هذا مقال غير منشور للكاتب يعقوب سيادي نشر علي مواقع التواصل الاجتماعي في يوم الأحد ١٨ / ١٠ / ٢٠١٥ . لدينا عدة ملاحظات حول هذا المقال أولها الارباك والتشوش والاضطراب والتوظيف للحداثة ( العلمانية )
وبما تطرحه من مفاهيم من مثل ( الحق ، العدل ، المساواة ، المواطن ، الانسان الجامع ، المواطنة ، الشعب مصدر السلطات ، الحرية ، صحيح القانون ) وسوف نري كيف وظفها سيادي في مقالته وسنناقشه في مفهومها وكيف انه حاول بوعي ان يطأفنها في الممارسة السياسية في الحالة البحرينية وان حاول ان يخفي هذا البعد الطائفي وهو عنوان الملاحظة الثانية وهي العقل الاحادي ومسألة الممارسة العقل التكتيكي ( التقية ) في الخطاب السياسي لسيادي . وهنا المفهوم المركزي هو كلمة ( الاخر ) وكيف يفهم سيادي هذا الاخر والذي يقابله ليس إلانا بل النحن وهنا فان العلاقة عنده تكمن بين ( الشيعة و السنة ) والعلاقة الوحيدة بينهما هي التقابل ، لكنهما متعاديتان ، وكل منهما لا يمكن ان يكون سوي ذاته حيث ستبدو المسالة في اطار اما القبول ( بمطالب الشيعة او لا خيار ثالث ) لهذا تفرض المحاكمات النظرية والسياسية التي يقيمها سيادي في مقالته ان يحدد الرأي الاخر ( السنة او نَفَر منهم ) في خانة معدة سلفا هي معكوس الخانة الأولي ( الشيعة ومطالبهم ) التي تبني عليها المحاكمات النظرية هذه . وبالتالي فإذا لم تكن مع الشيعة ومطالبهم المحقة فأنت حكما هناك اي مع السنة والسلطة ؟!!! بمعني ان حدا فاصلا سميكا يفصل بينهما من غير الممكن ان يزول . والملاحظة الثالثة هي ( المظلومية ) والتي يعاني منها فقط ( الشيعة ) ؟! والملاحظة الرابعة هي تخفيض سقف التحرك من كونه كان احتجاج وتطور الي كونه انتفاضة وتطور الي كونه ثورة ١٤ فبراير ، الي مستوي حركة مطلبية وهو ما يحاول هذا المقال ان يوهم القارئ به فهو يخترق المقال من أوله الي اخره انه حركة التفاف ومناورة ومراوغة ولن نقول ذكية من الكاتب لأنها أتت مشوشة ومضطربة ومرتبكة بحكم الجو العام والذي نتج عن تداعيات كارثة الدوار في ١٤ فبراير ٢٠١٥ . فبالرغم من محاولته إيجاد صيغة تجمع الطائفتين لتتوحد ضد النظام باستخدامه الحركة المطلبية الشرعية الا انه لا ينجح في مسعاه هذا حيث قسم المقسم طائفيا . من مثل ما ذكره في مقالته علي سبيل الحصر حيث سنناقش لاحقا كل ما طرحه في هذه المقالة ( ان وراء ما تحاشاه ( بعضا ) من غالب ( المواطنين ) ترددا في اعلان الموقف الصريح تجاه ( المطالب ) او ربما اغواهم بعض الدينيين المتزمتين ( الطائفيين ) من بعد الترويج الكاذب ( الطائفي ) المبتغى بان ( الحراك طائفي ) . اي ان سيادي يقصد كما حاولت ان توهمنا جمعية الوفاق وكذلك جمعية وعد والمنبر الي حد ما بان الحراك هو حراك وطني بامتياز ؟!!! . سنكمل لاحقا مناقشة الملاحظات الأربع كل علي حدة ، لأنها تمثل موضوع الساعة اي المرحلة الراهنة واهمية وعيها للارتقاء ولإحداث التراكم الفعلي اي تحقيق ما هو موجود بالقوة الي ان يتحقق بالفعل في المشروع الاصلاحي .
سوف نناقش الان الملاحظة الأولي وهي كيف يوظف سيادي مفاهيم الحداثة او العلمانية لخدمة التخلف . ان اول ما يلفت النظر هو ان سيادي ومن ينهج علي طريقته وخصوصا جمعية وعد يذهبون الي محاولة ( تأصيل ) مفاهيم الحداثة ( الحق ، العدل ، المساواة ، المواطن ، الوطنية ، المواطنة ، الحرية ، القانون الخ ) في خدمة الثقافة التقليدية والثقافة الطائفية المذهبية في الحالة البحرينية في الظرف الراهن . فلا يغرينا وجود كلمات وطن ومواطن ومواطنة في اللغة ، فالكلمة غير المفهوم وما كانت تدل عليه هذه الكلمات في مختلف ميادين المعرفة ومجالات الحياة مختلف عما تدل عليه في خطاب سيادي اختلافا بعيدا ؟ لذلك لا نري وجها ولا وجاهة في الحديث عن ( المواطنة في الاسلام السياسي وبالذات في شقه الشيعي الذي ينظر ويحاكم له سيادي ولا ( حقوق الانسان في الاسلام السياسي ) ولا ( الديمقراطية في الاسلام السياسي ) ولا ( المجتمع المدني في ظل الاسلام السياسي ) الي اخر محاولات ( التأصيل ) البائسة ؟ بل ان المسالة يجب ان توضع وضعا مختلفا تحت عناوين : السلطة واشكال معارضتها والاستبداد بما فيه الاستبداد الديني الطائفي المذهبي واشكال مواجهته والاستغلال واشكال مواجهته ومن المهم الانتباه الي قواعد الحياة السياسة وقواعد اللعبة السياسية التي دخلت كل القوي الفاعلة سياسيا فيها في اثناء تبلور المشروع الاصلاحي . فـ سيادي ينظر للمواطنة من منظور احادي الجانب اي من منظور طائفي يجيره لصالح الطائفية السياسية الشيعية ويعطيها حق المواطن والعكس صحيح لدي مفكري السنة كما كان يحدث في الدولة المدنية في اليونان والتي كانت تسمي ( البولس ) اي دولة المواطنيين الأحرار وليس للعبيد والنساء حق اكتساب حق المواطنة ففي جملة في مقاله فان الاخر ( السني ) ( يتعرض له ( للشيعي ) بالنكران لأنه اي السني عايش في بحبوحة انية ؟! باعتقادات طائفية يضنها رافعة عنه المظلمة وسادة عنده الحاجة لسند شريكه في الوطن يقصد هنا الشيعي وتنسيه ان الأصل وان الجمع هو في المواطنة التي هي الجنسية والهوية ) هل هذه المحاكمة تؤدي الي ان الحل هو في المواطنة ؟؟ هنا يجيب سيادي ( فنجد هذا الاخر ( السني ) ينحي عن أخيه المواطن ( المطالَب ) ويضده في مطالبته بالحقوق وبالعدالة والمساواة ويميل ناحية من يظنه سيغدق عليه ( اي السلطة ) في حال ناصره في ظلم أخيه المواطن ( الشيعي ) ) ملاحظة أولية تكمن اهمية موضوع ( المواطنة ) اليوم في ارتباطه الوثيق بعملية تغيير قواعد الحياة السياسية في البحرين والتي جرت علي نسق اوصلنا الي مانحن عليه الان منذ اشهار جمعيات طائفية سياسية ( شيعية / سنية ) وعلي أساس مذهبي مما طأفن المشروع الاصلاحي ومكن الحلف الطبقي الضمني من ان يتنفذ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويحتكر مصادر السلطة والثروة . من هنا يجب تصحيح المعادلة المقلوبة والتي يحاول سيادي ان يعززها في الحياة السياسية ولكن كيف يكون ذلك ؟ بجعل الانتاج الاجتماعي المادي والروحي والقوي الاجتماعية الحية الفاعلة المنتجة أساسا للسلطة ( وليس الطوائف المسيّسة ) ومستندا موضوعيا للحق والقانون ، وهذا ما يفضي مباشرة الي جدلية المجتمع المدني والدولة السياسية ، او جدلية الاعمال الخاصة والوظائف العامة ، او جدلية الحياة الفردية الخاصة والحياة النوعية ، العامة للفرد الإنساني والمواطن وإلا فان البيئة القانونية والتي يتحدث عنها سيادي ( جري الحال بما جعل من المطالبين ( الشيعة ) بصحيح القانون للتصدي للفساد ومحاسبة المفسدين ؟! ومتجاوزي القوانين ؟! وميسري الافلات من العقاب والفالتين منه ؟ جعل من هؤلاء ( المطالبين ) ( الشيعة ) متهمين بالإرهاب والحض علي الفرقة ) وفي مكان اخر من المقال ( سحب جوازاتهم ونفيهم الخ ) ان هذه البيئة القانونية والتي يحاكم من خلالها سيادي الواقع والتي انزرع فيها مفهوم المواطنة ستظل جزيرة معزولة عن البيئة الثقافية والممارسة الاجتماعية والسياسية ومعزولة من ثم عن المنظومة الاخلاقية . ومن ناحية ثانية فان المواطنة ، ترتبط أوثق ارتباط بالاندماج الاجتماعي ، الوطني وليس التقابل الحدي بين طوائف كما ينظر لها سيادي . او التشارك الحر بين أفراد احرار ومستقلين ويعيش كل منهم حياته او حياتها الخاصة ، وينتجون معا حياتهم النوعية العامة . وليس تشارك طوائف ( شيعة / سنة ) كما هي من وجهة نظر سيادي ( من مثل كلمات ( لسند شريكه في الوطن ) ( يشتمون غالبية الشركاء الاخرين في الوطن ) لذلك تنطلق المقاربة الجدلية من افتراض ان المجتمع هو في حالة تشكل دائم اي في حالة انتاج ذاته وإعادة إنتاجها وهي مرتبطة أساسا بتطور معارف الأفراد وخبراتهم وتصوراتهم وقيمهم واساليب عملهم وليس كما يريد سيادي ان يعززه وهو كونه مرتبط بكل فرد حسب الطائفة التي ينتمي اليها ومن ثم بشحنه عاطفيا وسياسيا ليضد كما يقول أخيه المواطن ويتعرض له بالنكران ؟! وهذا يطرح جدلية الفرد والنوع بعكس ما يراه سيادي حيث يذكر في بداية مقالة جملة ( لصنفه المواطني والانساني الجامع ) ذلك ان العلاقات المتبادلة بين ( المواطنيين ) الأفراد ذات طابع مركب وتناقضي او جدلي يكمن تناقضها او جدلها في الجملة الاسمية ( سيادي إنسان ) التي تقول لنا ان سيادي هو كاتب معروف بصفاته وتعيناته الشخصية ( الفردية ) وافكاره التي تنظر للجمعيات الطائفية السياسية المذهبية ، وللشعبوية اليسراوية المغامرة ، وهو في الوقت نفسه إنسان اي تعين النوع او النوع متعينا ومن ثم فان كل فرد لها او له هذه الطبيعة المركبة الفردية والنوعية . هنا العلاقة من منظور سيادي مقلوبة فهو ينظر لجدلية ( الانسان ( النوع ) والفرد ) كما ورد في مقاله ( الانسان الساعي الي الحق بالعدل والمساواة حين يطلبه لنفسه ولذويه ولصحبه ولصنفه المواطني والانساني الجامع ودونما ادني تمييز لنفسه عن ( الاخر ) المختلف في دينه او مذهبه ودون استصغار في عرقه او جماعته ولا في نسبه ولا اصله ودون التفرقة للغته او ماله ) فهو يبدأ من العام ( الانسان ) ويصبغ علية صبغة طائفية الانسان هنا الطائفة الشيعية المسيّسة ومن انجرف خلفها من تيار يسمي وطني ديمقراطي فهؤلاء هم حاملين ( العدل ، المساواة ، الحق ، ولا يفرقون ولا يستصغرون الاخر هنا السني ) اذا بدون العودة الي جدلية الفرد النوع لا نستطيع اعادة بناء صورة المجتمع والنظام الاجتماعي في الذهن وتقدير اثر المواطن اي الفرد ودوره في انتاج المجتمع وتعيين نظامه وهذا مختلف جذريا عن فكرة ( دور المرجع او المكون الطائفي في التاريخ ) كما يريد له سيادي ان يكون والذي ينسب التطور او التغير او ( والحق لا يموت ) للطائفة الشيعية كما ينظر لها سيادي او للطائفة السنية كما يريد لها منظروها.
