تأتي أهمية طرح تأسيس جمعية سياسية جديدة وبلورة أفكار جادة تكون على مستوى المسؤولية الوطنية والتاريخية في هذه اللحظة الراهنة التي فيها تفتيت قوى التغيير والتقدم بشكل أعمق، والقوى الديمقراطية بشكل عام كنتيجة لأحداث 14 فبراير والتداعيات التي نتجت عنها وهي:
– تعميق الشرخ الطائفي على حساب الوحدة الوطنية وأهدافها الوطنية الكبرى.
– فقدان الشعب الثقة بقواه ومكوناته وقدراته وأهمية العمل المشترك.
– انتعاش الاتجاهات الأكثر تطرفاً في الإسلام السياسي واهتمام الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية تحسباً من الأخطار الخارجية والتوترات الداخلية.
– ضعف الجبهة الداخلية المرتكزة على وحدة الشعب وليس المؤسسات الرسمية وحدها.
– تراجع العملية الديمقراطية ومنسوب الحريات ووقوع الجماهير الشعبية في فخاخ المؤسسات الإعلامية بكل ألوانها وأشكالها كجبهة حرب جديدة لم تتوقف وما زالت مستمرة.
– فشل كل المبادرات والمحاولات للخروج من الأزمة عبر الحوار
– ويأتي فشل وعجز جمعيات ما سمي بالتيار الوطني – الديمقراطي ونخص جمعية العمل الوطني وجمعية التجمع القومي وجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي في إخراج جماهير شعبنا من هذه الأزمة بإتباعهم التكتيك الشعبوي المغامر والوقوع في المستنقع الطائفي الديني المذهبي المشكل من جمعية الوفاق.
– جمعية العمل الإسلامي ووفاء والجمعيات الغير علنية (حق – خلاص- حركة أحرار البحرين – مركز البحرين لحوق الإنسان – ائتلاف 14 فبراير)
– كل هذا يطرح قضية “العمل التغييري” في البحرين وعلى وجه التحديد طبيعة “الجمعية السياسية الجديدة” التي تستطيع التعبير عن المصالح الجذرية لجماهير الشعب البحراني وبالذات المصالح الجذرية للطبقة العاملة البحرانية والطبقات الوسطى والفئات الديمقراطية من البورجوازية الصغيرة وكل من يعمل بالأجر.
– إن الأزمة (النظرية) التي عاشتها وتعيشها حتى الآن جمعيات ما سمي بالتيار الوطني – الديمقراطي في فهم المشروع الإصلاحي وفهم الظروف الاقتصادية – الاجتماعية – السياسية – الحقوقية، ومن ثم التراجع الكبير الذي أصابها خصوصاً بعد أزمة أحداث 14 فبراير ولحاقها كلياً بالإسلام السياسي مما أدى إلى تفسخ العديد منها ودخولها في أزمة تنظيمية حادة، مما أفرز حالات مختلفة التباين وإن حاول البعض جمعية العمل الوطني إعادة النظر في كل البنية الفكرية السائدة “النظرية” بتعويمها للأيديولوجيا كما حدث ذلك في جمعية التجمع القومي وجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي وإن حاولت هذه الأخيرة تبرير إعادة النظر في بنيتها الفكرية عبر ورقة “تقييم الأحداث وموقف المنبر منها” “ورقة المراجعة النقدية” التي أعلنت عنها بعد دخولنا في قانون السلامة الوطنية.
– لذلك فنحن بحاجة إلى جمعية سياسية جديدة تكون قادرة على أن تعلب دوراً أساسياً في التغيير وتستطيع قيادة الجماهير الشعبية في مطالبها من أجل تحقيق أهدافها الراهنة والخروج من الأزمة (أحداث 14 فبراير) التي مزقت تلك الأهداف والمطالب المشروعة، ومعالجة التداعيات الناتجة عن تلك الأزمة أي العودة مجدداً إلى إنجاز التحول الديمقراطي من خلال عملية الانفراج السياسي التي أطلقها المشروع الإصلاحي ومن ثمة تهيئة الظروف التاريخية تدريجياً من أجل تحقيق النظام الديمقراطي المنشود، وعبر دولة القانون والمؤسسات.
