حول البيان إلى الرأي العام العربي والقوي القومية الوحدوية. والدعوة لتأسيس الحركة العربية الواحدة من المحيط الي الخليج وعبر العالم ولتوحيد التيار القومي من أجل تأسيس الحركة العربية الواحدة والتصدي للشأن القومي وإنجاز مشروع الميثاق القومي فما عسانا فاعلون أيها الأمة؟ هل هناك إشكالية ما بين اليساري والقومي أي إما يساري أو قومي؟ هذا السؤال كان سائد سابقاً والذي أسس (لإشكالية) ما بين اليساري والقومي وهي إشكالية زائفة، ولكن هل من الممكن أن يكون اليساري قومياً، ولكن بأي معنى؟ تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الإشكالية تتعلق بتاريخ طويل من الصراع بين القوميين واليساريين وإن كان تناقض ثانوي حيث باتت المسألة القومية المحددة في تحقيق الوحدة العربية النقطة المحورية التي بنيت عليها هذه الإشكالية. فقد بدت القومية لليساري كميل تعصبي ، ونزعة شوفينية . وبدا الميل الي الوحدة العربية كوهم وطوباوي بينما كان طرح اليسار أن الواقعية والعقلانية تفرضان التكيف مع الدول الوليدة التي هي ( أمة في طور التكوين ) أو إنها أمر واقع يجب التعامل معه . وبدت الحركة القومية الناشئة كحركة طفولية ومغامرة و ( قومية ) متعصبة . وبدت عند القومي أن اليسار هو حركة (شعبوية) هدامة معادية للعروبة والقومية وتنفذ سياسات دول اخرى خصوصاً ما قبل إنهيار المعسكر الاشتراكي.
ويرفض هذا اليسار الوحدة العربية . ويثير (صراع الطبقات) ويتضامن مع شعوب العالم بإسم (الأممية) دون أن يتضامن مع القضايا العربية. وهذا اليسار ضد القومية ويدعو لحركة أممية تتجاوز الأمم (رغم التقارب الشديد بين الأمة والأممية، لأن الثانية هي اشتقاق من الأولى). بالرغم من أن العلاقة بين اليساريين والقوميين وخصوصاً في البحرين سادها موقفين الأول يؤسس على التوافق بين اليساريين والقوميين وظلت (العواطف القومية) قائمة لدى كثير من اليساريين. ذلك أن اليسار أخذ في التشكل والتبلور في إطار عربي، ويناضل من أجل قضية عربية وانه امتداد لحركة التنوير وامتداد لرواد النهضة العربية وكان يطمح لأن يكون حركة عربية تناضل (في سبيل الوحدة العربية) ويحدد دوره في الحركة القومية العربية الشاملة. الموقف الثاني كان إنقلاباً على هذا الموقف لمصلحة رؤيا تنطلق من القطري، وتكاد تنظر للدولة القطرية وكأنها أمة. وهي هنا لم يرى هذا اليسار ان هناك قضية قومية، أو من ضرورة للتعامل مع العرب كأمة تحتاج إلى التوحد. ولهذا كان يجري الإكتفاء بالإشارة إلى ( التضامن ) والتحالف ضد الإمبريالية وانه ليس هناك مشكلة تفرض التفكير بالوحدة العربية ، وليس من ضرورة للعمل القومي . وتحول تعبير ( قومي ) عند هذا اليسار الي تعبير ( وطني ) الذي يعادل القطري . الآن هل اليسار هو في تناقض مع القوميين والقومية.
هل اليساري او اليسارية في تناقض مع القوميين والقومية ؟ إن الجواب على هذا السؤال يتعلق بفهم عدة مسائل : مسألة الأمة ، مسألة القومية مسألة الصراع الطبقي . ويتعلق كذلك (بالموقف) من الأحزاب القومية ومن الفكر القومي. ذلك أن التناقض بين اليساري والقومي نتج عن الاختلاف حول كل تلك المسائل و المواقف وخصوصاً خلط القضية القومية بالفكر القومي وبالأحزاب القومية ليتم عزل القضية القومية لتبدو وكأنها بضاعة برجوازية ما دام الفكر القومي هو فكر بورجوازي هذا بالضبط الذي ولد حالة التناقض عند اليساري وهو بعدم فك الارتباط بين القضية القومية والحزب الذي يعتنقها وبين القضية ( القومية ) بما هي قضية واقعية . هنا عند اليساري ارتبكت كل تلك المسائل وبالتالي المواقف من مثل ان القومية تعني الأمة ، وتعني القضية القومية ، وتعني الحركة القومية ، وتعني الفكر القومي . مما ولد موقفاً بأنه ضد الفكر القومي والحركة القومية وبالتالي ضد الأمة وضد القضية القومية . وهذا الخلط عند اليساري نتج عن عدم التمييز بين الواقع (الوجود) والأفكار، واعتبار ان الوجود ذاته يصاغ في أشكال فكرية متعددة وفق مصالح الطبقات. ولهذا يمكن القول بأن الفكر القومي والحركة القومية هما التعبير عن طبقات بعينها (البورجوازية التجارية والبورجوازية الصغيرة ) في تناولها للقضية القومية . هنا يقدر اليساري أن يفصل بين القضية التي هي مسألة واقعية ( موجودة في الواقع ) وبين الفكر القومي والحزب القومي . بمعني ان اليساري يختلف مع القومي والفكر القومي في تناوله ( للقضية القومية ).
