يا تري لماذا يقع معتنقي اليسارية ومدعيها في التشوش وتشويه المفاهيم في فهم هاذه الصراعات العالميه الراهنة ؟
علاوة على انها باتت تنعكس في فهم السياسية بمواقف مضادة للتحرر والتغيير والتطور . وخصوصاً من مفهوم (الامبرياليه) حيث تشي تحليلات هؤلاء الذين اصبحو يمثلون ما يسمي باليسارية الرائحه في فهم خاطيء للواقع بعد ان بات المفهوم (الامبرياليه) مفصلياً في التحليل السياسي ، ودخول هؤلاء (اليسار الممانع) في فذلكات تجعل اليسار في موضع ملحق بقوى مضاده (بالامبريالية الجديده الروسيه والصينيه.)
مكمن الخطاء هو زاوية النظر للامبرياليه المعاصره وهو(الامبرياليه : كسياسة ؟ ام كاقتصاد سياسي ؟)
اولا كيف فهمت الصراعات العالميه الراهنة ؟ حيث ان فهم هذه الصراعات باتت تشكل مفصلاً منهجياً في ليس التحليل حيث لا يوجد لدي اليسار الممانع تحليل لهذه الصراعات ، بل كل ما هنالك هو (مواقف) للتموضعات العالميه ؟!
وهو النظر للصراعات العالميه الراهنة من الزاويه (السياسيه) ومن دون النظر الي ان روسيا قد قامت باحتلال دولة اخرى ذات سياده ، ومن دون النظر الي ان هذه الصراعات العالميه ترتبط بتكوين اقتصادي – سياسي عالمي وهنا يتم اهمال هذا البعد عند اليسار الممانع علاوة على انه لا يفهم ان هذه الصراعات العالميه تسيطر علىها الراسماليه بما فيها الصراع الحالي بين امبريالية ناشئه روسيه وصينيه ضد الثالوث الامبريالي امريكا واوروبا واليابان . هنا فان الربط (الاقتصادي) عنصراً جوهرياً في التكوين الراسمالي العالمي ، بحيث تنتقل السيطره السياسيه الي الاقتصاد من خلال تشابك اقتصادي غير متكافيء في اطار سوق راسمالي عالمي ، بينما الدراج الان عند اليسار الممانع هو النظر للصراعات العالميه الراهنة (كمشروع سيطرة سياسيه) اي من زاويه سياسيه محض ، حيث يتم كما هو عند الامبرياليات الناشئه روسيا والصين دورها في الحاق النظم (الدول الاخري ذات السياده) والحاقها بسياسة هذه الامبرياليات ، وبالتالي هنا تجري ملاحظه الالحاق السياسي لمدن مثل خرسيون وماريوبل وباخمموت. الخ وضمها لروسيا ، ولا تجري ملاحظة الربط الاقتصادي الذي هو جوهر الامبرياليه
وهناك من اليسار الممانع من وجهة النظر الاخرى من يرى في السيطرة (الاقتصاديه) او التبعيه الاقتصاديه صيغة جديده للاستعمار القديم (المباشر) كما يحدث الان لدى الامبرياليه الروسيه في الظم والالحاق لشرق اوكرانيا كما فعلت دولة الملالي ايران وعبر مليشياتها في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن .
وبالتالي هنا يبرز أيضاً (السيطرة السياسيه) اي مسالة الالحاق السياسي وبالتالي يظل الهدف هو التحرر بمعناه السياسي ومن ثم يتم لمس التحرر الاقتصادي من هيمنة روسيا او دولة الملالي ايران ؟! وبالتالي يظل الصراع عند اليسار الممانع هو ضد الامبرياليه . (الامبرياليه الامريكيه والاوربية واليابانيه) وليس ضد الطبقة او الطبقات المسيطره الداخله في هذا الصراع العالمي ؟ وهنا يكون المنظور السياسي منصب على الدوله او الدول التي تحرك هذا الصراع العالمي كما يروج له هذا اليسار بانه صراع ما بين امريكا و روسيا ؟ إذاً عند هذا اليسار الممانع الدوله هنا المحدد ، وليس التبعيه الاقتصاديه . رغم ان شكل الدوله من المفترض انه يعبر عن التكوين الاقتصادي وهذا ما يؤدي الي ان يشطح هذا اليسار الممانع حيث يجري تخيل وضع الدوله دون لمس التكوين الاقتصادي لها ؟ هذا المنطق يجعل الدوله هي محور النظر . فالعلاقات هي بين دول والسياسة العالميه تقوم على الدول ، والصراعات العالميه هي صراعات بين دول (هنا روسيا امريكا) والتحالفات العالميه (روسيا الصين ايران) بالضد من (الثالوث الامبريالي) هي كذلك بين دول . والدوله هي الشكل السياسي للوجود (البشري ، والتعبير السياسي عن سيطرة طبقة بعينها لكنها تعبير سياسي فقط كما يجري اختزالها حين النظر الى الوضع العالمي (وهذا هو جوهر الخطأ في التحليل لدى هذا اليسار الممانع) اي دون لمس طابعها الطبقي (لدى المافيا والطغمة الاحتكارية الروسيه) والمصالح التي تعبر عنها .
كل ما يهم اليسار الممانع الان هو تحديد في اي (جبهة) انت تقف من الانقسام العالمي الحادث اليوم ؟ دون تلمس علاقة هذا الانقسام بمصالح الشعوب سوى عبر الشعارات العامه انت تقف ضد روسا اذا انت بالضروره تقف مع امريكا ؟!! بمعني ان الصراع العالمي بين الدول هو اساس فهم العالم ، وهذا ينطلق من تحليل عند هذا اليسار الممانع جيوسياسي ، وليس من تحليل طبقي اقتصادي ، ولهذا يدخل المنطق الصوري هنا بعنف وتخوين الاخر لكي يتم وضعه بين محور الشر او الخير اي من هو الطرف الذي يرى هذا اليسار الممانع انه ضده وهو بالطبع دولة الاستكبار امريكا لكي يتم تاييد الطرف الاخر روسي والصين (القطب الصاعد الدوله البازقة) بعيداً عن محاولة فهم اسباب الحرب (الاقتصادي منها) وحدودها وعلاقتها بالشعب هنا وهناك وبالمصالح الخاصة لامة معينه مثل ما هي الامه الاوكرانية ؟! كما حدث في الماضي من صراع بين التيارات الاسلاميه في فترات الاستعمار بان الصراع العالمي كان بين امريكا وبريطانيا ليكون ضد امريكا ومع بريطانيا ، او كما فعل جمال عبدالناصر وبعض القوميين العرب نهاية الاربعينيات والخمسينات حينما راهنوا على امريكا ضد بريطانيا ، نجد الان ان هناك من اليسار الممانع من لا يزال يعتقد بان الصراع هو بين روسيا (الاشتراكيه) وامريكا ، وهو هنا مع روسيا
بينما المفروض من النظر الى ان حتى في الثالوث الامبريالي بين اوربا واليابان وامريكا تختلف المصالح ويتم التوافق وروسيا والصين وامريكا هي امبرياليات. تتصارع على (تقاسم الغنائم) وتتوافقان من ناحية اخرى عندما تصل الامور الى الخط الاحمر ، ولكن يجب ان يتم النظر الى ان كل ذلك يجري دون اي حساب لمصالح الشعوب .
الصراع العالمي هو بين دول ، لكنه يعبر عن مصالح طبقات مسيطره فيها ، وسعي كل منها لكي يفرض سيطرته على العالم ، ما دامت كلها باتت تحكمها الراسماليه ، من فرنسا وامريكا وبريطانيا الي روسيا والصين . لكن اذا جرى كما يحدث عند اليسار الممانع النظر من زاويه سياسيه فقط ، سيتحدد الموقف منها على ضوء (حدث ما) والحدث الان هو احتلال دوله ذات سياده هي اوكرانيا . من قبل امبريالية ناشئة هي روسيا .
