التركة الثقيلة التي ورثها المشروع الاصلاحي

مشكلة اكتساب الشرعية وشكل الممارسة السياسية أثناء الحكم التسلطي (( الحكم المطلق )) السابق على المشروع الاصلاحي

 كان بمقدور النخبة الحاكمة التطلع إلى (( شرعية )) حكمهم من خلال المزج ما بين صور التعبئة التسلطية والاستعانة بشبكات الثقة (( التضامنيات )) حيث استمرت النخبة الحاكمة في ممارسة سيطرتها الكلية على المصادر الرئيسية للفوائض المالية

وحيث ساعدت الطفرة النفطية على مضاعفة المصادر المالية التي هي بتصرف النظام مضاعفة إلى خمسة أضعاف ( 1970 ) كان سعر البرميل (( 2 دولار )) وفي عام ( 1974) كان سعر البرميل (( 11 دولار )) وفي عام ( 1981 ) أصبح البرميل (( 34 دولار )) …. الخ  فمن خلال إنفاق البترودولار تمكنت النخبة الحاكمة من التحكم والسيطرة على مختلف الشرائح الاجتماعية وتحويل البحرين إلى مركز بنكي إقليمي وعالمي لضخ البترودولار للخارج ولم تكن هناك آلية لفصل النظام ونخبته الحاكمة عن الحكومة كجهاز تنفيذي وإداري من ناحية أخرى، حيث استمرت أجهزة الدولة كامتداد للسلطة الرسمية وغير الرسمية (( التضامنيات )) للنخبة الحاكمة .

  ولكن ماذا نقصد بمفهوم (( التضامنيات))  ((CORPORATION))

  أن فكرة التضامنية فكرة جديدة ولذلك تبدو كلمة (( التضامنية )) غير مألوفة ، هذا حسب ما يطرحه خلدون النقيب في معظم كتاباته .

التضامنية : هي أو هو أن جماعة أو(( قوة اجتماعية )) ، تعبر عن نفسها (( تضامنياً)) من خلال قادة تعترف بهم الدولة اما ضمنيا  أو رسميا ، بحيث تصبح  (( التضامنية )) امتداد لأجهزة الدولة ووسيلة فعالة للضبط الاجتماعي .

ان (( التضامنيات )) هي جماعات (( وسيطة )) بين النخب الحاكمة وعامة الشعب ولكنها ليست مستقلة عن سلطة الدولة لأن الدولة لا تترك لها أبداً مجالاً لحرية الحركة والتنظيم كسياسية عامة ومستقلة .

التضامنيات تلعب دوراً مزدوجاً ، في الحالة الأولى تلعب دور المدافع عن الحقوق أو الأداء لتحقيق المكاسب من الدولة ( ليس على اساس طبقي وإنما على أساس طائفي – قبلي – عائلي ، وتلعب دوراً آخر هو في التخفيف من وقع سياسات تسلط الدولة التي تقود إلى التذرير أي جعل الأفراد ذرات منعزلة عن بعضها البعض غارقة في جو الإرهاب البوهيمي الذي تمارسه الدولة .

تؤدي ((التضامنيات )) إلى تعميق علاقة الزبانة بين المعازيب ((جمع معزب – أي رئيس – رب العمل ))

والزبائن والذي يريد أن يترقى في هذه البيئة عليه أن يجد أحد أفراد النخبة الحاكمة أو أحد كبار التجار ليتبناه .

تكتسب الشرعية ((التضامنية )) سواء كانت رسمية أو شبه رسمية أهمية استثنائية بسبب غياب التنظيمات الممثلة لمصالح السكان كالأحزاب الايديولوجية والمنظمات المهنية والاتحادات النقابية والنقابات العمالية المستقلة وجماعات الضغط (( اللوبي )) المصلحية ، والحركات الاجتماعية والسياسية المستقلة حيث ترتكز ((الشرعية )) على فكرة ((التضامنيات )) التي تعتبر عماد الترتيبات المؤسسية للدولة التسلطية .

ماهي أشكال هذه التضامنيات ؟

هناك تضامنيات رسمية وغير رسمية

  1. مؤسسة الأسرة الحاكمة
  2. جهاز البيروقراطية المركزية العليا للدولة
  3. المؤسسة القبلية : شيوخ القبائل الذين تتعامل معهم الحكومة على المستوى المحلي
  4. المؤسسة الدينية (( السنية – الجعفرية )) رجال الدين الممثلون للحركات الدينية الدعوية أو بشخصهم
  5. المؤسسة الطائفية السياسية : قادة الطوائف الدينية سواء ( سنية – شيعية )
  6. التجار : كبار التجار ورؤساء العائلات التجارية كما تمثلهم عادة غرف التجار والصناعة ((بيت التجار ))
  7. المؤسسة العسكرية
  8. الطبقات الوسطى : تتعامل معهم قبل أن يشكلوا جمعياتهم ، على أساس عائلي
  9. العمال : من خلال الأرستقراطية العمالية

هذه التضامنيات شبه رسمية ولذلك فليست هناك غرفة أو مجلس للتضامنيات على النمط التقليدي  ، ولكنها ممثلة في ((مؤسسات)) الدولة أما في الحكومة أو المجالس البلدية أو على مستوى  المحافظات أو الجيش والشرطة , فمؤسسات الجيش والشرطة مبنية على أسس قبلية واضحة وهناك تنظيمات عسكرية موازية كالحرس الوطني .

وضماناً لعدم تحول هذه (( التضامنيات )) إلى أرضيات  واطر للعمل السياسي والاجتماعي المستقل الذي يهدد سلطة الدولة واحتكارها الفعال لمصادر الثروة والقوة والسلطة للنخبة الحاكمة ,  ارتكزت ترتيبات الدولة التسلطية على تطوير البنى المساندة للبيروقراطية المركزية وخاصة أجهزة القمع المنظم للدولة ، وخلق جهاز أمن الدولة ومؤسسة العنف ومحكمة أمن الدولة تمثل البداية التاريخية الفعلية للقمع الشامل فمن خلال الدولة البوليسية ((دولة المخابرات)) الرهيبة بصلاحياتها غير المحددة التي اقتحمت الحياة الخاصة للمواطنين في أدق دقائقها ، تم التلاعب بالتنظيمات والجمعيات واللجان العمالية والمهنية وبقيادتها .

وثانيا أطبق الخناق على كل أشكال المشاركة السياسية للمواطنين في السياسة العامة .

أن محاولة تحقيق الاحتكار الفعال لمصادر القوة والسلطة في المجتمع تقتضي خلق تقسيمات عمل جديدة بين (( القوى الاجتماعية )) والسياسة الممثلة في (( التضامنيات )) بحيث تتمكن النخب الحاكمة من التلاعب بها للحفاظ على الوضع القائم والترتيبات الاجتماعية المختلفة في المؤسسات الطائفية – القبلية – الدينية وهذا هو العنصر الذي يعطي صفة الفعالية لاحتكار مصادر القوة والسلطة في المجتمع .

ماهي أساليب التلاعب هذه ؟

اختيار وتوظيف القيادات والكفاءات المختلفة في النخبة الاستراتيجية والحاكمة مع ان المراتب العليا في النخبة الاستراتيجية تميل إلى الاستقرار والثبات النسبي كما في الوزارات ووكلاء الوزارات ، إلا أن هناك تدوير للنخب في المراكز الوسطى باستمرار .

المقدرة الفائقة للنخب الحاكمة على إغواء ((قيادات المعارضة)) واحتوائها في ترتيبات الوضع القائم أما بمنحها المراكز السياسية المتنفذة أو بفتح مجالات واسعة للأثراء على حساب الدولة .

