عندما نتابع الجدل الدائر في البحرين حول الدستور والطريقة التي أتي من خلالها الدستور المعدل في البحرين وهي الاستفتاء علي وثيقة ميثاق العمل الوطني وهي الوثيقة السياسة التي كانت محل إجماع من الشعب وهي صيغة مناسبة للانتقال من الحكم التسلطي الي الحكم الدستوري الديمقراطي
ولكن الشعب في البحرين لم يستفتي علي الدستور المعدل والذي تمت من خلاله كل الدورات الانتخابية منذ ٢٠٠٢ الي ٢٠١٠ ولكن هل استقر الوضع لصالح الحياة الدستورية المنظمة ؟ الجواب بلا ذلك ان احد اهم أسباب عدم الاستقرار السياسي ومصدر الاحتكاك والتوتر يعود الي عدم قناعة النخب المتشددة في النظام وكذلك النخب المتشددة في ما يسمي المعارضة العلنية او السرية بالدستور والحياة الديمقراطية الشعب البحريني الآن أمام خيارين أما القبول بالخمس القواسم المشتركة والتي صدرت في الجريدة الرسمية يوم الجمعة ١٩/٩/٢٠١٤ والذي سبقته تعديلات دستور مملكة البحرين الصادر سنة ٢٠١٢ والنقاط الخمس المشتركة هي خلاصة لتلك التعديلات التي جاء كما هو مطروح في التعديلات الدستورية نتيجة الدعوة للحوار التوافق الوطني أما الخيار الثاني فهو ما يسمي بوثيقة المنامة والتي طرحتها ما سمي ( بالمعارضة ) وهي في شكلها قريبة من النقاط السبع التي طرحها ولي العهد قبل فك الاعتصام الثاني في دوار مجلس التعاون ولكن في مضمونها ان يقوم الطائفيون السياسيين والاصوليون بتشكيل الحكومة عبر ما يسمي بالأغلبية في البرلمان فيتحولون الي كهنوت حاكم كما في ايران او كما حدث في مصر ومن ثم يقومون بتعديل المادة الثانية من الدستور وهي بتعديل ان الشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع الي ( بحصر مصادر التشريع بالشريعة ) والمحاسبة عبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما هو موجود في الرؤية والرسالة لجمعية الوفاق وهنا لو تم هذا الخيار سيحاول نواب الوفاق التوجه الي تدين المواطنين العفوي بإقناعهم بان تعديل المادة الثانية من الدستور ( بحصر مصادر التشريع بالشريعة ) يحظى بإجماع شعبي وانهم يستجيبون في مطالبتهم بهذا التعديل الي هذا الإجماع وليس الي تكتيك او تقية خاصة بهم وفي هذا كل ملامح ألاعيب الحركات الطائفية الأصولية إذ هل يعقل ان يجيب سياسي محترف ونائب في مجلس النواب عن السؤال التالي هل توافق او ترفض اعتبار الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع في البحرين ؟ بينما السواءان الحقيقي هو هل توافق علي ان نتولى نحن الطائفيون الأصوليون الوصاية علي الشعب وجعله رهينة اتهام من يعارضنا بالكفر والإلحاد وهنا نفهم من كلام الشيخ عيسي قاسم ( تجد ان الغرب ( وهنا في البحرين الجمعيات العلمانية ) يعادي أنظمة حكم متقدمة في ديموقراطيتها ويصر علي محاربتها لأنه لم يأت صورة طبق الأصل للديمقراطية الغربية القائمة علي ( إنكار حق الله سبحانه في التدخل في الشؤون الاختيارية لعباده والقيم الأخلاقية الأصيلة العالية ) وماذا عن العرفة الثانية أي مجلس الشوري ماذا لو كان في عهدة الوفاق فستتم الوصاية علي مجلس النواب من غير حاجة الي تعديل أي نص من نصوص الدستور وهذه الوصاية تأتي من لجنة استشارية عليا لأسلمة القوانين المعمول بها في الوقت الحاضر وماذا لو ان هذه اللجنة تحولت من لجنة فنية لأسلمة القوانين الي مجلس شوري ( كمجلس شوري الوفاق ) معين بالكامل من الحكومة ويستمد سلطاته من الجهات العليا ولا يصدق علي قانون الأبعد المرور عليه ؟! فهذا الترتيب لا يتطلب إجراءات غير دستورية كما كان عليه في حالة مجلس النواب فهو ليس مجلسا بديلا او مجلسا انتقاليا ويمكن تبرير وجود هذا المجلس علي انه امتداد تاريخي لمبدأ الشوري الإسلامي تعلو سلطته سلطة مجلس النواب ومن غير المرجح ان تخرج عن توجهات الحكومة التي عينته .
المرجع – الدستور في الوطن العربي عوامل الثبات وأسس التغيير. (دراسة ابن خلدون – حسن النقيب )