هنا يجب ملاحظه مهمة وهي منطلقه من وجهة النظر الى ان الصراعات العالميه الراهنة (الامبرياليه) هي كتكوين اقتصادي سياسي عالمي وقبل النظر الى الصراعات بين الدول او بين التحالفات يجب تلمس التكوين الاقتصادي الذي فرض على العالم ، لان صراعات الشعوب هي نتاج هذا التكوين قبل ان تكون نتاج صراعات سياسيه بين دول او تحالفات او اتفاقيات بين امبرياليات. او معها فقد صيغت البنى الاقتصاديه في الامبرياليات وفق مصالح الطغم المسيطره على الصناعة وما ادراك ما الصناعه ، التي فرضت على العالم الذي تم تسميته بالمتخلف ان يصبح مصدراً للمواد الاوليه ومستورد للسلع . وبالتالي ان ينزع التراكم المالي المحلي الى النشاط في القطاع الوسيط الذي هو التجاره والخدمات والبنوك والسياحه والعقار فاصبحت الطغم الماليه الامبرياليه هي مركز العالم وباتت راسماليات الاطراف سماسرة ووكلاء تسهل عملية السيطره على السوق المحلي ويتم منع التطور لمصلحة تغليب الاستيراد . وبهذا باتت الدورة الماليه تبدا من المراكز لتصب فيها . عبر حركة سلع مصدره الى الاطراف ، وراسمال يستثمر هنا لجني الارباح التي يعيدها الى المركز . هذا هو العالم (التحتي) الذي تقوم عليه العلاقات الدوليه سواء بين الصين – وايران – السعوديه او امريكا واروبا واليابان مع دول الاطراف بما فيها دول الخليج العربي وهو الاساس الضروري لفهم الصراعات العالميه كلها .
كل من ينشط في هذه الدائرة هو مرتبط (او تابع اقتصادياً ، وجزء مرتبط في التكوين الراسمالي العالمي . لهذا حين يصبح النشاط الاقتصادي متمحوراً حول التجاره والخدمات والعقار والبنوك تكون الراسماليه هي مرتبطه بذلك وتصبح وهذا المهم اختلافاتها نابعة من تناقضات هامشيه وليست رئيسيه او اساسيه في اطار النمط الراسمالي ذاته . هناك مثلاً صراعات كبيره بين الراسمال الامريكي والراسمال الاوربي (الالماني الفرنسي) وكذلك بين بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الاوربي و اوروبا ، لكن في اطار تشابك وترابط مصالح بين راسماليات (حقيقية) وليس راسماليات تحولت الى الامبرياليه ناشئة مثل روسيا والصين . وكذلك من الممكن ان يكون هناك تناقض مع بعض راسماليات الاطراف لسبب يتعلق بالصراع بين راسماليات على هذه المناطق لجعلها مناطق نفوذ لها او جني الارباح منها ، وهذا التناقض لا يحول الراسماليه المرتبطه (التابعه) الى طبقة تعبر عن مشروع مختلف مع الامبرياليه كما يتوهم البعض بل يجب النظر الي هذا التناقض من زاوية المصالح التي تؤسسه ، وهي في الاحوال كلها متناقضه مع مصالح الشعب محلياً حيث ان تشكل هذا النمط من الراسماليه يؤسس لتناقض عميق في البنية المحليه بحيث يتمحور الاقتصاد حول القطاعات الريعية مثل الخدمات والسياحه والعقارات والبنوك والمال والاستيراد تفضي حتماً الى دمار القطاع المنتج وبالذات الصناعي منه ، وبالتالي نشوء انعكاسات خطيره ذلك من بطاله عاليه وانحدار في الاجور مقابل اسعار عالميه للسلع وبالتالي انهيار عام في الاقتصاد والوضع المعيشي في هذا الوضع تكون الراسماليات المحليه جزء تابعاً ومرتبط في التكوين الامبريالي . ولهذا يجب فهم الاختلافات التي يمكن ان تنشأ انطلاقاً من ذلك . خصوصاً بعد ان ضعفت الامبرياليه الامريكيه ، (ولكن الحرب في اوكرانيا اعطتها زخماً كبيراً) . تعمل كل من روسيا والصين على فرض تقاسم جديد للعالم انطلاقاً من الاساس الراسمالي ذاته وليس كما يرى البعض من اساس اشتراكي ؟! ولهذا تميل راسمالية الاطراف الى الربط مع الطغم الامبرياليه في روسيا والصين ، ولكن انطلاقاً من التكوين (الراسمالي المرتبط) ذاته وللحفاظ عليه كما حدث في سوريا كمثال، لا يرى هذا اليسار الممانع او انه في احسن حال يغض الطرف عن ان روسيا اليوم هي دولة امبريالية تسيطر فيها طغم ما فياويه. – راسمالية . وهي تعمل على اخضاع العالم لمصالحها كما فعلت البلدان الراسماليه في السابق وصراعها اليوم من خلال احتلال اوكرانيا ومحاولة تشكيل تحالفات عالميه ضد امريكا هو نتاج ذلك ، حيث تسعي لاعادة تقاسم العالم انطلاقاً من ميزان القوى العسكرية الجديدة والتي قامت باستعراض اسلحتها الحديثه في دك المدن والبنى التحتية وهجرة الشعب الاوكراني وجعلته نازح في دول العالم . كل ذلك لتقول انها اصبحت قوة مقابله لامريكا وربما تحلم بان تصبح هي القوة المسيطرة على العالم ؟ اما عن علاقة روسيا في هذه اللحظة مع الاطراف سواء التي احتلتها مثل سوريا او التي لديها تحالف معها مثل ايران بما يسمى اقتصادات الاطراف فهي تعمل بنفس السياسة الامريكيه التي صاغتها اي تعامل هذه الاطراف كاقتصادات ريعية وتترابط مع راسماليات ريعيه. مافياويه كما في سوريا او الحرس الثوري في ايران . ربما يكون النظر السياسي عند اليسار الممانع وحماسه لروسيا عالياً نتيجة رفض هذا اليسار الممانع لامريكا حيث كانت ولا تزال المسيطر في العالم العربي والناهب لثرواته ، والداعم لإسرائيل ويعتبر امريكا من هذه الزاوية العدو الرئيسي وايضاً ربما يكون ذلك صحيحاً الى حد معين من المنظور السياسي. لكن هذا وضع عابر ، خصوصاً وان روسيا لا تدعم جدياً المسالة الفلسطينيه ولا تحرك ساكناً ضد الضربات الهجومية ضد الاراضي السورية وهي لديها علاقات اقتصاديه ودبلوماسية وسياسية مع اسرائيل ، وكل ما تقوم به في هذا المجال هو محاولة احلالها محل امريكيا ضمن التكوين الاقتصادي الذي تفرضه كل امبريالية وليس كما كان الوضع ايام الاتحاد السوفيتي صحيح ان الاتحاد السوفيتي اعترف باسرائيل كدولة ولكنه من جانب اخر كان يدعم التطور الصناعي والعلمي في بلدان التحرر الوطني و كما شاهدنا من قبل كانت بريطانيا الامبريالية هي الضامن لاسرائيل وبعده اتت الامبريالية الامريكية لتحل محلها وهنا روسيا تحلم بانها ستكون البديل ؟
السياسة أولاً هذا ما يشكل جوهر الرؤية لدى اليسار الممانع وخارج الحقل السياسي لا توجد اية رؤية اخرى للتحليل ؟! ينظر للامبريالية من قبل هذا اليسار الممانع كدور سياسي تدخلي احتلالي وهذا كان حتي قبل ان تغزو روسيا اوكرانيا والنظر لبعض البلدان الراسمالية ضد الشعوب او الدول الاخرى من هذا المنطلق ولهذا يجري ملاحظة دعم الامبريالية الامريكية لدولة اسرائيل وتسليحها ، وكذلك احتلالها للعراق او هجومها السياسي على ما يسمي بدول الممانعة ، وعلى ضوء ذلك يصبح العالم منقسماً الى امبريالية وعكسها او المضاد لها ، او