ان غياب هذا المبدأ البسيط وهو ( سيادي إنسان ) والذي من خلاله يمكن تعريف الانسان بانه كائن علائقي ، كائن يقيم علاقات ينتج علاقات واعية وهادفة مختلفة ومتنوعة ومتغيرة مع العالم الخارجي سواء الفيزيقي او الاخلاقي يعبر كل منها عن جانب من جوانب شخصيته وشكل وجوده وكيانه الاجتماعي . ينتج من هذه العلاقة / العلاقات الجدلية المختلفة والمتنوعة والمتغيرة بين ( الفرد والنوع ) مركب ليس أيا منهما هو المجتمع . بصفته بنية علائقية او شبكة علاقات ، والنظام الاجتماعي ، بصفته نظام هذه البنية او الشبكة او شكل وجودها ، فلا ينفصل النظام عن المجتمع ، لان الشكل لا ينفصل عن المضمون ولا يتغير المجتمع الا بتغير نظام علاقاته او شكل وجوده . كل هذا لا يعيه سيادي لان المعادلة لديه مقلوبة ( النوع / الفرد ) والنوع هنا عند سيادي اي الانسان هو يدخل في علاقة تضامنية طائفية مذهبية شيعية تأخذ شكلا سياسيا ( جمعيات طائفية سياسية ) تدخل في علاقة متقابلة مع تضامنية طائفية سياسية سنية هذه العلاقة يقسمها سيادي الي علاقة ( خير / شر ) في المطلق والخير هنا عند التضامنية الطائفية الشيعية والشر هنا عند التضامنية السنية . هنا بدل من ان يقوم سيادي بتعرية وكشف دور هذه التضامنيات وتبيان خطر تعزيزها في المجتمع يحاول ان يعطيها دور سياسي لكي تنقض علي الدولة والنظام والسلطة كل حسب مشروعه ( دولة ولاية الفقيه ) ( دولة الخلافة الاسلامية ) بالرغم من محاولة اخفاء هذه التضامنية الطائفية السياسية تحت مفهوم ( المواطن ) ، كما يطرح في مقالته ( فنجد هذا الاخر ( السني ) ينحي عن أخيه المواطن ( الشيعي ) المطالَب ويضده في مطالبته بالحقوق وبالعدالة والمساواة ويحسب انه محسوب له ومكافأ بالعرفان لدي البعض ( هنا السلطة ) المستأثر بالقرار والثروة في حال تصديه بالنكران للمطالب ؟ ( ونهجوا ( السنة ) إيقاع دواعي الظن للنيل من المطالبين ( الشيعة ) بالحقوق المواطنية الجامعة بالعدل والمساواة ) الالية هنا لانتزاع السلطة عبر كما يطرح ( وأحالوا الحق الشعبي المنصوص عليه في الدستور ( الشعب مصدر السلطات جميعا ) ويملك الحق في قبول او رفض من يدير الثروة والقرار الوطنيين سواء بالانتخاب الشعبي او الرفض الشعبي الجمعي الغالب لسياسات الحكومة امر لا بد من الاستجابة له دستوريا ) هذه هي سياسة الغالب والمغلوب وان غلفها سيادي بفقرة من الدستور وهذا هو الحق والذي لا يموت كما ذكر وهو الحق المراد به باطل وهو مشروع الدوار الفاشل مشروع الجمهورية الشعبية الاسلامية ذات البعد الطائفي الشيعي ؟! حتي لو جاءت كما كانت تطرح الوفاق عبر الديمقراطية التوافقية اي ديمقراطية المحاصصة الطائفية ؟! وهو ما يحاول سيادي ان يقنع في مقاله السنة كطائفة به ؟! وان تتطابق مطالب الشيعة كطائفة مسيسة وان تتوافق معها الطائفة السنية المسيّسة ؟! هنا تختفي جدلية ( الفرد والنوع ) كون كل فرد ( مواطن ) هو الفرد المختلف والنوع المؤتلف ، الاختلاف هو ميدان الحرية التي تقوم عليها العلاقات المتبادلة بين الأفراد والجماعات ( وليس الطوائف والطائفية ) والائتلاف هو ما يعين نظام هذه العلاقات او انتظامها في مجموعات ( وليس طوائف ) تتقاطع فيما بينها مشكلة النسيج الاجتماعي ، اختلاف الأفراد وتعارض اتجاهاتهم ومصالحهم هو ما يجعل النظام ضروريا وكون كل منهم النوع ( الانسان ) متعينا هو ما يجعل النظام ممكنا ( وليس الطوائف المتعينة ) اذ لو ترك الاختلاف والتعارض وخصوصا اذا أخذ بعدا طائفيا سياسيا كما يراه سيادي فلن يتشكل المجتمع ولن يتشكل النظام . في اللحظة الراهنة المشروع الاصلاحي هو النظام اي المضمون والمواطنة المنشودة هي الشكل ) وليس كما يريده سيادي نظام محاصصة طائفية كمضمون والرعوية كشكل . فكل ما يستطيع الانسان فعله هو تغيير الأشكال اي من الرعوية الي المواطنة وليس التقهقر الي الوراء كما يريد سيادي الي الرعوية فالعنصر النوعي او عنصر الكلية ( الانسانية ) والعمومية الوطنية في كل فرد ( وليس طائفة ) هو الضمانة الموضوعية الوحيدة لأي مجتمع وأي نظام اجتماعي .
كيف يفهم سيادي المساواة ؟ فكما جاء في مقاله يبدأ من ( الانسان ) ( النوع ) ( الانسان الساعي الي الحق بالعدل ( والمساواة ) حين يطلبه ( لنفسه ) و ( لذويه ) و ( ولصحبه ) و ( لصنفه المواطني ) و ( الإنساني الجامع ) دونما ادني تمييز لنفسه عن ( الاخر ) المختلف في ( دينه او مذهبه ) ودون استصغار ( الاخر ) في عرقه او جماعته ولا في نسبه ولا اصله ودون التفرقة للغته او ماله ) والسؤال هنا هل المساواة تبدأ بسعي او برغبة او بإرادة وبطلب سواء ( لنفسه او لذويه او لصحبه او لصنفه المواطني او الإنساني الجامع ؟؟ ذلك ان المواطنة مؤسسة قانونيا علي المساواة في ( الحقوق والواجبات ) وكذلك الديمقراطية والعدالة الاجتماعية . وليست مبنية علي ( سعي ) ولكن مالا يراه سيادي انه قبل المواطنة وبعدها ومن اجلها ثمة ( الفرد الإنساني ) المعترف بكيانه الفردي والمعترف به ، وثمة ( الاستقلال الذاتي للأفراد ) اناثا وذكروا ، من دون ( الاستقلال الذاتي ) لا حاجة الي ( المساواة ) ولا قيمة لها ولا معني للمواطنة ولا حاجة اليها . فما حاجة الي المساواة مع تابعين ( لنفسه ولذويه ولصحبه ) وأخفي كلمة ولطائفته ولكنه يؤكدها عبر وجود ( الاخر ) اي السني . اذا كان الجميع متساوين في التبعية ؟! فالاستقلال الذاتي مؤسس في الاختلاف ومبني عليه وإلا اصبح حديثنا عن وجود القطيع الذي يقوده المرجع او الزعيم او الرمز ؟ هذا حد أولي ومبدئي للمواطنة وحد عليها ، ( المساواة ) علاقة بين متشابهين شبها تاما او بين قيمتين ، فلا يستقيم ان يتساوى الأفراد المختلفون في كل شيء مثل الرجال والنساء الا في القيمة والمكانة اي في الماهية الانسانية والكرامة الانسانية وفي الماهية الوطنية والكرامة الوطنية ، والكرامة الانسانية تؤسس للكرامة الوطنية وتمنحها مضمونها الأعمق وإلا كانت الوطنية ( كما هي عند الوفاق ووعد والمنبر والتجمع ) مجرد عصبية جديدة فالاختلاف ينفي المساواة اي وجود النحن ( الشيعة ) والهم ( السنة الاخر ) فالإنسان الساعي كما يطرحه سيادي من وجهة النظر آلتي طرحت والمختلفة عن ما يطرحه هو يكف الانسان عن كونه مفهوما مجردا او كلية مجردة ( فكرة ) بل كلية عيانية والإنسان هو الفرد مجردا وإلا فلا مواطنة ولا وطنية لذلك يشعر سيادي كإنسان من خلال تصوره ( الساعي لنفسه ) انه النموذج او المثال او ( الطائفية السياسية الشيعية ) هي النموذج او المثال الذي يجب ان يكون علي الاخر ( السنة ) فلا يقبل ( الاخر ) الا اذا كان مثله . وهذا كما ذكرنا في مقالة سابقة ان مأزق الوفاق الوطني في عدم قدرتها علي توحيد الوطن بل كل ما تفعله هو تقسيمه طائفيا وهذا مأزقها الفعلي . ولعل عدم احترام الرأي الاخر من قبل سيادي والذي يحاول ان يسقط عليه قيم وتسميات سلبية من مثل ( إيقاع دواعي الظن للنيل من المطالبين بالحقوق المواطنية . يتعرضون للمطالبين بالنكران لأنهم عائشين في بحبوحة انية . ويضده في مطالبته بالحقوق ، ويميل ناحية من يظنه سيغدق عليه في حال ناصره في ظلم أخيه المواطن . ويحسب انه محسوب له ومكافأ بالعرفان لدي البعض المستأثر بالقرار والثروة في حال تصديه بالنكران للمطالب . عن بعض نَفَر جاهل بجدوي التسامح الإنساني . اغواهم بعض الدينين المتزمتين الطائفين من بعد الترويج الكاذب الطائفي بان الحراك طائفي . بان المطالبين تم اتهامهم من ( السنة ) بأنهم اذناب لبلاد غير البحرين واتهامهم ( جعل من هؤلاء المطالبين متهمين بالإرهاب والحض علي الفرقة . ومحاولة ان يحرضوا السلطة علي تطبيق قانون العقوبات وقانون الاٍرهاب علي المطالبين ( الشيعة ) بالحقوق . ) اذا عدم احترام الرأي الاخر تعبير عن الإنكار الضمني للاختلاف او عن النفور منه ذلك ان الاختلاف عند سيادي هو قيمة سلبية في وعيه وثقافته فهو بمنزلة العيب وهو لا يميز الاختلاف عن الخصومة او الكراهية والحقد . هذا هو جوهر المساواة قبل ان تكون ولكي تكون مساواة في الحقوق والواجبات امام القانون وليس بالتمني والسعي وفي عضوية الدولة من دون هذا التحليل لا نصل الي مواطنة ديمقراطية ولا ندرك جدلية الحق والواجب ولا كلية القهر والهدر وجدليتهما هذه الجدلية تعني ان الظالم هو المظلوم ، والقاهر هو المقهور والسيد هو العبد فمن يقهر شخصا اخر او يهدر انسانيته او يظلمه او يستعبده إنما يقهر ذاته الانسانية ويهدر انسانيته ويظلمها ، فالآخر هو انا وتجلي ماهيتي . هذا هو الجدل المادي .
كيف يفهم سيادي المواطنة ؟ ان سيادي يستخدم كلمات من مثل وطن ومواطن ومواطنة بعيدا عن المعاني التي تحيل عليها ( مفاهيم ) الوطن والمواطن والمواطنة فلا نستغرب اذا سيادي يتحدث عن المواطنة ويقصد بها الرعوية ؟ او عن الوطن ويقصد به الطائفة ، فهو حتي لو تحدث عن الوطنية فهو يقصد بها العصبية الطائفية المذهبية وهو ما يوكد عليه بان الاخر هنا السنة ( الاخر ) من مثل ما يذكر ( بانه يتعرض له بالنكران لأنه عايش في بحبوحة ( اي السني ) وباعتقادات طائفية يضنها رافعة عنه المظلمة وسادة عنده الحاجة لسند شريكه ( الشيعي ) في الوطن ) ، اذ كل من يخالف سيادي في الانتماء والراي والموقف ليس وطنيا ولا يستحق شرف المواطنة ؟! وفكرة الدولة التي ينشدها سيادي وجمعية الوفاق وحلفائها وعد المنبر التجمع اي الدولة الاسلامية ( دولة ولاية الفقيه ) التي تنشدها الوفاق او الدولة المدنية العصرية الحديثة التي تنشدها جمعيات ما يسمي التيار الوطني الديمقراطي التي يكثر الحديث عنها اليوم في خطاب تلك الجمعيات لا تعدوا ان تكون نوعا من يوتوبيا الدولة والتي تحجب واقع ( الجمهورية الاسلامية الشعبية عند حق وفاء او دولة ولاية الفقيه عند الوفاق ) وتخفي السعي الي محاولة زرعها وإعادة إنتاجها في البحرين علي نحو ما يطرح سيادي ( وأحالوا الحق الشعبي المنصوص عليه في الدستور ( الشعب مصدر السلطات جميعا ) ويملك ( الحق ) في قبول او رفض من يدير الثروة والقرار الوطني سواء بالانتخاب الشعبي او الرفض الشعبي الجمعي ( الغالب ) لسياسات الحكومة امر لا بد من ( الاستجابة له دستوريا(
ان سيادي يستعمل هنا مفهوم التعايش او التشارك بدلا من مفهوم المواطنة كما يذكر ( لسند شريكه في الوطن ) للالتفاف او الاحتيال علي الحقوق المدنية والسياسية المتساوية للمواطنين ومفهوم التعايش او التشارك يدل في الواقع علي التعايش او التشارك قسرا ويعبر عن حالة جماعات ما فبل المدنية وما قبل الوطنية هنا هو يقصد التعايش او التشارك بين طوائف ( شيعة / سنة ) والتي هي مناهضة للدولة بالتساوي ؟! ويحاول ان يغلف مناهضة الدولة بمفهوم التعايش او التشارك ومفهوم ( الديمقراطية التوافقية ) والذي كانت تريده الوفاق عبر خطب المرجع الروحي عيسي قاسم او علي سلمان في اثناء الدعوة للحوار الوطني والتي أفشلتها الوفاق ما قبل انتخابات ٢٠١٤ وإصرارها علي المحاصصة الطائفية والتي تأثرت بها مجموعات فيما يسمي التيار الوطني الديمقراطي ( وعد ، المنبر ، التجمع ) والتي تعني بتقاسم السلطة تبعا لتقاسم السيادة بين الدولة والدين بدلا من الاحتجاج علي الديمقراطية التوافقية وعلي تقاسم السيادة اذا كان ثمة من تقاسم لها بالفعل او اذا كانت قابلة للتقاسم حيث ان الدعوة الي ( الديمقراطية التوافقية ) انطلاقا من اعتبار الدين او المذهب ( هوية سياسية ) وهي النقطة الجوهرية التي تتمحور عليها مقالة سيادي ؟! وكما ذكرنا في موضوع الوفاق وأزمتها الوطنية ان جمعا غير منسوج من الطوائف والمذاهب المتحاجزة والمتفاصلة والمتناحرة و( المتعايشة او المتشاركة ) علي القسر لا يشكل مجتمعا مدنيا ، ولا يشكل أمة وشعبا ، ولا ينتج من علاقاته الاجتماعية الاقتصادية والسياسية دولة حديثة ، بل تنتج منها سلطة مؤسسة علي الغلبة والقهر ، تنحل وتتشكل كلما اختلت نسبة القوي الطائفية المذهبية سواء لأسباب محلية او خارجية او كلما غيرت هذه القوي ولاءاتها وتحالفاتها الداخلية والخارجية كما يذكر سيادي يصبحون اذناب لبلاد غيرها البحرين هنا لم يذكر ايران دولة ولاية الفقيه او حكم الملالي الطائفي في ايران ؟ وهنا تظهر الحزازات وتتطور الي نزاعات وتتطور الي تناحر مذهبي طائفي حيث كشفت هذه التناحرات بنية المجتمع الحقيقية وهذا ما تريده الوفاق وينظر له سيادي بان يتشكل عقد اجتماعي بين جماعات او طوائف مغلقة تعين كل منها هوية أعضائها ، لا عقد بين مواطنين احرار يتمتعون بحقوق مدنية وسياسية متساوية . فالجماعات المغلقة اي الطوائف المغلقة هي مناهضة للدولة بالمعني السياسي وعقبة في طريق تطورها . في هذه الحالة تتقاسم الجماعات ( الطوائف ) المغلقة السلطة وفق نسبة القوي المتغيرة وتتقاسم السيادة وهنا لا ينطبق مفهوم السيادة علي السلطة اولا ، لأنه مفهوم لصيق بالدولة الوطنية الديمقراطية ولا علي سلطة من هذا النوع تفتقر الي العمومية اي الي الوطنية ، ثانيا لذلك يظل شبح تقسيم الوطن الي كانتونات ما ثلا في ثنايا الحياة السياسية كما حدث منذ ما سمي ( بثورة ١٤ فبراير ) والذي نتج عنه الشرخ الطائفي وتحول القوي الي ما يشبه الكانتونات والتي تحولت معها القوي السياسية في البحرين الي استطالات لقوي خارجية كما يذكرها سيادي اذناب لبلاد غيرها البحرين ، وتحول معها الاستقرار النسبي السياسي في ظل المشروع الاصلاحي والذي كان يعمل تحت مظلة ميثاق العمل الوطني وحولته تلك القوي الطائفية المسيّسة اي الاستقرار السياسي والتعايش الاجتماعي وحاولت ان تحوله الي ( حرب ) أهلية لولا فشل مشروعها الطائفي ( مشروع الدوار الكارثي ).
وهنا لا بد ان نحدد ونعرف المواطنة فالمواطن والذي يتحدث عنه سيادي في مقاله لا يحمل تعريف المفهوم ( المواطن ) كونه عضو في جماعة سياسية هي الأمة او الشعب بل ان سيادي ينظر له كعضو في مكون طائفي وفي جماعة طائفية مسيسة تحمل طابعا مذهبيا . الجماعة السياسية التي يفهمها الجدل المادي هي ( المجتمع المنظم او الشعب المنظم ) في دولة وليس الطوائف المنظمة والمسيسة في دولة كما هو في العراق او لبنان او ايران فالدولة هي مجتمع سياسي او ( مجتمع منظم او شعب منظم ) او شكل الحياة السياسية للشعب ، فالمواطن هنا عضو في دولة حديثة يتمتع بما تقرره المواطنة من حقوق مدنية وسياسية وما تعينه من واجبات مدنية والتزامات قانونية . وليس كما يريد سيادي ( بمطالب ) ذات بعد طائفي سياسي بامتياز . فسيادي لا يفهم ان المواطنة هي عضوية كاملة في الجماعة السياسية اي الشعب المنظم في دولة وبالتالي عضوية كاملة في الدولة وهنا ينفك الاغتراب والاستلاب الذي لطالما تحدث عنه كارل ماركس وهو الناتج عن انفصال المجتمع المدني عن المجتمع السياسي واغترابه عنه ، فلا قوام للمواطنة من دون الشعب الحديث والدولة الحديثة . اي يجب ان يكف سيادي وكل من يحاول ان يعزز هذا الاغتراب والاستلاب عبر تقسيم المجتمع واستقطابه طائفيا عبر الاستمرار في التشطير الطائفي ( سنة / شيعة ) وان حاول سيادي ان يغلفها بكلمة مواطن ( ينحي عن أخيه المواطن المطالَب ويضده في مطالبته بالحقوق ) . في ضوء هذا التحديد ( من منظور الجدل المادي ) لا يبدو مفهوم المواطنة ملتبسا او غامضا او موضوع خلاف وجدال كما هو عند سيادي ومن ينهج علي نهجه . ان اقتران مفهوم المواطنة بمفهوم الدولة الوطنية والذي لا يستثني اي فرد من أفراد المجتمع المدني من حقوق المواطنة وواجباتها . وليس كما يريد سيادي حقوق طوائف مسيسة فهو هنا لا يتحدث عن مواطنين او أفراد بل عن سنة وشيعة ولا يتحدث عن شعب ولا عن دولة حديثة بل عن طائفة شيعية مظلومة وسنية ظالمه اما مغرر بها من فبل السلطة او بما اغواهم بعض الدينيين المتزمتين . ؟! هنا تنقلب موازين القوي الذي يحاكم بها سيادي بين مواطنين شيعه اصحاب حقوق ومطالب وعدل ومساواة ومحاربة فساد الخ ومواطنين سنة يضدونهم وينكرون عليهم ذلك وبالتالي فالشيعة هم النوع هم الانسان او الإنسية وبالتالي هم أساس الوطنية وهنا تنقلب المعادلة فلا يمكن ان يعترف احدنا بتساوي المواطنيين في الحقوق والواجبات اذا لم يعترف اولا بتساويهم في ( الكرامة الانسانية ) ، فالإنسانية والمواطنة صفتان لا تقبلان التفاوت والتفاضل والتقسيم الطائفي ( شيعي أفضل من سني ) ؟! فليس من فرد انساني هو اكثر او اقل إنسانية او إنسية من الاخر ، وليس من عضو في دولة معينة هو مواطن اكثر او اقل من الاخر . ان هذا التقليد السياسي الرديء والذي يحاول سيادي من خلاله اي يصف السنة بأنهم ضد المطالَب وضد الحقوق وأنهم بالتالي غير وطنيين وان الشيعة هم اصحاب المطالَب والحقوق وبالتالي هم الوطنيين ، ان نزع صفة الوطنية عن السنة او غيرهم هو هدم لمبدأ المواطنة لا ينم عن جهل بما هي المواطنة فقط بل ينم علي الاستبداد فالجهل والاستبداد صنوان والمستبد هو اجهل الجاهليين لأنه ليس في حاجة الي ان يعرف ، بل في حاجة الي ان يريد ويحكم فقط . فان سيادي هنا ينظر للمواطنة الي ( حكم قيمة ) يقيم بها ويفاضل الشيعة عن السنة ؟ وهو هنا لا ينتبه الي ان هذه الأحكام التي يطلقها ذات أصل ديني او مذهبي ، فالتخوين في الخطاب السياسي ، كالتكفير في الخطاب الديني سواء بسواء ويعني في الحالين اخراج الاخر من الملة وإحلال دمه وماله وعرضه او هدرها فكما هو حدث لدي لما يسمي التيار الوطني الديمقراطي ( وعد ، المنبر ، التجمع ) منذ احداث ١٤ فبراير تحولت وانحكمت للبعد الطائفي وأصبحت معادية للحرية مثلها مثل جمعية الوفاق او الجمعيات الطائفية السياسية السنية التي تستغل الدين فبالرغم من ادعاء وعد وهذا ايضا يسري علي المنبر والتجمع بأنها عومت الايدلوجيا الا انها أصبحت جمعيات ايدلوجية تعكس عفن المجتمع التقليدي او المطئفن فبالرغم من انها جمعيات سياسية تعكس طائفية المجتمع التقليدي المقسم والمستقطب طائفيا والهمجي ولكن في أهاب ( علماني ) بالرغم من ان وعد رفضت شعار علمانية الدولة ؟! هو علماني صحيح ولكنه مزيف وزائف هذا العار يجب نقده علي المُلا الا تكفي ممارسات الأحزاب القومية والإسلاموية التي اغتصبت السلطة ما بعد ما سمي بالربيع العربي وأذاقت الناس الامرين دليلا علي ذلك ؟.
