من تجربة الحركة الوطنية في انتخابات المجلس الوطني في ١٩٧٣

لماذا كانت المقاطعة هنا غير صحيحه ؟ هذا سؤال تم طرحه في تلك الفترة ولنري كيف تم الحوار عليه في الواقع السياسي آنذاك هذا كان يحتاج مرونة دقيقه وضرورية في اتخاذ القرار الصحيح تجاه القضايا الرئيسية مع الإلمام بأكبر قدر بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبميزان القوي داخل المجتمع ومعرفة درجة ارتفاع الوعي السياسي لدي الجماهير الشعبية

وتحديد( الحلقة الخاصة في الفترة المعينة التي تمكن من الإمساك بباقي الحلقات وتحضير الانتقال ألي الحلقة التالية تحضيرا متينا ولكن ماهي هذه الخلقة الخاصة ( أنها الحريات الديمقراطية ) ومنها الاقتراع العام أي الانتخابات كما يلخصها ديفيد باتلر ( ان الانتخابات العامة الديمقراطية تستند الي أولا حق التصويت العام لكل المواطنين البالغين ( امرأة ورجل ثانيا عدم حرمان أي جماعة من تشكيل حزب سياسي ومن الترشح للمناصب السياسية ثالثا حق التنافس علي كل مقاعد المجالس التشريعية رابعا حرية إدارة الحملات الانتخابية علي وضع لا يحرم فيه القانون ولا وسائل العنف المرشحين من عرض آراءهم وقدراتهم ولا الناخبين من مناقشة تلك الآراء خامسا تمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وسط جو من الحرية والسرية وفرز الأصوات وإعلانها بشفافية وتمكين المنتصرين من مناصبهم السياسية حتي وقت الانتخابات التالية سادسا دورية الانتخابات وانتظامها وكان وجهة نظر الحكومة آنذاك ( ان إشاعة هذه الحريات ستضعف إمكانية التحكم في سير الأمور وتوجيهها حسب تصوراتها ) الحركة الوطنية كان رأيها ( بدون توفر الحريات العامة الديمقراطية فان حركتها بين الجماهير ستواجه صعوبات كبيره وتضعف من درجة ارتباطها بهذه الجماهير ) أي ضرورة إطلاق الحريات العامة كشرط ضروري لتامين الحد الآدين من الديمقراطية وهنا كان الاستنتاج إدي قادة الحركة الوطنية ( إذا ما عجز رجل السياسة من الإمساك بالحلقة الخاصة وعن تحديد الاتجاه السليم فانه معرض لان يظل الطريق ) فلماذا المشاركة في انتخابات المجلس الوطني ؟ كان رأي القوي السياسية بين موقفين ١- موقف يدعو الي المقاطعة ٢- موقف يدعو الي المشاركة وكان موقف المقاطعة ( ان الأسباب التي أدت ألي مقاطعة الانتخابات للمجلس التأسيسي لاتزال قائمة وبالتالي موقف المقاطعة يجب ان يستمر أما الموقف المؤيد للمشاركة ( ان الأسباب التي دعت للمقاطعة لاتزال قائمه الذي تغير هو طبيعة المجلس الوطني وطبيعة مهامه التي تختلف عن طبيعة ومهام المجلس التأسيسي ففي الوقت الذي مارس فيه المجلس التأسيسي أعماله في ظل انعدام الدستور ( وهو المدعو لإقراره ) وفي ظل القوانين الاستثنائية فان المجلس الوطني سيمارس أعماله في ظل الدستور والدستور يتضمن الحد الآدين من الحقوق والحريات وكان بالنسبة لمن طرح شعار المشتركة كان يري في متطلبات الانتخابات الديمقراطية بانها سوف تنظم عملية اتخاذ القرارات وعمل مؤسسات الحكم من خلال الاستناد الي مبدا حكم القانون أي تقيد سلطة الحكومة بدستور يخضع له الحكام والمحكومين علي قدم المساواة ويوفر آليات محددة لصنع القرارات وأخري للمسألة السياسية وقيام نظام قضاءي مستقل لحماية مبدا حكم القانون وصيانة حريات الأفراد والجماعات وحقوقهم والنظر في مدي دستورية القانون وضمان عدم خضوع السياسيين المنتخبين لسيطرة او مراقبة هيئات غير منتخبه كالمؤسسات ( العسكرية والأمنية او الدينية ) ومبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وتمكين المواطنين من المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية من خلال الاستناد الي مبدا ان الشعب مصدر السلطات وان الحكومة تقوم بممارسة مظاهر السلطة بهدف تحقيق المصلحة العامة للمواطنين وليس تحقيق مصالح فئة معينة وتنظيم علاقة مؤسسات الحكم بالجماهير علي أساس رابطة المواطنة أي تمتع جميع فئات المجتمع بالحقوق والواجبات كافة علي قدم المساواة وتساوي فرص المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية أمام البالغين كلهم بلا أي شكل من أشكال الاستغلال علي أساس الأصل او اللغة او العرق او الجنس او المكانة الاجتماعية او الاقتصادية كانت الحركة الوطنية التي تعول للمشاركة تري ان مهمة المجلس التأسيسي كانت مقصورة علي بند وحيد هو إقرار الدستور ولفترة زمنية محدودة ( ستة أشهر) فان الفصل التشريعي سوف يستمر ل( أربعة سنوات ) ومهامه واسعة ومتعددة وسيقنن حياتنا لأجيال قادمه وان المجلس الوطني سيشرع كل القوانين التي تنظم العلاقة فيما بين المواطنين والسلطة وفيما بين المواطنين بعضهم البعض وسيشرع قوانين العمل والضمان الاجتماعي والصحي وقانون الصحافة وشكل الظراب والتجارة وكل فعالية او نشاط يستوجب إصدار قانون ينظمها وكان من يطرح شعار المشاركة يري ان في ظل عدم الدخول للمجلس فان الحكومة والعائلات التجارية والملاكين العقارين والفئة المتمصلحة ستشرع كل هذا والذي قد لا يكون من ضمنها حماية المواطن ومستقبله وان الحكومة تتمني وتعمل لان يقتصر المجلس الوطني علي العناصر المحافظة والمؤيدة لكي لا تتحول خطواتها نحو الديمقراطية الي خطوات فعلية وقامت السلطة عندها باستعمال عدة طرق منها امتناع السلطة عن القيام بحملات إعلامية لحث الناس علي المساهمة في انتخابات المجلس الوطني علي عكس ما حدث بالنسبة للمجلس التأسيسي كما قامت بمنع او تقييد الحملات الانتخابية وذلك بإصدارها قانون التجمعات للتضيق علي العناصر الوطنية واستفزازها علي ان تنسحب من المعركة الانتخابية ولكن مع ضغط الحركة الوطنية والجماهير فرض علي السلطة تراجعا إدي الي تعليق هذا القانون وطرحت الحركة الوطنية عندها سؤال لمن أراد ان يقاطع وهو هل تسمح القوي الوطنية بعدم التصدي للحكومة ؟

وهل تسمح هذه القوي لنفسها ان تترك الحكومة تصول وتجول باسم المجلس والديمقراطية دون ان يكون في مواجهتها حتي صوت واحد يقول لها لا صوت يفضح المواقف الخاطئة ويعبر عن مصالح الجماهير الشعبية ويطرح مطالبها وقضاياها ويعري أي تشريع يستهدفها وأكدت تلك القوي علي انه لو لم تدخل المجلس الوطني عناصر وطنية وعلي أساس برنامج حد أدني واضح عملي فان كل القوانين الرجعية والمكبلة للحريات والمعادية لمصالح الجماهير الشعبية ستستمر او ستصدر من جديد وعليها ختم المجلس الوطني ( الممثل لإرادة الشعب ) ومن الأمثلة التي طرحتها الحركة الوطنية لكي توضح أهمية المشاركة في الانتخابات هي أولا لنتصور سريان قانون مثل قانون تنظيم التجمعات الذي يعني في كل بند من بنوده منع التجمعات وقمع الإضرابات والمظاهرات واعتقال كل من تسول له نفسه تنظيم ندوة حول أي موضوع لا ترتاح له الحكومة بحجة مخالفته للقانون ثانيا لنتصور استمرار سريان قانون الأمن العام المعروف بقانون الطوارئ الذي يجيز للشرطة فيما يجيز اعتقال كل من يشك انه ينوي ان يقوم بأعمال مخلة بالأمن ولأجل غير محدد ثالثا لنتصور استمرار الوضع القائم بكل سيئاته وتجاوزاته تحت اسم الديمقراطية وفي رعاية الدستور والقوانين المرعية . والتاريخ اثبت أهمية الدخول عبر لانتخابات للمجلس الوطني ولكن كما تطرح الحركة الوطنية كيف تم ذلك ؟ أولا المناقشة الحامية التي آثارها النواب الشباب فيما يخص إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة المبعدين والتركيز علي ضرورة إلغاء قانون الأمن العام الذي يتنافى مع مواد الدستور الذي سري مفعوله مع انعقاد المجلس الوطني ثانيا تمكن النواب الوطنين من أخذ موافقة أغلبية أعضاء المجلس لاتخاذ قرار يدعو الي إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين حيث صوت الي جانبه ( ٢٣) نائبا وامتنع الوزراء وثلاث نواب فقط عن التصويت ثالثا في الوقت الذي ليس من حق المجلس التأسيسي مناقشة أي قضية سوي مواد الدستور وليس لأي عضو فيه حق مسالة الحكومة او أي وزير فان من مهام المجلس الوطني مناقشة كل القضايا التي تهم المواطنين وسؤال وحتي استجواب الحكومة او أي وزير حول أي قضية رابعا بدا التلاحم الواضح بين نواب الشعب والجماهير الشعبية مما عزز عند الجماهير ان لها أصواتا شجاعة تعبر عن طموحاتها وتنقل أراءها ومطالبها وتدافع عن مصالحها خامسا هذا انعكس علي الشارع فبرغم إسقاط مرشح احد النواب الوطنين الشباب بحجة انه دون السن القانوني وقفت الجماهير ضد المرشح الفاشل وهتفت