لقد حملت القومية إلتباساً عميقاً منذ البدء ، حيث تضمنت ثلاث مستويات في أن : الأول هو الأمة ، والثاني هو الفكر القومي والثالث هو الحركة القومية . وهذه المستويات الثلاثة موجودة في البيان الموجه الى الرأي العام العربي والقوى القومية الوحدوية ( مخاطر التحديات المحدقة بالأمة العربية ، إعادة التأسيس لأوضاع الأمة وتوحيد التيار القومي وخاصة القوى الوحدوية ) . إن تعبير القومية كما هو رائج في هذا البيان غير محدد ويتضمن كل الإلتباسات الممكنة فهل أنها تعني الأمة ، أم تعني الفكر القومي ، أو هي الحركة القومية؟ فالقومية هي سمة الإنتماء لأمة ، كرابط للإنتماء ، وشعور بالإنتماء . بينما في البيان تضمنت كل السابق، وبالتالي كانت تحمل أكثر مما تحتمل، وتضفي كثافة من الغموض يقود البيان الى احتكار اللجنة القومية العربية لتوحيد التيار القومي من أجل تأسيس الحركة العربية الواحدة القضية القومية كلها. وهنا يجري التمييز بين الشعور أو الفكر والقضية الواقعية ( هنا القومية ) التي هي مسألة الوحدة القومية . فالأمة كما يذكر البيان مفككة الى دول ، وهو الامر الذي طرح مسألة ضرورة الوحدة العربية ، حيث تسعى الأمة لأن تتشكل في دولة واحدة وليبلور التيار القومي تصوره هذا . هنا تكمن مشكلة هذا التيار القومي في أنه يخلط الفكر بالقضية الواقعية ( القومية ) ليحصل على الملكية الحصرية لها ( وهو فعل غير واع في الغالب) فهذا الربط يجعل أي فكر آخر هو (غير قومي) وخارج الإشكالية القومية وبالتالي أن التيار القومي أو الفكر القومي هو وحده القادر علي تبني القضية القومية . إذاً هذا الربط تيار فكر / قضية قومية هو ربط إشكالي ، حيث يحوّل القضية القومية إلى فكر / تيار ، ليكون الفكر التيار القومي هو القضية ذاتها . وبالتالي من غير الممكن أن يستطيع فكر آخر تناولها ، أو ليس من حقه تناولها وفِي هذا الربط يتحدد الطابع المثالي للفكر القومي ، الذي أصبحت القضية ، التي هي قضية واقعية ( القومية ) هي نتاجه وليس العكس لنصل إلى القول بأنه يمكن تناول القضية القومية ، بصفتها قضية واقعية ، من منظورات مختلفة ، من مواقع أيدلوجية مختلفة.
في البحرين نبعت المشكلة أو الإشكالية الأساس من البدء في التنسيق والتعاون والعمل المشترك ومن ثم التحالف في أحداث ١٤ فبراير مع الجمعيات الطائفية السياسية وخصوصاً من قبل جمعية وعد التي تم حلها أو من التجمع القومي أو الوحدوي والتي أسست لإشكالية وعي المسألة ( القومية ) من الانقسامات ما قبل القومية ، أي الانقسامات الدينية والطائفية والقبلية والمناطقية ( الجهوية ) مما شكل وعي ملتبس ومتناقض ومشوه للفكر لدى هذه الجمعيات القومية التي ( تمركست ) في فترة ما وعومت هذا ( التمركس ) في فترة اخري أي فيما يتعلق بالوعي ( الذاتي ) وعي الإنتماء ووعي التكوين . وهنا نلمس عند هذه الجمعيات القومية (هذا إذا صحت هذه التسمية عليها) مسألة الانتقال من وعي (قومي) وعي الانتماء لأمة إلى وعي ما قبل قومي (ديني وطائفي ومناطقي وحتى قبلي) بعيداً عن الإنتماء لأمة يكمن في أساس تبلور مفاهيم المواطنة والعلمنة، المعبر عن طموح برجوازي لتحقيق التطور والحداثة وبالتالي الوحدة القومية والعلمنة والديمقراطية.
