من الضروري في هذه المرحلة ان نقرأ تجارب البلدان الأخرى عن دور النقابات ومكانها ومهماتها في الصراع ضد الرأسمال وهذا مالا تفهمه لا جمعية الوفاق ذات الفكر الديني الطائفي ولا جمعية الاصالة ذات الفكر الديني الطائفي
بل يفهمه الحلف الطبقي والذي يحاول ان يصبغ طابعا طائفيا ليبعده عن محتواه وليدخل الحركة العمالية في صراع طائفي ( سني / شيعي ) فهم اي الجمعيات الطائفية ذات الأيديولوجية الدينية بعيدين حتي ضد ما يسمي ( بالاقتصادية ) والتي تحصر الحركة العمالية في النضال الاقتصادي لاعتبارهم ان النضال السياسي هو من شان البورجوازية الليبرالية فهذه المفاهيم غير واردة ضمن إطار الفكر او الأيديولوجية الدينية بل ان الفكر الاشتراكي هو الذي اعطي وصفا وافيا عن تيار ( الاقتصادية ) الذي يحاول ان يشوه المنهجية العلمية ذلك ان هذا التيار يعجز عن التميز بين متطلبات الحظة الراهنة وبين الحاجة الدائمة للحركة العمالية إجمالا مع ان الفكر الاشتراكي فد اعترف منذ البدء بالأهمية البالغة لنضال العمال الاقتصادي وبضرورة هذا النضال وان محاولات ( الاقتصادين ) وهم الذين ينضرون للحلف الطبقي او لجمعيات الطائفية السياسية اذ يقومون بفصل النضال من اجل المطالب الاقتصادية عن كل العملية التغيرية بل والاخطر يقومن بتغطيتها بطابع طائفي وليس طبقي وهي محاولات خطرة لأنها تؤدي حتما الي تضييع الطبقة العاملة للأفق السياسي والفكري حيث ان لا يمكن للنضال الاقتصادي ان يؤدي الي تحسين اوضاع جماهير العمال بصورة ثابتة والي توطيد تنظيمهما الطبقي وليس الطائفي حقا الا شرط الجمع الصحيح بين هدا التنظيم ونضال الطبقة العاملة السياسي وانه ليس بمقدور الطبقة العاملة ذات التوجه العفوي ان تصوغ وعيها السياسي بل في أحسن الأحوال تصوغ وعي نقابي وهنا عندنا في البحرين يأخذ طابعا طائفيا كما حدث لدي الاتحاد العام لعمال البحرين فالعفوية رغم انها جنين الوعي لدي الطبقة العاملة تري الاتحاد في نقابات لأجل النضال في سبيل تحسين شروط العمل وهنا في البحرين فقد جيرت هذه لمحاولة طأفنة النقابة بحيث يراد لها ان تخدم مصالح طائفة محددة وتحقق الاجندة السياسية لصالح الجمعية السياسية التي تنتمي لها وهو ما سنحاول ذكره لاحقا ولكن هذه العفوية لا تحاول البتة النضال ضد نظام العمل المأجور بالذات لان هذه الحركة الطائفية والتي هيمنت علي الطبقة العاملة لا تحمل هذا الفكر ففاقد الشيء لا يعطيه ذلك انه لا يمكن ان يقوم بالعمل الدائب المنتظم المتتابع لحمل الوعي السياسي والتنظيم الي الحركة العفوية غير جمعية الطبقة العاملة السياسية والتي تتبني المنهجية العلمية ان التغيرين لا يزدرون ولا يهملون المطالب الجزئية التي تحسن وضع العمال في ضل الدولة الرأسمالية وهم ينادون باللجوء الي جميع أشكال التغيير بما فيها التغيير من اجل الإصلاحات بحيث يتم اخضاع التغير من اجل الإصلاحات بوصفه جزءا من كل للتغير من اجل الحرية من نظام العمل المأجور والتغييرين يسعون الي توسيع تأثير الحركة العمالية بحيث تشمل جميع ميادين الحياة الاجتماعية والسياسية في المجتمع المدني ان نجاح الطبقة العاملة في هذه المهمة يتوقف بقدر كبير علي حل المسالة بصدد علقات الجمعية التي تحمل فكر وسياسة الطبقة العاملة بأسرها ومن خلالها مع جميع جماهير من يعملون بأجر حلا صحيحا ان تجربة الحركة النقابية في البحرين ذات ملامح او واقع مغاير الي تجارب الدول الأخرى مثل الدول الغربية بريطانيا فرنسا مثلا فقد وجدت الحركة النقابية وسبقت تأسيس الأحزاب السياسية للطبقة العاملة ولهذا كانت قوية في النقابات تقاليد ونفوذ الاتحادات العمالية والتي إعاقة اجتذاب الطبقة العاملة للنضال السياسي ففي البحرين فان النقابات قد ظهرت بشكلها المنظم بعد وجود الحركة الوطنية الممثلة في جبهة التحرير الوطني في البحرين والجبهة الشعبية الخ بالرغم من انها كانت سرية فقد قادة وأسهمت في تأسيس هذه النقابات وقادة نضالها الاقتصادي المطلبي بما فيها الإضراب في السبعينيات والذي كان يعتبر جريمة جنائية وأحيانا جريمة سياسية ولذا دفعت الحياة نفسها العمال في البحرين في نضالهم الاقتصادي الي مواجهة المسائل السياسية والتي علي اثرها جاء المجلس التأسيسي و التجربة الديمقراطية الدستورية في السبعينيات.
