الأزمة والحل ..أسود وأبيض

ما كتبته عن ايقاف جــــــــريدة الوسط كان حافزا ليخرج من بين ركام السنين أصدقاء\ أعداء .. يقول لي أحدهم: وصلتني الفكرة التي طرقتها في قضية الوسط.. ومع ذلك قلت أتأكــد إن كان ما وصلني صحيح؟.. فأنت تقصد أن فلانا (……..الخ)..

قلت(بعد أن أتم قراءته) :اختصارا للوقت, كلامك صحيح بدرجة من الدرجات, لولا أن صحته تقصر درجتين قاتلتين عن فهم الفرق بين ما كتبته من تحليل مختصر باطن يستفز ذكاء القارئ, وما هو تهويش طائفي فج لن تسمعه مني في أي يوم إذن بحرينية صحيحة!

لا تفهم ما سأسوقه من استدراك, من قبيل(التقية ) التي رددتها في سرديتك عشر مرات بسبب تعايشك المزدوج في بيئة الوفاق بجلبابك اليساري. وإنما هو , رأي ستراه يتسم بعض الشيء بغرور, ولا بأس به عندي.. فهذا إسقاط من شيم العاجزين عن التحليل.. أما رأيي فهو أن الوسط ليست شخصا كما يفهمها جنابك وكثر غيرك, ممن فهموا قبل هذا الوفاق خطأ!, وليست أيضا مؤسسة مساهمة , وإن تظاهرت في هذا الشأن أسماء عزيزة تعتب علي من بين مساهمين أعزهم .. وإنما هي ظاهرة شاخصة و متعشقه في أوصال حياتنا السياسية, تدار بها اللعبة السياسية إدارة برتوكوليه – بعلم أو جهل!- في الجمعيات وفي الإعلام وفي شبكات التواصل الاجتماعي بتلاوين مختلفة لناظرها عن بعد , لكنها , للناظر عن قرب , تتقاسم في جوهرها مشتركات واحدة , تبحث عمن يعطيها توصيفا واسما, يدقق في حقيقة كيف أن أشخاصا أو أطرافا تتوفر لهم كل مقومات ليكونوا أبطالا أفذاذ عند طائفة, واعداء بداهة عند الطائفة الأخرى بينما تقف السلطة منهم موقفا محايدا (على الأقل) عاملة من نفسها سندويتش , بين بيئتي خصومها ومناصريها؟

الأزمة والحل.. أسود وأبيض! هذا أقصى ما استطيع ان أذهب اليه, في توصيف ظاهرة جريدة الوسط أو (الوسخ) كما يطلق عليها البعض إطلاقا شاملا لما تمثل ومن تمثل في وعي الناس على الضفتين !!

فنحن في وقت لا وجود فيه لمن يكترث بتوصيف الظواهر.. كل شيء أصبح في حياتنا, من السلمية إلى الوطنية , يوصف كما كان آباؤنا, يوصفون فائض السمك أبان وفرته في سنين البحرين الخوالي البسيطة, حيث يجفف السمك جنبا الى جنب على حبال غسيل تتوق أليه القطط.. فنطلق عليه سمك مالح, ليختصره الوعي الشعبي العمومي فيما بعد اختصارا مخلا , في كلمة واحدة هي “المالح”!

والفرق بين المالح والمالح في الطعم, ضئيل جدا وبالكاد نستدل ونفرق بين طعم الصافي والشعري والگين… مما تكتنزه ذاكرتنا عن هذه الأنواع … !!

هل يقرع هذا الكلام في رأسك جرسا مختلفا عن أجراس الفسحة في مدرسة الحياة , خصوصا لجهة قدرة العامة على تبني التوصيف الخاطئ وابتساره وتدويره.. كما تتبنى هذه العامة الآن المسألة الطائفية وتدوّرها؟

هذا هو أول عناوين إيقاف الوسط, وهو عنوان غيرها من صحف الأزمة , التي تتقمص إتباع هوى العامة بدل أن ترشده, فتتفلت من بين مقالات الظواهر الصغيرة فيها (صحافيين وكتابا مزعومين) يتعشقون في الظاهرة الأكبر, يديرون الجلة الطائفية في مطبات و مساقط من قبيل ما يحصل في الوسط مرارا وتكرارا!.

