أوهام اصلاح الحركات الطائفية السياسية

أوهام اصلاح الحركات الطائفية السياسية والتي تستغل الدين او لنقل مع التقدميين العرب اوهام الإصلاح الديني لدي العلمانيين العرب . من اللافت للنظر انه في هذه الأيام تنبري جمعيات تسمي نفسها ( وطنية ديمقراطية علمانية ؟! ) في التنظير الفكري وفي بذل المحاولة تلو الأخرى من اجل دمج الجمعيات الطائفية السياسية في الحياة السياسية وان عبر طرحها تحت عنوان الإصلاح الديني وان كان بشكل استحياء في تجربة البحرين ذلك ان اختلاط المقدس بالدنيوي أخذ بعدا سياسيا منذ انطلاقة المشروع الاصلاحي وتشكل الجمعيات السياسية ضمن إطار بعد طائفي مذهبي سواء في الطرف الشيعي او السني جمعية المنبر الاسلامي والأصالة من جهة وجمعية الوفاق والعمل الاسلامي من جهة اخري هذا علي سبيل الحصر ومن جهة اخري جمعيات سميت امتدا للجبهة الشعبية وجبهة التحرير وحزب البعث ( علمانية ؟! ) بدا بالتدريج تنصهر وتندمج في سواء ذلك كان عبر تحالف رباعي او سداسي او خماسي وكان لسان حالها انه لا يمكن  العودة واستئناف المشروع الاصلاحي الا بعد الإصلاح الديني اي تمكين الجمعيات الطائفية السياسية ( المتدينة ) في كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية الخ عند هؤلاء ( العلمانيين ؟! ) والذي يعدونه شرطا لازما للنهوض والتقدم لذلك بات الدين عندهم هو الموضوع وإصلاحه ؟! وتمكينه في الدولة والمجتمع هو الهدف ؟ والدين هنا هو الاسلام الشيعي ؟! دين الأكثرية في البحرين ؟! لان الاسلام السني هو دين ؟! الأقلية والسؤال هنا هل بوسع العلمانيين ؟! ان ينجزو مشروعا من هذا النوع وهل كما يعلنون بان الإرادة الذاتية وحسن النية وسلامة القصد كافية لذلك ؟ والسؤال الأهم هل الإصلاح الديني شرط لازم للنهوض والتقدم من التعثر والكارثة التي نعيشها بعد كارثة الدوار ثم هل بوسع المصلح ؟! العلماني ان يتجاهل دولة حكم الملالي الطائفية في ايران والتي تطرح ( المعارضة الشيعية الكفاح المسلح ) انطلاقا من ايران ؟!