الذي يبدو انه مضاد لها لينطلق كل التحليل السياسي من هذه الثنائية (التي هي جوهر العقل السائد لدى هذا اليسار الممانع) ، ولتصبح المسألة هي ؛ مع او ضد انطلاقاً من هذا التقسيم ؟! بالتالي تصبح السياسة هي التي تحدد الامبرياليه او الصراعات السياسية الراهنة ، وينظر لها من زاوية تدخلها واحتلالها ودعمها ؛ اي نشاطها العسكري بالتحديد . وهذه هي ما تسمي نظرة (سياسوية) اي تنطلق من الشكل السياسي فقط وهي سياسة تنم عن عقل احادي يقسم العالم الى مع او ضد، رغم ان (السياسة هي التعبير المكثف عن الاقتصاد) وهذا خارج تحليل اليسار الممانع كما ان الحرب (امتداد للسياسة باشكال عنيفه) حيث يرى هذا اليسار الممانع الشكل السياسي دون التمعن بالاساس الاقتصادي وبان (الامبريالية هي علاقة اقتصادية) وليس كما يراها اليسار الممانع علاقة سياسية فقط . حيث يبدو العالم عند هذا اليسار كقوى متصارعة (في السياسة) لهذا فعندها كل من هو ضد الامبريالية الامريكية هو حليف وصديق، وكل من يختلف مع هذا اليسار في هذا الطرح هو مع الامبريالية الامريكية ؟! ومن هنا يصعب على هذا اليسار ان يخرج من التناقضات التي تحكم الامبريالية الامريكية او تحدث بين الامبريالية الامريكية ونظم الممانعة او من الصراع الحادث الان بين امريكا وروسيا ؟ فعند هذا اليسار الممانع ان الامبريالية الامريكية هي مركز العالم وكل من يختلف معها هو معنا، هذه طبيعة (العقل السياسي) عند هذا اليسار الممانع وهي التي تقود الى الوقوف ضد الشعوب (وهنا الشعب الاوكراني) من اجل نظام ديكتاتوري في روسيا ونظم ممانعة في ايران وسوريا والعراق واليمن ولبنان ؟ وهنا نؤكد على كلمة ممانعة لهذه الدول (وليس معادية)
يتحدث اليسار الممانع كثيراً عن مفهوم كلمة المصالح والمصلحة لحالات الصراع الراهنة دون ان يكون لديه تصور واضح للمعنى الاقتصادي لهذه الكلمة (المصالح) ؟
عندما يقوم اليسار المانع بالربط بين مفهوم الامبريالية ومفهوم العدوان والحرب يستدعي هنا مسألة الدوله او الدول (الثالوث الامبريالي) (امريكا اوروبا اليابان) لان الدولة الراسمالية هي التي تمارس السيطرة من خلال القوة العسكرية التي تملكها . وبالتالي اذا نشأ اختلال في فهم العلاقة بين الطبقة الراسمالية (سواء كانت ديمقراطية او جمهورية على حسب من يحكم في امريكا) ودولة الولايات المتحدة الامريكية سوف يضيع المعنى الاقتصادي للسيطرة ، ويتلاشى تصور التشابك الاقتصادي الذي تقوم به الراسمالية من اجل تحقيق مصالحها . فتصبح المسألة هي مسألة (سياسية محض) ، تتعلق بالعدوان والسيطرة المجردتين. اي اللتين لا تعنيان سوى الممارسة (الاستبدادية) (سادية) بعيداً عن كل مصلحة ، بالتالي النظر الى الصراعات الراهنة كصراع غرائز ، وليس صراع مصالح هنا يكون مفهوم الطبقة المسيطرة والطبقات المستفيدة حاسماً ؛ لانها من يهيمن على الدولة ، ومن له مصالح تفرض السيطرة والاحتلال (والربط الاقتصادي سواء في. داخل الدولة او مع دول الاطراف) وهذا يعني ان الراسمالية اقتصاد يتعلق بطبقة تفرض السيطرة والاحتلال (بالنسبة لامريكا التجمع الصناعي المالي العسكري الاستخباري) وبالنسبة (لروسيا الطبقة الاقلية المافياوية