إن البيان الموجه للرأي العام العربي والقوى القومية الوحدوية ، يشير فقط إلى الفكر ( الفكر القومي ) وإلى الواقع المفكك للإمة ، مما كان يؤسس وعياً متشنجاً حيث يجري الربط الوثيق بين تبني المسألة القومية وتبني الفكر القومي ، ومن ثم طرد المختلف مع الفكر القومي من جنة القومية . الأمر الذي يفرض تعريف القومي بذاك المنتمي إلى الفكر القومي والحركة الوحدوية القومية فقط . هذا اللبس في الربط بين الفكر (القومي ) والقضية الواقعية ( المسألة القومية ) هو الذي يوضع في مواجهة اليساري واليسارية والتي تم إختزالها في السابق إلى أممية وفق تحديد جعلها فوق قومية ( كوزموبوليتية ) لتظهر العدمية القومية في مواجهة التعصب القومي كحدان لا يمكن أن يلتقيا مما خلق طابع التعادي بينهما . أي حيث أن القومية هي قومية وليس من الممكن أن تكون أممية ، وكذلك الأممية التي لا تعترف بالتمايز القومي ولا بوجود القوميات أي قومية تلغي الأممية وأممية تلغي القوميات . ولكي لا تتم العودة إلى هذه الصيغة الحدية بين القومي واليساري يجب أن يعاد طرح المسألة في صيغة صحيحة المنطلقة ، من أن المسألة القومية هي مسألة واقعية ، مسألة موجودة في الواقع وعلى الفكر النظري اليساري أن يبحث فيها ، وأن يؤسس موقفاً منها . في هذا الوضع لا تعارض بين اليسارية والقومية . وهنا يأتي السؤال هل يستطيع اليساري إستيعاب المسألة القومية ؟ وهل يمتلك منهجية صحيحة لتناول هذه المسألة حيث يمكن كشف ممكنات اليسارية على فهم المسألة القومية خصوصاً وأن المنهجية هي الضابط لفهم كل التصورات حول المسألة القومية ، وبالتالي المؤسس لتصور متماسك حولها.
أنا فلان بحريني الجنسية ، فلسطيني الهوي ، عروبي الإنتماء . هذه الجملة تلخص الإشكالية عند الفكر والتيار القومي لنلمس من خلالها جدل التجزئة / الوحدة ، أو التفكك / المركز . فمن نسج هذه الجملة بوضع البحريني أولاً ويليه الفلسطيني ومن ثم الإنتماء العروبي ينطلق من الدولة ( القطرية ) وهو عنصر تشكيل ( أمة جديدة ) او هو أساس تشكيل ( وطن – كيان ) له خصوصياته ، وتكوينه الداخلي وبالتالي تناقضاته ، كأي ( أمة ) أخرى . لقد تأسس (وعي كياني) وأصبح أساس السياسة والعمل السياسي، حتى وهدف الوحدة العربية (والانتماء العروبي) يزين شعارات القوميين وحتى اليساريين. لأن التباس مفهوم الأمة وتشكل (الوعي الكياني) و (السياسة الكيانية) كانا يجعلان من هدف الوحدة العربية زائدة. ويخضع لآليات عفوية وردود فعل على ( الصهيونية ) ليس للسياسة دوراً فيها ، وبالأساس تبدو كتجميع لكيانات / دول وجنسيات ( بحريني ، فلسطيني ، مصري إلخ)، عبر حركة لا تنطلق من العام ( الهوية ، أي الأمة ) بل تنطلق من الخاص ( الكيانات / الدول ) ، أي عبر حركة لا تخترق الكيانات بل تنطلق منها . وإذا كان ذلك قد نتج عن ( وعي كياني ) فقد إنحكم لتشوش نظري ينطلق من أن الأمة لم تتشكل بعد ، ويكون هدف تحقيق الوحدة القومية غير واقعي ولا ضروري . مما يفضي لأن تصبح الكيانات الواقعية المؤسسة وفق التفكك التاريخي ، هي الأمم أو على الأقل هي كيانات ( مستقلة ) وذات ( سيادة ) ، لها سياق تطورها الخاص ، ولتبدو الوحدة العربية هنا ، كأمل لأن يقود هذا السياق الخاص نحو تحقيقها ، مما أسقط فعل السياسي في الصيرورة الواقعية . حيث أن غياب تشكل الأمة يلغي ضرورة نشوء الحركة القومية . وتصبح ( عشوائية ) الواقع هي محدد المستقبل ، وأي كلام عن الوحدة والانتماء العروبي يبدو وكأنه يعبر عن ميل ( مجرد ) لأن ( الكيانات المستقلة ذات السيادة) ظلت في أساس الرؤية وظلت عشوائية الواقع هي محددة آفاق المستقبل . بمعني أن هدف الوحدة العربية لم يصبح هدفاً عملياً ، لتبدو الوحدة القومية ( كشيء ) خارجي ، هي تجميع ( كتل ) ، تجميع أشياء متخارجة بينها . هذا الإنطلاق من القطري / الدولة كان يسقط (قيمة) القومي (التكوين القومي المؤسس لنشوء الشعور القومي) ويسقط كونه عنصراً في صيرورة، لهذا كان (الوجود الواقعي) أي الدولة القطرية يوضع كمناقض للمجرد (أي الأمة) لتبدو الدولة القطرية وكأنها مفكك الصيرورة التي لا تستقيم الا على أساس المجرد (العام وهو هنا التكوين القومي) ولتغدو الدولة القطرية هي المحدد (للهوية). ذلك أن الدولة القطرية قادرة علي فرض الجنسية ، لكنها عاجزة عن أن تنتج ( تكويناً قومياً ) . المسألة هنا تتعلق بضياع الوعي بالطابع القومي لمصلحة وعي سابق من جهة ( هنا قطري ) والقبول بالأمر الواقع بالتحديد لتصبح الدولة القطرية هي محدد ( الهوية ) وعلى الضد من التكوين التاريخي للأمة وعلى أنقاضه . وبالتالي فبدل ان يعيد ( التكوين التاريخي ) هذا صياغة الواقع ، اصبح التمسك بالدولة القطرية هو القائم . وهنا تكون الصيرورة قد انتهت وهذا يشمل المسألة القومية وخلق أزمة هوية.