الملاحظة الثانية والتي تجدر الإشارة لها ضمن إطار الحركة النقابية هي عملية الخلط بين الجمعية والنقابة ففي الدول الأخرى الأوربية فان الفرق بين التنظيم النقابي والتنظيم السياسي واضح تماماً حيث تسود هناك الحريات السياسية كما هو الفرق واضح بين النزعة التي تختزل النضال السياسي الي المجابهة في مكان الانتاج وبين الأحزاب السياسية خصوصا الديمقراطية الاجتماعية حيث ان مواقف الديمقراطية الاجتماعية من تلك النزعة تتغير حتما في مختلف البلدان تبعا للظروف التاريخية الملموسة فقد تكون اما وثيقة الصِّلة او معقدة ولاكن لا يمكن حتي الكلام عن تطابق تنظيم النقابات مع تنظيم الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية في تلك البلدان اما فيما يتعلق بالبحرين والتي كانت تتميز بظروف خاصة سواء في ضل الاستعمار والحكم الفردي المطلق أر اثناء الدولة التسلطية فان نير الاستبداد قد محا ( لأول وهلة كل الفرق بين الأحزاب السرية جبهة التحرير الوطنية او الجبهة الشعبية في البحرين ونقابات العمال لان جميع النقابات كانت ممنوعة وقد كان تكتيك واستراتيجية الحركة السياسية آنذاك هو ان كوادر تلك الأحزاب كانت تساعد النقابات وتعمل بنشاط فيها بقدر الإمكان وكانت الفكرة القائلة بان كوادر تلك الأحزاب ملزمون بالاشتراك بنشاط في النضال النقابي لم تكن تعني انه لم يكن من الممكن ان يكون من أعضاء النقابات غير تلك الكوادر ذلك انه من غير العقلاني حصر قوام النقابات وبالتالي قوام المشتركين في النضال المهني الاقتصادي بتلك الكوادر فقط وحدهم مما اعطي تلك الأحزاب وبالذات جبهة التحرير الوطني في البحرين تجربة كبيرة في العمل في منضمات ( نقابات ) العمال من مختلف الاتجاهات الأيديولوجية حيث كانت الفكرة بان النقابات هي أصوب تنظيم للطبقة العاملة بخوض النضال الاقتصادي حيث كانت الدعوة لكوادرها الي الإسهام في تشكيل تلك النقابات وتوطيد الطابع التغيري للحركة النقابية الناشئة في تلك الفترة وتربية العمال أعضاء النقابات بروح الفهم الواسع للنضال الطبقي ( وليس الطائفي كما هو الان ) وكذلك للمهمات الديمقراطية التي تواجه الطبقة العاملة فبقدر ما كانت تلك الأحزاب تتطور من الناحية الفكرية والسياسية والتنظيمية وتتسع لتشمل الكم الأكبر من المثقفين والكوادر العمالية كانت مهمة تأمين النفوذ للمنهجية العلمية في النقابات تتعاظم اكثر فاكثر حيث لعبت كوادرها واتجهت الي العمل بثبات في النقابات بروح ( التقارب ) بينها وبين أحزابها بصورة أوثق فأوثق اخذة في الاعتبار الظروف الملموسة التي تعمل في ظلها تلك المجموعات وبأخذ الحيطة والاحتراس والتدرج في طرح المطالب العمالية مع الامتناع عن القيام باي خطوات متهورة وغير واقعية هكذا كان فهم تلك الأحزاب وبالذات جبهة التحرير الوطنية اي التقارب الوثيق للغاية بين النقابات والحزب لذلك انتهجت ذلك الطريق بمثابرة ورباطة جاش في عموم أدبياتها ونشراتها سواء الحزبية او العمالية وعملها في وسط النقابات دون طرد ذوي التفكير المختلف من النقابات وبعكس كل هذا التاريخ الذي راكمته تلك الحركة الوطنية فان عمل كل الجمعيات التي شهدت النور في ضل المشروع الاصلاحي وبالذات الجمعيات الطائفية التي تستغل الدين استحوذت علي كثير من النقابات العمالية والجمعيات