ثم أفتي صاحبي في ما كتبت حول الإعلاميين الذين هربوا من البحرين ليديروا ضدها إعلامــــــــــا (نازيا) من الخارج, وقال أنت غلطان, فهؤلاء ليسوا اصحاب يقين فارغ باعهم إياه نبيل رجب كما تقول.. وكل الإشارات تدل على أن السلطة متورطة وتبحث عن حل للأزمة بأي ثمن.. فلماذا تستغرب من تحليلهم بأن تعجيل إطلاق إبراهيم شريف ونبيل رجب كان بادرة من السلطة للخروج من ورطتها؟ قلت : بإمكاني القول لك أنا أجالس بعض رجال السلطة إذا أنا أعرف, أن هذا تحليل ناس متورطين ويحلمون .. إضافيان, اعى في تحليلي بما توحيه لي قراءتي الذاتية المتصلة بما أتاحت لي من معارف عبر سنين العمل السياسي في حقبتيه السرية والعلنية (منذ 2001), فأقول ما حاجة السلطة لزوير وعوير.. إضافيان , يفتحان لها باب؟!

قال : فرضا .. وما العيب في أن يحلم الإنسان. ألا تحلم؟ قلت : بل أحلم.. ولا عيب في هذا أبدا…لكن لا تسمي حلم ناس متورطين. بين البحر والبحر.. تحليل سياسي, فالتحليل السياسي لا يرشح زوير وعوير .. لحل أزمة هم جزء منها, ومن تذكر (لآلام) الأول الذي أرد لعب دور قائد البحرين الوطني لمجرد خلو الساحة من واحد , فأعاد نفسه للسجن بلا معنى ولا حكمة, أما الثاني فأسير أزمة ذات متضخمة, لا يمكنه لا الخروج منها , ولا بيعها على أحد في السلطة ما لم يكن ( دبل أجنت).. هذا في حين أن أزمة البحرين أفقر ما تكون لمجاهدين حقيقيين قادرين على جهاد أنفسهم أولا…وأغنى ما تكون عن ناس يعشقون ذواتهم , فأزمتنا كيفما تنظر إليها بمنظار الناس.. أزمة أشخاص كل واحد مجود الثاني من مكان الوجع فلا يعرفون معنى الحلول الوسط, ولا يعرفون معنى التدرج في الخلاص من ورطتهم وألمهم.!

قال : لقد كتب هؤلاء مرئياتهم, بدمهم.. وما دمت تعتقد أنهم جزء من الأزمة, لماذا لا تكتب مرثياتك لحل الأزمة لعلك تفتخ بابا..

قلت : دعك من هذا التجلي المأتمي المبتذل , كي لا أقول لك ما يقوله غيري :بل كتبوها بدماء غيرهم , فأسرهم وأولادهم بعيدون في اماكن آمنة مترفة وأولاد الناس الذين يعبثون بعقولهم, هم من يدفع هذا الثمن.. ونراوح في مبالاة عديمة القيمة.

بيت القصيد ,أن المرئية التي تطلبها لا أحد يستطيع أن يقدم أحسن مما قدمت العارضة من تجليات تراثية متجزئة من خطاب مآتمي حسيني تراثي بالغ التأثير, والتزوير أيضا, لو لا أن عبرة الحق الحسيني والباطل اليزيدي , موجودة في الواقع وليس في كتب التراث وإسقاطاتها , ولينظر من شاء في كل (تجربة ربيعية متوحشة ) في اشام والعراق وليبيا ولبنان واليمن ومصر وكل أرض عربية منكوبة…

قال : (حين طال صمتي) بس …؟ أكيد عندك كلام أكثر من هذا…

قلت: نعم, عندي كلام وايد, أمنيات وأحلام.. وحسرات, يمكن أن نتداول فيها لساعات أو أيام ..أما مرئية ومشروع حل فلا احد ممن أعرف يقدمه لا السلطة ولا المعارضة… قبل أن تتحلى بشجاعة نادرة.. أو إن شئت بجهاد نفس نادر.. إما هذا أو لنصمت!