إن الفكر اليساري قد صاغ تصورات مختلفة للمسألة القومية وبدا إن مشكلة تحكم رؤية اليساري والفكر اليساري للمسألة القومية حيث وقعت كما ذكرنا سابقاً في كثير من الأحيان في خطيئة رفضها . ربما يعود ذلك أن البحث اليساري في المسألة القومية ظل ضعيفاً ، والسبب الآخر لعدم البحث في المسألة القومية يعود نتيجة للخوف من تفكك الدول القطرية . بالرغم من أن الفكر اليساري كان يحاول بعدم الإكتفاء بتفسير الواقع من خلال البحث في السياسة أو الأخلاق أو الوعي ، بل كان يؤكد على أن كل ذلك يقوم على بناء تحتي هو الذي يحدد السياسة والأخلاق والوعي . وهذا البناء يقوم على (الاقتصاد)، وبالتالي على صراع الطبقات. وبهذا بات التاريخ هو صراع الطبقات ، وجرت عند هذا اليسار تنحية الصراعات القومية والمسألة القومية . ولَم يتم الربط بين الصراع الطبقي والمسألة القومية ، فأهمل هذا الفكر اليساري البحث في تشكل الأمم وفِي علاقة الدولة التي هي أداة طبقة للسيطرة علي الطبقات الآخرى بالدولة كتعبير عن طبقة تنتمي لأمة معينة ، وعلاقة كل ذلك في نشوء الأمم . بالرغم من أن مفكرو اليسار كانوا يمتلكون تصوراً عن الأمة والمسألة القومية وعن الوحدة القومية وعن تشكل الدولة / الأمة في صيرورة التطور
التاريخي مثال ألمانيا سنوات ١٨٤٢- ١٨٧٠. حيث كان يري ذلك الفكر ضرورة سيرها في صيرورة التوحد القومي على اعتبار أن ذلك هو جزء من تقدمها وحداثتها، وكان يحاول ذاك الفكر في تلك الفترة التاريخية التعويض عن عجز البورجوازية الفتية لكن المترابطة مع الإقطاع عن تحقيق الوحدة القومية بأن تلعب الطبقة العاملة الناشئة هذا الدور ليكون على رأس برنامجها التغييري. الأمر الذي كان يظهر أن مسألة الأمة والمسألة القومية مسألتان حديثتان ولدتا مع ولادة البورجوازية . حيث كان المثال المدروس هو أروبا المفتتة في إطار ما اسمي النمط الاقطاعي خلال العصور الوسطي الأوربية وبالتالي كان تجاوز ذلك التفتت في إطار نشوء الصناعة والنمط الرأسمالي هو صيرورة نشوء الأمم وتشكل الدولة القومية ( الدولة / الأمة ) ، التي هي من أخص سمات النمط الرأسمالي . بينما في الشرق كان يقوم على أساس الدولة الإمبراطورية التي تضم أمماً متعددة في الغالب ، وتتحكم طبقة من أمة محددة ( هي طبقة ملاك الارض والاستقراطية التجارية ) بالسلطة فيها ، حيث تكون هي الطبقة المسيطرة الامر الذي كان يجعل للدولة الإمبراطورية طابعاً قومياً معيناً ، يعمم عبر اللغة والثقافة ، بحيث تكون لغتها هي اللغة العامة وثقافتها هي الثقافة المسيطرة . فهل استطاع اليسار أن يعالج مسألة التشكل القومي في سياق هذا الوضع؟ هنا يطرح السؤال حول: هل ان نشوء الدولة القومية (الدولة / الأمة) هو محدد نشوء الأمة، أم أن النشوء يتحقق بغض النظر عن نشوء الدولة القومية، وأن نشوء الدول القومية هو نتاج (طبيعي) لنشوء الأمة وليس العكس؟؟ هذا السؤال يفرض البحث في مسألة نشوء الأمة، وبالتالي بالعناصر التي تتشكل منها. أهي الدولة القومية ، أم أن لها سمات تقع خارج الدولة وترتبط بما هو ( ثقافي ) و ( شعوري ) و ( تواصلي ) أي سمات من مثل اللغة / الثقافة / والأرض والتاريخ . هنا كان الفكر اليساري متخوف من رؤية ما يعتبر جزءاً من ( البنية الفوقية ) ك اللغة ، الثقافة ، التاريخ في مصاف المنتج للأمة . تم عندها إضافة جملة ملتبسة تتعلق ب (الحياة الاقتصادية المشتركة)، والتي باتت تفسر على إنها تستلزم وجود الدولة المركزية، والتي كان غيابها كاف لإلغاء وجود الأمة وبغض النظر عن توفر اللغة والثقافة و (الشعور القومي) والأرض. وهذا الذي ادخل الفكر اليساري في متاهة الموقف المعادي للقومية.
