البيروقراطية والانتخابات من اين يستمد سواء المرشح للمجلس النيابي او المرشح للمجلس البلدي برنامجه وما هي طبيعة المطالب والقضايا التي سوف يطرحها في حملته الانتخابية وماهي الشريحة او الفئه التي ينتمي إليها هذا الكم الهائل من المترشحين الذين رشحوا انفسهم للانتخابات تحت مسمي( المستقلين ) فحتي الذين كانوا يرشحون من قبل ( جمعيات سياسيه ) تخلوا عن هذا المسمى ونزلوا كمستقلين ؟!
هذا مؤشر يعكس طبيعة القوي الاجتماعية الفاعلة في الحياة الاجتماعية والسياسية في البحرين وطبيعة الجمعيات السياسية التي تعبر عنها هذا من ناحية ولكن ما يهمنا هنا ما له علاقة بموضوعنا وهو البيروقراطية والانتخابات او البيروقراطية والديمقراطية لان كثير من الذين نزلوا علي أساس ( مرشح مستقل ينتمون الي الشريحة البيروقراطية وهذا يطرح سؤال ظهور وتطور البيروقراطية المركزية في البحرين ودول الخليج وما هو حجم البيروقراطية الفعلي فيها وما هو درجة توسع هذه البيروقراطية الحكومية والتي حددناها بانها جزء من الحلف الطبقي الحاكم وما هي درجة تدخلها في حياة المواطنين أيوميه والمعيشية ؟ وماهي درجة استحواذها علي مجريات الأمور في السياسية والاقتصاد والمجتمع ؟ وماهي المعطيات والمعلومات التي يجب ان تتوفر للبحث في ظهور البيروقراطية في مجتمعات الخليج العربي ؟ احدي هذه المعطيات هو حالة التوظيف ( الاستخدام للقوي العاملة ) وهنا لدينا ثلاث فئات او شرائح أولا المستخدم المدفوع الأجر سواء كان في القطاع العام او القطاع الخاص ثانيا أصحاب المهن الحرة ثالثا أرباب العمل وهنا تشير معظم الدراسات منذ فترة السبعينيات في دول الخليج بان ثلثي المواطنين ( المستخدمين ) المدفوعين الأجر هم من المواطنين الذين يعملون لدي الحكومة بينما يعمل اقل من ثلث المواطنين المدفوعين الأجر من ( غير المواطنين ) لدي الحكومة كما ان أصحاب ( المهن الحرة من بين القوة العاملة ( غير المواطنين ) هم أربعة أضعاف عدد المواطنين العامليين لمصلحتهم الخاصة وان ما يعادل ٧٢،٥% من القوي العاملة من المواطنين تعمل لدي الحكومة و ٢٧،٥% في القطاع الخاص في حين ان ٢٨% من القوة العاملة من غير المواطنين تعمل لدي الحكومة و ٧٢% في القطاع الخاص كما يذكرها خلدون النقيب في مؤلفاته فالزيادة في عدد المستخدمين والنقصان في المهن الحرة يبدوان كأنهما استوعبا بواسطة التوظيف في الحكومة والشركات الكبرى في القطاع الخاص اذن فان التوظيف في البحرين ودول الخليج في القطاع العام يقدم كدليل لتحكم الدولة حيث تكون الدولة هي المستخدم الوحيد الأكبر وذلك يظهر ان الزيادة الكبيرة في التوظيف الحكومي كان مخطط لها في الأصل لكي تستوعب ثم يتحكم بها سياسيا ومن ثم تثبيت استقرار السكان الذي هم في غير مواقعهم مهنيا أثناء عملية التحول ويؤكد ذلك في تلك الفترة ١- ان المواطنين كانوا يشكلون ٤٨% من المستخدمين من قبل الدولة وكان ٣٨% منهم ( أميين ) وإذا تم إضافة المواطنين الذين يعرفون القراءة والكتابة فقط لأمكن القول ان ٧١% من جميع المواطنين الموظفين ( المستخدمين ) من قبل القطاع العام كانوا يفتقدون القدرات العلمية الضرورية للخدمة في الدولة العصرية كذلك كانت بيروقراطية القطاع الخاص أيضا تتعاظم حكما بكبر حجم الشركات