– كل هذا يقتضي رؤية جديدة، نقدية للماضي وواضحة للحاضر والمستقبل. فما سمات الجمعية الجديدة؟ هذه هي القضية الملحة الآن بعد تجربة خاضتها كل الجمعيات السياسية في البحرين منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي تحت مظلة وثيقة ميثاق العمل الوطني، ولأن الحركة السياسية تعيش مشكلة مستعصية هي مشكلة الادعاء بأنها جمعيات صلبة ومتماسكة فولاذية حديدية وثورية، والقادرة على قيادة حركة الجماهير العفوية والتعبير عن مصالحها ليس من مرحلة محدودة فقط بل إلى النهاية، وأثبتت أزمة 14 فبراير خطأ مثل هذا الادعاء والاعتقاد أو لنقل “زيف مثل هذا الادعاء”
– إن البحرين الآن بحاجة إلى القوة “الجمعية السياسية الجديدة التي تضيف عوامل جديدة في الصراع (النظري) الجدلي المادي والتاريخي، كما في الممارسة العملية تلعب دوراً تغييرياً قادر على توحيد الشعب وبناء القوى الاجتماعية والسياسية القادرة على مواجهة كل المعوقات والتحديات التي وقفت حجر عثرة. أمام تطبيق ما هو موجود حقيقة في البرامج السياسية والأنظمة الداخلية “الشرعية” التي تم خرقها ووضعها على الرف في جمعيات ما سمي بالتيار الوطني – الديمقراطي وعملت هذه الجمعيات تحت مظلة برامج وأنظمة الإسلام السياسي وضمن إطار الرؤية والرسالة لجمعيات الإسلام السياسي لتحقيق برنامجها ومشروعها في بناء “الجمهورية الإسلامية” أو الدولة الدينية.
– إن هذه المهمة تشكيل الجمعية السياسية الجديدة، ملقاة على عاتق كل الوطنيين والديمقراطيين وتحقيقها بحاجة إلى مسألتين
1- أن يقتنع كل من يطرح “التغيير” عبر الديمقراطية بالحاجة إلى عمل موحد.
والسعي لتحقيق خطوات ملموسة في هذا المجال ومنها تطوير الحوارات الثنائية، والثلاثية، والجماعية والموسعة التي تؤدي إلى تشكيل الجمعية السياسية الجديدة، وتشكيل هيئة “نواة” دائمة لمتابعة القضايا التي تم الاتفاق عليها.
2- إيجاد المنبر النظري “الموقع” في العالم الافتراضي يطرح قضايا التغيير كلها ويكون مجال للحوار لكل من يطرح التغيير والديمقراطية في البحرين.
– لكي تكون الجمعية الجديدة قادرة على أن تضيف عوامل جديدة في الصراع السياسي، يجب أن تمتلك سمات تسمح لها بأن تحقق ذلك وأساسها أن تكون قوة تغير فكراً وممارسة، فعلى الصعيد النظري يجب أن تمتلك مقدرة على التحليل، التحليل الملموس للواقع الملموس وعلى عملية التحليل والتركيب الجدلية، وهذا يقتضي تصفية الحساب مع النهج التقليدي، الذي ساد في كل الجمعيات السياسية في البحرين والقائم على الجمود وترداد الشعارات. ويجب تنمية الوعي وامتلاك المنهج الجدلي المادي والتاريخي، المنهج العلمي وهذه قضية هامة لأنها تعني تأسيس رؤية جديدة تنطلق من أرضية صلبة هي جوهر النظرية أو المنهجية العلمية لتقيم على أساسها تصوراً لواقع البحرين في الزمان والمكان المحددين.