إن الخروج من متاهة الموقف المعادي للقومية يتطلب لدى اليسار ضرورة التمييز بين ( مظاهر وجود الأمة ) وبين صيرورة نشوئها . وفِي عدم الخلط بين هاتين المسألتين لتصبح ( الحياة الاقتصادية المشتركة أو ليصبح الاقتصاد ( المحدد في الغالب في السوق الاقتصادية المشتركة ) عنصراً من عناصر وجود الأمة ، الأمر الذي بات عند اليسار أن انتفاءه يقود الي انتفاء الأمة ، بالرغم من أن الاقتصاد هو العنصر المحدد لصيرورة التطور بمجملها ، والتي تبلور اللغة / الثقافة والتكوين والشعور القومي وحدود الارض ، وبالتالي وجود الأمة ، بغض النظر عن تحقق (الوحدة الاقتصادية ) أو السوق ، بل على العكس فأن وجود الأمة هو الذي يفرض تحقيق الوحدة الاقتصادية والسوق وتشكل الدولة / الأمة . ان خشية اليساري أو الفكر اليساري من ( لوث المثالية هنا اللغة / الثقافة ) أدى إلى هذا المنزلق اليساري حيث الانتقاص من اللغة والثقافة والتكوين النفسي والشعور القومي ، نتيجة كونها تعبر عن موقف مثالي من الناحية الفلسفية ، فرض الميل المادوي الإقتصادوي . رغم أن المسألة تتعلق ببشر لا يمكن تحديدهم إلا فيما هو متميز فيهم ، الذي هو اللغة / الثقافة ، ثم حدود الارض التي يقيمون عليها . وبالتالي فأن الاختلاف عن الموقف المثالي من الناحية الفلسفية يتحدد في كيف تكونت هذه العناصر؟ وهل هي موجودة للأمة أم إنها التعبير عن وجودها؟ هنا يتأسس الموقف المادي من الناحية الفلسفية. الذي يشير الى ان التطور الواقعي (الصيرورة الواقعية)، المحدد بالاقتصاد هو الذي أنتج هذه العناصر (اللغة / الثقافة / الشعور القومي) التي بدورها أشرت إلى نشوء الأمة. بينما يقوم الموقف المثالي على أن الفكر القومي هو منتج الواقع ، ليصبح هو منتج الأمة . وهذا يطرح إشكالية العلاقات التي تربط الاقتصاد بالطبقات وبالفكر / الوعي وبالدولة / السياسة. حيث عمم اليسار تصوراً يقوم على الأولوية المطلقة للاقتصاد، أي للمستوى الاقتصادي، ويرى في المستويات الآخرى انعكاسا لهذا الاقتصاد، وهو هنا انعكاس سلبي. بمعني أن هناك فاعل هو الاقتصاد، ومفعول به هو اللغة / الثقافة، وإن اللغة والثقافة لا دور لها سوى إظهار المستوى الاقتصادي، والخضوع لمشيئته وهذا المنطق هو الذي أفضى إلى التأكيد على التفتت الاقتصادي (للدول) يعني حكماً انتفاء وجود الأمة. مما يفرض البحث في العلاقة التي تقوم بين الثقافة المختزنة والشعور بالإنتماء، وبين التفتت الواقعي للمجموعة البشرية (العربية) التي تحمل تلك الثقافة المؤسسة على لغة محددة، فهل أن التفتت البشري (للعرب) يفتت الثقافة وينهي الشعور بالإنتماء (الذي هو الشعور القومي)؟ هذا السؤال يفرض البحث في العلاقة الجدلية بين الوعي والواقع. لأن هذه العلاقة الجدلية تقودنا إلى ملاحظة أن الوعي الذي هو نتاج الواقع سوف يكون عنصر( فعل ) في لحظة تبلوره ، ويصبح جزءاً مكوناً في الصيرورة الواقعية . وإذا كان الوعي الاجتماعي (في الدولة القطرية) عنصر فعل بالمعني السلبي، أي عنصر إعاقة في صيرورة التطور، فأن الوعي القومي (وهنا بمعني الشعور القومي أولا) يفرض الحاجة ل (توافق) الواقع العربي المأزم معه. فالفارق بين الوعي الاجتماعي ( هنا في الدولة القطرية ) والوعي القومي هو أن الوعي الاجتماعي يواجه بقوى حديثة تستطيع تغيير الواقع الاقتصادي الاجتماعي بما يؤسس لتجاوزه ،بينما الوعي القومي لا يتجاوز إلا عبر تحققه واقعياً ، أي بنشوء الدولة القومية ، التي هي عنصر تقدم في صيرورة الواقع ذاته وهي الشكل المطابق للعصر الحديث الذي أوجدته الرأسمالية ، وبالتالي ، اذا كان الوعي الاجتماعي يتفكك أمام صيرورة التطور الواقعي ، فأن الوعي القومي يتطابق مع تلك الصيرورة ، لأنه يعبر عن وعي راهن ( أي مطابق لهذا العصر ) عكس الوعي الاجتماعي الذي هو نتاج تكوين اقتصادي اجتماعي بات قديماً.