المهنية وفرغتها من محتواها الوطني والطبقي وعززت الطائفية فيها عبر الاستقطاب والتقسيم وهيمنت عليها من خدمة اجندتها الطائفية السياسية واحتوتها بالكامل ضمن إطار مشروعها لدولة المحاصصة الطائفية الموجود في برامجها السياسية ونظامها الداخلي وأقصت كل تاريخ الحركة الوطنية وكل من هو قريب او بعيد من هذا التاريخ والذي يري بان هذه النقابات او الاتحادات العمالية يجب ان تحمل الطابع الوطني والطبقي في صراعها مع رأس المال والحلف الطبقي الذي يقف خلفة والذي يستغل ويستثمر الطبقة العاملة البحرينية وتم الزج بالطبقة العاملة في مشروع الدوار ولقاء الفاتح كل حسب طائفته والذي كان من نتائجه تمزيق الحركة النقابية وشقّها وضرب وحدتها الوطنية ولتدخل الحركة العمالية في أزمة مستعصية يتقاذفها تيار الجمعيات الطائفية والحلف الطبقي في الصراع من اجل التسلط الكامل عليها ونزع اي دور يمكن ان تلعبه هذه النقابات علي مستوي النضال الاقتصادي او السياسي في البحرين.
وقد كتب الكاتب بدر عبدالملك في سلسلة المقالات ضمن عنوان عندما تندفع عجلة التاريخ نجو الهاوية وتحت عنوان ( ورطة الاتحاد العام لنقابات البحرين ) سنختار في هذه المرة اهم منظمة في لعبة الدوار حيث دخلت حلبة الصراع وهي مخمورة بنشوة قوتها في الأيام السلمية الهادئة ولكنها لم تستطيع سبر قوتها الحقيقية وطبيعة اضافرها الناعمة امام السلطة انه ( الاتحاد العام لنقابات البحرين ) والذي منذ البداية كان ملتهبا ومستعجلا نحو الإضرابات والتي نجح الاتحاد العام بجر جزء من الحركة العمالية نحو حركة الاعتصام في الدوار اولا ومن ثم نحو المشاركة والدعوة للعصيان المدني نسال سؤالا أوليا للأمين العام لاتحاد نقابات البحرين السيد ( محفوظ ) وقيادة الاتحاد العام هل كانوا يعون جيدا ماهي المسئولية التاريخية ( للنقابيين في البلاد ؟ وهل يدركون جيدا حجم انخراط الطبقة العاملة كلها في بلد ما في تدمير عجلة الاقتصاد بهدف الضغط وتمرير المشاريع ؟ هل كان يدرك الأمين العام الفرق بين المسئولية النقابية في حقهم المشروع للإضرابات والتفاوض في ظروف سلمية والفرق والمسئولية السياسية بزج النقابات في معركة سياسية كالعصيان المدني حول مشروع سياسي من نمط إسقاط النظام ؟ ) من المسئول عن القرار التاريخي بالمشاركة ( جمعية الوفاق ) التي ينتمي لها ( محفوظ ) وينفذ اجندتها ام اننا سنحاول فصله عن سُرَّة الرحم تلك ونقول وان بسذاجة ان قراره منفصل عن رغبة وضغوط الوفاق وجماعة التحالف من اجل الجمهورية فقد كان الخيار والقرار نابع من صلب ذهنية موئدلجة مغامرة ( تربعت علي قرار قيادة الاتحاد منذ تأسيسها ) وحاولت اختطافه كقوة اقتصادية مهمة في المجتمع هكذا خططت الوفاق بشكل مبكّر فهي تدرك قيمة ( الاتحاد العمالي ) كسلاح سياسي في وقت الأزمات وقد حان الوقت لنقل المعركة من ( المصنع ) الي الدوار ومن ثمة العودة للمعركة في ( المصانع والمنشئات ) يبدو ان الأمين العام استسهل ما معني ان تكون قائدا نقابيا وما هو حجم المسؤولية الملفات علي عاتقك في لحظة المواجهة ولو قراء جيدا السيد ( محفوظ ) تاريخ الحركة العمالية العالمية والتي أساسا قادها اليسار بكل ألوانه فان الأنظمة العسكرية في البرتغال وإسبانيا واليونان وأمريكا اللاتينية بل وعندنا نحن يتعرض ( النقابيون ) لأحكام قاسية بسبب خطورة مواقعهم النضالية المهنية اذ رزح ( النقابين ) ايام فرانكو وغيره من الدكتاتوريات العسكرية لمدد تتجاوز العشرين عاما بعضهم لم يحظى حتي بمحاكمة عادلة بل وحتي من حاول من قيادات سياسية تحريك العمال وتنظيمهم وزجهم في صراع المتاريس والشوارع ( مثال غرامشي ) فانهم تعرضوا لنفس المدد من الأحكام والتوقيف بل كانت تسجن عناصر المعارضة لمدد تصل عشرين عاما لمجرد ان تجد السلطات لديك منشورا ممنوعا يؤكد ارتباطك لمنظمات وأحزاب محضورة هكذا كانت مسئولية ( القيادات العمالية ) في عمالها السري او العلني ( المشروع وغير المشروع ) حذرة وتدرك ثقل وحجم مسئوليتها ( النقابية والسياسية لهذا لم تنجر او تنزل للشوارع من اجل إضراب عام الا في الحالات القصوى من اجل مطالب اقتصادية ولا تندمج وتتداخل في الحركة السياسية الشعبية المعارضة الا عندما تجد نفسها قادرة علي تلبية تلك الأهداف ومقتنعة بصحتها ونجاحها ما حدث هو الضغط المبكر علي ( نقابة البا ) اذ استقالت ٢٥ نقابة عمالية تابعة للاتحاد وضغط الاتحاد علي الوفاق من خلال عناصره في ( المصنع ) بالشروع في الإضراب والدوار لا يزال يزخر في كرنفاله و نشوته ولكن ( نقابة البا ) منعتهم من الإضراب مقابل مساومتهم لشرطهم بنصب خيمة في الدوار فحملوا خيمتهم الي هناك ولكن تعالوا نقرا ماذا خطت المجموعات المغامرة في البا فوق يافطة علقت في واجهة الخيمة ( شركة البا تتضامن مع المعتصمين وتطالب بإسقاط النظام ) هذا الخرق ( النقابي ) كان واضحا فتلك رغبة مجموعة عمالية ( تابعة بتيارات متشددة ) ولهذا عندما جاءت الدعوة للعصيان المدني كانت وجبة العشاء الأخير جاهزة لصلب الطبقة العاملة والاتحاد العمالي بخيانة تاريخية لم تتفق كل الحركة العمالية في البحرين حولها ولم تكن مستعدة ان تخاطر او تغامر بمكاسبها التي عززت خلال عقد الإصلاح ولكن المغامرة الكامنة في روح البورجوازية الصغيرة الريفية داخل الطبقة العاملة كانت بالضرورة تدفع نحو الانزلاق ( لكونها صارت في تلك الحظة هي القوة المستحكمة ) من سيكون المسئول عن تعليق وتجميد اتحاد نقابات عمال البحرين ؟ ولو تم إلغاء الاول من مايو كعطلة رسمية ؟ لقد كانت الوفاق وغيرها تدرك أهمية الطبقة العاملة ودورها في الصراع لأنها في التسعينيات عجزت عن الدعوة حتي لإضراب صغير في قسم من المؤسسات لكونها كانت تدرك ان نتائج الإضراب ستكون وخيمة علي كوادرها فهناك ينتظرهم السجن اولا والتسريح من العمل اخيراً كانت تدرك ضعفها التاريخي في هذا المجال لهذا سعت بقوة وسرعة لاختطاف الاتحاد العمالي في ظروف المشروع الاصلاحي المريحة بل ومررت اجندتها بسهولة في طريقة ( تفصيل الاتحاد علي مقاسها ) عن طريق نقابات صغيرة كارتونية منحت حقا متساويا في التصويت كما هي نقابة البا وغيرها كانت حكمة الطبقة العاملة البحرينية الوطنية وهي توافق علي مضض الاقتناع بنصب خيمة في الدوار بهدف ابعاد المتطرفين عن الإضراب المبكر وتدمير ( المصنع ) وتشتت العائلات وفي الحفاظ علي وحدة الاتحاد ونقاباته ومصالحهم التي زجت في أتون عاصفة مدمرة تقف جاثمة نتائجها أمامنا بكل بشاعة .. اخترنا هذا النموذج من التوثيق لواقع الحركة النقابية في البحرين كمدخلاً لمفهوم لا حزبية او حياد النقابات