– لقد كانت سمة النقل وترداد الجمل الثورية والشعارات هي السمة الأساسية لكل الجمعيات منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي، وانفلتت من عقالها تماماً في أحداث 14 فبراير لدى تلك الجمعيات السياسية، ولذلك ظل التعلق (بالنظرية) شكلياً، كما ظل فهمها بسيطاً محدوداً مما أوجد “توليفة” “هجين” أو كما سماه أحد المفكرين “بالمذهب الاختباري” أي اختبار بعض المفاهيم من كل النظريات والأسوأ كان اختيار بعض الأفكار القرووسطية ذات المسحة الدينية الطائفية ومكيجتها بالنظرية العلمية.
– إن المقدرة على التحليل هي أساس بناء القوة “التغييرية” وأساس تماسكها ومقدرتها على أن تتحول إلى قوة فاعلة كما أنها أساس تطورها واستمرارها، فالتماسك النظري يقود إلى تماسك تنظيمي، ويفترض دوراً عملياً منسجماً وهذا يؤدي إلى تحديد طبيعة التغيير ومهامه ودور الطبقات فيه وإشكالاته الأساسية، ومعرفة ميزان القوى فيه وطبيعة نشاطها ومخططاتها، وأشكال التعبير الممارس “فوضوي- عنفي” “سلمي – شرعي” أن أهمية امتلاك القدرة على التحليل تكمن بالضبط في المقدرة على تحليل الظروف الخاصة بالتجربة البحرينية وأيضاً بتجربة دول مجلس التعاون الخليجي ومعرفة مشاكلها وعوامل ضعفها وأسس قوتها أي بلورة نظرية “للتغيير” في هذه التجربة وهذا يعني مسألتين الأولى أننا استطعنا إدماج النظرية العلمية بظروف الوطن ومشاكله، بتمثل النظرية العلمية المرتبطة بحركة الواقع التاريخية، والثانية بلورة الأسس التي تحدد مسار “التغيير” في مرحلتها القادمة، أنها أي النظرية أو المنهجية العلمية دليل الجمعية السياسية الجديدة النظري واستراتيجيته.
– أن البرنامج السياسي هو أرضية التغيير ومنطلق الجمعية السياسية الجديدة، ولذلك علينا أن نبلور برنامجاً سياسياً صحيحاً يعبر عن أهداف الجماهير البحرينية الآن ويطرح الدور الذي ستلعبه الطبقات أو “القوى الاجتماعية” الآن ومستقبلاً وليس (الطوائف – القبائل)، ويناقش هذا البرنامج مشكلات الوطن الأساسية “الاستقطاب والانقسام الطائفي” فمثلاً بالشرخ الطائفي الذي أحدثته أزمة 14 فبراير والتضامنيات السياسية (الطائفية – القبلية) أو الحلف الطبقي مشكلاً من “العقاريين الجدد، الكمبرادور البورجوازية التجارية المحلية، البورجوازية المالية المصرفية، البورجوازية البيروقراطية في المراكز العليا + نخب حاكمة متشددة” ، إضافة إلى موضوع التبعية، ويحدد طبيعة “التغيير” هل هو “ثورة” أم “إصلاح” أم هو (تحول ديمقراطي) في ظل المشروع الإصلاحي وصولاً “للنظام الديمقراطي المنشود”
– إذا كان الجمود النظري الذي ساد الخط التقليدي في كل الجمعيات العاملة على الساحة السياسية في البحرين قد قاد إلى ارتباك وتشوش في تحديد البرنامج السياسي الواقعي وأوجد أخطاء كبيرة وكارثية على الشعب والمجتمع خصوصاً مع تجربة أحداث الدوار، فإن المقدرة على التحليل الملموس، تتمثل أساساً في امتلاك سياسة واضحة، “فالتغيير” عندنا هو التحول الديمقراطي في ظل المشروع الإصلاحي وتحت مظلة وثيقة ميثاق العمل الوطني نتيجة للإجماع الذي حدث عليه أي تعزيز الديمقراطية السياسية والاقتصادية “رؤية 2030” والاجتماعية والحقوقية والثقافية كاستحقاقات المشروع الإصلاحي ولاستيفاء شروط المملكة الدستورية.