قال : يعني تقصد البحرين بتظل هكذا إلى الأبد؟!.

قلت: لا.. من قال.. لك ؟ أعلى عمارة في البحرين يوم أستقلت, وألى العام 2001 , بالصدفة عمارة المؤيد دام عزهم.. , أنظر للمنامة في الصورة كيف كانت تبدو البخرين من ساحل المحرق.. وأنظر الآن لضاحية السيف وشارع المعارض وكل منطقة تقريبا.. وشوف السيارات أشكثر والشوارع اش وسع والناس اشكثر(تجنيس) ..كل هذا تم خلال 14 سنة.. وهذا بخيره وشره , تم فيما كانت المعارضة تتعاضد على كل أمر شاذ .. يوم مقاطعين ..ويوم مشاركين.. ويوم كتلة إيمانية ويوم كتلة أفندية, تدري بعد 14 سنة مثلها اش بصير في البحرين؟ قال : علم الغيب عند الله..؟ قلت : لا علاقة للغيب بهذا, ذبحتونا بغيبياتكم… فهو مدون في دفتر أحزان البحرين.. على الورق واسمه وعنوانه البحرين 2030!

فال :(متململا) يعني مافي حل؟

بل هناك حل قاطع حاسم , كحسام الوقت.. وحقيقي كحقيقة الموت.. إما نقطع الطريق اليه سريعا.. أو يقطعنا في غفوة!.

قال : وكم سيستغرقك من الوقت.. كيما تبوح به لي؟ قلت : بقدر ما تحتاج الإجابة لإخراجها في هذا الفرق من الكلام الجاد, من شبهات المقامرة والتحليل السياسي من جوف غربة مادية ونفسية تعيشها المعارضة والناس…وإياك تقول لي والسلطة…!!

قال : باختصار , ما هو حل الأزمة الناجع الذي تتوعدني به كما لو كنت تجلس على كنز ستفتحه أمامي فأقول واااوو؟ لا تقل لي , إغلاق الوفاق كما أغلقت الوسط ؟!

قلت : لا.. هذا النوع من الاختراقات الميلو درامية, من ثقافتكم.. وليست من ثقافتي , فلن أبرح ما أعد به نفسي من تحليل رصين للظواهر وليس للأشخاص والمؤسسات الصورية.. وعليه فلا الوفاق ولا الوسط دكانة تغلق بقرار إداري أو حتى قضائي, أنهما ظاهرتان , ضمن ظاهرة كبرى , سأسميها ظاهرة أصحاب الدرائع !

قال : ماذا أو من , تقصد بأصحاب الذرائع…؟ قلت : أقصد أطراف اللعبة السياسية التي رجحت الوفاق , لتصبح في نظر العالم حركة سياسية وطنية تستحوذ على دور رئيس في حركتنا الوطنية …ووفروا لها ذرائع هذا التتويج!..

أما من؟ فهم الأحزاب السياسية التاريخية, البعث ,القوميين والشيوعيين, ومن في حكمهم من أشخاص دفعتهم مصلحة أو عجز, لينضموا الى درائع الوفاق على قاعدة (اذا لم تستطع هزيمتهم فأنضم إليهم!) فأرتكب هؤلاء أكبر حماقة بحق البحرين, وأهلها حين (درعوا) حزب الوفاق بما يحتاجه ليوهم العالم أنها هي الشيعة وأن الشيعة هم الوفاق… وأن ظلامات الشيعة هي ظلامات الوفاق وأن ظلامات الوفاق هي ظلامات الشيعة .. في حين أن الوفاق لا تعدو أن تكون حزبا دينيا, معروف الجذر , وغير مؤهل في السياق القانوني والموضوعي البحريني, أو اي سياق ديمقراطي آخر, أن يدون كجمعية رسمية ويضع البحرين في مضمار سباق طائفي , ليس من شيمة شيعة البحرين ولا سنتها.