التحالفات المؤقتة التي تعقدها النخب الحاكمة او تعطي الانطباع بعقدها مع بعض القوى الاجتماعية مقابل الاخرى ، مثال للتحالفات المؤقتة غير الرسمية

  • اللعب بالورقة الطائفية كإيثار (( وسطاء )) من الشيعة أو السنة في بعض الفترات وإعطائهم امتيازات أو فرصاً من الترقي وهذا سوف نتحدث عنه بالتفصيل بعد قليل
  • التحالف مع المؤسسة – الطائفية – القبلية ضد التجار المعارضين والطبقات الوسطى
  • التحالف اذا اقتضى الامر مع المؤسسة الدينية ضد التيار العلماني – التنويري
  • اذا فان القوى الاجتماعية في مجتمعنا تعيد صياغة نفسها في شكل تضامنيات ((corporation))

تأخذ مكان ((التنظيمات القرابية القبلية او الطائفية الاثنية التقليدية)) وهنا تبرز الدولة التسلطية كأداة مثلى في ضبط هذه التضامنيات وبالتالي  (( الضبط الاجتماعي ))حيث يستخدم مصطلح القبلية السياسية ، وهو نمط تضامني يعتبر القبلية تضامنية كما يعتبر مصطلح الطائفية السياسية وهو نمط تضامني يعتبر الطائفة تضامنية وسنتطرق الى هذين المصطلحين لاحقاً.

  • هنا تكون علاقة المؤسسة السياسية الحاكمة كتضامنية مع باقي التضامنيات القبلية – الطائفية – التجارية – الطبقات الوسطى – العمال …. الخ ، خارج التنظيمات المجتمعية الاخرى أو موازية لها مثل النقابات – الجمعيات ، الروابط المهنية الخ .
  • اذا في النمط التضامني تقوم شبكة العلاقات الاجتماعية على اساس غير رسمي وتعترف الدولة او النخب الحاكمة بممثلين للتضامنيات المختلفة ، وترى في سلطتهم امتداد لسلطة النخبة الحاكمة وليس بشكل مستقل عنها وتوجه جميع المنافع والمكاسب والمرافق من خلال هؤلاء الممثلين إلى اعضاء التضامنيات المختلفة ويدخل في الحسابات الاجتماعية خاصة علاقات التبادل الدقيق في المنافع .
  • مع ملاحظة انه ليس في التضامنية اي ظلال  من ظلال الديمقراطية ، فالعلاقات داخل التضامنية هي علاقات غير متكافئة بين المعزب – الزبون ، بين القادة من الشيوخ واسرهم واغنياء القبيلة وفقراء القبلية وكذلك في العلاقة بين الملالي والمطاوعة (( رجال الدين ذوي الرتب )) واتباعهم في داخل المؤسسة الدينية او الطائفية .
  • التضامنية تضعف الولاء السياسي للدولة الوطنية وتضعف الانتماء القومي لعامة السكان  فهي تضعف الولاء السياسي لان التضامنية تتحول بمرور الزمن إلى أداة ضغط لتحقيق بعض المكاسب والمصالح المادية حيث يتجه الرعايا وليس المواطنين الى تحديد علاقاتهم بالدولة ليس عن طريق (( المواطنة )) وإنما عن طريق التضامنية سواء القبلية السياسية أو الطائفة السياسية على اساس مصلحي بحت  وهي تضعف الولاء والانتماء القومي لعامة السكان حيث يفقد المواطن الصلة الايديولوجية بالأخرين خارج جماعته المباشرة ، فما الذي يجمع السني – الشيعي او القبلي بالجماعة القومية ، اذا كان الذي يجمعه بجماعته الوطنية الاضيق علاقة مصلحية مادية بحتة وعلى أساس قبلي او طائفي .
  • وتكمن خطورة هذه التضامنيات انه لمجرد ان تخفف الدولة قبضتها او سطوتها عليها كما حدث في ظل المشروع الاصلاحي تتحول هذه التضامنيات الى اطر للعمل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي تتستر في كثير من الاحيان بستار الخلافات الدينية المذهبية – الطائفية وتتحول هذه التضامنيات إلى اسس بتبرير قيام قوى ومطالب اجتماعية بديلة للدولة المركزية كما حدث في احداث 14 فبراير
  • وفيما يخص التجربة البحرينية فكما اورد د –عبدالهادي خلف في كتابه بناء الدولة في البحرين المهمة غير المنجزة .

تاريخيا اعتمدت النخبة الحاكمة على دور الوسطاء في اوساط الطائفتين حيث تعتمد رفاهية هؤلاء الوسطاء على استمرار ولائهم وخضوعهم واعتمدوا عليهم في الرقابة على الاراضي والمصائد وجمع الضرائب وتحصيل الايجارات ، وهنا تم استخدام الطرق غير الاقتصادية لانتزاع الثروات من رعاياها ، ذلك عكس الدول المجاورة حيث النخب الحاكمة تعتمد على العائلات التجارية التي كانت تقدم الدعم المالي والسياسي للإمارة مقابل دور لهم في شئون الدولة .

  • لم يتم مشاركتهم (( الوسطاء )) في السلطة او تقاسم الثروة  ولا حتى استرضائهم سياسيا وبقى الوسطاء قوة سياسية ، مهمشة ، ولم يطوروا ممارسة عادات المشاركة في الشئون العامة ولم يتطوروا ليكونوا مندوبين لمختلف المؤسسات ، التمثيلية في البحرين .
  • كان يجري اختيار ((الوسطاء)) لتقديم الدعم والنصيحة وليس كونهم ممثلين بقدر ما كان لهم سلطة قوية على شبكة محلية من القبائل والطوائف ، ولكن لم يسمح لهم بالتحدث باسم المواطنين ككل .
  • كان (( للوسطاء )) مصلحة في بقاء الواقع كما هو عليه حيث ان بقاء النظام يمكٌنهم من البقاء كأسياد ((وجهاء)) محليين واحيانا أسياد (( معازيب)) شبكات متنافسة ، يستندون إليها في البقاء كوسطاء .
  • ظهرت هنا (( القوى الاجتماعية المتضامنة )) المسموح لها بالتعبير عن نفسها في اطار المؤسسة الحاكمة من خلال ((زعماء )) الطوائف – القبائل – العائلات المعينين أو المكلفين ، وحيث أن التنظيم غير رسمي ، فليس هناك جسم رسمي لتمثيل هذه القوى الاجتماعية ، بالرغم من ذلك ، فهم ممثلون في مختلف مؤسسات الدولة (( الحكومة – مجالس بلدية – شرطة – جيش – ويمكن ان نوجز تلك القوى الاجتماعية وتمثيلها في
  • المؤسسة القبلية – الشيوخ
  • المؤسسة الطائفية – زعماء الطوائف
  • غرفة التجارة والصناعة – التجار
  • الطبقات الوسطى – من خلال عائلاتهم
  • الطبقة العاملة – من خلال الاستقرائية العمالية
  • شريحة واسعة من البورجوازية الصغيرة – المدرسين ، المحاميين، رجال الاعمال الصغار ومهن كثيرة خدماتية وانتاجية .
  • وتجدر الاشارة هنا الى ان ((الوسطاء )) في البحرين يفتقدون الى الثقل السياسي والعددي , وتشمل لائحة الوسطاء المقبولين في عدة مناسبات ((الوجهاء – زعماء العشائر – الطوائف – العائلات )) وشبكة اصحاب الكفاءات والاندية الاجتماعية وهم كلهم يخضعون للنظام والتكييف يوحى بدور سياسي غير محدد وبصلاحيات محددة وفترة زمنية وامكانيات محدودة
  • تم منع تطور اي من هؤلاء الوسطاء الى ترتيب دائم ورسمي كما منع التعاون بين الوسطاء واعتبروا احد المكونات الرئيسية للحكم التسلطي والجزء الاساسي الاحتياطي المحلي لمصدر السلطة .
  • وهم اي الوسطاء لا يشجعون على تقديم مطالب جماعية الى النظام ، وفقط يتدخلون لصالح الافراد التابعين لهم .
  • هنا لا يشجع الافراد بالاعتماد على (( وسيط )) واحد بل يتم تشجعيهم على تعيين او اختيار وسطاء لمختلف القضايا ، مع ملاحظة هامة ان ممارسة الوسطاء للسلطة ظل هامشيا حيث كانت النخبة الحاكمة تحتفظ بالاحتكار الفعال لمصادر السلطة السياسية والاقتصادية وحماية دورها كمشرع ومنفذ للقانون وكطرف مطالب بالحقوق ، والقضاء هنا خاضع لوزارة العدل .
  • ولنأخذ هنا واحد من اشكال التمثيل كما طرحه الكاتب يوران ثوربون في كتابه (( سلطة الدولة ، حول ديالكتيك الحكم الطبقي الا وهو (( الوجهاء )) وهو الشكل التقليدي للتمثيل العائلي ((البيوتات التجارية )) حيث يبرز مسمى السيد – الوجيه الفلاني اي القادة السياسيون الاجتماعيين الذين برزوا مع الطفرة النفطية خلال فترة السبعينات – الثمانينات  كأفراد بارزين  من ضمن عموم هذه البيوتات التجارية ، منظم بطريقة غير رسمية عبر شبكات ثقة – تضامنيات ، مؤلف من اعضاء من النخب الحاكمة والشرائح المتحالفة معهم كالمهنيين والبيروقراطيين المحترفين وغير المحترفين ، يبرز هؤلاء الاشخاص كمرشحين (( ممثلين )) للقيادة من خلال مختلف الطرق غير المأسسة او عبر تضامنية غرفة الصناعة والتجارة ، ومن خلال العلاقات والتفاعل الاجتماعي اليومي مع النخب الحاكمة كما حدث بعد حل المجلس الوطني ( 73 – 74 )

