من أجل الوطن

هو ليس عنوان كما تظنون هو شعار أصبح يتغنى به ويرفعه كثيرون أمام الناس وأمام الإعلام ومنهم من يعمل تحت هذا  الشعار بسرية تامة لكن في النهاية هو غطاء لتحقيق مصالح شخصية بحتة!….

في السابق لم يكن العمل من أجل الوطن يحتاج بروازا أو تنظيرا.. وإنما كان حالة أخلاقية يشعر بها من يعيش على ترابه ولا يمانع  التضحية في سبيله.. لذلك كان المواطن العربي يدافع بحرقة ضد أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي حفاظا على مقدرات الوطن، في حين نجد اليوم بأن الوطن العربي يتعرض لكل أصناف الاستنزاف والسرقة والهدر في المال العام على أيدي من يعيش على ترابه…والغريب أن في كل تلك الأفعال يرفع لنا شعارا من أجل الوطن!!

فمن أجل الوطن يحتم عليه أن يكذب وينافق ويسرق ويتلاعب في مصائر وأموال الناس التي من المفترض أن تكون أمانة في عنقه!…ولكن هو يخرج لنا بادعاءاته ويستعرض لنا في الصحف وغيرها من وسائل الإعلام بأن أفعاله ومواقفه كلها من أجل الوطن!….تراه لا يناصح كبار القوم بلغة الضمير وإنما يكرس في أذهانهم ما يراه مناسبا لمصالحه ولكن لسانه لا يتوقف عن قول وتكرار عبارة من أجل الوطن!…أصبح لدينا بضاعة رائجة تتمثل في كثرة المادحين والمتسلقين والمنافقين وكلهم يعملون وهم يحملون  شعارا من أجل الوطن!…

الوزير والنائب والمستشار والمحافظ، كلها مسميات كثرت في وطننا ومع كثرتهم كثر أيضا الفساد والهدر بالملايين في بلد حباها الله بالخير والبركات ولكن أصبحت هذه الأرض تضيق على مواطنيها لأن العمل من أجل الوطن أصبح مجرد شعار يتلفظ به هؤلاء المسؤولين ليس لأنهم عاجزون عن تأدية مهامهم وواجبهم بل لأن حب الوطن كحالة أخلاقية قد اختفت وطغى عليها حب النفس ومراعاة المصلحة الشخصية أولا ثم آخرا يأتي من أجل الوطن!

يحاربون الكوادر من ذوي الاختصاص ويساهمون بكل الطرق لإزاحتهم عن طريقهم بأساليب رخيصة أو بسلوكيات حاقدة حتى نصل الى نقطة هروب الكوادر والخبرات وتصبح الوزارة أو المؤسسة أو الشركة رهينة في يد من استحوذ عليها ويظل يديرها بطريقته القاتلة للإبداع والتطور ثم تراه يبدع في كيفية التشبث مدة أطول بالكرسي مستفيدا قدر ما يستطيع بمردود هذا الكرسي ومزاياه …ولن يضيره شيء لأنهم هم من نصبوه وأعطوه كامل الصلاحية دون مراقبته أو محاسبته …فالتوجه أصبح لدينا افعل ما تشاء ولكن دع شعار من أجل الوطن مرفوعا!!

أصبح الوطن يفرخ لنا أعدادا هائلة من الانتهازيين وقناصي الفرص الذين لا يؤمنون إلا بالدينار وبينهم وبين حب الوطن بون شاسع…جيوبهم مفتوحة لأي حنفية (صنبور) تنقط أموالا!.. هذه الحنفية جعلت منهم أغنياء ووجهاء وملاك.. وشعار من أجل الوطن دائما حاضرا على ألسنتهم ليبرروا به أفعالهم !!

لذلك نجد المنجزات التي يتحدثون عنها أصحاب شعار– من أجل الوطن – كلها منجزات خاصة بهم أما ما يخص الوطن والمواطن فنستطيع أن نقول بأنها إنجازات على الورق فقط…يجاهرون بها في وسائل الإعلام المرئية وهي بعيدة تماما عن الواقع!!

 مسكين أنت يا وطن… فمن يستبيحك هم من يتربع على كراسي المسؤولية…والله بعونك يا وطن فأنت مجرور للخلف على أيديهم…نعم.. وبلا خجل تراهم يؤدون هذا الدور الذي يضر بالوطن وهم يرفعون شعار – من أجل الوطن – !!!!