هنا نحاول ان نناقش قضية مهمة وهي لا حزبية او حياد النقابات اي عن العلاقة بين النقابات التنظيم المعبر او الجمعية المعبرة عنها فهناك من يطرح مبدا التقارب بين النقابات والجمعية السياسية فهل تنبني هذه العلاقة علي العموم علي ضرورة الصلات المتينة والوثيقة بين النقابات والتنظيم المعبر عنها وهل في ضل وجود هذا العدد الكبير من الجمعيات السياسية في البحرين تصح هذه المقاربة اي التأكيد علي حزبية النقابات هي التي يجب ان تكون بالنسبة للتجربة النقابية في البحرين ؟ وانه يجب توجيه نشطاء الجمعية في هذا الاتجاه ؟ هل هذا السؤال اصبح محسوما في ضل واقع الحركة النقابية في البحرين كما راينا كيف تعاملت الجمعيات الطائفية السياسية في الضفتين مع النقابات والاتحادات العمالية وكيف تم تهميش دور الجمعيات التي تسمي نفسها ذات توجه وطني وديمقراطي وفي ضل غياب الجمعية المعبرة عن فكر وسياسة ومطالب ومصالح الطبقة العاملة البحرينية ؟ دون اضفاء صفة الإطلاق علي هذا الشكل او ذاك من أشكال العلاقات المتبادلة بين الجمعية السياسية والنقابات فانه من الإمكان ان تقوم هذه العلاقة وفقا لتقاليد الحركة العمالية وهي التي ذكرنا ان جبهة التحرير قد صاغتها منذ تأسيسها في عام ١٩٥٥ في البحرين والتي تم القطع معها في ضل المشروع الاصلاحي حيث تم اختراقها من قبل الجمعيات الطائفية السياسية وأبعدتها عن ظروف النضال الوطني والطبقي الملموسة كما حدث ذلك في الدول الغربية مثلا بريطانيا فان إضراب عمال الفحم في عام ١٩١٢ وبعد نضال استمر ٦ أسابيع اضطرت الحكومة البورجوازية الي الأقدام علي تنازلات فان القانون الذي أقره البرلمان نص ( علي حد ادني للأجرة ) ولكن نتيجة الإضراب الاساسية لم تكن القانون الجديد بل واقع ان العمال قد تعلموا النضال ورأوا السبيل الذي سيقودهم الي النصر وشعروا بقوتهم ( الوحدة العمالية ) وهنا يتحول رد العمال الي رد منهاجي ومنتظم اكثر ما يمكن وهنا دور التنظيم او الجمعية المعبرة عن الطبقة العاملة او تكتيكها في توحيد مختلف أساليب النضال في الانتقال بمهارة من اُسلوب الي اخر في رفع مستوي وعي الجماهير بلا انقطاع في توسيع أعمالها الجماعية التي يمكن ان يكون كل منها بمفرده تارة هجوما وطورا دفاعيا والتي تؤدي بمجملها الي تراكم أعمق ( وليس الزج بها في مغامرة غير محسوبة العواقب كما حدث في الدوار ) هنا يجب معرفة الربط بين العمل في أوساط الجماهير وفي المنضمات ( النقابات ) التي ترتبط سواء بالطبقة العاملة او الطبقات الأخرى او المنضمات التي لها نفوذ في الجماهير حتي ولو كانت هذه المنضمات ( النقابات ) رجعية فانه ينبغي للجمعية الوطنية الديمقراطية ( التوجه الي جميع طبقات السكان ) والقيام بطرح رؤيتها للتغيير بين جميع فئات الشعب ان العمل الجماهيري يرتكز ان تعم هذه الرئوية حيث توجد الجماهير وعلي ان يتم دفع وعيها في الاتجاه الوطني الديمقراطي ( التحول الديمقراطي ) وتربط كل مسالة جزئية بمهمات الطبقة العاملة العامة وان تحول كل قضية او مبادرة تنظيمية الي قضية للوحدة الطبقية وهنا يكتسب التنظيم او الجمعية بهمته ونفوذه الفكري موقعا في الحراك السياسي وليس بألقابه ورتبه اي ان يحظى بالدور القيادي في جميع المنضمات ( النقابات ) العلنية للطبقة العاملة وذلك عبر خبرة كوادره