ودخولنا في الثمانينات فيما سمى بمجالس الشورى ، وايضا ظهر هؤلاء في انتخابات مجلس النواب ومجلس الشورى المعين في 2010 والتي مُثل فيها ما يسمى ((بالمستقلين )) حيث تم تزييف الوعي بإبراز المرشح في صورة شخص غير منتمٍ الى اي جهة رسمية او جمعية سياسية او الى اي من النخب الحاكمة والذي ساعد على بروز هذه الظاهرة هو وجود ما يسمى ((بالسكان الاسري)) اي الناخبين الاحرار نسبيا من الناحية الشكلية والرسمية والذين يتميزون عن اولئك الذين يشاركون في انتخابات تديرها (( النخب الحاكمة )).

  • مفهوم السكان الاسري : فحسب تعبير يوران ثوربون هم مجموعة من الناس الذين يعتمدون شخصيا على اعضاء طبقة اخرى يقومون ايضا بمنعهم من المشاركة المستقلة السياسية فهناك 3 انواع من السكان الاسري حظيت بأهمية في التاريخ الحديث
  • التجمعات القروية من العمال ومستأجري الارض وصغار الفلاحيين (( البورجوازية الصغيرة )) التي يمكن ان تنظم من قبل المالكين العقاريين الذين فقدوا طابعهم الاقطاعي وبالتحالف بين الملاكين العاقرين ورجال ((فئة )) الدين .
  • تلك المتعلقة بالعمال في المناطق والمدن شبه الصناعية والعمال المستخدمين في شركات صغيرة ((عائلية)) وتأتي هنا ((بنية التبعية )) من خلال صاحب العمل الشاملة بكل مستخدميه.
  • مستخدمي الدولة والبلديات والذين يعتمد استمرارهم في وظائفهم على ولائهم لرؤسائهم ، حيث ان للوظائف الحكومية الوسطى والدنيا اجوراً افضل مما يقابلها في القطاع الخاص ويتم من الناحية السياسية استخدام هؤلاء السكان الاسري بطرق عدة مبادلة الطاعة بالجمائل والخدمات الصغيرة ((الرشوة الاجتماعية )) انتزاع الهيبة عبر عزلهم عن بقية الطبقة او بقية الشعب مترافقا مع استعراضات على المستوى المحلي للسلطة والثروة ، علاوة على التهديد المباشر .
  • ما هذا إلا اسلوب شبه اقطاعي ، تم صقله وتعديله ليلائم الحكم ان هذا الشكل من العلاقة ((الزبائنية السياسية )) يعتبر شكلا ممتازا من اشكال تمثيل النخب الحاكمة طالما انه لم يتم تحديه من قبل اي تنظيم قوي للمحكومين ، اما مشاكله فهو ظاهرة ((نفعني وأنفعك )) – شيلني واشيلك ، وعبر داء التمصلح ، وتخترقه ظاهرة الفساد والرشوة ، فمن الواجب هنا ان تمثل هذه العلاقة (( الزبائنية )) شبكات الثقة – التضامنيات عن النظام ككل او شريحة منه او التحالف الطبقي الضمني – وليس مجرد ان تمثل هذه التضامنيات نفسها وحاشيتها وهنا يقوم النظام بمكيجة هذه الظاهرة بطرح قانون مكافحة الفساد والرشوة وقانون الذمة المالية ، بهدف تنظيم سواء اساليب الحملات الانتخابية وحق استخدام وسائل الاعلام علاوة على اساليب الصحافة التحقيقية والمقابلات الصحفية حيث ان بعض التحقيقات والمقابلات مدفوعة الثمن وبمثابة الاعلان السياسي ، كما تطرح في بعض البلدان الديمقراطية ، وكذلك اصدار ديوان الرقابة المالية والادارية بشكل منتظم دون تفعيله ، واصلاح الخدمة المدنية وادارة المدن من قبل مهنيين محترفين .
  • وهناك طرح اخر يطرحه الكاتب هشام شرابي تحت مفهوم ((الابوة الجديدة )) وهي وليدة الابوة التقليدية ، التي فسدت باقترانها بحداثة مشوهة ، والصفات الرئيسية للأبوة الجديدة هي
  • التشرذم الاجتماعي والانقسام والاستقطاب سواء العائلي او الطائفي او القبلي وليس (( للامة او المجتمع المدني )) هي التي تكون اساس العلاقات الاجتماعية والتنظيم الاجتماعي.
  • التنظيم : الاستبداد سواء في العائلة او الطائفة السياسية او القبلية السياسية او الجمعيات السياسية بمعنى الاكراه والهيمنة والسيطرة وادارة الامور كما يديرها رب الاسرة لأطفاله او المرجعية لاتباعه او القبلي لمن يبايعه او الامين العام لشلته وليس التعاون والاعتراف المتبادل والمساواة هي التي تحكم العلاقات ابتداء من الهيكل الجزئي لمؤسسة العائلة الى جمعيات الاسلام السياسي (شيعي – سني ) الى القبلية السياسية او الى الجمعيات السياسية الاخرى او الهيكل الكلي للدولة .
  • النماذج المطلقة بمعنى الشعور المغلق والمطلق القائم على اساس الايمان بما يتجاوز قدرة البشر وبما فوق الطبيعة وبالغيبيات وليس على اساس الاختلاف والتعددية والانفتاح وصراع الافكار .
  • الممارسات الطقوسية ، بمعنى السلوك الذي تحكمه الاحتفالية والاعراف بدلاً من العفوية والوعي والقوة الخلاقة والابداع .
  • ولنطور النقاش هنا ونمده ليشمل المشروع الاصلاحي وواقع امتداد هذه الظاهرة فيه فالزبائنية المعزب – الزبون والمجموعات المتضامنة ((التضامنيات )) هل باتوا من بقايا الماضي ام شهدوا نشأة جديدة في ظل المشروع الاصلاحي.
  •  

 التضامنيات الحديثة .

فالزبائنية ((التضامنية )) بوصفها وسيلة معتادة لتسيير أمور السياسة في البحرين , هل هي علاقة بين معزب – زبون في حد ذاتها ؟

أم هي شبكات الزبائنية ، شبكات الثقة ، الشبكات المتضامنة ، والمنتفعين بها ؟ وماهي علاقتها بالدولة وقدرتها على السماح او عدم السماح لدولة حديثة بأداء وظائفها ؟ وهل هي علامة للتحول إلى دولة حديثة ام عقبة مهمة في سبيل بناء مثل هذه الدولة ، دولة المؤسسات والقانون ؟

هناك ثلاثة انماط من الزبائنية التضامنية :

1 – الشبكة التضامنية المعاونة البحتة والمحدودة التي تتشكل حول شخص – زعيم – معزب والذي يتمتع بسلطة ما والتي لا تدوم بعد فقدان منصبه .