– أن “التغيير” في المرحلة الحالية ذا طبيعة “وطنية – ديمقراطية ” وهو عتبة للانتقال إلى “النظام الديمقراطي المنشود” وبالتالي فإن للجمعية السياسية الجديدة دور “تغييري” قيادي في المرحلة الانتقالية من التغيير الوطني – الديمقراطي، وكذلك في التغيير للوصول إلى النظام الديمقراطي المنشود.
– لهذا يجب نقد الدعوة التي تقول أن “الثورة” ذات طبيعة طائفية سياسية “دينية – مذهبية” سواء كما يطرحها الإسلام السياسي الشيعي لتحقيق مشروع دولة ولاية الفقيه أو الجمهورية الإسلامية كما تطرحها الفئة الشعبوية المغامرة أو كما يطرحها الإسلام السياسي السني لتحقيق مشروع دولة الخلافة لأنها دعوة رجعية.
أو لمن يقول ويدعو إلى أن “الثورة” ذات طبيعة اشتراكية لأنها دعوة طوباوية، وكذلك يجب نقد الرؤية التي تعتبر أن قيادة التحول الديمقراطي من مهمة “القوى الدينية” الطائفية السياسية (شيعية – سنية) أو قبلية سياسية فإن مشاركة الإسلام السياسي في السياسة منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي لم يترتب عليه التزامه بالقيم الديمقراطية أو تخليه عن الميل إلى العنف في فرض رؤيته ورسالته والإشارة هنا إلى افتراض سيطر على ما سمي بالتيار الوطني – الديمقراطي وعلى إسهامات الكثير من النشطاء السياسيين والحقوقيين وهو أن دمج جماعات وجمعيات الإسلام السياسي (شيعي – سني) في حياة سياسية تعددية وتنافسية، سيدفعها إلى الالتزام بقيم الحرية والمساواة وسيادة القانون في عملها العام وسيباعد بينها وبين ممارسة العنف أو التحريض عليه، فبالنظر إلى خبرة الفترة الماضية “انتخابات 2010” واحتجاجات 14 فبراير ينبغي التشديد على أن دمج الإسلام السياسي في السياسة مكن جماعاته وجمعياته من توظيف الآليات الديمقراطية لهدم قيم الحرية والمساواة وللزج بالدين والطائفة في السياسة وإطاراتها الدستورية والقانونية على نحو تميزي يدمر المواطنة والمدنية، وينبغي التشديد على أن دمج الإسلام السياسي في السياسة لم يحل دون تورطهم في ممارسة العنف والتحريض عليه زيفاً باسم الدين أو باسم طائفية ومذهبية مقيتة.
– وكذلك يجب نقد الرؤية التي تعتبر أن القيادة للحلف الطبقي الضمني ما بين “العقاريين الجدد، و الكبرادور، والبورجوازية المالية المصرفية والبورجوازية البيروقراطية في المناصب العليا” وبين النخب المتشددة في الحكم. لأنها رؤية ضد مرحلة التحول الديمقراطي فهذه القوى هي من أعاق التطور في المشروع الإصلاحي، بتنفدها الاجتماعي والاقتصادي فيه وربط السياسات الاقتصادية بمصالحها على حساب مصالح الشعب.
– فالقيادة هي من مهام قوى “التغيير – الديمقراطي” والطبقات المنتجة “القوى المنتجة” كالطبقة العاملة، والطبقات الوسطى والفئات الديمقراطية من البورجوازية الصغيرة ومن الممكن أن يضاف لهم النخب المعتدلة في الحكم والتي ترى أن من مصلحتها تطوير المشروع الإصلاحي، وتقوم هذه الرؤية أيضاً على الدور “التغييري” للجمعية السياسية الجديدة، وهذا يعني أن تكون قادرة على تحديد رؤية سياسية صحيحة، وخط تكتيكي صحيح، كما تكون قادرة على بلورة القوى التنظيمية “التغييرية الفاعلة، المتماسكة والديمقراطية” وقادرة على استقطاب “كتلة الجماهير الشعبية الأساسية” لكي تستطيع لعب دور قيادي، ولكي تستطيع تحقيق الانتقال للنظام الديمقراطي المنشود.