والمؤسسات وبازدياد ونسبة القوة العاملة في القطاع الخاص المستخدمة من قبل شركات كبيره فزادت نسبة الشركات التي تستخدم ٥٠ شخصا فما فوق وترافق مع ذلك ازدياد عدد الشركات ٢- في عام ١٩٧٥ كان نحو ٧٧،٥% من القوة العاملة في البحرين ودول الخليج يعملون في ( بيروقراطيات كبيره ) وتشكل الدولة ما نسبته ٤١% منها وفي ( بيروقراطيات متوسطة ) التي استخدم ٥٠ شخصا فنا فرق تشكل ٣٦،٥% وهنا تطرح سؤال هل مقياس ( البيروقراطية الحكومية ) هو في عدد العاملين في الحكومة ونسبتهم الي مجموع القوي العاملة ؟ هذا مقياس ثانوي جزئي لا يعطي سوي جزء محدود من الحجم الفعلي للقطاع العام ولكن من ماذا يتشكل القطاع العام في البحرين ودول الخليج اذن ؟ ١- من العاملين في الحكومة – كل الذين يتلقون مساعدات من الحكومة – كل المستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي كالمتقاعدين ومن الطلبة الذين هم في سن العمل ولكن لا يعملون – كل الذين يعتمدون في معاشهم علي المقاولات الحكومية او التوريد للحكومة ولمؤسساتها ومصالحها – كل الذين يعتمدون في عملهم علي مرافق الحكومة – كل المستفيدين من برامج الإسكان الحكومي والقروض الحكومية والدعم والتموين – كل المستفيدين من الخدمات العامة التي توفرها الحكومة بأقل سعر من الكلفة هنا يظهر لنا اذن حجم هذه البيروقراطية وان الحكومة هي أكبر رب عمل في البلاد في مجتمع واقتصاد يفترض انه مجتمع رأسمالي ذو اقتصاد حر فقد تبين ان الرقم القياسي لزيادة أعداد العاملين في الحكومة في البحرين ودول الخليج حتي سنة ١٩٨٠ هو ٢٤٠%
وتزيد نسبة ( غير المواطنين ) في الحكومة ٢٤٤،٧%علي المواطنين حسب تقديرات خلدون النقيب والسؤال هنا اين تعمل هذه الإعداد الكبيرة من المواطنين ( الموظفين ) ( المستخدمين ) والعمال في الجهاز الحكومي ؟ – في وزارات التربية والصحة والمواصلات والبلدية والكهرباء والأشغال والإعلام والداخلية ففي عام ١٩٨٣ كانت وزارة التربية والمواصلات والبلدية تشمل أكبر عدد من المواطنين وكذلك الصحة والبلدية والأشغال والكهرباء توظف أكبر عدد من العامليين العرب بينما يتركز الآسيويون في الصحة والكهرباء والتربية والبلدية من كل هذا نستخلص ان سبع جهات حكومية تستحوذ علي ٧٩% من أعداد جميع العاملين في الحكومة والسؤال هنا هل الوزارات والمصالح الحكومية في حاجه الي هذه الإعداد الكبيرة من العاملين في الحكومة ؟ وما هي نوعية الأعمال الحكومية ومستويات الأداء فيها ؟ هناك نسبا او تناسبا بين ( أعداد الفنيين والإداريين ) والجهاز الإداري السائد الذي تقل المسؤولية والالتزام به في العمل الحكومي ولنأخذ مثال من دولة الكويت وقس عليه بقية دول الخليج ومنها البحرين ١- وزارة التربية كان هناك ( ٢٤،٣٧٦ ) مدرسا ومدرسه فقط في وزارة التربية سنة ١٩٨٢ ولكن كان يخدمهم ( ٢٨،٧٨٩ ) موظفا ومستخدما وعاملا من هنا يتضح انه ليس هناك تناسب بين أعداد الفنيين وبين أعداد الجهاز الإداري المساند ؟! ٢- وزارة الصحة كان هناك في ١٩٨٢ ( ٢٨٣٢ ) طبيبا وصيدلانيا و( ٩٩٨١ ) فنيا ولكن يخدمهم ( ١٦٢٥٦ ) موظفا ومستخدما أي ان أعداد العاملين في ( الجهاز الإداري ) فاقت أعداد الفنيين بمره وثلث المرة وهنا نصل الخلاصة وهي انه ليس هناك تناسب بين أعداد الجهازين