يمر العمل النقابي بأسوا مراحله في البحرين على إثر الضعف الهيكلي الذي خلقه المكتب العمالي لجمعية الوفاق وانعدام الأهداف النقابية. والتي اصابت الحركة النقابية الناشئة بالضعف وانعدام الجاذبية لبرامجها وعزوف العمال عن المشاركة في الجهد النقابي. ويتحمل المكتب العمالي وحده هذه المسؤولية بسبب سيطرته على الحركة النقابية منذ صدور التشريع النقابي منذ أكثر من عشرين عاما وتسليم وزارة العمل في ذلك الوقت الحركة النقابية البحرينية لفلول اللجنة العامة.
وضع المكتب العمالي للوفاق في مطلع 2006 خطة للاستيلاء على الصوت العمالي في البحرين من خلال تهميش بقية القوى النقابية من كوادر وعد والمنبر او على الأقل تدجين من أراد الدخول الى الاتحاد العام منهم واجباره بالالتزام بصوت الأغلبية وعدم التغريد خارج سرب التنظيم السياسي الذي يتبع له الاتحاد. وهذا ما حصل فعلا حيث تم تدجين كوادر مختلفة من خلال إدخالها والهائها في صراعات كل 4 سنوات على خلفية انتخابات الاتحاد العام. وكان الفرز الذي تنتجه الانتخابات يبحث بالمكتب العمالي للوفاق من اجل إعادة انتاج سيناريو جديد لإبعاد من تبقى من الكوادر المحسوبة على اليسار في داخل الاتحاد العام.
ووجد المكتب العمالي في الوفاق فرصته في تمكين كوادر منقلبة ظاهريا على وعد من اجل ابرازها ودعمها لملئ الأمانة العامة للاتحاد والضغط على تمثيل ما تبقى من الكوادر النقابية للقوى اليسارية الأخرى. وأصبحت مقاعد الأمانة العامة مكتظة بالمنافسين فيما حافظت الوفاق على 8 مقاعد تؤمن لها اغلبية في اختيار وترجيح كفة أي فريق وتسمح لها بتوزيع الكعكة.
في حين كانت وعد تراهن على ان العلاقة السياسية بينها وبين الوفاق هي الضامن الأساسي لتقاسم الورثة وان رفع الصوت على كوادر التقدمي سوف يمنح لها ورقة السيطرة على المتبقي من تمثيل داخل الاتحاد. الا ان هذه الاستراتيجية واجهها المكتب العمالي للوفاق من خلال استهداف الجميع حتى من هادنه ودخل في تركيبته.
ولم يكن المكتب العمالي للوفاق في استعجال من امره فقد راهن على انتهاء عمر الكوادر النقابية التابعة للتنظيمات اليسارية واجبارها على التقاعد ووضع خطط لاستبدالها بكوادر تابعة له من خلال النقابات.
وعليه وضع المكتب العمالي قوانين غريبة على الحركة النقابية وضمنها في النظام الأساسي للاتحاد من خلال عقد جمعيات عمومية يضمن فيها شرعية التغير ومنها ان عضو الأمانة العامة لا يجوز له ان يكون في رئاسة النقابة او كنائب لرئيس النقابة وكان الهدف استبدال كوادر وعد في شركة أسري وشركة باص وشركة بنغاز. وهذا ما حدث فعليا بشكل كامل في أسري وبنغاز ونجح في شركة باص بشكل جزئي حيث لم تستطيع الكوادر الموجودة في باص ان تعوض التمثيل في الأمانة العامة لنفس التوجه النقابي.
وطرح أيضا المكتب العمالي من خلال تغيير النظام الأساسي للاتحاد العام بان أي مترشح للأمانة العامة يجب ان لا يزيد عمره عن 58 سنة في طرح مكشوف لاستهداف كل من أسس الاتحاد مع الوفاق.
ولكن هذا التوجه من المكتب العمالي للوفاق أدى بالنهاية الى اضعاف الحركة العمالية بشكل عام وانتهاء دورها قبل الازمة في سنة 2011. وهذا التوجه أيضا خلق مجموعة جديدة خارج الاتحاد العام تستعد للوثوب عليه واضعاف تمثيله وتأجيج الافرقاء عليه.
وكانت ازمة 2011 هي الباب الذي فتح على مصراعيه ليثبت الاتحاد العام انه مجرد واجهة لتنظيم سياسي وان تحالف وزارة العمل معه لمدة 10 سنوات وتسليمه مفاتيح الحركة العمالية كان خاطئا وان نظام الحماية التي قدمت له من الدولة من خلال منع تشريع التعددية النقابية والذي جعل الاتحاد العام المختطف هو الممثل الوحيد للحركة العمالية في البحرين. ورغم تنامي الصيحات للنقابيين الذين يمنعون من الوصول الى مقاعد الأمانة العامة بتغير القوانيين للسماح لوجهة نظر اخرى داخل الحركة العمالية بالبروز الا ان وزارة العمل في ذلك الوقت كانت مستمرة في تحالفها مع من هم خلف هذا الاتحاد.
أكثر من 10 سنوات اعطتها الدولة الى المكتب العمالي للوفاق للعب بالحركة العمالية ومن خلال تمثيل نقابي دولي ينمو لصالح تنظيم سياسي غادر ولا يلاقي الدولة في أي مشروع وطني ولا سياسي. وكان الاتحاد العام يقاطع مؤسسات الدولة في حال قاطع التنظيم السياسي. ولم يكن يحاسب على مواقفه هذه بل تقدم له الأموال والمساعدات من الدولة لسنوات طويلة. من خلال الدعم المادي المباشر او من خلال الشركات الكبرى تحت بند التبرعات لعيد العمال او مجلة الاتحاد.
دخلت الحركة العمالية والنقابية في اتون احداث 2011 ومن خلال المغامرة السياسية للوفاق مما أدى الى انقسامها على خلفية الاستحواذ وبقاء من لم يدجن خارج الاتحاد العام. والذين قاموا بتشكيل اتحاد اخر نافس الاتحاد الحالي على لقمة عيشه واستفراده بالحركة العمالية وبعد ان كان الوحيد أصبح الاتحاد الاخر والاتحاد المسيس والاتحاد الذي انقلب على الدولة لسبب سياسي وليس لسبب عمالي.
ورغم حصول المكتب العمالي على كوادر جديدة من خلال تجنيد واستغلال المفصولين والذي طلب منهما التطوع لمساندة النشاط اليومي للاتحاد العام ومن خلفه المكتب العمالي للوفاق وللإطار السياسي الدعائي لجمعية الوفاق من جهة أخرى.
وكان اخر فصول القيادة القديمة للاتحاد العام هو توقيع هذا الاتحاد على التنازل عن الشكوى العمالية في منظمة العمل الدولية بخصوص الفصل. وبهذا التنازل تحول دور الاتحاد العام الى طرف من أطراف الحوار الاجتماعي وفقد أهميته بوجود الاتحاد الاخر والذي بدأ يلاحقه ويعبث بتمثيله العربي والدولي والذي أدى في نهاية الأمر الى محاصرته عربيا بشكل كامل مع تمكن الاتحاد الحر من احراجه على الساحة النقابية العربية. وهكذا انتهت مرحلة من تاريخ الحركة النقابية وللحديث تفصيل …..