الصناعية والمالية والعسكر)، والدولة اساسية هنا وهناك؛ اي انها اداة سيطرة الطبقة (قومياً) اي في الدولة المعنية ، واداتها في السيطرة العالمية . ولهذا يتأسس الصراع العالمي من منظور مصالح هذه الطبقة ، سواء من خلال التنافس مع الراسماليات الاخرى ، او فرض الهيمنة على الاسواق والدول في الاطراف ، والتنافس في السيطرة على هذه الاسواق. وبالتالي اذا كان مفهوم الامبريالية عند اليسار الممانع قد تشوه كما هو ملاحظ من تحليل هذا اليسار الممانع للصراعات العالمية ، فأن مسألة علاقة الاقتصاد بالدولة كانت تتشوش كذلك حيث لا يرى هذا اليسار الممانع البعد الاقتصادي الاستراتيجي من غزو روسيا لاوكرانيا ؟! لان الدولة ليست اقنوماً فوق المجتمع، بل هي وسيلة قطاع من المجتمع وهنا المافيا الراسمالية الروسية لكي يحكم المجتمع الروسي، ووسيلته لكي يمد سيطرته الى كل ما استطاع ان يمد هذه السيطرة وهي بذلك تصبح قوة عسكرية او مصدر للتشريع كما لاحظنا كيف شرع الدوما في روسيا لغزو اوكرانيا وكيف شرع لضم مدن عدة في شرق اوكرانيا وكيف مول حملة بوتن العسكرية من ميزانية الدولة لكي يقوم بهذا الغزو
لا يزال اليسار الممانع ينظر الى الماضي كحلم وحنيين. له ومن هنا منشأ الاستغراب الفضيع من قبل هذا اليسار الممانع الذي لا يزال ينظر الى روسيا كدولة اشتراكية ، او كدولة حليفة، بمعنى ما ينظر ايجابياً اليها بصفتها هي (المقابل) للامبريالية الامريكية، هذه الاخيرة التي توسم في العقل الباطن كالشيطان الاكبر او دولة الاستكبار ، ليبدو كل مقابل لها مسانداً لنا ، ومن ثم ؛ يلبس كثير من الصفات الايجابية التي ترضي ذوات هذا اليسار الممانع ؟! وهذا المنطق هذا ما نقصد به الحلم والحنين الذي حكم النظر الى الاتحاد السوفيتي الذي كان فعلاً ضد الامبريالية ، لهذا يكون من الطبيعي ان يختلط الامر الان بين الاتحاد السوفيتي وروسيا الراهنة ، ولتبدو هذه الاخيرة كما كان الاتحاد السوفيتي ، وبالتالي يصبح وسمها بالامبريالية (خيانة عظمى) للفكر الاشتراكي و للتحرر، ومعادات الامبريالية، وكذلك يصبح الامر مستهجناً ومجال رفض كل من يطرح روسيا من هذا المنطلق اي كونها امبريالية ناشئة ؟! من هنا يتم النظر المنطلق من تأبيد وضع الامبريالية الامريكية وعدم رؤية التحولات العالمية ، بعد انهيار الاشتراكية وعدم النظر الى ازمة الراسمالية التي انفجرت سنة ٢٠٠٨ ، وبالتالي بقاء المنظور القديم او الماضي الحنين الذي تبلور مع وجود الاتحاد السوفيتي واندلاع الحرب الباردة ، هو المسيطر في وجهة النظر هذه ؟! وفي ذلك عجز عن درس وضع روسيا ما بعد الاشتراكية وكذلك الصين وامريكا ومجمل النمط الراسمالي ، خصوصاً بعد ازمة ٢٠٠٨ العقارية المالية او فيه هروب من درس المتحولات العالمية ركونا الى حتميات ويقين وتصورات (واضحة) ومبسطة من الماضي لكن لا ينظر هذا اليسار الممانع انها اصبحت (خارج الخدمة) بعد ان تجاوزتها التغيرات العميقة في النظام العالمي واليسار الممانع متكلس في الماضي وبالتالي فأن الماضي لا يزال يلقي بكل ثقله على الحاضر ؛ حيث تكلست (العقول) بما فطرت عليه قبل سبعين سنة او اكثر . لهذا لا زال الماضي هو الذي يحكم الحاضر .