– كما أن ذلك يعني أن تكون الجمعية السياسية الجديدة في مقدمة الجماهير الشعبية في الصدامات السلمية – الشرعية – والتغييرية، (فالتغيير) هنا يعني الهجوم في الساحة السياسية بمعنى طرح المبادرات الخلاقة الجامعة الممكنة أي تحويل الممكن إلى كائن، فالهجوم أساس العمل “التغييري” أما التراجع أو الاندفاع أو المساومة أو المهادنة أو الدعوة الإصلاحية فقط، فهي أمور تفتضيها ظروف محددة، فبغير الهجوم تكف الجمعية السياسية الجديدة عن أن تكون (تغيرية)
– وتقوم هذه الرؤية أيضاً على تحديد أن الجمعية السياسية الجديدة ليست جمعية طبقة بعينها، كما هو حادث في الحزب في الدول الصناعية المتقدمة، فإن الجمعية الجديدة وإن كانت تعبر عن مطامح ومطالب الطبقة العاملة في المدى التاريخي إلا أنها في هذه المرحلة تعبر عن أهداف الطبقة العاملة “كل من يعمل بأجر” إضافة للطبقات الوسطى والفئات الديمقراطية من البورجوازية الصغيرة حيث تمثل هذه الجمعية الجديدة فئاتها الطليعية، إن الطبقة العاملة جزء من تحالف “تغييري” ما دامت قوة محددة الحجم وما دامت طبيعة التغيير الراهنة تجعل إمكانات الاتحاد ممكنة بين العمال والطبقات الوسطى والفئات الديمقراطية من البورجوازية الصغيرة، والذين يشكلون مع بعضهم الأغلبية في المجتمع وأيضاً بسبب وحدة أهدافهم ووحدة مطامحهم.
– بذلك فإن الجمعية السياسية الجديدة هي طليعة هؤلاء والساعية إلى تحقيق أهدافهم عبر العملية السياسية وهي بذلك تمثل مجموع الشعب البحراني بكل أطيافه في حركتها التاريخية الصاعدة، أي أنه يسعى لتحقيق عملية التغيير كله فهي ستكون “جمعية مركزية” لها مركز واحد تقود التغيير في كل المجالات تقود أشكال التغيير السياسي العام والمحدد والاقتصادي المطلبي، والتغيير الإصلاحي التدريجي في ظل المشروع الإصلاحي فللشعب البحراني حركته الواحدة، وبالتالي يجب أن يكون له وعبر الجمعية السياسية الجديدة برنامج التغيير الواحد وإن اختلفت أشكال التغيير وتنوعت ظروف العمل أن لوحدانية المركز “هنا الجمعية الجديدة” أهمية كبيرة فعبرها يمكن تحقيق التحول الديمقراطي في كل الوطن، وهذا يفترض على الصعيد التنظيمي أربعة قضايا أساسية:
القضية الأولى: أن تعبر الجمعية السياسية الجديدة عن الطبقة العاملة والطبقات الوسطى والفئات الديمقراطية من البورجوازية الصغيرة وكل من يعمل بأجر.
القضية الثانية: أن تضم هذه الجمعية السياسية الجديدة “الفئات” الطليعية من هذه الطبقات وليس الطبقات كلها لأن هذه الجمعيات الجديدة تطمح لكي تمثل جمعية الطليعة التي تمتلك نظرية علمية تغييرية وتقوم بدور طليعي عملياً في الحراك السياسي في الشارع البحريني، سواء عبر المسيرات والتظاهرات أو الاعتصامات أو الإضرابات أو العمل الإعلامي السياسي في العالم الافتراضي، فكل هذه السمات المحددة لا تتوفر لدى أفراد هذه الطبقات كلهم بل عند فئة محددة منهم.