الفني والإداري المساند في أكبر وزارتين في الحكومة ( خدماتيه ) وليست ( إنتاجية ) أي صناعيه وانه فيما يتصل بفئة العاملين في الحكومة الذين يتكون منهم القطاع العام أعدادهم الفعلي لا يقتصر علي الوزارات السبع بل يضاف لهم أفراد الجيش والشرطة والحرس الوطني وكل العائلات الذين يتلقون مساعدات حكومية ضمن برنامج مساعدات وزارة التنمية او ما كان يسمي وزارة الشؤون الاجتماعية وكل المتقاعدين والمستحقين من المدنيين والعسكريين الذين يتلقون رواتب تقاعديه من مؤسسات التأمينات الاجتماعية وكل الطلبة الذين هم في سن العمل ولا يعملون أما لتلقيهم مساعدات حكومية او لأنهم يتعلمون تعليما مجانيا تنفق عليه الحكومة اذن فان مجموع العامليين والمستفيدين من القطاع العام بصورة مباشره يمثلون ٤٧% من مجمل الطاقة البشرية في المجتمع الخليجي أي جميع السكان في سن العمل ( ١٥) سنه فما فوق وهي نسبة كبيره ولكن ماذا عن العامليين في القطاع الأهلي الخاص الذين يعتمدون في معاشهم علي المناقصات الحكومية او علي التوريد الي الحكومة او توفير خدمات الي القطاع الحكومي العام ؟ ان عددهم لا يقل عن ٥٠% من مجموع العامليين في القطاع الأهلي الخاص وهنا يأتي السؤال هل نسبة المواطنين الخليجيين ومنها في البحرين كبيره أم صغيره التي تعمل في القطاع الخاص ؟ وما هي نسبة ( غير المواطنين الذين يعملون في القطاع الخاص ؟ ان العاملين هذا سؤال جانبي ولكن السؤال المرتبط بنية المواطنين التي تعمل في القطاع الخاص فهم هم أصحاب العمل او رب العمل فما هي القطاعات الاقتصادية الرئيسية في دول الخليج وإعداد العاملين فيها ( ١٠ مستخدمين فأكثر )
1- النشيد والبناء
2- تجارة الجملة والتجزئة
3- الصناعات التحويلية
4- الخدمات
5- التمويل والعقار
6- النقل والمواصلات
وقد كانت نسبة المواطنين العامليين في المشات الأهلية التي تستخدم ١٠ أشخاص فأكثر لا تتجاوز ( ١،٧%) وهي نسبة ضئيلة جدا وان اغلبهم أي نحو ٥٠ % من كل المواطنين العاملين في مؤسسات القطاع الخاص التي تستخدم ١٠ أشخاص فأكثر يتركزون في قطاع ( التمويل والتأمين والعقار ) والأعداد قليله في أكثر قطاعات الاقتصاد الخليجي دينامية وحركه كالتشييد والبناء والتجارة والصناعات التحويلية ولكن هل سلمت هذه القطاعات ( الخاصة ) الأهلية من تمدد أخطبوط البيروقراطية الحكومية وتوسع ملكيتها له ؟ نجد انه خلال الأزمات المالية توسعت ملكية الحكومة في القطاع الخاص الي حد كبير حيث تدخل الحكومة كواسطه خير او كمنقذ فتشتري أسهم كثير من المتضررين ولكنها بدلا من ان تضخها مجددا في سوق الأوراق المالية عندما يتحسن الوضع الاقتصادي احتفظت بها لتوسع من نطاق ملكيتها لأسهم أكبر الشركات المساهمة في البلاد والمسجلة في سوق الأوراق المالية ولنأخذ مثال الكويت وقس عليها بقية دول الخليج ومنها البحرين مثال نوع الشركات
- المالية ١٥ شركه ( ٧ منها تملك الحكومة ٣٠% من أسهمها و( ٧ منها تملك الحكومة ٥٠% منها )
- الصناعية ١٤ شركه ( ٩ منها تملك الحكومة ٣٠% من أسهمها ) ( ٦ منها تملك الحكومة ٥٠ من أسهمها )
- النقل والخدمات ٦ شركات ( ٣ تمتلك الحكومة ٣٠%من أسهمها ) ( ١ تملك الحكومة ٥٠% من أسهمها
- العقارية ٤- شركات
- المقفلة ٤ شركات