قال : لكن هذا كلام قديم أكل عليه الوقت وشرب..

قلت : من أكل عليه وشرب ليس الوقت وإنما الجهل والعصبية, فربما تكون التحفظات القديمة , لكنا ما زالت قائمة وتزداد وجاهتها ولا تقل, في ضوء ما يحدث الآن من تهديد إقليمي للبحرين والمنطقة برمتها, نتيجة تنازع طائفي عقيم وخطير, لا علاقة له بالبحرين.. بل بالربيع\العربي المتوحش, فكونوا كبارا , ودعوا التدرع بدارئع صغيرة لتبرير الدرائع الأكبر.!

قلت مادام الشيطان يدخل في التفاصيل فمن المهم بمكان, أن اسمعك قصة إشهار الوفاق وهويتها, ليس رغبة في الإعادة والتشهير , ولكن لأن هوية الوفاق واشهارها, يرتبطان ارتباطا وثيقا بالحل الأسود الأبيض الذي تطلبها للأزمة ولا أرى في الأفق غيره!

في ليلة من ليالي رمضان 2001 .. دعيت للاستئناس برأيي في بيت جلال فيروز من قبل لجنة من مؤسسيها ضمت بين أعضائها عبد الوهاب حسين.. و فيروز وعباس بوصفوان والدكتور نزار البحارنة (الصحافي عبد الوهاب\شيرازي) .. وكان السؤال المحوري هو: هل تظن أن السلطة ستوافق على اشهار الوفاق؟ قلت بالحرف الواحد نعم وستبوس أيديكم.. ونصحت بأنهم ل

يسوا في حاجة لهذا الإشهار, لأنه سيكون مقدمة لإشهار جمعية مماثلة للسنة ووضع البحرين رسميا على طريق المحاصصة الطائفية!.

بعد ليال قليلة دعيت لندوة في مأتم توبلي, ترأسها عبد الوهاب حسين وأدارها د.علي الديري .. وأجاب فيها عبد الوهاب على اسئلة الحضور وتحفظاتهم.. بعيد الترخيص الورقي الرسمي للوفاق, وانتهى في إجاباته على تلك التحفظات حين سئل عن هوية الوفاق, للقول بأن جمعية الوفاق (ستتبع نهج آل البيت).

نقلت خلاصة وقائع تلك الندوة في عمودي هواجس.. بجريدة الأيام, فتلقت اللجنة بعد ذلك, لفت نظر من وزارة العمل تلفتها الي بأن ما نقلته من تعبير(منهجية آل البيت) يتناقض مع الترخيص الممنوح لجمعية الوفاق كجمعية سياسية وليست دينية!

منذ ذلك الوقت تصرفت الوفاق كجمعية دينية, في خطابها و رمزيتها الشكلية , حيث اختارت أن يكون رئيسها معمم هو وكذلك نائبه (!!) , إضافة لعمامة مرجعيتها غير الرسمية, لكن المعلنة أي الشيخ عيسى قاسم, الذي قال عنه الشيخ علي سلمان حين سئل عن هذا, قولا مشهورا وهو: أنه إذا قالت الوفاق شيئا وقال الشيخ عيسى شيء يؤخذ برأي الشيخ عيسى.. فول ستوب!

وواصل الشيخ علي سلمان كما هو حال بقية رموز, الوفاق مثل مشيمع وعبد الوهاب حسين , ممارسة نشاطهم الإعلامي باسم الجمعية من على منابر المساجد والمآتم, والجهد الوحيد الذي بذله سلمان لدرء الشبهة وموازاة القانون…هو الفصل بين خطبتين الأولى دينية, غالبا مليئة بالإسقاطات… والثانية التي تتبعها مباشرة, سياسية تستفيد غالبا من إسقاطات الخطبة الأولى …الدينية!