2 – المجموعة المتضامنة ( العصبية ) التقليدية القبلية – الطائفية ، التي تسبق في وجودها وطريقة اداء مهمتها قيام مجتمع يتخذ شكل الدولة والتي تكيفت مع المشروع الاصلاحي ونزلت للعمل في الساحة السياسية على شكل طائفية سياسية وقبلية سياسية فيما عرف في فترة السبعينيات بالترتيبات الطائفية – القبلية .

  • فالقبلية السياسية اخذت هذا الشكل والمضمون وكذلك الطائفية السياسية بانها :

1. هي مبدئ تنظيمي يحدد الاطر العامة للعضوية في الجماعة حسب تراتبييه تنظيمية .

2. هي رابطة موحدة الغرض مبنية على التحالف بقدر ماهي مبنية على النسب والقرابة .

  • تمثل عقلية عامة مستمدة من الانتماءات والولاءات المنغرسة في اعمق اعماق وجدان الجماعة
  • اصبحت في ظل المشروع الاصلاحي تتخفى خلف التنظيمات السياسية وتتلون بالوان الطبقات او الفئات او الطوائف في المدينة كما في القرية .

وتلك حالة الإستراتيجيا القبلية السياسية والطائفية السياسية للاستيلاء على (السلطة ) في الدولة وادارة دفتها ، انها تركب عجلة الدولة الحديثة التي ورثت مخلفاتها وشكلها من المرحلة الاستعمارية وقد ساهمت في تطويرها مع تسخيرها لمصلحتها ومع الاحتفاظ بتماسكها فيما لو ابعدت عن السلطة .

  • وهذه الإستراتيجيا تكمن في قدرة القبلية السياسية والطائفية السياسية على التكييف بنجاح مع بيئة القرية وبيئته المدنية وهي تنزع ، باستمرار الي تعديل نفسها تبعاً للظروف المتغيرة ، ويستمد الممثلون الرسميون او التبعيون للسكان سلطتهم بالكامل من الترتيبات القبلية السياسية او الطائفية السياسية سواء كانوا منتخبين من قبل الشعب او معينين من قبل السلطة ، ان عملية اقرار (الشرعية ) يتشكل نتيجة لهذا الاطار السياسي وتضاف شرعية اخرى هنا وهي الشرعية الدينية كما كتب محمد عابد الجابري : العقيدة والقبيلة والطائفة والغنيمة لعبت ولاتزال تلعب دوراً بارزا ً في السلوك السياسي الجمعي العربي حتى من خلال الدولة الحديثة .
  • فقد عرفت مؤسسة القبلية السياسية والطائفية السياسية تغييرات كبيرة واستجابة لضرورات انشاء دولة حديثة طرحت النخب الحاكمة عنها لباسها الاستبدادي التقليدي واستبدلت النخب به آلة دولة سلطوية حديثة ذات كفاءة والاقتصاد بدء يتحول من مركنتليه تجارية تقليدية الى اقتصاد ريعي يعتمد على دخل النفط ، ونشأت شبكة معقدة من العلاقات الاجتماعية الاقتصادية التي بقيت محكومة بالترتيبات القبلية – الطائفية انما بموازاة نظام من التدرج الطبقي الاجتماعي يتلاءم مع ثقافة استهلاكية حديثة تتسم بتوسع هائل في قطاع الخدمات وبنمو ملحوظ لمهن الطبقات الوسطى
  • ان كل شريحة في هذا النظام القبلي – الطائفي – السياسي تتدرج كذلك الى طبقات على اساس الولاءات القبلية الطائفية فالأثرياء وذريات المشايخ والسادة والوجهاء يتمتعون بحصص غير متساوية من السلطة والثراء والنفوذ بفضل تأييد النخب الحاكمة وهم يحتلون مواقع رسمية او غير رسمية نظير اعتراف الدولة بمواقعهم ، بصفتهم ممثلين لاتباعهم ومن هنا يأتي تكتيك التضامنية القبلية السياسية والطائفية السياسية .

3. المجموعة المتضامنة الحديثة :

التي ليس لها وجود سابق على الدولة والتي تكتسب قوامها بفضل الدولة والتي فتح لها المشروع الاصلاحي المجال للوجود والعمل ، كبعض الجمعيات السياسية التي لم يكن لها امتداد تاريخي وسياسي في مجتمع ما قبل المشروع الاصلاحي وهناك نوعان من الجمعيات الاولى كان لها حضورها كجمعيات ما يسمى بالتيار الوطني- الديمقراطي والثانية التي تشكلت من اجواء وتحولات الدولة من مرحلة الدولة التسلطية الى مرحلة الانفراج السياسي وتحولت من العمل الدعوى الى الفعل السياسي تحت مظلة المشروع الاصلاحي كجمعيات الاسلام السياسي ( شيعي- سني )