- 1.مؤلف خلدون النقيب (المجتمع في الخليج والجزيرة العربية من منضور مختلف)
- 2.كتاب آراء في فقه التخلف
اذن فان القطاع الحكومي العام في دول الخليج ومنها البحرين وهي البلدان الرأسمالية والتي تتبني في الدول التي يوجد فيها دستور الاقتصاد الحر تملك ٤٠%من الشركات المساهمة الكبرى المسجلة في سوق الأوراق المالية ويسيطر علي ١٥% من الشركات الأخرى أي ان الحكومة تسيطر علي ٥٥% من مجمل القطاع الخاص هذا بالإضافة ان القطاع الحكومي يشمل جميع المستفيدين من الخدمات العامة التي تقدمها الحكومة او تلك التي تبيعها الحكومة بأقل من سعر الكلفة مثال في مجال الإسكان وعدد الذين استفادوا من هذا المجال أي من برنامج الحكومة لذوي الدخل المحدود والذين لازالت طلباتهم موجودة علي الرف وعدد المستفيدين من برنامج القروض العقارية والمستفيدين من برنامج قروض التوسعة والترميم ( البيوت الآيلة للسقوط ) وإذا حسبنا أعداد المستفيدين من خدمات الإسكان الحكومية هنا نري حجم وعدد هؤلاء المستفيدين أما عدد المستفيدين من الخدمات العامة الأخرى التي تبعها الحكومة بأقل من سعر الكلفة فهي تشمل جميع السكان وهذه الخدمات سواء ما كان متصلا بأسعار الدعم الحكومي للسلع الغذائية الرئيسية ( التموين ) او ما كان متصلا بالخدمات الصحية والتعليمية والكهرباء والماء والبنزين والطرق والأشغال العامة والخدمات البلدية والبريد والهاتف والخدمات الأمنية ووسائل الإعلام فهي تعتبر عنصرا أساسيا في الحياة العضوية لعامة السكان وعنصر توفير في القطاع الخاص والمؤسسات الصناعية الأهلية اذن أي تغيرات في مدي توافر هذه الخدمات او نوعيتها او في الإنفاق الحكومي الذي يمول هذه الخدمات ستكون له نتائج مباشره علي حياة الناس وأرز أفهم ومعاشهم وطموحاتهم ومن هنا نري الحجم الفعلي الحقيقي للقطاع العام والذي يتحرك ما يسمي بالمستقلين حوله ويحاولون ان يتلاعبوا به وهذا يتضح من شعار كل المرشحين والتي أصبحت مكان تندر وتهكم من المواطنين ولكن كل هذا يطرح السؤال المهم وهو لماذا لا تقوم دولة المؤسسات والقانون في هذه الدول ؟ حيث ان قيام المؤسسات أي السلوك التنظيمي المقنن في الإدارة والاقتصاد يعد بمثابة مؤشر علي النضج السياسي في المجتمعات الحديثة فالمؤسسات أكثر عقلانية وموضوعيه من ( الزعماء او الرؤساء ) واكثر استمراريه واستقرار من هؤلاء الزعماء والأفراد الذين يتغيرون وتبقي هي أي ( المؤسسة ) ان الدولة هنا هي أداة الزعامات الفردية غير المستقرة وغير المستمرة وكل زعيم ( مدير ) جديد ينسف عندما يصل الي الحكم سواء في الدولة او في الجمعيات السياسية ما بناه من سبقه ليبدأ من نقطة الصفر فلا تستثمر الخيرة ولا تتراكم التجارب ونسائل هل هناك موانع موضوعيه ؟ هل هناك موانع ذاتيه ؟ الموانع الذاتية هي بعض السمات المشتركة للشخصية ( الخليجية ) كما يذكرها خلدون النقيب والتي تحول دون قيام دولة المؤسسات ولكن ماهي هذه الصفات المشتركة للشخصية ( الخليجية ) ؟ هي الصفات السلبية التي تتشابه وتشيع في السكان بدرجة كبيره تتعدي ثلث بحيث تمنع القبول بتقديم مصلحة المؤسسة او ( المصلحة العامة ) علي مصلحة الأفراد من تابعين ومتبوعين وهذا ما يردده المرشح المستقل ليل نهار بانه سيترشح بشكل مستقل بعيدا عن أي جمعية سياسيه ؟