يجب أولا لمس الرابط بين السياسي والعمل السياسي ما هو جوهري ومحوري فيه ؟ وبتالي تحديد الإشكالية التي فرضت طرح هذا الجدل بين ما سمي السياسي وما سمي الثقافي وانعكاسه علي التنظيم فالأشكال في العمل السياسي أي في الممارسة السياسية هو بين الفكري وما يسمي السياسي وهو الأشكال الذي كان يبقي العلاقة متوترة بين المثقف والسياسي او من يعتبر انه مثقف في الجمعية ومن يعتقد ذاته كالسياسي وهذا الأشكال يطال كل الذين يتعاملون بالفكر والفكر السياسي تحديدا أي بما يخص السياسة والعمل السياسي هذه الإشكالية كانت واضحه عند ما سمي بجمعيات التيار الوطني الديمقراطي منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي وتأسيس الجمعيات السياسية وتأزمت مع أحداث ١٤ فبراير حيث بدا واضحا ان السياسي يطرد الفكري لأنه أي السياسي الماسك بالبنية التنظيمية وانتقل الفكر من كونه أساس وعي الواقع كمقدمة ضرورية لتحديد
التكتيك الصحيح الي كونه منظر لتكتيك يصاغ ويسلق علي عجل كتكتيك المشاركة في ما سمي بثورة ١٤ فبراير ووفق استنساب قائم علي وعي حسي وعي مؤسس علي ما هو شكلي من مثل لا نريد ان ننعزل عن الجماهير الثائرة والتثقيف في الدوار وترشيد النهج السياسي والتركيز علي عنصر الثورة انطلاقا من انه المطلق الوحيد ولم يثير هذا التكتيك اسأله لدي كادر والمفترض انه مثقف فلم يبحث في الترابطات وفي العمق بتجاوز السطح لكي يكتشف خلفيات الأحداث وأساسها أعماقها وهو كالسياسي عجز عن الفهم حيث انبني علي الحدس او علي الحس الذي هداه الي هذا التكتيك وتلك السياسية دون تحليل منطقي والأدهى ان ما طرحته الأغلبية في جمعيات ما سمي بالتيار الوطني الديمقراطي وحاججت به الأقلية المختلفة معها وأظهرت الأقلية كالرفاق متعبين اشكالين يحبون الثرثرة وإظهار الذات والتميز والأستاه فقط لأنهم يطرحون الأسئلة ويحاولون ان يعملوا الفكر في كل ما يجري علي الساحة السياسية وبالتالي يجب ان يطردوا لكي لا تنكشف هشاشة القادة الذين يعتبرون ذواتهم كمفكرين كبار هم الذين يستطيعون تحديد السياسة والتكتيك الصحيح وإخضاع الفكر لمشيئتهم الفكر هنا مشاكس لا يعطي الراحة للسياسي لا يؤكد يقينيته بل يشكك فيها لهذا كانت الجمعيات تطرد كل من يفكر وليس رجل الفكر فقط بل كل من يطرح الأسئلة ويحاول التحليل والنقد والفهم الثقافة هنا هي الفكر وبذات الفكر النظري أي وبالتحديد الوعي أي الانتقال من الحسي الي العقلي وبالعكس ومن المنطق الصوري الي الجدل المادي حيث ان الجمعية اليسارية تتأسس علي النظرية أي المنهجية العلمية أي علي الوعي الذي يؤسسه الجدل المادي إذن المسالة هنا هي مسالة وعي وليست مسالة علاقه المثقف بالسياسي في الجمعية حيث ان هذه السالة الأخيرة تنطلق من وضع المثقف اليساري خارج السياسي وبالتالي خارج الجمعية المثقف هنا هو شيء خارجي آخر غير سياسي وليس هو سياسي كونه عضو في جمعيه وجزء من عمل سياسي بمعني انه يوضع خارج المنظومة السياسية وتنزع عنه صفة السياسي ليبدو السياسي وكأنه دون ثقافه او وعي او ان ثقافته ووعيه هما ليسا من ضمن الثقافة وليسا فكرا هذا يفرض علينا تلمس سمات الوعي الذي يحكم السياسي وهل تأسس انطلاقا من