تحتل مناسبة الأول من مايو المجيدة مكانة خاصة في وجدان الطبقة العاملة وهي منفذ لتناسي عناء وشقاء الكادحين لشعورهم بعيدهم وفرحته ويومهم العالمي
الذي يتبادلون فيه التهاني وسيتذكرون خلاله نضالهم نحو مطالبهم المعيشية أحلامهم وأمانيهم المستقبلية التي دوماً ما تكون عرضة لحالات الجزر والمد والتفاؤل والتشاؤم في ظل نصراً هنا وانتكاسة هناك…..إنه للأسف الشديد هناك الكثير من عمالنا وبل حركتنا النقابية بكياناتها تفتقد بوصلة الأول من مايو بمعناها الحقيقي وعمقها وعبرّتها التاريخية ودروسها الغنية، لهذا نجد أن هذه المناسبة تمر علينا مرور الكرام ومفرغة من مضمونها الطبقي والمطلبي لتدور في حلقة الشكليات والمظاهر الاحتفالية الباهتة التي لا تعدو كونها مساحيق تجميلية واستعراضية في عمق واقع مأساوي تعيشه الطبقة العاملة وحركتها النقابية الممزقة والمتناثرة والمتصارعة والتي تحكمها قيادات انتهازية وطائفية ودخيلة لا تحتوي أجنداتها سوى التسابق على مراكز الصدارة والأضواء واكتساب المغانم الضيقة والأنانية التي تفوح منها رائحة الفساد والعفن المتراكم، ولا نتجنى على أحد إذا قلنا أن هذه الحالة وهذا الواقع يعم الحركة النقابية سواء على مستوى نقابة المنشأة أو ما تجمعها من قيادات اتحادية بعيدة كل البعد عن القضايا المطلبية وتتفرج على ذبح نقابات المنشأة وقياداتها نموذج لذلك نقابة عمال ألبا التي شنت عليها حرباً عشوائية وجنّدت ضدها حملات إعلامية مفترية على الحقيقة والكيانات الاتحادية للنقابات اكتفت بمشاهدة المسرحية وكأن الأمر لا يعنيها…..!! في الوقت الذي كانت تـُدق فيه مسامير نعشها من كل حدب وصوب…. إذاً لطالما فشلت الحركة النقابية في تأكيد وحدتها وصلابة موقفها نحو مطالب العمال ومكاسبهم وحقوقهم وعجزت عن حماية كوادرها فهي قد باتت في مهب الريح تقاذفها أجندات سياسية وطائفية لتزيد من هشاشتها، كان الكل يأمل أن تكون التعددية النقابية ترسيخاٌ لمبدأ الديمقراطية والمنافسة الشريفة ولكن للأسف تحولت هذه التعددية إلى نكبة في الحركة النقابية حيث عمّقت حالة التشرذم والتنافر حتى أصبح الحراك النقابي جثة ميتة بلا عدة ولا عدد مما فتح الأبواب على مصرعيها للعديد من مجالس إدارات الشركات وأرباب العمل للانقضاض على مكاسب الطبقة العاملة وحقوق العمال التي ناضلوا من أجلها لسنوات، يأتي ذلك في ظل أجواء سياسية وأمنية مهدت لتلك الأرضية ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتأزم الذي انعكس بصورة أو أخرى وبشكل سلبي وسيئ على الوضع المعيشي بصورة عامة والاستقرار الوظيفي الذي تتهدده حالات الفصل التعسفي أو العقود المؤقتة بحجة سياسات التقشف وارتفاع الضرائب والرسوم. جميعنا مدركين أن المشروع الإصلاحي قد قدم لنا الأرضية الخصبة للعمل وأطلق للحركة النقابية حرية ممارسة مهامها وإجازة مايو الرسمية ثمرة ذلك وإحدى المكاسب التي نعتز بها ونفتخر وهي من ثمرات نضالات أجيال ضحت من أجل ذلك، والسؤال الذي يطرح نفسه هل المشروع الإصلاحي مسؤول عن ضياع بوصلة الحركة النقابية؟ وضعفها الذي نسجته لذاتها بوعي أو بغير وعي لذا فنحن مدعوون جميعاً إلى تقييم التجربة ومراجعة مسيرة الحركة النقابية منذ فجر عهد الإصلاح حتى يومنا هذا وما هي سلبياتنا وما هي إيجابياتنا ولماذا الحركة النقابية وصلت إلى هذا الحال المزرى والمنكوب وأين خارطة الطريق للخروج إلى مساحات أكثر إشعاعاً وتطور تشد من عود الحركة النقابية وتتلاقى مع طموحات الطبقة العاملة وتحقق أمانيها في العيش الكريم والأفضل وعلينا أن لا نفقد الأمل في ذلك وفي مستقبلنا الواعد ونضالنا الرائد في كل الظروف ومهما تعاظمت العوائق والسلبيات، اليوم ونحن نستقبل إطلالة الأول من مايو المجيد علينا أن لا نكتفي بتبادل التهاني فقط بل بمراجعة مسار الحركة النقابية وتقييم التجربة الفتية لتفادي سلبيات الماضي ورسم خطة المستقبل برؤيا جديدة قادرة على مواجهة التحديات والمستجدات وبناء نقابات حرة ومستقلة غير مطأفنة أو مسيسة تؤكد على ضرورة وحدة الطبقة العاملة والحركة النقابية وإذا كان ولا بد من التعددية النقابية سواء على صعيد المنشأة أو الاتحادات هذا لا يمنع أن تكون هناك لجان تنسيقية تُوحد المواقف وتجمع الكلمة على القضايا المشتركة والتي تصب في تحقيق المزيد من المكاسب والمطالب العمالية بهكذا منظور ورؤى نستطيع أن نبني ونؤسس لحركة نقابية منيعة تواجه التحديات وتستقبل الأول من مايو وهي تُجسد مضامينه وعمقه الوحدوي فتحية نضالية للطبقة العاملة البحرينية التي هي دوماً وللادة بكوادرها وقياداتها المتجددة وتحية نضالية لكل شغيلة العالم وهي تستقبل الأول من آيار المجيد.