القضية الثالثة: أن تمثل الجمعية الجديدة طليعة واعية تمتلك القدرة على التحليل العلمي وتعي ظروفها وعياً دقيقاً وتلتزم وهنا المهم “بالنظرية العلمية” “المنهجية العلمية”
القضية الرابعة: أن تكون الجمعية الجديدة (مركزية) لها قيادة مركزية تقود العمل أو تنفذ العمل كله، لأن التجزئة تفرض المركزة أي وجود المركز المتماسك، فالقضية هنا هي كيف تكون الجمعية الجديدة “مركزية” وتستطيع العمل في ظروف مختلفة وشديدة التعقيد كما هو حادث في البحرين، وخصوصاً في ظل النزعات المحلية – المناطقة – الجِهّوية ما دون السياسية التي أصبحت مفتاح اللعبة السياسية ما قبل وأثناء وبعد أحداث 14 فبراير وأيضاً في ظل الانقسام والاستقطاب الطائفي السياسي الحاد والانقسام للإسلام السياسي بجمعياته الشيعية– السنية أو التضامنيات الحديثة المتمحورة حول نخب مستبدة “شـُلل مستبدة” فيما يسمى بالتيار الوطني الديمقراطي.
أو من التقسيم التقليدي الحاصل في البلاد بين مدن حديثة عصرية محاطة بقرى مهمشة وبالتالي كل منطقة لها أهدافها الثانوية المختلفة التي قد تخلق ضبابية حول الأهداف الأساسية أو بعضها.
– فإذا كانت “المركزية” الصارمة قضية أساسية وتشمل سمة هامة من سمات الجمعية السياسية الجديدة، فإن معالجة قضية (الاختلاف) لا تكون إلا بإشاعة الديمقراطية وروح المبادرة لدى كل الأفراد والمجموعات في فترة التأسيس ولدى كل الهيئات التنظيمية بعد التأسيس من اللجان الفاعلة في الجمعية إلى اللجان المناطقة، وهذا يفترض بناء “جمعية ديمقراطية” أو تنظيماً ديمقراطياً، فالديمقراطية جزء أصيل فيه أن لكل الأفراد والمجموعات في أثناء التأسيس ولكل الهيئات ما بعد التأسيس حرية المبادرة انطلاقا من الإقرار العام بالبرنامج السياسي والالتزام بمقررات المؤتمر العام واللجنة المركزية، وحرية المبادرة تعني هنا حرية التعامل مع الظروف المحددة كل في إطار عمله (لجان فاعلة في التنظيم، لجان مناطقي) أي حرية اتخاذ القرار.
– القضية الأخرى هي أن التأكيد على المركزية الصارمة في ظل العمل العلني لا يعني خلق سلطة و لا تكريس فئة تأمر وتنهي، بل يعني مركزة العمل كله والانطلاق من أنه عمل واحد في كل الوطن تحكمه قوانين واحدة، وتقوده هيئات واحدة هي أولاً المؤتمر العام وثانياً اللجنة المركزية، والمركز لا يستطيع أن يكون متماسكاً إلا إذا توفرت الشروط التالية:
1- توفر التماسك النظري بما يعنيه من امتلاك للمنهج الجدلي المادي – التاريخي، وبلورة (نظرية) هي نظرية التغيير في مرحلتها الحالية، والتماسك النظري أساسي التماسك التنظيمي وهو الذي يخلق اللحمة العامة في الجمعية الجديدة ويسمح بوجود جسم متماسك له هيئاته.
2- توفر القيادة الواعية “القيادة الجماعية” القادرة على أن تحظى بثقة كل الأعضاء بامتلاكها سمات المبادرة والنشاط والاطلاع الواسع والشخصية القيادية.