ان تحديد طابع روسيا ما بعد الاشتراكية يسهل في فهم مجمل سياساتها الخارجية ودورها العالمي ، وبالتالي التمييز بين ان يكون صراعها مع الامبريالية الامريكية هو صراع (تحرري) (تقدمي) تقوم به (بورجوازية وطنية) تعمل على الاستقلال عن السيطرة الامبريالية ، وتحقيق (تطور وطني)، او انه صراع امبرياليات. من اجل (تقاسم العالم) ؟ وهل تهدف روسيا الى مساعدة الشعوب ومنها الشعب الاوكراني في الاستقلال والتطور كما كان يفعل الاتحاد السوفيتي ؟ او انها تعمل من اجل السيطرة والنهب ككل امبريالية ؟ ما يغلب في صفوف اليسار الممانع بعد انهيار الاتحاد السوفيتي هو ان ما يسيطر في روسيا هو (البورجوازية الوطنية) ، التي تسعي لدعم الشعوب لتخليصها من السيطرة الامبريالية ومن النازية الاوكرانية ؟ ، لكن هل من (بورجوازية وطنية) في ظل عالمية النمط الراسمالي ؟ وهل من بورجوازية لا تسعى للتوسع والسيطرة حين تحقق اكتمالها الذاتي ؟ اي هل من راسمالية ليست امبريالية حين تحقق اكتمالها الذاتي ؟ هذه المسألة التي تبدو مشوشة عند اليسار الممانع وبلا فهم لكن ؛ قبل ذلك يظهر تشوش فهم معنى الامبريالية ذاتها ، وهو ما سمح لهذا اليسار الممانع بفهم وضع روسيا انطلاقاً من انه تعبير عن (بورجوازية وطنية) تحاول الاستقلال عن (قانون القيمة المعولم) او انه تعبير عن وجود (دولة وطنية) معادية للامبريالية الامريكية ، او يجري وضعها في اطار الدولة البازغة او الصاعدة او القطب الجديد ان ما يظهر في خطاب اليسار الممانع ان مفهوم (البورجوازية الوطنية) لا يزال يتردد ، رغم ان تشكل الراسمالية كنظام عالمي وتبلور حالة الاستقطاب بين مراكز واطراف . قد ادى الى عالم يتجاوز (وطنية) (البورجوازية) ؛ لانها اما تنشط في (القطاع الثالث)؛ اي التجارة والخدمات والمال ، وهي من هنا تابعة ملحقة مرتبطة في اطار النظام الراسمالي لانها تنشط في قطاع اطار مكمل ، وليس قطاع منتج او كما يقال اقتصاد حقيقي . ان الوهم حول وجود بورجوازية وطنية لا يزال يحكم اليسار الممانع بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، ويصبح كل من اختلف مع الامبريالية الامريكية تحديداً ممثلاً البورجوازية وطنية ، رغم ان الامر ليس كذلك ، لان الاختلاف ينشأ بين راسماليات ، وحتى من بعض الراسماليات التابعة في بعض اللحظات حين تكون المراكز الامبريالية في حالة صراع كما هو الحادث مع تركيا ايران ، لكن ذلك كله لا يعني (وطنية بورجوازية) ، بل يعني محاولتها تحسين وضعها في اطار النمط الراسمالي فقط لاغير .