قول عبد الوهاب حسين أن منهجية الوفاق هي (منهجية آل البيت) لم يكن زلة لسان, أو تجلٍ ثقافي مثالي عابر, مما تتوسم به الثقافة الشيعية, تقربا للسماء, ففي الندوة التمهيدية لإشهار الوفاق في مأتم توبلي وقبلها في بيت جلال فيروز, (رمضان 2001) قدم الاثنان عبد الوهاب حسين وجلال فيروز ,جملة درائع , تكاد أن تشير جميعها الى أننا لسنا حتى أمام جمعية سياسية إسلامية بالمفهوم المتعارف عليه وغير القبول قانونيا , وإنما أمام فرقة طهرانية ناجية, مستحدثة, تذكرنا بجماعة (بوابة السماء الأمريكية المشهورة التي ارتكب أعضائها في سبعينيات القرب الماضي انتحارا جماعيا.. طمعا النجاة على متن مذنب هابيل الفضائي ) فللوفاق طقوس سرية , خاصة (أسميتها أحيانا برتوكولات) , و عبر عنها جلال فيروز في ضرب من نضح الآنية, في معرض تحفظه, على كتاباتي النقدية, بقول منسوب للإمام علي وهو(رحم الله من أهدى الي عيوبي في السر!) مع أنه يعلم أن هذا القول إن صح لا يمكن أن ينسحب علي كوني صحفيا مهمتي إفشاء أسرار الشخصيات والمؤسسات العامة.

وكان من درائع الوفاق التعجيزية التي سيقت في هذا الجلسة والندوة, عدم قبول عضوية المواطنين السنة, ولا أعضاء تيار السفارة الشيعة المعتدلين, ولا أعضاء نادي الروتاري, ولا اليساري والعلماني , مالم يلتزمو بعدم تغيير نهج الوفاق (نهج آل البيت) حسب عبد الوهاب حسين!

مع أن اللجنة التأسيسية اعتذرت أو بررت لوزارة العمل, تلك السقطة الكلامية, كما عملت كل الوقت على التنصل من الشبهة القانونية لتلك السقطة, بأنكارها الدائم للشبهة الطائفية التي تلاحقها من كل صوب أثناء تعرج الحراك السياسي بمروره عبر, الانتخابات النيابية والبلدية , وسواها من انشطة مدنية, فقد عملت الوفاق كل الوقت على الالتزام بما يحفظ تلك الصفة المذهبية الضيقة. فلم تستقطب حتى الآن أي من السنة , أو العلمانيين, أو (السفارة) , وحتى تحالفها مع قوى اليسار, كان درائعيا, بامتياز, اتخذته عكس الرغبة المعلنة لمرجعتيها ( الشيخ عيس قاسم) لدرءً شبهة عزلتها عن الحراك الوطني الذي تأسس في الخمسينيات, على يد هيئة الاتحاد الوطني , ولطلاء مطالبها الجموحة المتناقضة , بطلاءات الديمقراطية والملكية الدستورية الى آخر قائمة لا انسجام بينها وبين السيرة المآتمية التي ميزت حراك الوفاق , وخطابها المآتمي.

من هذا التقديم أبغي خلاصة حاسمة , ألقي بعدها بتصوري للحل الذي تنتظره الأزمة:

1 – أن الوفاق حزب سياسي شيعي منشأه ديني يمكن أن نستدل عليه من سلوكها هنا, ولكن أيضا من سلوك الأحزاب الشيعية الشقيقة الفاسدة في العراق!

3 الوفاق الحزب تزعم كل الوقت, وتقيم خطابها على خدمة الشيعة بينما الشيعة هم من يخدمون هذا الحزب , وطالما ان العبرة بالنتائج فإن العكس صحيح تماما فالوفاق . لم تقدم للشيعة وللبلد أي خدمة بعزلهم ذهنيا عن المزاج الاجتماعي البحريني المنفتح على الحياة , بل عززت بهذا العزل الذهني عزلتهم الفيزيائية\المناطقية, في تجمعات سكانية ورثتها البحرين من التاريخ, بلا تخطيط , شأنها شأن كل شيء آخر, لم يخطط له أحد, ومن مساخر القدر, أن تتهم الفاق الدولة بالتخطيط لكل شيء مضر بالشيعة.. إلا ورطتها ,-الدولة – بهذه الدوائر الانتخابية المغلقة, التس تعرف الوفاق لحنها مقلوبا, فتحذر الوفاق من المساس بعزلتها ضاربة عرض الحائط بمصلحة الشيعة ورفاههم.!!.

