لقد كان قرار رفع الدعم عن اللحوم والذي تم إدراجه مؤخرا حديث الساعة ومثار سخط وتندر من المواطنين خوفا˝ من المجهول حول قرار رفع الدعم وتوجسا˝ من القادم الذي قد يكون له وقع الفاجعة على معيشة المواطن ومعيشة أطفاله في ظل إرتفاع جنوني لتكاليف المعيشة والتي ليست محصورة في اللحوم وأسعارها فقط
إنه رغم تطمينات المسؤولين في السلطة التشريعية أو الحكومة للمواطنين بأن مكاسبهم لن تمس وسيتم الإبقاء عليها وبل تحسينها إلا أن الواقع يدفع مشاعر المواطنين نحو القلق والخوف من المصير القادم ، فالمواطن البسيط ورجل الشارع يتحسس جيبه وقدرته الشرائية وعينه على أجره المتواضع الذي يقصف في مطلع كل شهر ولا يعنيه في ذلك دهاليز الميزانية العامة أو ما قاله البنك الدولي أو صندوق النقد العالمي وتوصياته العقيمة …!! ومهما إستطاع الخبراء الإقتصاديون في تبسيط شرح الوضع الإقتصادي وتشعباته فلن يجدي ذلك ولن يطمئن المواطن الذي يعيش بالملموس بين راتبه الهزيل وأسعار السوق وتلك هي معادلته الواضحة لبصيرته والتي يستشعر معاناته من خلالها وهو اليوم بحدسه التلقائي يعلم أن الموضوع ليس دعم اللحوم أو التعويض عنها ، بل تداعيات ذلك القرار الذي حتما سيجعل الغلاء ينتشر كالنار في الهشيم في باقي السلع والعديد من الرسوم خصوصا˝ بأن المسؤولين بالدولة لا يخفون النية المبيته في رفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات ولو على المنظور البعيد تحت باب ترشيد الإنفاق وتقليل النفقات الخدمية لمواجهة عجز الميزانية العامة وسداد الدين العام المتعاظم.
وربما يجد المواطن نفسه أمام هذه الحقيقة الصادمة لا حول له ولا قوة من الإستغناء عن اللحوم بالبديل ولكن هل بمقدوره الإستغناء عن الكهرباء أو الوقود والعديد من الخدمات ، وهل يملك البديل عنها؟ إن ما تشي به الحقائق ولغة الأرقام أكبر مما يتوقعه المواطن البسيط وحياته المتواضعة ، فالميزانية العامة لعام 2015-2016 تشير بكل وضوح بأن العام القادم 2016 سيكون عام الرمض وشد الأحزمة ، فكما أشار أحد أعضاء المجلس النيابي بأنه سيكون هناك إنخفاض ملحوظ في ميزانية المخصصات والعلاوات لعام 2016 ، فعلى سبيل المثال علاوات تحسين مستوى معيشة المتقاعدين ستهبط في عام 2016 من 105 مليون إلى 73,5 مليون أي بفارق 31,5 مليون ، ورصد لعلاوة الغلاء لذات العام 80 مليون بعد أن كانت 115 مليون وعلى هذا المنوال تم تخفيض علاوة الإيجار من 44 مليون إلى 30,800 وكذاك ميزانية دعم المواد الغذائية تم تخفيضها من 57 مليون إلى 43,290 . هذه الأرقام والمعطيات لا نعلم مدى صحتها ودقتها ولكنها وللأمانة مؤشرات مخيفة ولا يمكن أن تكون تداعياتها ومؤثراتها السلبية بعيدة عن التأثير المباشر على مستوى معيشة المواطنين ومكاسبهم المعيشية ول سلمنا جدلا˝ بأن خفض ميزانية دعم المواد الغذائية مبررة نتيجة ترشيد الدعم وإيصاله لمستحقيه وقصره على مواطني ذوي الدخل المحدود ، فما تفسير إنخفاض الدعم لميزانية علاوة الإيجار والمتقاعدين وعلاوة الغلاء!! وتلك مستحقات مقصورة على المواطنين مباشرة ومن ذوي الدخل المحدود ، إذا التفسير الوحيد والمنطقي أنه سيتم تضييق الخناق على مكاسب المواطن ومعيشته عاجلا˝ أم آجلا˝ والموضوع والقضية ليست دعم اللحوم ولا نعلم كيف نوابنا الأفاضل أقروا وبصموا على الميزانية العامة وبرامج عمل الحكومة وخرجوا بخاتمة مفادها إرتفاع سقف الدين العام والذي بلغ 7 مليارات . وعلى حد تعبير وكيل وزارة المالية فالحكومة كانت أمام خيارين لسد عجز الموازنة العامة أما “الأقتراض او رفع رسوم الخدمات وتقليص الدعم الحكومي” والخيارين علقم …. وكل المخافة أن يتم الأخذ بالخيارين وليس بأحدهما فتصدق توقعات المواطنين وهواجسهم خوفا˝ من تدني مستوى معيشتهم وتقليص مستحقاتهم وتكون اللحوم هي أول الغيث بإتجاه لقمة عيشهم وخطوطهم الحمراء ……