ان فكرة المواطن عند سيادي لا تزال ملتبسة بفكرة ( الرعية ) ففكرة المواطن لديه لم تتحرر بعد من ماضيها الرعوي ( نسبة الي الرعية ) وذلك راجع ايضا ان مفهوم الشعب والدولة لا يزالان ملتبسين عنده ويحملان رواسب طائفية ضمن اطار تقسيم الشعب الي ( سنة / شيعة ) وبالتالي فان الدولة المنشودة هي دولة المحاصصة الطائفية ، ان احد الأبعاد الرئيسية للمواطنة هي كونها اولا ( حالة قانونية ) او وضع قانوني وهو الذي استغله سيادي في مقاله اسوء استقلال وأعطي هذه الحالة بعدا طائفيا صرفا من مثل ما يذكر ( ولكن جري الحال بما جعل من المطالبين ( هنا يقصد الشيعة ؟! ) بصحيح القانون للتصدي للفساد ومحاسبة المفسدين ومتجاوزي القوانيين وميسري الافلات من العقاب والفالتين منه جعل من هؤلاء المطالبين متهمين بالإرهاب والحض علي الفرقة ) وفي مكان اخر طالبوا السلطة لسحب جوازات سفرهم الخ . اولا هل هذه هي مطالب حراك ١٤ فبراير نرجو من سيادي ان يعود الي كل المطالَب والتي رفعت علي شكل شعارات وتحت شعار عام هو الشعب يريد إسقاط النظام والذي اصبح في ذمة التاريخ ! فكل صحيح القانون كما يدعي هو كانت موجودة ما قبل احداث ١٤ فبراير وكان المطالبين بمحاسبة الفساد والتصدي للفساد ومتجاوزي القانون الخ موجودين في السلطة التشريعية ب ١٨ نائب وكان تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية موجود في أيديهم ولكنهم لم يحركوا ساكنا بل بالعكس كانوا يدافعون عن الفاسدين والمفسدين تحت قبة البرلمان لمن ينتمي لطائفتهم ؟! وهو يخلط هنا الأوراق ما قبل احداث ١٤ فبراير وما حصل بعدها من مثل قوله ( وميسري الافلات من العقاب والفالتين منه ) ان ما لا يفهمه سيادي هو انه من طبيعة القانون انه ينهي ولا يأمر وانه مؤسس في الحرية يحدها وينحد بها ، وهنا حدثت الكارثة في احداث ١٤ فبراير وهو ما يحاول سيادي ان يلتف عليه ويماطل فيه فالحد هنا هو الذي يحول دون تجاوز الفرد علي حقوق الاخرين وحريتهم وان يفرض اجندته الطائفية والمذهبية عليهم وان يفرض ثورة موهومة عليهم وان يعتصم في دوار ويعلن العصيان المدني والإضراب العام ويقطع الشوارع بالخرسانة والكونكريت وأعمدة الكهرباء ويسكب الزيت ويشعل الاطارات ويرمي المولوتوف في الشوارع العامة الخ . فالقانون مهم وضروري للحرية ويتصل بها من جانبين الاول من حيث هو تعبير عن الحرية الموضوعية كما يصفه هيجل ، والثاني لأنه تجسيد لمبدأ المسؤولية الفردية الملازم للحرية . فكل من خرق القانون في احداث ١٤فبراير والي الان سواء كان شخص او جمعية سياسية يتحمل هذه المسئولية ، اذ ان الحرية والمسئولية صنوان لا يفترقان وإلا تحولت الحرية الي استبداد كما حدث عندنا في احداث ١٤ فبراير اي الي مطلق ذاتي يحمل طابعا طائفيا مما أدي الي الفوضى بل الي عدم الحرية اذ لو ان كل فرد حر في ان يفعل ما يشاء متي يشاء وكيفما شاء ، بلا رادع وان يبسط ارادته وارادة مرجعه ورمزه وزعيمه علي كل ما يقع تحت يده بلا حدود كما حدث في احداث ١٤ فبراير لما كان احد حرا .