في ظل عدم وجود بحث فكري يساري للمسألة القومية سمح لمن سمو بالجمعيات اليسارية لأن تخضع المسألة القومية لرؤية تكتيكية . والأسوأ هنا الذي حدث منذ تشكل جمعيات سياسية طائفية نادت بأن يكون الاصطفاف أو التحالف (عابر للرؤيا الأيدلوجية) مما كرس واقع الهيمنة لهذه الجمعيات الإسلام السياسي (الشيعية والسنية) لتحدد هي الرؤية التكتيكية للمسألة القومية لتحل محلها المسألة الطائفية ؟!، وأن تدخل المسألة القومية العربية في إطار ميزان القومي الدولي او في إطار طأفنة القضية القومية بين محور شيعي ومحور سني. وبالتالي خضعت هذه القضية لحسابات الصراعات الإقليمية ( المحور السني / الشيعي ) والدولية ( روسيا / أمريكا ) ، خصوصاً وإن للوطن العربي موقع مركزي في حسابات تلك الدول . كما كان يحدث في المساومات في أثناء الحرب الباردة بين الإتحاد السوفيتي والغرب والتي أسست لموقف سوفيتي سلبي من الوحدة العربية، انعكس بموقف سلبي للحركة اليسارية، الذي كان مرتبكاً نتيجة تغير سياسات الإتحاد السوفيتي ذاته، تحت ضغط الصراع مع الدول الغربية. مما أوجد الموقف الذي يؤسس علي غياب الأمة العربية ونشوء أمم قطرية . إن النظري الملتبس هنا ضرورة لتصور يقوم على التكتيك . هنا دخلت عناصر إضافية زادت من إشكالية الوعي اليساري بالمسألة القومية عندما ربط هذا اليسار المسألة القومية ونشوء الأمم البورجوازية في سياق تحقيق الثورة الديمقراطية البورجوازية، وفِي إطار قيادة البورجوازية وخصوصا التجارية لتلك الثورة. وبالتالي بات النظر الى المسألة القومية مرتبطاً بالنظر للبرجوازية، وتحدد الموقف من المسألة القومية بالموقف من البورجوازية ذاتها، وكان هو القانون العام الذي بات يحكم المسألة القومية وفق تلك الرؤية اليسارية لتصبح المسألة القومية مسألة بورجوازية ومن اختصاص هذه البورجوازية ودور اليسار هو تال لدور تلك البورجوازية؟ هنا تكيف اليسار مع البورجوازية التجارية والتي كانت بدورها تتكيف مع التصور الإمبريالي القائم على تدمير المسألة القومية العربية ومن ثم بناء الدولة / الأمة القطرية. نتيجة ارتباط مصالح هذه البورجوازية التجارية مع مصالح تلك الإمبريالية. ولهذا إعتبر هذا اليسار أن المسألة القومية تتحقق في إطار الدولة القطرية . دون أن يعي هذا اليسار بأن (الثورة القومية الديمقراطية) ذاتها باتت من مهمة اليسار؟ لأن البورجوازية العربية قد تخلت عنها في صيرورة اندماجها في النمط الرأسمالي العالمي ومن موقع التبعية والإلحاق. وبالتالي غاب عن هذا اليسار أن المسألة القومية باتت مسألة يسارية بامتياز، حيث بات إنجازها هو من مهمات اليسار في سياق تحقيق الثورة القومية الديمقراطية. بمعني أن تحقق الوحدة القومية ومسألة الأقليات والتحرر ، باتت كلها من مهمات اليساريين ، بعد أن لم تعد مسألة ذَا أهمية بالنسبة للبرجوازية التجارية والتي تشكلت بالتشابك مع النمط الرأسمالي العالمي ، والذي كرس تفكك العرب قصداً . إن عدم وعي هذا التحول في وضع البورجوازية ودورها، وبالتالي انتقال تحقيق الثورة القومية الديمقراطية بمجملها إلى اليسار والطبقات الشعبية وفِي طليعتها الطبقة العاملة سمح بسيادة الموقف السلبي المرتبك من المسألة القومية العربية. وبالتالي