كلمة جمعية التغيير الديمقراطي في الذكرى الستون لجبهة التحرير الوطني – البحرين

تحل الذكري الستون لجبهة التحرير الوطني في ١٥ فبراير ٢٠١٥ لتعبر عن تاريخ الحركة الوطنية الديمقراطية والتنظيمية وكما جاء في برنامجها الوطني الصادر في عام ١٩٦٢ الأهداف التي ناضلت الجبهة مع جماهير الشعب ومع مختلف قواه الوطنية من اجل تحقيقها وهي ( تناضل من اجل البحرين دولة ديمقراطية ذات سيادة مستقلة استقلالا حقيقيا ) ( وتقيم نظام وطني ديمقراطي وبإقامة مؤسسات ديمقراطية تكفل الحريات الديمقراطية لمجموع الشعب في البحرين برلمان ومجالس إدارة وبلدية ينتخبها الشعب وتمثله حقاً وتضع دستورا يقوم علي أساس ديمقراطي ( يأخذ بعين الاعتبار الظروف الموضوعية لوطننا ) )

ويأتي احتفالنا بالذكري الستون هذه السنة بعد احتفلتا مع الطبقة العاملة البحرينية والمتمثلة في نقابة عمال البا، في العام ٢٠١٤ لنؤكد ان هذه الجبهة قد نحتت خلال العقود السابقة موقعها كتنظيم متميز في داخل الحركة الوطنية الديمقراطية في بلادنا لم تكن جبهة التحرير حلم راود مجموعة من المثقفين او العمال الرواد الذين بادروا الي تأسيسها بل كانت تتويجا لجهود راكمتها جماهير الشعب في البحرين وحركتها الوطنية منذ عام ١٩١٩ وبحركة ١٩٣٧ وحركة ١٩٥٤- ١٩٥٦ وانتفاضة مارس ١٩٦٥ وحتي إضرابات ومسيرة مارس ١٩٧٢ وكانت الجبهة تتويجا لتلك الجهود الحثيثة والمثابرة حولت الأمر من مجرد حلم الي فعل سياسي وتنظيمي وفكري سعت جبهة التحرير الي تجسيد الفكرة والحلم عبر ممارسة الصراع السياسي ضد الاستعمار والرجعية وفي مرحلة ما بعد الاستقلال بطرح المشروع الوطني الديمقراطي وممارسة الصراع السياسي والفكري والثقافي من خلال نقد الواقع السائد وتفكيك خطاب القوي المسيطرة ونشر الثقافة الوطنية والديمقراطية من مثل مجلة النضال ونشرة الفجر والشبيبة وصوت العامل الخ وتم استقطاب قطاعات واسعة من الشبيبة والطبقة العاملة والحركة النسائية والمثقفين وشرائح من الطبقة الوسطي وحتي بعض من النخب التجارية التي بدأت تتشكل في تلك الفترة وكانت معبرة عن كل مكونات المجتمع في البحرين وذلك لطبيعة خطابها السياسي والشعارات التي رفعتها والتي كانت تعبر عن الممكن تحقيه في الواقع فمنذ الخمسينيات والستينيات انتبهت الجبهة الي ان اهم نقطة بجب التركيز عليها عدم  إعطاء الاستعمار والقوي الرجعية الاستفادة من الوجود الطائفي في البحرين وعبر كشف هذه السياسة أمام الجماهير كما جاء في احد أدبيات الجبهة ( وفي هذا السبيل لم يدع الاستعمار أي وسيلة إلا ولجا إليها كان أشنعها وأخسسها تصاوير ( الحزازات الطائفية ) وإيصالها الي حد المصادمات الدموية لكن غاب عن بال المستعمرين ان ( الخلافات الطائفية ) تفتقر للأسس المادية ولا تخدم مصلحة أي طبقة اجتماعية من أي من الطائفتين فالوضع الاقتصادي مركب بشكل لا يسمح باستغناء طائفة عن الأخرى ووجود البترول وما فرضه من تطور علي الوضع الاقتصادي من حيث زيادة عدد المؤسسات واتساع رقعة أعمال البناء والمقاولات كل ذلك حدد الوضع الطبقي فصار العمال المستغلون من الطائفتين وصاحب العمل او الشركات الاحتكارية عند استغلالها للعامل لا تميز بين طائفة وأخري والانتماء الطائفي للتاجر او المقاول لا يمنعه من استغلال وظلم أبناء طائفة جنبا الي جنب مع أبناء طائفة أخري ) ( لقد كان واضحا لدي جماهير شعبنا ان الاستعمار البريطاني ممثلا في المستشار هو الذي وراء إثارة الطائفية وتائويرها بهدف تمزيق وحدة الشعب وإضعافه علي أسس الشعار الاستعماري العتيق ( فرق تسد ) وقد عانت الجماهير كثيرا من ويلات ( الحزازات الطائفية ) فهبت كلها من اقصي قرية الي أدني قرية