ان كل ( العلمانيين ) في البحرين لم يكن في استطاعتهم قراءة الواقع المهم وهو انه حتي لو حصلت حركات اصلاحية او محاولات إصلاح او عملية إصلاح تكون دوما استجابات مختلفة لتغيير موازيين القوي علي ارض الواقع هذا اولا  ثانيا هو ان هذا الإصلاح ليس كما يتوهم هؤلاء العلمانيين انه سياتي من خارج المجال الديني او المذهبي بل انه يحدث في داخل المجال الديني والمذهبي وهذا ما حدث عند الجمعيات الطائفية السياسية المذهبية سواء في الضفة السنية او الشيعية فمثلا جمعية الوفاق الطائفية السياسية كانت تسمي عند تشكلها بالمجتمع الوفاقي او الكتلة الطائفية الكبرى هذا عند تأسيسها وإشهارها والتي حدثت فيها سواء حركات تريد إصلاحها من الداخل او حركات مضادة لهذا الإصلاح قد جاءت ضمن المجال الديني المذهبي فخرجت جماعات السفارة ، جمعية العمل الاسلامي ، حركة حق ، وفاء ، جمعية العدالة والتنمية شخصيات خرجت حفاضا علي الهوية الشيعية وبقي تيار الولي الفقيه بقيادة ألشيخ عيسي قاسم كذلك هو الامر في الجانب السني فلم تتصالح جمعية المنبر الاسلامي وجمعية الأصالة الا في فترات الانتخابات ومن داخل المجال الديني وهذا ايضا كان حال تجمع لقاء الفاتح والذي شكل من جمعيات إسلامية وغير إسلامية والذي بدأت تخرج منه الجمعية تلو الأخرى هنا تحول الاسلام الي إسلاميات او ارثوذكسيات لا تقبل الإصلاح من خارجها بل تقبل الانقسام فحسب وهذا مالم يراه هؤلاء العلمانيين الذين وضعت الجمعيات الطائفية السياسية غمامة علي وجهوهم مما أعماهم عن رؤية هذا الواقع والذي سهل عملية انقيادهم لتلك الجمعيات في الضفتين ؟! ذلك لان الموضوع المعلن لأي نزاع داخلي ينشب في اي منها لأي سبب من الأسباب هو ( المشروعية الأيدولوجية ) التي تباركها المرجعيات الدينية وبالتالي تباركها السماء وهذه المشروعية الأيدولوجية فان الذي يقويها هو نزاعها مع غيرها ويزيد من تماسكها وصلابتها وهذا مالم تفهمه الجمعيات التي تسمي نفسها وطنية ديمقراطية وتحت يافطة علمانية مثل الجسور التي توهم الأمين العام السابق لوعد انه يمكنه من مدها بين كما قال ( الحكم الموالاة والمعارضة ) ؟!! او التنسيقات السابقة في بداية المشروع الاصلاحي في ضم كل هذه الكتلة اي بين طرف الجمعيات الطائفية السنية او الشيعية ان محاولة هؤلاء ( العلمانيين ) هذا اذا كانت هذه التسمية تنطبق عليهم سواء الموجودون في وعد او المنبر او التجمع القومي غاب عنهم ان الذات لا تتأسس موضوعيا الا بالموضوع ولا تتحدد الا به ولا تتأسس ذاتيا الا بالأخر ولا تتحدد الا به فهل يمكن القول ان العلمانيين عندنا الذين يعدون الاسلام السياسي الشيعي هو الموضوع والذي أفردت له جمعية وعد والمنبر وكذلك التجمع وخصوصا مع كارثة الدوار وحتي الان الحيّز الأكبر من نشاطها ( الفكري والسياسي والتنظيمي ) فأصبح هو جوهر ( نضالها ) في الداخل والخارج ؟!! نقول يعدون الاسلام الشيعي هو الموضوع وإصلاحه وتمكينه في الدولة والمجتمع هو الهدف ؟!!! إنما يؤسسون ذواتهم او يعيدون تأسيسها موضوعيا في الاسلام السياسي الشيعي ويحددونها به ؟! كما يتصوره كل منهم وأنهم بذلك يؤسسون ذواتهم من ثم ويحددونها ذاتيا بالتضاد وهنا الخطر الأكبر بالأخر غير الشيعي مما أدخلنا في ما سمي بالشرخ الطائفي ؟!! لان الاخر هو من فرض هذا التأسيس والتحديد ؟ فإذا كان ذلك صحيحا اذا فالإصلاح الديني لا يمكن ان يكون الا من داخل المجال الديني المذهبي وهذا يطرح سؤال الا تعني أطروحة ( إصلاح الجمعيات الطائفية السياسية او الإصلاح الديني ) العلمانية بانه يحتكم او تنحكم الي النص المقدس الا يعد ذلك نكوصا خجولا عن العلمانية وعن العقلانية ؟!!! وانه بمثابة البعد عنها ونوعا من اعادة انتاج الطائفية السياسية موضوعيا في الفضاء الثقافي وفي المجال السياسي والاخطر في المجال التنظيمي علي السواء ؟!!!! .

. ان النخب الثقافية والسياسية وبالذات من يسمون بالزعامات او القيادات ( الأمناء العامين ) في الجمعيات المسماة ( بالوطنية الديمقراطية العلمانية ) هي من اعادة انتاج العلاقات الطائفية السياسية والعلاقات المغلقة في مجمل مناطق وجهات البحرين وهي كما نعرف علاقات ( ما قبل الوطنية ) ولاسيما العلاقات المذهبية في المؤسسات والتي يفترض انها مؤسسات حديثة كالنقابات العمالية والجمعيات المهنية والجمعيات السياسية هذا اولا ومن ثم عززته في المجال السياسي العام في وقت كانت العلاقات والبني المذهبية وبالذات في فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والي منتصف الثمانيات تمر تلك العلاقات بالكمون ولن نقول بالتفكك في المجتمع لأسباب موضوعية منها بروز الطبقة العاملة الموحدة ونضالاتها سواء المطلبية او السياسية الموحدة وطنيا وبروز الطبقات الوسطي والتفاف البورجوازية الصغيرة حول الأهداف الوطنية وهو الدور الذي لعبت فيه الحركة الوطنية ذات المضمون الاجتماعي والسياسي دورا وطنيا وديمقراطيا وان كان تحت مظلة العمل شبه السري مما عزز لدي الجماهير عملية الانتقال من حكم العرف والشريعة المذهبية الي المطالبة بحكم القانون الوضعي و الضغط الي الانتقال من لعب دور ( الرعية ) الي لعب دور المواطنة ولكن اليوم وخصوصا بعد احداث ١٤ فبراير الكارثية نري ان هذه النخب الثقافية والسياسية والتي تمكنت من أخذ سلطة القرار وبشكل مستبد في جمعياتها انها هي التي تعتاش علي العلاقات المذهبية خاصة وتبني عليها أمجادها الفردية الزائفة فهي تارة تسمي نفسها ( بالقيادة السياسية ) وتارة ( بالقائد اليساري الملهم ) وتارة ( القائد الوطني ) الي اخره من النعوت الايدلوجية المزيفة ! ولكن ماذا يقصد بالإصلاح الديني الذي يتبناه هؤلاء العلمانيين ؟ كطريق للخلاص؟! هل يا تري المقصود هو فتح الأفق لتحقيق ( العلمنة ) وهيمنة فكر الحداثة ؟ اذا اخذنا الأمر بشكل سطحي وعلي حسب حسن النيات يمكننا ان نقول بان الهاجس الذي يحكم كل العلمانيين الذين يطرحون إصلاح الجمعيات الطائفية السياسية او إصلاح الدين كطريق لتجاوز هيمنة الاصولية سواء السنية او الشيعية القائمة منذ ثلاثة عقود هو فتح الطريق لهيمنة الليبرالية بمعناها كما طرحته عندما تشكلت اي ذاك المتعلق ( بالعقلنة والعلمنة والدمقرطة ) لهذا يصبح السؤال حول إمكانية ان يتحقق هذا النوع من الإصلاح الديني ؟ والسؤال مرة اخري هل إصلاح هذه الجمعيات الطائفية السياسية او الإصلاح الديني ممكن؟

