2002/2006/2010) وتجربة برلمان (2002/2006/2010).

ولكن بالرغم من كل ذلك فإن التشوش والإرباك أصاب كل الفاعلين السياسيين سواء في فترة إعداد الميثاق أو الاستفتاء عليه أو أثناء التجربة لتطبيق ما هو موجود في الميثاق والتعديلات الدستورية ولنطرح هنا بعض الأمثلة على ذلك التشوش والارباك .

  • مشيمع : كان الموقف هو ” أننا بين خيارين أما رفض الميثاق كوثيقة سياسية على أساس أنه لا داعي له مع وجود وثيقة قانونية حقوقية ( دستور 73) أو قبوله شرط إضافة ملحق تفسيري مكمل له يعرض مع الاستفتاء معه “.
  • عبدالوهاب حسين : الموقف هو ” كانت الفكرة نـُضمن البيان موقفا ًب ( نعم  ) أو ( لا ) للميثاق نظراً لأننا كنا نتوقع لقاء الأمير” .
  • الموقف هو ” دعوة حركة أحرار البحرين في بيان دعت فيه المواطنين إلى رفض الميثاق والتصويت عليه ب ( لا )” .
  • الموقف هو ” أحد أعضاء لجنة العريضة محمد جابر الصباح في البداية رفضنا الميثاق وأصدرنا بياناً دعونا إلى عدم التصويت عليه بعد أن وجدنا تداخلاً بين صلاحيات مجلس الشورى ومجلس النواب وبعد التطمينات التي حددت بوضوح العلاقة بين المجلسين وعدم تداخل صلاحياتهما أصدرنا بياناً آخر يدعو إلى التصويت على الميثاق بناء على هذا الوعد .
  • من الامثلة على التشوش والارباك الذي اصاب الفاعلين السياسيين في فترة إعداد الدستور الجديد (( التعديلات الدستورية )) كان هناك رأي منذ البداية يقول بأن المشروع الإصلاحي قد تم إحباطه بالتعديلات الدستورية على دستور 1973 في

14 / 2 / 2002  بصدور الدستور الجديد وهذا سنتطرق له بالتفصيل في محور (( الدمقرطة)) .

أولاً: الاختلاف حول مهام واختصاص مجلس الشورى

رأي: 1 – أن التشريع والرقابة حكر على عمل المجلس المنتخب

       2 – المجلس المعين له دور استشاري فقط ولا يلزم المجلس الوطني .

رأي مخالف : أن مجلس الشورى هو صمام أمان ضد أي تطرف أو تشدد من قبل مجلس النواب .

ثانياً: الاختلاف حول تنظيم الدوائر الانتخابية

رأي : أن هذا التقسيم مبني بطريقة حيث فسر التقسيم الجديد بأنه يحابى تجمعات طائفية معينة والموالين للحكومة ويعمل ضد تجمعات محلية .

رأي مختلف : أن هذا التقسيم يراعي حركة السكان وتواجدهم في الأماكن المختلفة

ثالثاً : قضية الجنسية البحرينية حيث مُنحت الجنسية لعدد من الجاليات و البدون جنسية .

رأي : منح الجنسية  يخل بالتوازن الطائفي بين السكان ويخل بالتوازن السياسي فهؤلاء يعتنقون مذهب السنة وموالاتهم للحكومة وهي عملية عشوائية لا تأخذ في الحسبان الظروف الاقتصادية والاجتماعية للدولة .

رأي آخر منح الجنسية حق لجميع البحرينيين الذين لا يحملون الجنسية “اللبدون” إلا أنهم يستحقونها وفقاً لقانون الجنسية الصادر في عام 1963 وتقييم الأفراد يتم وفقاً لما يقدمونه للوطن وللعمل الوطني وأثار إرباكاً وتشوشاً القرار الذي يعطي مواطني مجلس التعاون المقيمين في البحرين المشاركة في التصويت في المجالس البلدية .