3- توفر الحياة الديمقراطية وإطلاق المبادرات لكل الهيئات وتحديد مهام كل هيئة بما يمنع تركيز السلطات، وبذلك توحيد “الطليعة” وتوحيد الشعب كله وتجاوز الانقسام والاستقطاب الطائفي “تجاوز الشرخ الطائفي” المدمر وبه وحدة يمكن تحقيق الأهداف العامة “أهداف التغيير – الديمقراطي” وتحقيق الأهداف الثانوية، الأهداف التي يوجدها اختلاف الظروف “الظرف السياسي”.
– إذاً انطلاقا من كل هذا يمكن تأسيس جمعية جديدة، تتمتع بمركز متماسك وتنتشر في كل الوطن وتؤسس العمل التنظيمي بشكل مؤسساتي وتعمل في كل موقع تتواجد فيه الطبقة العاملة والطبقات الوسطى والفئات الديمقراطية من البورجوازية الصغيرة وكل من يعمل بأجر وتعمل أيضاً في مؤسسات المجتمع المدني كالنقابات والاتحادات العمالية، والجمعيات المهنية والاتحادات والجمعيات النسائية، والشبابية والطلابية ….إلخ.
– بالتالي تصبح الجمعية الجديدة قوة هامة مؤثرة في موازين القوى القائمة الآن في هذه المرحلة وتخلق هذه الجمعية أساس لانطلاقة عملية تغيرية جديدة.
– إننا الآن ونحن نحاول أن نتخطى الأزمة الحالية التي لا زالت مستعصية على الحل وهي من أكثر المراحل تعقيداً كل هذا يجعل من قضية الجمعية الجديدة من أهم القضايا بل أهمها على الإطلاق كقضية تكونها النظري وكقضية دورها العملي، وعلينا أن نخطو خطوات هامة إلى الأمام، فالوضع العام في البلد بحاجة إلى الإقدام وإلى الحماس التغيري كما هو بحاجة إلى الخطوات العملية الجادة.
– أن الدعوة لتشكيل جمعية سياسية جديدة لا تبغى تكريس مبدأ الجمعية الواحدة بل تحث على العمل لبلورة جمعية جديدة تعمل كجزء من الحركة الوطنية – الديمقراطية التغييرية في البحرين وإن كان لديها مطمح أن تكون جمعية طليعية تقدمية، قادرة على قيادة التغيير وهي دعوة لنبذ الجمعية الواحدة لأن مبدأ الجمعية الواحدة يعني تشديد الصراعات الثانوية على حساب الصراع الرئيسي وتفتيت القوى الوطنية والديمقراطية والتغييرية، وبالتالي العجز عن توحيد صفوف الشعب ضد كل ما يعيق تطور المشروع الإصلاحي كقوى الإسلام السياسي (الشيعي/ السني) والفئة الشعبوية المغامرة الطائفية والاتجاه الشعبوي المغامر فيما يسمى بجمعيات التيار الوطني – الديمقراطي والحلف الطبقي الضمني مع النخب الحاكمة المتشددة.
– وأخيراً فإن هذه الجمعية الجديدة لا تعني بالصراع مع الجمعيات الموجودة القائمة في الحياة السياسية في البحرين بل هي تبحث عن بلورة قوة تغييرية، تخوض غمار (التغيير) وتلعب دوراً أساسياً فيه مما يسمح بإعادة بناء الحركة الوطنية الديمقراطية التغييرية وبتميز فكرها وخطها السياسي وخطها التنظيمي وأطروحاتها للتغيير والتحول الديمقراطي عن بقية الجمعيات السياسية الأخرى.
وليكن شعارنا لهذه الجمعية السياسية الجديدة هو:
– من أجل موقف أيديولوجي وفكري متماسك
– من أجل بنية تنظيمية “جمعية سياسية جديدة” صلبة.
– من أجل ممارسة تغييرية.
المرجع:
نقد الحزب للمؤلف سلامة كيلة
الدار خطوات للنشر والتوزيع.