مكرسة وجود البورجوازية ودورها ، في وضع باتت فيه البورجوازية عاجزة عن تحقيق الحلم البورجوازي ، حلم الثورة القومية الديمقراطية المؤسسة على نشوء قوى الإنتاج الجديدة ( هنا الصناعة ) . لأن تشابك العالم جعلها عاجزة عن المنافسة في القطاعات التي كانت قد ترسخت في المراكز الرأسمالية ، ليبدو دورها ( كوسيط ) ( كمبرادور ) فقط ، لهذا وظفت في قطاع التجارة / المال / الخدمات. هاربة من التوظيف في القطاعات الاقتصادية المنتجة، التي هي ما يؤسس للمنافسة مع الاحتكارات الإمبريالية. لقد أفضى تخلي الحركة اليسارية عن دورها التغييري لمصلحة الدور البورجوازي وفِي الربيع العربي الى فئة الملالي ورجال الدين وجمعياتهم الطائفية السياسية إلى تخل عن المشروع القومي الديمقراطي بمجمله بما فيه المسألة القومية وبهذا فقد إنقاد هذا اليسار وبالذات عندنا في البحرين إلى وضع مأساوي وكارثي.
إن تناول اليسار للمسألة القومية شابه التباس كبير وعميق فيما يتعلق بالقومي. أن النظر الاقتصادي أو النظر الطبقوي قد لخص الوعي عند اليسار في صيغة لا يرى عبرها سوى الطبقات. وأوصلها إلى النتيجة أنها تعني الطبقي والأممي . هذا الأممي الذي يعرف الطبقة العاملة بالهدف النهائي (أي الاشتراكية) وبالتالي الطبقي الذي يؤسس الأممي. الأمر الذي جعل القومية (بدعة) بورجوازية، بالرغم من هذه (البدعة) قد تخلت عنها هذه البورجوازية وهي تقطف ثمار (نضالها) ضد الاستعمار من خلال القبول بالدولة القطرية عبر التكيف مع اتفاقات سايكس / بيكو، وبالتكريس الاستعماري للتقسيم التاريخي، ومن ثم كيّف اليسار نفسه مع تلك البورجوازية بالتوافق معها وفِي حدود سياساتها. هنا دخل اليسار في مشكلات تتمثل في حتمية التطور البورجوازي من جهة، وحتمية إعلاء التضامن الأممي من أجل تقديم (الدعم الأممي) للاتحاد السوفيتي، الأمر الذي كان يفرض (رفض القومي) من جهة أخرى وبالتالي تلاقي هذا وذاك مع مصلحة البورجوازية المحلية التي تعقد المساومات مع المستعمر من أجل الحصول على سلطة في (دولة) حددتها اتفاقيات سايكس بيكو. هنا تم الخلط بين القومية بالتعصب القومي، وأكد على الإنطلاق من الشعار المعروف (يا عمال العالم اتحدوا). دون أن يتم النظر إلى أن مفكري اليسار الذين طرحوا هذا الشعار وكان يشير إلى الأممية الكوزموبوليتية ، كان يلمس جوهر المسألة القومية ، لان النص يقوم على التمييز بين ( الانخلاع ) القومي ، التحلل من الرابط القومي لمصلحة مواطنية عالمية كانت غير موجودة ، وهو ما أعتبر ميلاً لدى البورجوازية ، وبين الترابط بين الأمم لهذا كان التعبير الإنجليزي المستخدم هو international ، الذي يعني حرفياً ( عبر القومية ) و/ أو ( متبادل بين الأمم ) أو ( قائم بين الأمم ) حيث تسكن الأمم هنا في قعر الأممية ، التي تعني بالتحديد مسألة الترابط بين الأمم في صيغة محددة . لهذا فأن صيغة الأممية تتضمن الأمم بالضرورة، فهي اتحاد أمم، او اتحاد (ممثلي) أمم وفِي هذا الوضع يكون تحديد الوحدة القومية ضرورة سابقة على تحقيق الأممية ذاتها بما هي اتحاد أمم ليصبح الشعار عند اليسار من يا عمال العالم اتحدوا إلى يا عمال مختلف الأمم اتحدوا، لأن العالم عند مفكري اليسار هو عالم الامم.