التي تعرف حاجات العمال الملحة جدا عميق المعرفة وتملك النضج السياسي والصلابة الفكرية والاخلاص والتفاني لقضية الطبقة العاملة وان تكون تلك الكوادر الأكثر تحليا بروح المبادرة عن مصالح الطبقة العاملة الملحة والحيوية بصلابة ودأب وانسجام وبعملهم هذا في النقابات سوف يكسبون المزيد والمزيد من الاحترام والمكانة بين الجماهير وخير مثال لدينا نقابة البا ومن المهم علي الجمعية الوطنية الديمقراطية ان تعلق أهمية كبيرة علي وحدة النقابات ( علي أساس طبقي ) وليس طائفي كما هو حادث الان من فبل الجمعيات الطائفية السياسية ( الشيعية / السنية ) ومن هنا يمكن الوقوف بحزم امام شق الحركة النقابية علي أساس طائفي مما يضعف من وحدتها ومن موقفها ضد من يستغلها ذلك ان الجمعيات الطائفية السياسية ما ان كانوا يفوزون او يحققون نجاحات في أية نقابة فانهم يفرضون برنامجهم واجندتهم عليها ومثال علي ذلك الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وما سيكون عليه الاتحاد الحر لعمال البحرين لو هيمنت عليه جمعية الاصالة حيث سيسارعون في الحال الي اجبار الاتحاد علي قبول برنامجهم كما حدث في الاتحاد العام لعمال البحرين ويقصون الآخرين وبالذات ذوي التوجه الوطني الديمقراطي والغير منتمين لجمعياتهم عن الاتحاد و بالتالي يبرز السيناريو الاخر وهو ان هؤلاء المبعدين سيكونون مجبرين علي انشاء اتحاد موازي لهم ومن هنا يجب الانتباه الي عملية التنسيق المسبق للوقوف ضد ممارسة الانشقاقين هذه وضد سياسة غلق أبواب الاتحاد امام العمال الذين يتبنون نظرات ومواقف سياسية او تنظيمه اخري وهنا يتم معارضة سياسة الانشقاق بمبدأ التوحيد الذي ينادي به الوطنين الديمقراطيين وان يكون التغيير في داخل المنظمة الواحدة ( الاتحاد ) من اجل تأثير المنهج العلمي مع الخضوع بولاء لأغلبية العمال اي صوتهم في الانتخابات ومن هنا فان علي الجمعية الوطنية الديمقراطية والتي تريد ان تكون بالفعل طليعة للعمال والتي تريد ان تتعلم لا قيادة الجماهير العمالية وحسب بل ايضا قيادة الجماهير غير العمالية من كل من يعمل بأجر والمستغلين من الشغيلة ملزم بان يعرف كيف يقوم بالعمل والتنظيم بأسهل الأساليب وأقربها الي الفهم وأكثرها وضوحا وحيوية سواء لأجل المدينة ام لأجل القرية
سوف نناقش هنا قضية اخري حساسة تهم العمل في داخل النقابات وهو شعار المشاركة او المقاطعة في النقابات وهذا يطرح سؤال وهو هل ينبغي ان تعمل كوادر الجمعية الوطنية في النقابات والتي تسمي ( بالرجعية او الصفراء او الإصلاحية ) فهناك من يدعو الي خروج كوادر الجمعية الوطنية الديمقراطية من المنضمات النقابية الإصلاحية بحجة طابعها الرجعي والبحث عن نقابات موازية من كوادر هذه الجمعية حتي ولو كانت قليلة العدد وضعيفة الارتباط بجماهير العمال وهنا من الضروري الإشارة الي واقع كون النقابات في مستهل تطور الرأسمالية كانت تعد تطورا هائلا للطبقة العاملة علي اعتبارها انتقالا من تشتت وعجز العمال الي باكورة ( اتحادهم الطبقي ) وهنا في البحرين بعد اشهار النقابات والاتحادات العمالية وبعيدا عن ان بعض هذه الاتحادات قد هيمنت عليها الجمعيات الطائفية السياسية ودخول الحلف الطبقي علي الخط الا انه بدا يظهر في كثير من النقابات لامحالة بعض من السمات الرجعية بعض