  • مثل هذه الجمعيات او الكيانات تشكلت انطلاقاً من واقع سياسي حديث ولكنها عملت بعد ذلك بوصفها مجموعات تضامنية وفقاً لأساليب من العلاقات الشخصية مطابقة لأساليب العلاقات الخاصة بالتضامنيات فتُشكل بذلك تضامنية حديثة تدير شئون الجمعيات السياسية سواء الاسلام السياسي ( شيعي – سني ) او جمعيات ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي او الاتحادات النقابية والعمالية انظر هنا دور الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين حيث يعمل كتضامنية للإسلام السياسي الشيعي وحتى الجمعيات المهنية كجمعية الاطباء – المهندسين – المحامين – المعلمين الخ …. يسرى عليها كل ذلك . وكشفت احداث 14 فبراير 2011 شكل  ومضمون هذه التضامنيات .
  • المهم هنا العلاقة بين نقطة (2،3) حيث يبدو أن التضامنية الحديثة ، ، يمكن أن تكون نقلا لمجموعة متضامنة تقليدية الى نسق جديد يغير أسلوب ادائها واستدامتها وتكون بصدد (( مجموعات )) جديدة تماما انشئت انطلاقاً من قطب له طبيعة الدولة على اساس خلفية من التفكيك والتذويب ((للتضامنيات التقليدية)) فخلف الدولة الحديثة نجد في الواقع ((تضامنيات – شبكات ثقة )) ولكن هذه المرة في شكل حلف ضمن (( العقاريون الجدد – البورجوازية التجارية – البورجوازية المالية – المصرفية- البورجوازية البيروقراطية ، على شكل تضامنية ((غرفة الصناعة – التجارة )) بيت التجار ، تراهن على الدولة الحديثة كيما تعدل لصالحها الخريطة السياسية ويقابلها تضامنيات سياسية (( طائفية سياسية – قبلية سياسية )) عملت تحت مظلة جمعيات الاسلام السياسي ( شيعي – سني ) وجمعيات شبه علنية سرية شعبوية طائفية ( كحركة حق – أحرار البحرين – مركز البحرين لحقوق الانسان ) وايضاً تضامنيات ما يسمى بجمعيات التيار الوطني – الديمقراطي ، هذه المجموعات (( التضامنيات )) هي همزة الوصل بين بنية او جهاز الدولة ومجموعات تعبر عن مصالح سواء مصالح الحلف الضمني – او زعماء ومرجعيات ورموز ما يسمى بالإسلام السياسي او امناء ونواب امناء فيما يسمى بالجمعيات السياسية الوطنية – الديمقراطية او مجالس الادارة في الجمعيات المهنية او مجالس الادارة في الاتحادات والنقابات العمالية وحتى الاندية الثقافية والرياضية والصناديق الخيرية لم تسلم من هذه الظاهرة .
  • هنا يتم احتكار الدولة من قبل هذه التضامنيات ويتم استخدامها كأداة هيمنة للاستغلال الاقتصادي – الاجتماعي للمجتمع .
  • تضرب هذه التضامنيات الحديثة في شكل تجزيئي المجتمع ويتم الاستيلاء من خلالها على الدولة ، ولكن بشكل غير رسمي وهنا تكمن المفارقة حيث ان الذي يحافظ على الاستقرار هم النخب الحاكمة المعتدلة التي تبقى فوق مستوى التضامنيات بلعبة التوازنات بين هذه القوى الاجتماعية .
  • ان شكل الدولة في مجتمع تقليدي ريعي ذا بنية قبلية طائفية مرتكزة على اقتصاد نفطي التي انبثقت في البنية الخليجية العربية على وجه التحديد هو الذي يعطي التضامنيات قوة لا تملكها ، فوجود الدولة هو محور هذا التحول من التضامنيات التقليدية الى (( التحزبات الحديثة )) على شكل تحول مدني وتمازج اجتماعي و الأدلجة على شكل (( الزبائنية )) التضامنية سواء الطائفية السياسية او القبلية السياسية او على شكل تضامنيات جمعيات سياسية، اذا فان التضامنيات الحديثة ليست سوى نتاج التاريخ المعاصر لهذه البنية واقامة دولة جديدة ، مع ملاحظة ان التضامنيات ( الطائفة السياسية – القبلية السياسية ) تعتبر ان لها اصلاً ((تاريخ )) في المجتمع والدولة يعتبر سنداً لمشروعيتها في حين ان ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي والذي اصبح للأسف ايضاً ((تضامنيات)) تبحث لها عن مؤسسين اسطوريين كما تحن هذه الجمعيات (( لشخصيات – رموز )) من قيادتها التاريخية ولكن (( المقبورة الميتة )) لكن تاريخها لا يقويها كما تعتقد بل يجعلها اكثر عرضة بكثير لاحتمالات التشكيك بها وهي التضامنية الاضعف في ظل التضامنيات الطائفية – القبلية الاكثر تماسكاً ، بل وتستغل من قبل هذه التضامنيات كما تجلت في احداث 14 فبراير 2011 في دوار مجلس التعاون او في تجمع الفاتح .
  • مع انها اي هذه الجمعيات ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي هي من المفترض ان تكون تجسيد لعودة الروح للانتماء الوطني وروح الانتماء الى طبقات اجتماعية وفئات مهنية حداثية انطلاقا ً من وجود الدولة الحديثة ، وعالمية الاسواق الاقتصادية (( العولمة )) انها تجسيد لعودة علاقة ((تضامن))  وليس ((تضامنية)) في حيز حديث .
  • ان الحيز الذي تتحرك فيه التضامنيات الحديثة هو المدنية الحديثة وبوسع الجمعيات سواء ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي او ما يسمى بالجمعيات الليبرالية او ممثلي الحلف الطبقي الضمني الجدد ان يزاولون نشاطهم بوصفهم شبكات من البطانات الدائرة في فلك الاسلام السياسي ( سني – شيعي ) او القبلية السياسية مع نخبها الحاكمة المتشددة .
  • لكن هذا لا ينفى ان جمعيات ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي والجمعيات الليبرالية شيء مختلف عن جمعيات الاسلام السياسي فالمطامع والمصالح التي تمثلها ، وترابط نشاطها مع النزاعات المحلية – الاقليمية – العالمية في اقتصاد تحول الى العولمة وموجات التحول الى الديمقراطية ، كل هذا يجعل منها شيئا مختلفا عن بقية جمعيات الاسلام السياسي  ( شيعية – سنية ) في عهد الحداثة وما بعد الحداثة ، وتدور في فلك نخبة سياسية جديدة ودفق عالمي من عمليات تداول الثروات او عالمية حقوق الانسان والديمقراطية.
  • ان التضامنيات الحديثة اذاً ليست استمرار للتضامنيات التقليدية او الطائفية السياسية او القبلية السياسية وان كان ينبغي الحذر هنا في مثل هذا الطرح ، لان احداث  14 فبراير تشكك فيه، فالتضامنية الحديثة من الممكن ان تتشكل على اسس اجتماعية وسياسية حديثة مشكلة من قوى اجتماعية .

كالطبقة العاملة – و الطبقة الوسطى – و البورجوازية الصغيرة و فئة جديدة من المثقفين الخ. حيث تنتظم في جمعيات سياسة و الذي فتح لها المشروع الاصلاحي عبر الانفراج السياسي مدخلا للفعل السياسي, و من هنا كان يمكن ان تديم بقائها في ظل الهامش من الحريات الذي فتحه المشروع الاصلاحي باتباع استراتيجيات شتى, تساهم في توسيع و تعميق الهامش المتاح في المشروع الاصلاحي وبارتباطها مع المجتمع المدني و العلماني و بقواه الاجتماعية الحية, و بالتالي نفهم كيف يتم اعادة تشكيل شبكات من التضامن و ليس تضامنية او عصبية في فئات اجتماعية و سياسية جديدة, بحيث يمكن بالمقابل ان تؤثر تلك الشبكات الجديدة تأثيرا تفكيكياً في المجتمع الطائفي – القبلي, و من ثم تعيد تشكيل الوحدة الوطنية و تشكل على طريقتها ادوات التحديث , ان الدولة و الجمعيات السياسية الحداثية تكمل بعضها بعضا.

و السؤال هنا كيف يتم اعادة صبغ العلاقات السياسية بالصبغة التضامنية؟

أولا : ملاحظة انه لا يوجد شيء يمكن ان يسمى مجتمعا منفصلا عن الشأن السياسي و عن الدولة اذ تحاول تضامنيات الاسلام السياسي – القبلية السياسية ان توجد نوعا من الاستقلال (المخفي) عن مجال ظهورها الاصلي , صحيح ان مشروعيتها مبنية على اصل تغذية الذاكرة الجمعية فتعمل جمعيات الاسلام السياسي على اسطره الطائفية أو القبلية السياسية على اسطره القبلية, و صحيح ان طريقتها في ادارة شؤونها مبنية قبل كل شيء على زعمائها و مرجعياتها الطائفية – الدينية – المذهبية و على علاقة زبائنيه او اوامريه, لكنها شيء مختلف عن مجرد استمرار عادة موروثة في اسلوب جديد من الحياة السياسية , هناك اذا تشكل أو بلورة جديدة لأساليب تكوين التضامنيات في بنية المجتمع البحريني خلال العقود الاخيرة.

ثانيا : ملاحظة ان هذا التشكيل الجديد ينبع اولا من تعديل الهياكل (برنامج سياسي – نظام سياسي) و بالانفتاح على اللعبة السياسية الجديدة , التي سمح لها المشروع الاصلاحي و ايضا بحدوث تغيير او تحول اجتماعي واسع و نزوع السكان لأساليب اقتصادية – سياسية – مهنية لطرح المطالب و عبر تنظيم نفسها في جمعيات مهنية او نسائية او شبابية او ثقافية او نقابات علاوة على دخولها الى العالم الافتراضي لتعبر عن قضاياها , او لغايات سياسية حيث انتظمت في جمعيات سياسية , و ظهور نخب جديدة اجتماعية في ظل استمرار المشروع الاصلاحي ,  و لهذا اختلطت معالم الخريطة السياسية , و صار من غير الممكن تجاهل ظاهرة الدولة .

ليس المقصود هنا ظهور الدولة فهي موجودة منذ عقود لكن المقصود هو مأسسة الدولة و تمكين الدولة من مجالات كانت متروكة للسلطات و نخبها فقط بل دخلنا في المملكة الدستورية و المجالس البلدية المنتخبة , و مجلس نواب منتخب , و شورى معين  و قضاء , الخ. اي مجتمع مجتمع مدني اكثر تطورا و نضجا , هذا التوسع في سلطان الدولة , يضطر التضامنيات سواء التقليدية او السياسية (الطائفية – القبلية) او تضامنية الحلف الطبقي او تضامنيات ما يسمى بالتيار الوطني الديمقراطي او الليبرالي الى الانطواء تحت ذلك البعد من ابعاد الدولة و الى ان تصبغ تلك التضامنيات تشكيل نفسها بصبغة جديدة , تتلاءم مع المرحلة التاريخية .