اما عن البعد الثاني الرئيسي للمواطنة بعد البعد الاول ( حالة قانونية ) هو بعد اجتماعي / سياسي ذلك ان سيادي ملتبسة ايضا عنده الحالة او البعد ذلك انه لا ينظر الي المواطنات والمواطنين علي انهم ( قوة اجتماعية / سياسية ) يشاركون بنشاط في عملية الانتاج الاجتماعي سواء المادي ام الروحي ويشاركون بالتالي في الشئون العامة من خلال العمل سواء في القطاع الخاص او القطاع العام ويشاركون في المجال السياسي من خلال مؤسسات المجتمع المدني ، كالنقابات والاتحادات العمالية والجمعيات المهنية والجمعيات السياسية وجماعات الضغط او النخب الاجتماعية ويشاركون في حياة الدولة من خلال حق اي منهم او منهن في تسلم المناصب السياسية والإدارية والقضائية بطريقة المنافسة وتكافئ الفرص وتعد الانتخابات سواء للمجالس البلدية او التشريعية من اهم أوجه النشاط التي تعبر عن حيوية المجتمع وهذه لا تقتصر علي أوقات الاقتراع اي الانتخابات التي تجري كل اربع سنوات كما حدث ويحدث عندنا في البحرين ، بل هي نشاط دائم موضوعه الحقوق والحريات الخاصة والعامة وقضايا التنمية الانسانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، وتحسين نوعية الحياة العامة وشروطها المادية والمعنوية ، وعن طريق مراقبة عمل المجالس البلدية و التشريعية وعمل السلطة التنفيذية والحيلولة دون ان تتجاوز هذه السلطات حقوق الأفراد والجماعات وحرياتهم في التعبير عن الرأي والنقد . كل هذا لا يراه سيادي الا من منظار طائفي فكل ما يراه ان السني يضد الشيعي في مطالبه حيث يحسب السني انه محسوب له ومكافأ بالعرفان لدي البعض ( السلطة ) المستأثر بالقرار والثروة في حال تصديه بالنكران للمطالب اي لمطالب الشيعة كما يري سيادي ؟ وفي مكان اخر يري ان وراء ما تحاشاه بعضا من غالب المواطنيين ترددا في اعلان الموقف الصريح تجاه المطالَب او بما اغواهم بعض الدينيين المتزمتين الطائفيين من بعد الترويج الكاذب الطائفي المبتغى بان الحراك ( اي في ١٤ فبراير ) طائفي ؟ حتي محاربة الفساد قام بطأفنتها فالمحاربين للفساد هم من الطائفة الشيعية مما جعل من هؤلاء متهمين بالإرهاب والحض علي الفرقة ؟ وهو يغض النظر عن كل ممارسات الجمعيات الطائفية السياسية ومنها بالأساس جمعية الوفاق عندما لم تحسن الربط بين عملها في البرلمان او في الشارع حيث اثبتت الممارسة آلتي قامت بها الوفاق في احداث ١٤ فبراير انها لا يهمها الا انتزاع السلطة وليس المشاركة فيها وذلك عبر تعليق عضوية نوابها في البرلمان ومن ثم سحبهم ومن ثم الاستقالة والتحول الي التغيير عبر الشارع لإسقاط النظام ؟ وبعد فشل مشروع الدوار صار ديدنها كما السابق هو مقاطعة العملية البرلمانية اي مقاطعة الانتخابات كما يري سيادي عبر قوله ( وأحالوا الحق الشعبي المنصوص عليه في الدستور الشعب مصدر السلطات جميعا ، ويملك ( اي من حرك احداث ١٤ فبراير الشيعة هنا ) الحق في قبول او رفض من يدير الثروة والقرار الوطنيين سواء بالانتخاب الشعبي او الرفض الشعبي ، الجمعي الغالب لسياسات الحكومة امر لا بد من الاستجابة له دستوريا ؟ ومن هنا يلعب سيادي بالنار وببث الفتنة الطائفية عبر هذا التشطير والتقسيم والاستقطاب الطائفي الذي يحاكم عبره ما حدث في كارثة الدوار والي الان وذلك عبر تمزيقه للبعد الثالث للمواطنة اي ( الهوية الوطنية ) الي يستمدها الفرد المواطن او المواطنة من عضويته في ( جماعة سياسية ) فسيادي هنا لا يفرق بين الجماعة السياسية التي هي الدولة او المجتمع المنظم او الشعب المنظم بوصفه مصدر الشرعية والسيادة ومصدر جميع السلطات وبين الجماعات ما قبل المدنية الطائفية المذهبية وما تقيمه هذه الطوائف المسيّسة من جمعيات سياسية كجمعية الوفاق وجمعية المنبر الاسلامي مثلا . فالأمور عند سيادي هنا سديمية ومختلطة فالبحريني هنا يعرف نفسه للأخر عبر كونه اما سني او شيعي والآخر هنا ليس كما يذكر الذي يصده في مطالبه بل لغير المواطن فلا نستغرب بعد ذلك اذا سألنا اي وافد للبحرين عند اول لقاء له بِنَا هل انت شيعي ام سني او حتي المواطن في البحرين اصبح يسئل أخيه المواطن عند اول لقاء هل انا اتحدث مع سني مثلي ام شيعي اضده ؟!! هنا يغيب عن سيادي ان الجماعة السياسية اي المجتمع المنظم او المجتمع السياسي او الدولة هي المصدر الوحيد للهوية بأبعادها الاجتماعية والثقافية والسياسية والأخلاقية . وهذا يحدد الفارق الجوهري بين الأصل سواء كان سني او شيعي والهوية من جهة وينفي ان يكون العرق واللغة او الدين او المذهب او الطائفة او الطبقة الاجتماعية أساسا للهوية الوطنية او ان تكون الهوية الوطنية كما يذهب سيادي في طرحه تعينا للطائفة او امتداد لها او انتماء اي مواطن اليها من جهة اخري فعكس ذلك لما نقول البحريني هنا هو الانتماء الي جماعة سياسية ( دولة ) وهذا الانتماء والولاء التعاقدي او التشاركي ، الطوعي ، الحر ، بين مواطنين احرار هو أساس الهوية الوطنية .