من الضيق الحرفي وبعض من الميل نحو اللامبالاة في السياسة وفي التضامن حول المطالب من مثل المشاركة في الاحتجاج علي التسريحات التي تجري لعاملين في النقابة وهنا يجب التأكيد ان تطور العمال والمهنين لم يجر وما كان ممكنا ان يجري الا عن طريق النقابات وعن طريق تفاعلها مع الجمعية الوطنية الديمقراطية المعبرة عنها وبالنسبة للبلدان الغربية ابدت شيئا من الرجعية لأنه كما ذكرنا سابقا تشكلت قبل الأحزاب المعبرة عنها حيث تشكلت فيها ظاهرة فئة ( الأرستقراطية العمالية ) الضيقة المتشبعة بروح المهنية والأنانية والقساوة والجشع والبورجوازية الصغيرة والموالية للإمبريالية و المشتراه والمفسدة من قبل الإمبريالية وقد صدرت مواقف في تلك الفترة من فبل بعض الأحزاب باعتبار رجعية الأوساط العليا في النقابات سبب للخروج من النقابات والامتناع عن العمل فيها بينما انبري موقف اخر بطرح انه من اجل مساعدة جماهير العمال والظفر بودها ومساندتها فانه ينبغي عدم الخوف من فئة الأرستقراطية العمالية وينبغي عدم الخوف من المكائد والمماحكات والإهانات والملاحقات من جانب ( الزعماء ) وينبغي العمل بلا تردد حيث يوجد الجمهور وبالتالي فان الامتناع عن العمل في داخل النقابات الرجعية إنما يعني ابقاء الجماهير العمالية غير المتطورة كفاية او المتأخرة تحت نفوذ الزعماء والأرستقراطية العمالية والعمال المتبرجزين مع ملاحظة ان في واقع الحركة العمالية في البحرين وفي ضل المشروع الاصلاحي فان الكوادر التي دخلت تحت مظلة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين والتي اخترقتها جمعية الوفاق وهيمنت عليها فان هذه الكوادر بدل من تقوم بدور وطني وتعزيز الوعي الطبقي فقد ضاعت عندها هذه البوصلة وانحكمت لمن يهيمن علي هذا الاتحاد وضاع هذا الاتجاه خصوصا في احداث الدوار والي الان لان الجمعيات المعبرة عنه، التحقت بذلك المشروع الشعبوي المغامر وتاهت في متاهاته ولم تقدر جماعة الدوار بتوجيه الطبقة العاملة وبالتالي أعضاء النقابات بعدم تبني خطاب ومواقف وشعارات الجمعيات الطائفية المسيّسة وبهذا المعني كان ينبغي ان تبقي النقابات لا حزبية وان تبقي النقابات بوصفها منظمات طوعية للعمال منظمة مستقلة علي الصعيد التنظيمي عن الجمعيات السياسية الطائفية ذلك ان استقلال النقابات التنظيمي يتجلى في كونها تعمل بموجب انظمتها الداخلية وبموجب القرارات الجماعية التي تتخذها بالسبيل الديمقراطي وفي كون ان اي جمعية لا تتدخل في شؤونها الداخلية ولا تحل محلها بل يجب علي الجمعية الوطنية الديمقراطية ان تعزز المضمون الوطني الطبقي وليس الطائفي لنشاط النقابات وبين الشكل الحزبي لتنظيمها انطلاقا من ان النقابات هي تنظيم تربوي للعمال تنظيم اجتذابهم وتعليمهم الوعي الوطني والطبقي وجعلهم قادة في قيادة العمل النقابي وعلي هذا الأساس يجب توطيد النقابات علي أساس توسيع الديمقراطية فيها والوقوف بحزم ضد محاولات الاستحواذ عليها بطريقة غير ديمقراطية واعتبار الاقتناع والالتزام الحر الطريقة المثلي لعمل النقابات لكي لا تصادر مواقفها او تختطف من قبل جمعيات طائفية مبنية علي الاستبداد وعلي الفتاوي الدينية وليس علي الديمقراطية والاعراف النقابية
المرجع الذي تم الاستناد عليه في هذه الحلقات لينين المؤلفات الكاملة