ان المركز هنا الدولة المركزية يفرض تشكيلا جغرافيا جديدا متحد و ليس مجزأ و صحيح ان ثمة مجموعات (جماعات قروية) تظل منغلقة على نفسها باكتفاء ذاتي من الوجهتين السياسية و القانونية, و تحل نزاعتها الداخلية و تمارس طقوسها و اعرافها بنفسها , و تطوق اي تدخل من جانب الدولة و تسمح لها الدولة بممارسة تلك المهام . و لكن عندما يتحول الامر الى الخروج عن ما هو مسموح نرى سلطة الدولة في الواجهة , ذلك ان هذه المجموعات همشت و وضعت نفسها في مركز ضعيف , حيث حدثت المفاجئة لها و هي ان كل استراتيجيا (محافظة) (صون المجموعة) تفترض بالتحديد انفتاحا من (المجموعة) على لعبة الدولة و إلا قام خصمها بذلك كما حدث في احداث 14 فبراير الى الان , و هذا الانغلاق سوف نتحدث عنه بالتفعيل في هذه الورقة.

فلقد دمر اتساع نطاق الدولة و خصوصا اننا نتكلم عن دولة (صغيرة) بحجم البحرين , التوازن بين (المجموعات) , فالذي يعرف كيف يتوائم مع جهاز الدولة يتفوق في الوقت نفسه على الاخرين و لا يقتصر التفوق على الحصول على مزايا فردية لأعضائه من طائفته او قبيلته, بل قد يذهب الى حد الرغبة في اخضاع الفريق المواجه عن طريق استخدام وسائل الدولة (القوة هنا) , وظيفة الدولة استخدام اداة الاكراه لفرض الطاعة اي ان تضبط و تفرض الدولة سيطرتها على الطبقات و المجتمع , و بتعبيرات حقوقية و دستورية ضبط القانون و النظام.

  • ان الذي يميز التضامنيات الحديثة ذات البعد الطائفي السياسي التي تحاول الانقضاض على السلطة ، من جمعيات الاسلام السياسي ، والتضامنيات الشعبوية الطائفية المتطرفة ((ائتلاف 14 فبراير )) ليس هو في المقام الاول استراتيجيا وتكتيك إنشاء روح جماعية وتعبئتها وتجيشها عبر حراكها سواء في الشارع او في العالم الافتراضي كالفيس بوك ،و تويتر واستخدام شبكة الانترنت الخ من التقنيات الحديثة في التواصل الخارج في بعض الاحيان على هيمنة الدولة او عبر استخدام القنوات الفضائية التلفزيونية التي تدعمها ومحاولة ادامتها بفضل خلق روابط (( التابع – بالمتبوع )) ففي هذه الحالة تعتبر كل مجموعة تريد بسط هيمنتها ((تضامنية)) حيث ان السمة المميزة للتضامنيات الحديثة هي نزوعها الى العودة الى التقاليد والعادات والاعراف والطقوس والتي تعمل وتضرب بجذورها في المجتمع ، بل وان تتحدث عن نفسها بالاستناد الى مرجعية ماسوا ما يسمى  بالرموز- او الشيخ المعمم او الآية / او الامام ، ولكنها تتميز بظهور (( تضامنيات ))  سعادة الوجيه ، او رجال الاعيان الجدد في ((الحلف الطبقي )) او ما يسمى(بالأمناء – ونواب الامناء ))  المهيمنين في جمعيات ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي – الشعبوي ، الذين يستعيدون اسلوباً تقليدياً في ممارسة السلطة في جمعياتهم ، وتضخمها وظهور ما يسمى (( بعبادة الشخصية)) فيها ، فالذي ينتمي الى شبكة ((زبائينية)) او ((تضامنية)) حديثة يلبس علاقته بها ثوباً تقليدياً  او شعبوياً من جديد ، (فالتبعية) هنا لا تزول بالتأكيد على ما يسمى بالحداثة ، ان التبعية بوصفها نظرة الى العالم ، وقيماً اخلاقية وعادات وتقاليد وعلاقات بين ( الافراد ) تأخذ بعداً ( طائفياً- قبلياً)  سياسياً في ظل العولمة وعالمها الافتراضي . هي لم تختف بل بالعكس فقد تعززت في المجتمع واوضحت احداث 14 فبراير وما حدث بعدها بشكل جلي وصاروخ. وحدث الشرخ الطائفي المدمر .
  •  ان الكلام معاد اذ يلاحظ ان المجتمع في البحرين يعتبر من نواح كثيرة ( مركز المرأة ) اكثر تمسكاً (( بطائفيته )) من جيرانه دول مجلس التعاون مع انهم اكثر (( محافظة )) منه على الصعيد السياسي والمؤسساتي ، وخصوصا  كما نلاحظ هذه الايام ان البعد الطائفي السياسي ( شيعي – سني ) وتضامنيتاهم يتقدم فوراً عندما تطرح اي مبادرة للحوار كمبادرة الحوار الوطني التوافقي او اي نقاش لا عادة هيكلة التكوين السياسي الجديد للدولة تطل براسها نظرية المحاصصة الطائفية السياسية والتمثيل الطائفي المسيس ؟!
  • والسؤال الان كيف تحولت جمعيات ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي  وهي جمعيات تدعي بانها امتداد لأحزاب سياسية تاريخية في البحرين ، كجبهة التحرير – الجبهة الشعبية – حزب البعث ، وهي احزاب من المفترض ذات خطاب  ايديولوجي وفكري ( الاشتراكية – القومية ) الى عصبية (( تضامنية )) جديدة ؟
  • هناك مسافة بين الخطاب الايديولوجي والذي تخلت عنه جمعية العمل الوطني علناً  والتي فقدت بسرعة مشروعها السياسي والفكري والممارسة السافرة ((للزبائنية)) السياسية وللأسف الطائفية السياسية فيها والتي طفحت في احداث 14 فبراير والى الان والتي سوف تلحق بها جمعية المنبر التقدمي اذا لم تصغى الى صوت العقل والحكمة وبالمحصلة حدث ذلك في جمعية التجمع القومي .
  • واللافت للنظر انه مع استمرار هذه الجمعيات الى الان رغم الاستقالات على مستوى القيادة في جمعية المنبر التقدمي وايضاً على مستوى كوادر تاريخية فيها وايضاً على مستوى القاعدة والعزوف عنها من قبل اعضائها او جماهيرها نتيجة لا دائها السياسي ومشاركتها وموقفها في الحراك السياسي خلف وبقيادة الاسلام السياسي الشيعي بوجه خاص .
  • فالسبب هنا يرجع الى عدم المراجعة النقدية وعدم تجديد المجموعة الممسكة بالقيادة فيها والتي ارتكبت الاخطاء الفادحة اثناء احداث 14 فبراير وعدم المراجعة في مؤتمرها العام السادس بشكل جذري للمواقف والسياسات والافكار والشعارات او الخط التنظيمي الذي مورس فيه كل ذلك اذ تبين انها جمعيات (( مغلقة )) في وجه الاقليات المعارضة فيها وعدم تقبلها للحوار والصراع الديمقراطي مما اوجد ايضاً استقالات بعد انفضاض المؤتمر في لجنته المركزية ، وهذا ما يعتبر تشكيلا ((لنخبة مستبدة)) سواء في جمعية المنبر التقدمي او وعد او التجمع القومي تجدد نفسها بنفسها بالاستناد الى شبكة من العصبيات  ((تضامنية )) ليست هي ( الحزب – الجمعية الوطنية الديمقراطية – المؤسسة) بل هي ((الشبكات)) الادنى مستوى والتي اخذت شكل علاقات شخصية او عائلية على شكل ((شله )) او ((كتلة غير سياسية)) ومتمحورة حول ( زعيم – امين عام ونائبه ) وتقدم برنامجاً ومشروعاً غامضاً بعيداً عن برنامجها ونظامها الاساسي المقر سابقاً، وممارسة سياسية حافلة بالشعارات الثورجية والخطب العصماء والفكر المعلب والتي لا تجد لها تطبيق سواء في جمعياتها او في المجتمع لأنها غير واقعية ومتخبطة ولا تملك قرار نفسها . وكل ما تقوم به هو فقط رد الفعل على ما يجري من أحداث في الساحة السياسية .
  • اننا نتبين في نشاطها محاولة لتكوين (( زمرة )) لا نشاء ((شبكة)) ((تضامنية)) حول شخص ((أمين عام – ونائبه))ولكن من دون مرجعية ((برنامج سياسي – نظام اساسي)) حقيقية ، فيحاول ((الزعيم)) بعث النشاط في كل الشبكات الوهمية المخترقة من اجل اضفاء وجود فعلي على ((تضامنية)) محتملة كما لو كانت طريقة اداء التضامنية اهم من ان يكون لها من مضمون ((سياسي – اجتماعي – ايديولوجي – فكري)) فمثل هذه الجمعيات تتعلق بأمل حشد ((شله)) كافية من الاتباع كي تبيعها سواء ((للنظام)) او الى الاسلام السياسي لكسب ((المشروعية)) ، ومن هنا يقوم سواء النظام او الاسلام السياسي بوضع ((زعيم)) من تلك الجمعيات في مركز ((المنتفع)) كي يقدر على اعادة توزيع ((ما يقبض)) سواء من النظام او الاسلام السياسي ويدعم بالتالي الفريق ((الشلة)) التي تمحورت خلفه !
  • والسؤال الان ماذا كان الرد السياسي لما يسمى المجتمع المدني في مواجهة كل من تضامنيات الاسلام السياسي وتضامنيات ما يسمى بالتيار الوطني – الديمقراطي وفي الجهة الاخرى تضامنيات الحلف الطبقي الضمني والنخب المتشددة في النظام ؟
  • هناك خطاب يدعو الى الوقوف خلف هذه التضامنيات ويدعمها ويشجعها على النمو والتنامي ، كما ان هناك خطاب اخر يدعو الى التحرك نحو الديمقراطية السياسية ويطالب بتعزيزها والبدء بالديمقراطية التمثيلية على اساس وطني وليس كمحاصصة طائفية من خلال المشروع الاصلاحي ، وبالضد من التضامنيات الاخرى . 