في هذا الوضع ماذا يعني الإصلاح الديني او إصلاح الحركات او الجمعيات الطائفية السياسية المذهبية غير تكريس الفصل بين الدين والسياسية وبالتالي القفز عما هو مجتمعي في النص ؟ هل تجرؤ جمعية المنبر، وعد، و التجمع علي طرح هذا الفصل بين الدين والسياسية ؟! فهذه الخطوة لا تبدو انها سهلة ! لماذا ؟ لأنها تتطلب فهم منطلق من أهمية ان لا يتحول الدين الي ايدلوجية بل ان يدخل الي الذات لكي يصبح شانا شخصيا وهو خيار فردي يقوم علي تجاوز الدين كأيدولوجية ، لكي لا تقع تلك الجمعيات في المحذور وهو الصراع بين الاسلام والعلمانية ؟ فالعلمانية عندنا مقطوعة عن الحداثة التي لم تكن مناهضة الدين هما من همومها او هدفا من أهدافها . لذلك لا تعدو العلمانية عندنا ان تكون نوعا من استهلاك ثقافي موضوع في بوتيك الجمعيات التي تسمي نفسها تيار وطني ديمقراطي ؟! كما هي البضائع الأخرى الموضوعة في فترنيتها استهلاك ثقافي للتراث العربي او الاسلامي . المسالة وثيقة الصِّلة اكثر مما تتصور تلك الجمعيات ( بالطابع الاستهلاكي ) لمجتمعنا الذي تسوق له تلك البضائع في بوتيكاتها ؟! . العلمانية تسير جنبا الي جنب مع الانتاج الحديث مع ثورة العلم والتكنولوجيا ومع الإبداع وليس تنظيم المجتمع في اي زمان ومكان سوي تنظيم الانتاج اجتماعيا ! وتوفير شروط نموه ووفرته وتقدمه علي كل صعيد لتلبية ( حاجات ) المجتمع ( المادية والروحية ) وتحسين نوعية الحياة ، العلمانية التي تستحق اسمها لا تناهض الدين ولا تقوم بأدلجة الدين بل علي العكس من ذلك فان الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين الوضعي هي التي كانت ولا زالت تناهض العلمانية وتكفر العلمانيين فمهما حاولت جمعيات وعد ، المنبر ، التجمع . من ان  تمكن الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين وتعطيها الغطاء السياسي والفكري ضمن ما سمي ( الجبهة الوطنية الديمقراطية ) ؟!! ذلك ان تلك الجمعيات كانت دوما ولا تزال تهدف الي السلطة موقع الامر والنهي ظهيرا قويا للاستبداد . العلمانية ، لا تساوي شيئا ولا تفيد شيئا اذا لم تندرج في مشروع مناهضة الاستبداد سواء جاء من الحلف الطبقي الضمني او من الجمعيات الطائفية السياسية وعلي كل صعيد .

المراجع:-

  1. العلمانية – المعني والإشكالية في الوطن العربي . لسلامه كيله.
  2. حداثة بلا حدود في حرية الفرد . لجاد الكريم الجباعي .