مال ميزان العدالة

وفاز بالكرسي بديل

من بعد سحب الثقة

اصبح الكرسي هزيل

سادسا وهذا انعكس أيضا بشكل لا يقبل اللبس في الانتخابات للمجلس الوطني حيث صوتت الجماهير بحماس وكثافة للمرشحين الوطنين وأوصلت الي المجلس مالا يقل عن (١٧ ) نائبا وطنيا من مجموع أعضاء المجلس المنتخبين والبالغ عددهم ( ٣٠) نائبا سابعا انه بغياب عناصر وطنية ملتزمة بقضايا الشعب لا يمكن ان نتوقع من المجلس ان يحل قضايا تمس حياة الجماهير مباشرة كقضية الحريات والغلاء والاحتكار العائلي الخ ثامنا ان استمرار المأزق لم يكن ( في مصلحة الجماهير وحركته الوطنية ) وكان المطلوب هو الخروج من هذا المأزق والمخرج الوحيد هو ( إطلاق الحريات العامة للجماهير وفرض الحياة الديمقراطية ) ولو بحدها الآدين ولا يتحقق ذلك إلا ( بالمشاركة الفعالة في الانتخابات العامة وانتزاع كل ما يمكن انتزاعه من المكاسب لمصلحة الجماهير الشعبية ومصلحة تطور ونمو الحركة الوطنية ) تاسعا ان وجود عناصر وطنية في المجلس الوطني ( ليس ولا يمكن ان يكون بديلا عن النضالات الجماهيرية ) فان نضالات الجماهير لم تتوقف عند إيصالها النواب الوطنين الي مجلس النواب وما مسيرة العمال العاطلين عن العمل والإضرابات العمالية الأخيرة في شركة ويمبي وشركة فليب هو لزمن ( الألمانية ) وفي شركة أوالكو والبريد وحملات توقيع العراض لمختلف الأغراض إلا مصداق لهذه المواقف وكما جاء في مقدمة برنامج العمل الوطني ( لكتلة الشعب ) ان وجودنا داخل المجلس الوطني لن يكون الضمان الأكيد لتحقيق المطالب المطروحة في البرنامج وإنما الضمان الأكيد هو الدعم الشعبي لهذه المطالب والاستمرار في النضال الجماهيري من اجل فرض هذه المطالب ومن اجل الحصول علي مكاسب شعبية جديدة ينهي ( احمد الذوادي دراسته لهذه التجربة ورفع شعار المشاركة بإنشاء في البحرين وضع جديد وضع جماهير البحرين وقواها الوطنية أمام تجرية جديدة فهي لأول مرة في تاريخ هذه البلاد تمارس الحياة الديمقراطية ولو بحد أدني 

المرجع: كتاب احمد الذوادي (سيف بن علي) قضايا التحرر والديمقراطية في البحرين والخليج العربي الصادر عن دار الفارابي عام 1985