كما جاء في البرنامج السياسي لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي في صفحة (٩): (يناضل المنبر في إطار حركة النضال الوطني (والقومي) والاجتماعي العربي من أجل الإصلاحات الديمقراطية الحقيقية في البلدان العربية). وكما جاء أيضاً في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي : ( المهمة الحيوية والأكثر إلحاحاً في هذا السياق ، تتحدد في البحث عن مداخل واقعية وموضوعية ، تتيح تأسيس حركة سياسية معارضة وديمقراطية تستمد وجودها وقدرتها على النمو والفعل ، من التحامها ، بنسيج مجتمعاتها على تنوعها وخصوصياتها ، مثل هذا المدخل ، سوف تكون – بذاتها – مدخلاً لإحياء العمل ( القومي ) المشترك ، وتقدمه ، ولكن على أساس واقعية وممكنة تنطلق من المصالح المشتركة ، ولا تنبني على الرمال ) إذن عند الحزب الشيوعي ، وتحت مسمي الالتحام بنسيج ( مجتمعاتها ) وعند المنبر التقدمي من أجل الإصلاحات الديمقراطية في البلدان العربية ، هنا يتم الانطلاق من القطري أسست لأن يكون ( العمل القومي ) عند السوري و ( النضال القومي ) عند المنبر هو النشاط المشترك بين أحزاب في أقطار ، المنطلق من المصالح المشتركة ، والقائم على بناء موقف عربي موحد ورسم سياسات عربية موحدة من القضايا الكبري ، وبالتالي ليس من ضرورة توحيد الأمة ؟ فإذا كان الالتحام بالمجتمعات أمر ضروري وحاسم، فلا يعقل أن يكون (النضال القومي) أو (العمل القومي) هو سبب عدم تحققه على العكس فقد كان من الأسباب الأساسية لالتحام الأحزاب القومية بمجتمعاتها، ومن أسباب تهميش الأحزاب اليسارية، وبالتالي فإن المشكلة في عدم الالتحام كانت في مجمل سياسات الحركة اليسارية وفِي رأسها التخلي عن الدور التغييري للحركة وتجاهلها الأهداف القومية. هذا لأن المنبر كما هو الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي إنحكم ل ( التكتيكي ) ، لان التركيز على المباشر ( البلدان العربية ) فرض القطري وأعطاه الأولوية ، وبالتالي بدء القومي مؤجلاً . وإذا كانت الانهيارات العربية قد عززت الميل القطري لدى الحركة السياسية وقطاع من المثقفين، فإن الوقائع يؤكد العكس، حيث توضح كم ساهم التقوقع القطري في أزمة التطور الاقتصادي، وفِي مواجهة الوجود الصهيوني، والزحف الغربي كما في العراق. سوريا ، ليبيا إلخ ، كما أن الميول ( القومية ) توضحت في التحركات الشعبية في كل تلك البلدان . هذا الانكفاء طال المسألة الفلسطينية كذلك فعند المنبر التقدمي في برنامجه السياسي صفحة 81 الوضع العربي : ( التحرك الشعبي العربي لدعم القضية الفلسطينية ودعوة جميع القوى الفلسطينية وبالتعاون والتنسيق مع القوى الديمقراطية في العالم للضغط دولياً لإحياء وتفعيل قرارات منظمة الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ، في اتجاه إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس ) عند الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي : ( توفير الدعم اللازم لكفاح شعبنا الفلسطيني ، ولحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ، في هذه اللحظة التاريخية من نضاله على كامل الأراضي المحتلة في عام ١٩٦٧ ، بما فيها القدس ) بمعنى أن الموقف هنا بات منسجم مع مواقف الأحزاب اليسارية العربية لرؤيتها للمسألة القومية . إن الوقائع الراهنة تشير إلى أن كل ( الخيار السلمي ) والقوى الفلسطينية و ( الضغط ) العالمي و ( الدولة المستقلة ) وكل السياسات التي رسمتها منظمة التحرير الفلسطينية باتت كوهم ، ووهم مدمر ، لأنها أسهمت في تدمير المقاومة المدنية وإجهاض الانتفاضة الأولي انتفاضة الحجارة وإرباك كل الاحتجاجات المتتالية ، وخصوصاً بعد ما سمي بالربيع العربي والانهيار المريع والذي وضح أن المشروع الصهيوني لا يحتمل هذا ( الحل الوسط ) لأنه يسعى للهيمنة ، وللتحول إلى قوة إقليمية مسيطرة ، أكثر مما يسعى إلى أن ( يتنازل ) عن جزء من فلسطين ، وهو يسعى لأن يفرض وجوده بالقوة أكثر مما يسعي لقبول العرب به ، لأن ذلك هو ضمانته لاستمرار وجوده .
المرجع: كتاب الماركسية والقومية في الوطن العربي – سلامة كيلة