ومن كل المدن في البحرين وعقدت الاجتماعات الجماهيرية في سبيل وضع حد ( للفتنة الطائفية ) التي زرعها الاستعمار البريطاني وهكذا جاءت حركة الهيئة وأول هدف تحقق في إطار هذه الحركة هو تحقيق ( الوحدة الوطنية ) التي تعززت علي مر الأيام وصارت الآن أصعب من ان ينال منها احد ) هذا رأي الجبهة في المسالة الطائفية أما رأيها للمسألة السياسية ( لقد ولدت المنظمات الوطنية والتقدمية في أثناء واعقاب حركة الهيئة مباشرة وطوال هذه السنين تمرست هذه المنظمات في النضال ضد الهيمنة الاستعمارية وأجهزتها القمعية وبرز دور هذه المنظمات بشكل واضح في انتفاضة مارس ١٩٦٥ ) ( ولان الانتفاضة العمالية في ١٩٧٢ كانت واسعة ومنظمة أثبتت للطبقة الحاكمة ان الفقراء والمستغلين قد عرفوا الطريق الصحيح لتنظيم انفسهم وأخذوا يسلكون الطريق السليم للوصول الي حقوقهم وأهدافهم فلا بد للطبقة الحاكمة من ان تسارع في تنظيم نفسها هي الأخرى وتقونن أوضاعها وتضفي علي حكمها وعلي نضامها طابع الشرعية والدستورية لتواجه النهوض الشعبي والطبقي من مواقع ( الدستور والقوانين )  ورفعت الجبهة شعار ( لا يمكن ان يكون هناك حد أدني من الديمقراطية مالم يتوفر حد أدني من الحريات الديمقراطية )

لكن جماهيرنا تدرك ان تحقيق أي من مطالبها وأهدافها لا يمكن إلا ان تنتزع انتزاعا وهذا الطريق طريق انتزاع المكاسب والحريات الديمقراطية سائرة بوعي وعزم وشجاعة ولا بد أنها واصلة هذا كما جاء في احدي أدبيات الجبهة لم يكن الطريق سهلا أمام جبهة التحرير كما هو ليس سهلا أمام جمعية التغيير فالنشيد الوطني للجبهة يؤكد علي ذلك ( طريقنا انت تدري  شوكا ووعر عسير والموت علي جانبيه ولكننا سنسير الي الإمام انه الطريق الجديد الناهض المتحدي والمتوثب كما هو في الشعار او اللوغو لجمعية التغيير الديمقراطي عبر خط اخضر يبدأ كالاستمرارية لذلك الطريق وان بشكل حلزوني كالنهر الهادر وعلي جانبية تكبر الورقة الخضراء لتواصل طريق الحياة ( هنا الوردة هنا نرقص ) ان المؤسسين لجمعية التغيير الديمقراطي علي وعي تام بصعوبة ومشقة المهمة التي تتجه جمعية التغيير نحوها وهي محاولة إيجاد البديل الوطني الديمقراطي أي الطريق الثالث في هذه المرحلة حيث جري تفتيت قوي التغيير والتقدم بشكل أعمق والقوي الديمقراطية بشكل عام كنتيجة لأحداث ١٤ فبراير والتداعيات التي نتجت عنها وهي أولا تعميق الشرخ الطائفي علي حساب الوحدة الوطنية وأهدافها الكبرى ثانيا انتعاش الاتجاهات الأكثر تطرفا في الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين ثالثا اهتمام الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية والاستخبارية تحسبا من التوترات الداخلية والأخطار الخارجية رابعا ضعف الجبهة الداخلية المرتكزة علي وحدة الشعب وليس المؤسسات الرسمية وحدها رابعا تراجع العملية الديمقراطية ومنسوب الحريات ووقوع الجماهير الشعبية في فخاخ المؤسسات الإعلامية بكل ألوانها وأشكالها كجبهة حرب جديدة لم تتوقف وما زلت مستمرة خامسا فشل كل المبادرات والمحاولات للخروج من الازمة عبر الحوار ويأتي الموقف من مقاطعة الانتخابات الأخيرة التي جرت في ٢٠١٤ البرلمانية والمجالس البلدية ضمن إطار هذا الفشل والخطورة هنا من ان هذا الفشل يأتي عبر عدم إمكانية إخراج جماهير شعبنا من هذه الازمة بإتباعهم التكتيك والاستراتيجية الشعبوية والمغامرة والوقوف خلف الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين ومشروعها لدولة المحاصصة الطائفية ؟! وبناء علي وعي هذه المهمة فان جمعية التغيير الديمقراطي لا تري أي مبرر لوجودها علي الساحة السياسية إلا في طل انخراطها النشيط في