عمق فكري او استند الي السليقة والبداهة والحدس والحس والعفوية مع ان العفوية هي جنين الوعي فإذا كان المثقف العضوي أي ذلك الذي يكون جزءا من الجمعية السياسية ومن العمل السياسي يمتلك الفكر أي المستوي العقلي هنا الجدل المادي كما تفترض المنهجية العلمية ولهذا فهو يبحث وينتقد ويمحص ويغلب الأوجه فان السياسي والممسك به عادة الزعماء في الجمعيات كإنو ينطلقون من الحسي من والخبرة اليومية وليس من الوعي العقلي من الفكر والتجريد عبر التحليل والاستنتاج أي من الجدل المادي بل كإنو ينطلقون من المنطق الصوري المبني علي الثنائيات سلطه – معارضه. شر. – خير او. أما – او. وهذا كان منطلق تحديد السياسة والتكتيك السياسي لديهم وكل العمل السياسي لديهم مبني علي ذلك وهو جزء جوهري في الازمه العميقة التي تولدت ما قبل وأثناء وبعد أحداث ١٤ فبراير فقد طرد المثقف المفكر الذي يؤسس لوعي الواقع وعيا علميا وبالتالي وعي آليات تحويله ضمن إطار المشروع الإصلاحي وأحداث التراكم فيه وليس القطع معه أي الثورة عليه وعبر تحديد الرؤية السياسية والنشاط السياسي الهادف لتحقيق ذلك هنا باتت جمعيات ما سمي بالتيار الوطني الديمقراطي دون عقل اًو بعقل صوري او لنقل بعقل يتبع كل ما يقول به ويخطط له الإسلام السياسي لهذا يمكن القول ان السياسي لم يكن يتعامل مع السياسية كفكر أي كوعي بل كالممارسة تقوم علي الحدس وتنطلق من تلمس الحسي وبالتالي كان يخطئ تحديد الرؤية السياسية ويؤسس لتكتيك شعوبي مغامر هو بالضرورة مضلل سواء لكوادر الجمعيات او لجماهير الشعب هنا يجب التشديد بان السياسية هي فكر وان السياسي هو مثقف يمتلك الفكر ويحلل الواقع انطلاقا منه إذن الفكر هو جزء أساسي من السياسة إذن السياسية فكر وتؤسس علي الفكر وبالتالي فان المثقف في هذا الوضع هو سياسي فهو جزء من الجمعية لكن بوعي أعلي أعمق يتجاوز الوعي من الحس المشترك الي الحس السليم حسب غرامشي والذي يحكم ما يسمي ب السياسي ولان ما هيمن علي كل ما سمي بالجمعيات التيار الوطني الديمقراطي هو السياسي الشعبوي اصبح الفكر هنا خارج الجمعية وهو الأمر الذي أسس عند القادة للنظر الي الثقافة كشيء خارجي في علاقة اشكاليه مع الجمعية وهذا ما افضي الي ان لا تنتج هذه الجمعيات المسماة بالتيار الوطني الديمقراطي مفكرون أي منتجو فكر وكل من كان كذلك في نظرها اصبح خارجها طردا او ابعد او انسحب بصمت او صمت ؟ هنا يمكن ان نلمس العلاقه بين الثقافه والسياسه أي بين الفكر والعمل السياسي ولكن ما هي طبيعة العلاقه هذه ؟ وكل هذا يدخلنا في موقع الفكر والعمل السياسي وبالتالي موقع الفكر في الصراع الطبقي هو الوعي الفكر من اجل تحويله من صراع عفوي وجزئي ولحضي الي صراع منضم مؤسس مستمر وشامل ومبني علي هدف إذن ليس من عمل سياسي دون وعي قادر علي وضع البديل وإيجاد وسائل تنفيذه.
فبدون فكر وبدون منهجيه علميه لدي ما سمي بالتيار الوطني الديمقراطي والذي إدي بها ألي ان تطرد كل مدخلي الوعي النظري أي المثقف العضوي لتبقي عفويه ساذجة وعمياء وتسير وراء سراب يطرحه الإسلام السياسي.
المرجع من اجل شيوعيه مناضلة
بحث في أزمة الماركسية – للكاتب: سلامه كيله،الصادرة عن دار التنوير.