رابعاً : قضية الانتخابات البرلمانية 2002

رأي : اتفاق 4 جمعيات معارضة على مقاطعة انتخابات عام 2002 .

رأي آخر : الجمعيات التي شاركت أن من الأفضل دخول المجلس النيابي وإبداء معارضة والسعي للتغيير من الداخل .

خامساً : قضية الرقابة على الانتخابات :

أسندت للجنة الأهلية لمراقبة الانتخابات والمكونة من تجمعين غير حكوميين هما : اللجنة البحرينية للشفافية والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان .

رأي : الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان لطبيعة مفهوم المراقبة ، أن المراقبة تعني الفحص والمشاركة في اتخاذ كافة القرارات الإدارية  الخاصة بالعملية الانتخابية قاطعت الجمعية عملية الإشراف .

رأي لجنة مراقبة الانتخابات الحكومية : أن المراقبة تعني حق المراقبين التواجد في اللجان ومراقبة سير العملية الانتخابية في الدوائر المختلفة .

الخلاصة :

أن التحرك في ظل الانفراج السياسي مهما كان عشوائياً ومتفاوتاً يشكل اختلافاً مهماً عن الممارسة المعتادة في الأنظمة السلطوية أن من مميزات هذه المرحلة المبكرة من التحولات السياسية أنها تكون مترنحة على سلطة الحكم التي تبقى جزافية ومتقلبة على سلطة الحكم التي تبقى جزافية ومتقلبة ، غير أن في حال لم تكن هذه الحريات السياسية لتشكل تهديداً مباشراً وواضحاً على النظام ، فإنها تميل لأن تتراكم وتتوطد في مؤسسات شرعية وترفع بالتالي من الأكلاف الفعلية والمتوقعة لإلغائها وهذا يقودنا إلى العلاقة بين الانفراج السياسي والمحور القادم لتحليلنا وهو الدمقرطة ( Demarcation) .

المراجع التي استندت عليها هذه الورقة

المراجع الاساسية:

  1. الانتقالات من الحكم السلطوي – الناشر معهد الدراسات الاستراتيجية.
  2. ديمقراطية من غير ديمقراطيين ، سياسيات الانفتاح في العالم العربي / الاسلامي – مجموعة من المؤلفين – الناشر مركز دراسات الوحدة العربية.
  3. مداخل الانتقال الى الديمقراطية في البلدان العربية ، الشورى والليبرالية والديمقراطية في الوطن العربي ، آليات الانتقال للكاتب يوسف الشويري – الناشر مركز دراسات المدة العربية.

المراجع الأخرى :

  1. سلطة الدولة – حول ديالكتيك الحكم الطبقي للكاتب يوران ثربورن – الناشر دار المروج.
  2. بناء الدولة في البحرين – المهمة الغير منجزة للكاتب عبدالهادي خلف – الناشر دار الكنوز الأدبية.
  3. النظام السياسي في مملكة البحرين – الاصلاح في اطار الهوية – للكاتب محمد نعمان جلال.
  4. معالم في الاصلاح الشامل – مشروع ملك البحرين نموذجا – للكاتب أحمد هاشم اليوشع.
  5. العرب والغرب في عصر العولمة – للكاتب خلدون النقيب – دار الساقي.
  6. المجتمع والدولة في الخليج والجزيرة العربية من منظور مختلف – للكاتب خلدون حسن النقيب.
  7. الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر – دراسة بنائية مقارنة – للكاتب خلدون حسن النقيب.
  8. صراع القبيلة والديمقراطية – للكاتب خلدون حسن النقيب – الناشر دار الساقي.
  9. تاريخ موجز للمواطنية – للكاتب ديريك هبتر – الناشر دار الساقي.
  10. الرأي في المسألة الدستورية – عدد من المحامين البحرينيين – الناشر دار الكنوز الأدبية.
  11. 11- البحرين بين دستورين – للكاتب حسين محمد البحارنة – الناشر دار الكنوز الأدبية.