ومالم يثبت رأى خارج هاذين الخطابين فان هذه الجمعيات سواء الاسلام السياسي (شيعي_ سني) او ما يسمى بالتيار الوطن الديمقراطي او الطبقي الضمني و النخب الحاكمة المتشددة في الحكم فكلهم يتجهون الى نموذج واحد في الممارسة وهو (التسلط) سواء في داخل جمعياتهم او في اطروحاتهم للتغيير و بالتالي نرجع مره اخرى الى ما يسمى (الوسطاء) بين الحكم و المجتمع وسوف يتم تكوين (شبكات) (تضامنيات) ولكن هذه المرة بشكل جديد سواء تسترت خلف عباءة ( الطائفية السياسية_ القبيلة السياسية او ما يسمى بالتيار الوطني _ الدمقراطي .

_هل ينبغي ان نرى في ذلك تخليا عن العامل السياسي على أرضية تمييع المجتمع المدني ام هو على العكس تصميم على اعادة بناء مجتمع مدنى ؟

_فبرغم من هيمنة الخطاب السياسي (الشعبوي ) سواء لدى الاتجاه المتطرف في الاسلام السياسي او الاتجاه المتطرف في ما يسمى بالتيار الوطن الديمقراطي بحيث اصبحت البحرين غارقه في سوق للبضاعة السياسية الرخيصة المعروضة في البوتيك السياسي و الاعلام في العالم الافتراضي المفخخ .

_فان الوهم السياسي الذي تسبح فيه سفن جمعيات الاسلام السياسي والشعوبيه اليساروي هو الذي يجعلها تنبني وهم اعادة تشكيل مجتمع مدنى مستعار من (اسطره الشعب ) مع ملاحظه ان مشكله ما يسمى جمعيات التيار الوطن الديمقراطي هو ان هدفها في اللحظة التاريخية هي ان تكون لنفسها قاعدة من الانصار (التابعين) وليس (للمرجع) النظام الاساس البرنامج السياسي او الأيديولوجية – الفكر معنى يذكر عند هؤلاء وبالتالي تكون (تضامنيات ) عاجزه عن التطور الى نزعه (قوميه) (وطنيه) .

_علام تدل (التضامنيات ) الحديثة ؟ انها تدل على محاولة ابتداع (هويه) جديده يرجى ان تسود بوصفها امرا طبيعيا ظاهرا غير مبنى على اساس أيديولوجي _فكرى و بالتالي يمكن ان يؤدي دوره (الشعوبيه) تلقائيا .

_ان المجتمع في البحرين و خصوصا اثناء احداث 14 فبراير وحتى الان يعتبر مثالا لمجتمع متفكك فاظهر ما كان موجود في القاع (الطائفية_ القبيلة ) ولذلك ظهرت التضامنيات الجديدة و ظهرت معها تجمعات سياسيه من العدم لدى كل الفاعلين السياسيين سواء فيها يسمى (المعارضة) او النظام .

_فمن خلال الانقسام والاستقطاب الطائفي الذي حدث في 14 فبراير (دوار مجلس التعاون – تجمع الفاتح ) ظهرت التجمعات السياسية الجديدة سواء تضامنيه ما سمي بالتجمع السداسي بقيادة تضامنيه الوفاق او التضامنية الجديدة تحت مسمى تجمع الوحدة الوطنية _
تجمع الفاتح – او التشكيل الجديد شباب الفاتح و جمعية التغير و الإرادة الخ ولنأخذ هنا نموذج تجمع الوحدة الوطنية _او تجمع الفاتح او شباب الفاتح الذي اخذ يلعب دورا رئيسيا في الصراع السياسي على الساحة البحرينية فقد اخذ هذا التجمع او الائتلاف او التحالف شكلا سياسيا سمي بتجمع الوحدة الوطنية او تجمع الفاتح او شبان الفاتح حيث تكمن نواته في الشخصيات اتت من جمعيات الاسلام السياسي السنى او جمعية الوسط الإسلامي (القومية) أو تجمعات اجتماعية _سياسية هذا الائتلاف او التجمع مؤلف ويعمل عن طريق عدد كبير من الاعضاء دافعي رسم العضوية و الموظفين ذوى الاختصاص و السياسيين المحترفين الذين تم انتخابهم او تعينهم حسب الاصول فهذا الائتلاف –التجمع لا يقوم فقط بإحكام قبضته على الاقسام الأسيرة من الطبقات المحكومة و الاستفادة الى اقصى الدرجات من قدرة هذا الائتلاف التجمع على تغير ميزان القوى على الارض او على التفاوض و المناورة وهذا الدور بان بشكل واضح سواء اثناء التأسيس و الكتلة الكبيرة الجماهيرية التي عبر عنها في تجمع الفاتح او في حراكه السياسي في الشارع البحريني وقدرته على الحشد و التعبئة او الحوار مكون اساس على طاوله حوار التوافق الوطني فقد كان يقوم بتحشيد البورجوازية الصغيرة و الشرائح الوسطى و اقسام من الطبقة العاملة المنظمة نقابيا انظر هنا محاوله لدخوله على خط الاتحاد الحر لعمال البحرين و بالنسبة للشرائح الوسطى الدخول على الجمعيات المهنية (جمعية الاطباء المهندسين _المعلمين التمريض الفم و الاسنان وعلى الاتحادات الطلابية و الشبابية و النسائية و وقدرته على الحشد العام عبر شعار (ان عدتم عدنا ).