ربما كانت الازمة المالية في ٢٠٠٨ قد كشفت ضعف النظام الاقتصادي العالمي وكذلك ازمة غزو روسيا لاوكرانيا ، عمقت هذه الازمة ، ولكن هذين المتحولين هما انعكاس الى التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي ، واذا كانت ايديولوجية العولمة تعمم فكرة الانتصار النهائي للراسمالية ، كانت بنى الراسمالية تشهد مظاهر العجز كلها . وبالتالي اصبحت الحروب (وهو ما تقوم به روسيا اليوم في اوكرانيا) هي المنشط الممكن لتجاوز هذا العجز وهذه المرة بين القوى المهينة في الراسمالية بالضد من شعوب العالم وايضاً لكن كشكل من اشكال الصراع فيما بينها كذلك ، من اجل السيطرة على الطاقة والغذاء والاسواق ، وبالتالي تعديل شروط التنافس او المفاوضات والحوار وان كان تحت السلاح . لهذا اتت الازمة التي تفجرت في سبتمبر ٢٠٠٨ وكذلك غزو روسيا لاوكرانيا في ٢٠٢٢ لتوضح بأن هذه السيطرة على العالم ، وتحويل العالم الى راسمالية ، ليس لم تنهي الازمات السابقة ، بل عمقتها ؛ على عدة مستويات عبر توسع التراكم المالي وبالتالي تحوله الى كتلة مالية هائلة شكلت تحولاً نوعياً في التكوين الاقتصادي الراسمالي ؛ لانها باتت تنشط في قطاع غير منتج هو القطاع المالي الذي بدوره ينشط عبر المضاربات ، الذي عمم الفوضى المالية . هذا بالرغم من انفتاح الاسواق التي كانت مغلقة قبلاً ، اي اسواق المنظومة الاشتراكية سابقاً ، وهي اسواق هائلة الاتساع ، فأن التطاحن لم يتوقف . بل تصاعد كما هو الحال مع غزو روسيا اوكرانيا ، واصبحت المنافسة اكثر حدة . لان الوضع العالمي اظهر نشوء قوى اقتصادية جديدة باتت قادرة على المنافسة ، هذا الوضع يؤشر الى انزياح في وضع القوى الاقوى عالمياً ، وهنا يطرح تسائل هل تتجدد الراسمالية عبر هذا التحول في المشهد العالمي ؟ ربما توحي الصورة المرسومة بذلك ، لكن يجب ملاحظة بأن الولايات المتحدة الامريكية مستمرة في حربها العالمية وخصوصا بعد الغزو الروسي لاوكرانيا والتنسيق بين روسيا والصين وايران ، وامريكا مصممة على الا تنهيها قبل تكريس سيطرتها العالمية كقوة اقتصادية مهيمنة كما تحاول روسيا ان تنتصر في الحرب الاوكرانية والتي اصبحت مستنقع وحرب استنزاف لها ، وهو ما يجعل التحول محفوفاً بالاخطار حيث تحاول روسيا بناء مجالها العالمي وتموضعها عالمياً عبر غزوها لاوكرانيا و عبر التلويح باستخدام الاسلحة النووية او النووية التكتيكية عبر وضعها في بلروسيا واستخدامها سلاح النفط والغذاء في حربها الحالية بالرغم من ان وضع امريكا صعب ، وكذلك اوروبا ، اما الصين فهي تتقدم على صعيد السيطرة الاقتصادية لكنها تلعب الى حد الان لعبة التوازنات بين القوى المتصارعة بالرغم من ميلها لروسيا ذلك انها ليست مؤهلة حتى الان لكي تصبح القوة المهيمنة لهذا سنشهد وضعاً عالمياً يتسم بعدم الاستقرار وبالتوازن الهش بين كتله العالمية ، في عالم يتسم بالفوضى والحروب.
** المرجع، كتاب الامبريالية في مرحلتها المالية – للكاتب سلامة كيلة **