قال : ما الجديد الذي يمكن أن تضيفه , ما دمت ترفض من حيث المبدأ مقارنة أخطاء السلطة بأخطاء المعارضة, فكيف يكون هناك أي حل بدون الاعتراف بصواب هذه المقارنة والاحتكام لنتائجها؟ قلت : في موضوع “المكايلة” , عندي كلام كثير.. لكني باختصار شديد , دأبت على رفض ذلك , هذه المكايلة, لقناعتي , بأن الحد الفاصل بين السلطة والدولة في البحرين ضائع.. وهذا بحسنه أو سوءة, يجعل هذه المقارنة\المكايلة , بين الدولة والمعارضة, مقارنة غير حصيفة وغير موضوعية وغير رشيدة , في أصلها, ومن مصاديق هذا أن هذه المقارنة قد جربت كل الوقت ولم تفلح.. بل على العكس , أفرزت بعون يسير فقط , من السلطة, تجمع الفاتح ومن في حكمهم من شعب البحرين الذين تصدوا للمعارضة بعد فبراير 2011, باعتبار تلك المعارضة تهديدا للبحرين\الدولة, فلم يكن لدى المعارضة من رد سوى المضي قدما في مكابرة ومصادرة أخرى – بعد مصادرتها الناجحة للشيعة !- , فسعت لمصادرة النصف الآخر من أهل البحرين الذين خرجوا في الفاتح واعتبارهم , عملاء وطبالة, فوضعوا بهذا, البحريني (غير المقصود لذاتها, سأكررها مرة بعد مرة) حيث يريد أعداء الأمة.., خدمة لمصالحهم من تثوير الفتنة الطائفية الإقليمية.

أما الجديد, الذي تسأل عنه, فهو سقوط كل درائع الوفاق , وسوف لن أقايض…معارفي في هذا الشأن باعتراف أو نصف اعتراف يأتي منك أو من غيرك , متأخرا ويقف متعكزا, على رجل واحدة كما يقف كهول استراليا الأصليين في الصحارى!!

أما دافعي للتفكير بصوت مرتفع في حل دراماتيكي, غير مسبوق وغير متوقع , فمصدره سقوط أكبر دريعتين وفاقيتين , الأولى دريعة التيار الديمقراطي الذي أضفى على الوفاق خدعة انتمائها للحراك الوطني التاريخي, والثانية , وجود هؤلاء جميعا (الآن) في عنق زجاجة الخطر الوجودي, الذي يتهدد البحرين, وتستحضره الأزمة الإقليمية في جوارنا الخليجي والعربي قاطبة, ما يجعل خروج الوفاق ومن معها من المعادلة السياسية المحلية , تحصيل حاصل… مالم يتبنى هؤلاء بنوازع وطنية وأخلاقية, تصحيح أوضاع الوفاق تصحيحا ذاتيا , وطنيا, جذريا, ومؤلما, لا أراه اختياريا.. بل فرضا, إن لم يكن بنوازع الحفاظ على وجودهم الخاص, فبنوازع وجود البحرين.. ودورهم في تهديد هذا الوجود!