بلورة مشروع سياسي فكري نوعي يختلف عن ما هو سائد واستشراف المستقبل عبر الرهان والترويج لهذا البديل الوطني الديمقراطي وبناء المملكة العصرية المدنية وتحفيز الطبقة العاملة والطبقة الوسطي والبورجوازية الصغيرة والنخب الثقافية للانخراط في هذا المشروع والدفاع عنه والمساهمة النشطة في تأسيس خطاب ثقافي – اقتصادي – سياسي – فكري تنويري ديمقراطي عقلاني واعادة الروح ومن ثم الصياغة للمفاهيم الانطلاقة المشروع الإصلاحي وبالذات التي تؤكد علي الحريات الديمقراطية وكشف وتعرية كل الظواهر المرضية التي إعاقة تطور المشروع الإصلاحي وما رافقها من تناقضات واستقطاب للقوي السياسية والاجتماعية وانقسامها علي أساس طائفي ومن تركز الثروة والسلطة لدي الحلف الطبقي ومن هنا تنطلق جمعية التغيير من كونها حاملة مشروع إجماع وطني وان تكون داعية لرفض أية حواجز علي الفكر واعادة صياغة الواقع بمقاسات مصممة وفق ما يريده الحكام والحلف الطبقي او وفق ما تزيده الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين او الجمعيات التي تسمي الوطنية الديمقراطية والتي باتت جزء أساسي من المشروع الذي تطرحه تلك الجمعيات الطائفية السياسية ولهذا فقد دأبت جمعية التغيير الديمقراطي البحث العميق في قضايا الواقع البحريني وبناه الاقتصادية – السياسية وتراكيبه الطبقية وأيدولوجيته التي كانت تزيف وعي الجماهير وتسليط الضوء علي دور الطبقة العاملة والطبقات الوسطي والنخب الثقافية لكي تلعب هذا الدور في التغيير وذلك عبر موقعها الإلكتروني ( موقع التغيير الديمقراطي ) وذلك عبر وضع قضية التغيير والديمقراطية والتنوير والحداثة في صلب الهم الثقافي والسياسي وجعلها مفاهيم جاذبة وليس مفاهيم وخطب شعبوية تدغدغ مشاعر الجماهير ومن هنا تحاول جمعية التغيير ان تحول هذه الفكرة او الحلم الي واقع عبر بلورة أسس التغيير المطلوب للمرحلة الراهنة ممثلا في شكل حركة او جمعية سياسية تعتمد التحليل والنقد وتجاوز الواقع المأزوم والمحبط عبر المراجعة النقدية للذات من اجل إيجاد البديل او الطريق الثالث والذي تنشده جماهيرنا وننطلق في ذلك أيضا من قناعة ثابته ان إشهار جمعية التغيير الديمقراطي سيكون بداية لخطاب ثقافي مناهض لخطاب الجمعيات الطائفية السياسية وما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي وكذلك خطاب الحلف الطبقي الضمني والذين هيمنت علي المشهد السياسي منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي

والتي كانت تسعي لتكريس الايدلوجية الدينية المذهبية او ايدلوجية الحلف الطبقي والتي كانت عبر هيمنتها علي الجماهير كرست الإقصاء والاستئصال وإلغاء الآخر والآخر كان هو التيار الوطني الديمقراطي العقلاني والذي تم تهميشه تماماً في أحداث الدوار والي الآن ؟! وهو التيار الذي وقف ضد ثقافة المحاصصة الطائفية وضد تكريسها في المجتمع والدولة ومن هنا تحاول جمعية التغيير مع قوي التغيير المجتمعية لتكرس قيم الحرية والديمقراطية والكرامة والعدل الاجتماعي من اجل الوصول للنظام الديمقراطي المنشود وستواصل مسعاها دون كلل كما سابقتها جبهة التحرير الوطني في البحرين فتحية للذكري الستون لجبهة التحرير الوطني في البحرين وتحية لمؤسسيها ولكل رفاقنا الذين نحتوا هذا التاريخ الوطني الديمقراطي فقد كان لمجهودهم وتضحياتهم الكبيرة وشجاعتهم الدور الأكبر في وجودها علي الساحة السياسية والإقليمية والدولية ومن هؤلاء الكوادر رفيقنا الراحل عبدالله خليفة وهو من المؤسسين الأساسين وهو الذي تقدم برؤيته للبرنامج السياسي لجمعية التغيير الديمقراطي. فقد كان رفاقنا أوفياء في نضالهم من أجل شعار ( وطن حر وشعب سعيد )