إن سيادي لا يري الي ان المواطنة هي صفة موضوعية لا تقبل التفاوت والتفاضل ، كالإنسانية سواء بسواء ، فليس بين أبناء الوطن الواحد وأعضاء المجتمع المدني الواحد والدولة الوطنية الواحدة من هو مواطن اكثر من الاخر او إنسان اكثر إنسانية من أخيه الاخر كما يريد ان يوهمنا سيادي بعكس ذلك وهو بان هناك مواطن ( شيعي ) صاحب مطالب وحقوق يمثل الخير المطلق ومواطن ( سني ) يضد ويصد ويمثل الشر المطلق . ان سيادي هنا لا يلمس الي ان المواطنة تنطوي علي شعور بالانتماء الي الوطن يسمي الشعور الوطني ، ويتضمن الوطن في هذه الحال معني الدولة والمجتمع والشعب وليس كما يري سيادي وما يسمي التيار الوطني الديمقراطي والجمعيات الطائفية السياسية اذ لا يَرَوْن في هذه الدولة ، حتي اليوم سوي صنيعة للغزو القبلي او صنيعة استعمارية وعقبة في طريق دولة ولاية الفقيه او الخلافة الاسلامية او الاممية البروليتارية ، تجب ازالتها علي الرغم من الكفاح الوطني الذي منحها ابرز خصائصها وهم يقفون هنا بعيدا عن المعني الأعمق للوطنية ، اما اذا غاب او غيب كما حدث عندنا في البحرين منذ ان تشكلت جمعيات طائفية دينية مذهبية مسيسة سواء في الضفة الشيعية او الضفة السنية ونقابات واتحادات مسيسة طائفيا ، وجمعيات مهنية مسيسة طائفيا الخ اي تم تغييب وبالتالي أضعاف هذا الشعور الوطني مما ولد شعور عند الأفراد او المواطنين بان الوطن لم يعد لهم والهوية الوطنية لم تعد تستوعبهم هذا هو الشعور الذي عززته المطالَب والحقوق التي ينظر لها سيادي منذ احداث كارثة الدوار في ١٤ فبراير ٢٠١١ ، فتوجه المواطنين مباشرة الي ( الولاء الأضيق ) اي الاحتماء بالطائفة والمذهب فيسموا الولاء الأضيق علي الانتماء الي الوطن ومن ثمة الي الشعب والدولة ، بينما كان من المفترض ان يكون العكس مع بداية المشروع الاصلاحي لو كانت هناك جمعيات سياسية وطنية ديمقراطية ( بحق ) والتي كانت ستكون الرافعة الوطنية للشعور الوطني فهي ستكون المستفيد الاول من تعزيز هذا الشعور عند الأفراد المختلفين في انتماءاتهم الاثنية او في الدين والمذهب والخلفية الاجتماعية والثقافية والارتباط السياسي ، وان ذلك سيؤدي تلقائيا الي اندماج المواطنين في كيان سياسي واحد دونما تفرقة او تمييز . هذه هي العلاقة الصحيحة بين الهوية والانتماء من منظور مختلف عما يراه سيادي ويريد ان يعززه في المجتمع ، فالتفريق القطعي بين الانتماء الي مجتمع مدني حديث وجماعة سياسية حديثة ، وبين الانتماء الي جماعة او جماعات غير سياسية ما قبل وطنية و ما قبل مدنية كما يريد سيادي انتماء الي جمعيات طائفية مذهبية والانصياع الي مطالبها وحقوقها المزعومة . هذا التفريق يعين فروقا وحدودا واضحة بين هوية وهوية او بين رؤيتين لما هي الهوية ، رؤية تقوم علي الرعوية اي التبعية للمرجعية الروحية والسياسية الملالي او الرموز او الزعماء واخري تقوم علي المواطنة من منظور وطني ديمقراطي عقلاني اي علي الاستقلال الذاتي والمساواة والحريّة . مع الأخذ في الاعتبار هنا ان اي رؤية سياسية حديثة لا تصنع واقعا سياسيا حديثا من تلقاء نفسها . ففكرة المواطنة شيء وممارستها شيء اخر ، الممارسة أساس النظرية او الرؤية وميدان اختبارها ، والحكم في شرعيتها الفكرية والعلمية ، الفكر لا ينتج الواقع ولكنه شرط ضروري من شروط ( تغييره ) وهذه المهمة الرئيسية الملقاة علي عاتق جمعية التغيير الديمقراطي تحت التأسيس ، ولا سيما حين يكون الفكر من منطلقها حرا ، نقديا ومستقبليا مع الأخذ بالاعتبار بان ليس من رؤية او نظرية سياسية او غير سياسية لا يمكن نقدها وتفنيدها او دحضها وإعادة بنائها في شروط زمانية / مكانية مختلفة ومتغيرة . هنا وفي هذه اللحظة الراهنة من تطور المشروع الاصلاحي سوف تتعين مسئولية إيجاد البديل الوطني لكي يملا الفراغ الحادث في وجود تيار وطني ديمقراطي عقلاني وذلك عبر أخذ المبادرة التاريخية لإشهار جمعية التغيير الديمقراطي تحت التأسيس هنا تتعين مسئولية القوي الديمقراطية والوطنيين والديمقراطيين في البحرين اليوم والان مما يستدعي ضرورة قيام جمعية سياسية جديدة ذات طابع وطني ديمقراطي تضع مبادئ المواطنة وقيمها وشروط تحقيقها في صلب عملها الفكري والسياسي ، وحقوق المواطنة هدفا رئيسيا من أهدافها ، وتتعين مسئولية المثقفين والتغييرين ومنظمات المجتمع المدني الجديدة في تأسيس هذه المبادئ والقيم وتعميمها من هنا فانه سيكون بوسعنا ان نكتشف الطابع الثوري للمواطنة منظورا اليها من وجهة الديمقراطيين الوطنيين التغييرية او من وجهة نظر الجماعات الطائفية المذهبية ، او من وجهة نظر الأغنياء والفئات الميسورة ووجهة نظر الفقراء والمهمشين من وجهة نظر الليبراليين ووجهة نظر الاصوليين المتطرفين . وإلا سوف نظل اسري الرأي الواحد والتفكير الاحادي والمعني الواحد واللون الواحد كما هو عند سيادي ومن يلف لفه من جمعيات تسمي نفسها تيار وطني ديمقراطي ؟ ان المغزى الأعمق للمواطنة ، والذي يؤسس المساواة ، هو سيظل دائما هو الاختلاف والاستقلال الذاتي للمختلفين كما نختلف هنا مع سيادي وغيره تحت عنوان في العلاقة بين منهج التحليل الطائفي ومنهج التحليل الجدلي النقدي ، فمن كل هذا سوف تنبثق خطابات مختلفة تتحاور وتتنافس وتتجابه ، في عملية انتاج المعني الذي يكشف عن معني السلطة سواء لدي الحلف الطبقي الضمني او حلف الجمعيات الطائفية السياسية مع ما يسمي التيار الوطني الديمقراطي اي انتاج الثقافة التي تكشف عن ثقافة السلطة ، وإنتاج الحقيقة التي تجابه حقيقة السلطة سواء التي يريدها الحلف الطبقي او الحلف بين الجمعيات الطائفية المسيّسة مع الجمعيات التي تسمي نفسها وطنية ديمقراطية وذلك عبر تفكيك خطابها وتعمل علي تغيير القواعد والمبادئ التي تريدها للعملية السياسية ، كل هذا من اجل استعادة الحياة الانسانية لكل المواطنيين في البحرين ان جدلية المعرفة والسلطة ، في هذا السياق هي المغزى الأعمق او المحتوي الأعمق لجدلية ( المعارضة والسلطة ) والتي من دونها لا يمكن بناء حياة سياسية سليمة في البحرين ، ان التضاد او التناقض بين الحقوق الكاملة والدولة الناقصة ، ليس من قبيل التناقض الجدلي ، بل من قبيل المفارقة المنطقية ، والتي لا تحل الا بأحدي طريقتين اما باكتمال الدولة اي تحول المشروع الاصلاحي وعبر احداث التراكم فيه الي المشروع الوطني الديمقراطي المنشود اي مشروع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة بالضد من مشروع بناء الحكم للحلف الطبقي الضمني او الحلف ما بين الجمعيات الطائفية السياسية المذهبية مع ما يسمي التيار الوطني الديمقراطي وأما ان يكون الطريق الثاني هو حذف الحقوق والمطالب وهو ما جري منذ ان ابتلت البحرين بما سمي ، ثورة ١٤ فبراير والي الان حيث ان محصلة التناقض او التضاد تساوي صفرا ، كان الدستور غير موجود والقوانين غير موجودة والحياة البرلمانية غير موجودة .
المرجع: كتاب من الرعوية الي المواطنة، للكاتب جاد الكريم جباعي