قال: (ضائقا) ما الحل؟

قلت: دعني أعيد تذكيرك, بتوصيفي السريع لهذا الحل الأسود والأبيض, والذي من أهم مواصفاته ومعانيه العميقة عندي, أنه ضرب من التفكير بصوت مرتفع , – فيمكنك أن تضحك وأن تسفه بهذا التفكير .. وغيرك كثر سيفعلون هذا حتما! – ولا يمكنني الدفاع عن تفكيري أو تغليفه أو تقديم إجابات سهلة للأسئلة التي سيتمخض عنها , ليس عجزا, ولكن لأني نسجت كل ما تطلب من إجابات واستدراكات , في ما تقدم من حديث, (في الأجزاء الثمانية ) وخلاصتها, الجامعة المانعة, هي أن المبررات القانونية والأخلاقية مضافا لها أخطاء الوفاق الكبرى, تجعل من جمعية الوفاق كيان غير شرعي رسميا, شئت هذا بقوانين البحرين التي تحصلت الوفاق بموجبها على ترخيص للعمل كجمعية سياسية , أو شئته بطبيعة البحرين الجيوسياسية وما تفرضه من ارتباط عضوي بين سلطة آل خليفة والدولة البحرينية.. أو شئته أخرا, ليس أخيرا.. بالقانون الطبيعي, الذي يفرض على العالم , اليوم في هذه اللحظة التاريخية, الفارقة , من عمر البشرية, افتضاح غير مسبوق, لجدلية تسيس الدين وطأفنة السياسة , وباعتبار هذا التسييس, هو السمة الحاسمة في أزمة البحرين\الوفاق… ومؤخرا في أزمة الشرق الأوسط والعالم برمته, فلا يحتاج الأمر بعد هذا لمحكمة تنصب, تفيئ بخيرها على نبيل رجب وحاشيته, أو جدل يدور في نفسه ويبحث في ما إذا كانت الوفاق واقع أم خيال.. إلا بقدر ما يحتاج الناس لمعرفة ما إذا كانت داعش, مؤامرة أو فيض ثقافة مريضة (!!) … بل يحتاج طالما الأمر يتعلق بالبحرين وأزمتها , لشجاعة غير مسبوقة, وشرف , وحكمة, وتجرد, من قبل رؤوس الوفاق وعلى رأسهم علي سلمان , (استدراك ) بل , الشيخ علي سلمان ومن وما يمثل من مرجعيات دينية. فيخرج بالتوافق معها , ليقول باستحالة استمرار وفاق , تترأسها العمائم وتتعشق في جوفها مرادم من الجهل , ويتربع في وسطها, خطاب ملتبس ناضح بالإسقاطات, ينتمي لألف واربع مئة سنة خلت, وعليه ما عليه من شبهات تراثية مدسوسة , تجعل من الوفاق ومن الشيعة – بالوفاق أو بدونها – طائفة مزدراة , من قبل محيط عربي بعمق استراتيجي, لا قبل لا يران به مهما كبرت, ويبدو فيه مشروعها الشيعي, صدقت نواياه أم كذبت ,- وهي كاذبة! – مشروع فرقة وتشتيت للعرب والمسلمين.

وإياك , إياك. أن تسمع أي كلام- وهذا تحذير شيعي مدون انتمائه وأصله بالأسود والأبيض على سواحل البحرين وذاكرة مآتمها لقرنين على الأقل!– إياك أن تقول , بمعارفك اليسيرة من اجتماعات ومشاحنات لجان صياغة بيانات الوفاق وحليفاتها!- إياك أن تقول, كيف سيقدر الشيخ عيسى قاسم والسيد علي الغريفي على احتواء ما يسمى بشباب 14 فبراير و خلايا حزب الله, وغيرهم من شوارد, كانت كل الوقت وقودا استثمرته الوفاق وحلفائها كدرائع

, طيلة سنوات الأزمة… فالحقيقة …هي أن حاضنات هؤلاء , أي آباؤهم وأماتهم,, سيخرجون للهتاف حتى ضد أنفسهم , دعما للشيخين , إذا تجلى الشيخ عيسى قاسم, وتجلى السيد علي الغريفي ,- الذي يقدم رجل ويؤخر أخرى! – فهتفا ضد نفسيهما!

هل يبدو لك هذا, خيارا مستحيلا؟!

على سنة وذمة التفكير بصوت مرتفع….وهو التفكير الذي لم تخذلني قراءاته من قبل, كثيرا : …هذا ليس خيارا أنه حتمية إن لم تحصل الآن, فستحصل, في يوم قادم بهذا الشكل أو ذاك ,إذا ما لم تتدخل قوة عظمى غاشمة.. فالشيعة ليسوا كما يقدمهم خطاب نصر الله وتمثيلاته ..مخلوقات سوبر.. بل بشر يمكن أن ننظر مثلهم في العراق الآن.. حيث ينقلب السحر على الساحر.