_ولكن ماهي امكانيه نجاح و استمرارية هذا الائتلاف_ التجمع ؟

1. برغم من بروز التناقضات الثانوية بين الاطراف المشكلة له انظر الصراع مع جمعية الإصالة او المنبر الإسلامي او خروج مسمى بتجمع شباب الفاتح فان لهذا الائتلاف تجمع الوحدة الوطنية قاعدة طبقيه واسعه محتمله وهذا ناجم عن حقيقه استمرار حالة الاستقطاب الاجتماعي الحادث بعد 14 فبراير ونتائجه الكارثية ادى بالكثير من الناس الى البحث عن(بديل) ولان القوى الاجتماعية و السياسية كانت منقسمه بين جمعيات و مجموعات صغيره متوسطة كبيره و متعددة التوجهات و جمعيات سياسيه فقدت الكثير من شرعيتها و جماهيريتها و سمعتها نتيجة لشكل ممارستها في احداث 14 فبراير و اصبحت تبحث عن من يلملم صفوفها ومن الناحية الاقتصادية لم يصبح كل من الرأسمال و العمل شديدي التمركز وفي نفسي الوقت الذي لم يتزايد فيه 0برتله)الشرائح الوسطى حيث لم تصبح ظروفها متشابه مع الجزء الاكبر سواء البرجوازية الصغيرة او الطبقة العاملة وخاصة فيما يتعلق بالأجور و ظروف العمل و التنظيم النقابي حيث ان هذه العملية تجرى على مستوى طويل الامد وتدريجي علاوة على ضخ السيولة النقدية عبر المار شال الخليجي و الاستثمارات الخليجية في العقارات و المهم هو عدم وجود (البديل الوطني الديمقراطي) ليطرح مشروع لمرحله الانتقال الديمقراطي كل هذا اعطى الائتلاف التجمع الوحدة الوطنية مساحه من اللعب يعدد المتميزات ما بين الشرائح الوسطى و الطبقة العاملة وكل من يعمل بالأجر حيث اوجد الائتلاف –التجمع لنفسه البرجوازية الصغيرة و الشرائح الوسطى –و النخب السياسية –الاجتماعية و الشبابية و النسائية قاعده طبقية محتمله بين 45% – 50% من القوى العاملة و تشكل الغالبية العظمى لهذه المراتب قاعدة ترفد الائتلاف –التجمع بالقيادة و النخب السياسية الجديدة .

2. يستفيد من ويستخدم الائتلاف تجمع الوحدة الوطنية او شباب تجمع الفاتح من القبيلة – الطائفية السنيه – القومية _ الدين ومع ان القومية كانت احدى الركائز الأساسية في خطاب من قاد مرحله الاستقلال عن الاستعمار في كثير من الدول العربية في الماضي الا انها اصبحت لدى اتجاه في تجمع الفاتح سلاحا فعالا وخاصه ان لها جاذ بيبه في صفوف الشرائح الوسطى و الشباب وجزء من الطبقة العاملة ومن هنا يحاول الائتلاف التجمع ان يبرز نفسه على اعتبار انه المعبر عن التيار القومي – الوطني اما الدين فتبين أنه يمكن استخدامه واستغلاله بنجاح .

3. ان الهدف التنظيمي بالنسبة لائتلاف التجمع ليس على كل حال تنظيم الذات بل وبالأحرى تنظيم الاخرين ضمن النظام لهذا فان الائتلاف التجمع هو قبل ان يكون اي شيء اخر وسيله لتنظيم الطبقات الاخرى حول النظام على اساس ظاهر من المماهاة فيما بينها سوف ينمو هذا الائتلاف التجمع اعتياديا عبر البرلمان اذا جرت انتخابات له في السنه 2014 و الذي لا يمكن اعتباره بالمطلق مصدر للنخبة الحاكمة فمن بين صفوفه السياسية ستظهر نخبة باحثه عن الدعم و التأييد الجماهيري.

4. لا يتجدد الطابع الطبقي الائتلاف التجمع من  خلال نوع مؤيديه او تركيبته فحسب بل واساسا حسب تأثيره التنظيمي وحسن جذبه للجماهير عبر برنامجه ونظامه الاساس فيقوم هذا الائتلاف التجمع بتنظيم المواطنين حول مؤسسة الحكم وحول الدولة اعتمادا على مختلف الايديولوجيات.

5. تتحدد الاطر التي يتحرك ضمنها السياسيون في الائتلاف التجمع المحترفون من خلال تماثل ظروف و محيط تربيتهم والتي يتشاركون فيها مع اصحاب المؤسسات الرأسمالية و الإعلامية و مدراءها بالإضافة الى بعض النخب الحاكمة و تضاف الى ذلك احيانا روابط ذات طابع شخصي مثل تحصيل التعليم معا في جامعه محدده واحيانا التداخل الاجتماعي الشديد او العلاقات العائلية او الطائفية او احيانا مختلف الشلل الشخصية .

6. ومع انها تجنى رسوم العضوية تحصل في بعض الحالات على دعم حكومي الا ان الائتلاف التجمع يقوم بنشاطاته و بتجديد بنيته التنظيمية وبتمويلها بشكل اساس اعتمادا على تبرعات التجار وان تكن بشكل غير معلن.

7. ان المشكلة الأساسية التي يثيرها الائتلاف التجمع لا تكمن في ضمان تمثيل النخبة الحاكمة فيها بل هي ضمان المحافظة عليها وهذا هو الدور الاساسي الذي يلعبه.

8. ان قوة الائتلاف التجمع المتقدم قد تكمن قبل اي شيء اخر في سيا ستها اي في منظماتها السياسية و اجهزتها الادارية وديمقراطيتها الداخلية وليس في معاقل المجتمع المدني رغم انها تخترق هذا المجتمع المدني ايضا.

9. ولكن يجب ان نرى انه على المدى البعيد فان ثمنا لابد و ان يدفع مقابل فوائد الشكل التمثيلي 0للائتلاف التجمع ) فالنخب الحاكمة وهى محاصره بالقيود التي سوف تفرضها كل من الانتخابات العامة تصبح هذه القوى اقل تعرضا وتقبلا لهيمنه وسيطرة النخب الحاكمة .

  • اذان نحن هنا امام خلق تضامنيه جديده من العدم (الائتلاف التجمع )

_ فما هو الراي في هذه العودة ؟ علينا هنا ان نميز بين ما يعتبر من جهة استمرار  (للتضامنيات ) سواء التقليدية او الحديثة وما يعتبر تشكيل للمجال السياسي وفقا للقاعدة المتعارف عليها وهي الولاء الثابت في الذاكرة الذي يتحدث عن موضوعات جديده ينصب عليها وهى هنا ما يطرحه اوليفييه روا في مقالته الزبائنية و المجموعات المتضامنة فقد اصبحت المناطق (ستراوي محرقي رفاعي ديري) فالمجموعة المتضامنة هنا يشكلون شبكه لانهم يتقاسمون (المكان) (الجغرافي) بالضد من مجموعات متضامنة مناقضة لهم  وللأسف فأن هذه التقييمات على أسس طائفية اصبحت نافذه اليوم على الصعيد السياسي و هذه الجرثومة أصابت حتى ما يسمى بالتيار الوطني الديمقراطي حيث كما ذكر عبدالجليل النعيمي نائب الامين العام للمنبر التقدمي في جريدة الايام ان هناك فرق بين اعضاء الجمعية من يعيش في قرى (مناطق _جهات) ساخنه امنيا و سياسيا  هو غير الذي يعيش في مناطق جهات غير ساخنه امنيا و سياسيا ؟!

_ الواقع اننا وراء التجزئة الجديدة على الصعيد المحلي الوطني عوده الى الانتماءات السياسية تبعا لمسقط الرائس حتى ولو غير عضو الجمعية مكان سكنه فأصبحت الحياه السياسية لا تفهم من دون تعبير النزعة المناطقية ((الجهوية)) وهي تعني الانتماء الى ((منطقه)) المحرق- ستره في اللعبة السياسية و اعاده تشكل اللعبة السياسية حول تلك الانتماءات بغض النظر عن التوجهات الأيديولوجية او الفكرية او السياسية ؟! ذلك ان النزعة المحلية لا يمكن بحكم تعريفها الضيق ان تكون لها ترجمه أيديولوجية و خلافا ((للتضامن في الوطن)) الى الهوية الوطنية المشتركة و التي تترجم من الناحية الايديولوجية الى قوميه.

_ ان النزعة ((المحلية-المناطقية-الجهوية)) هي في جوهرها دون المستوى السياسي لكنها تظل مفتاح اللعبة السياسية على حد وصف رفيقنا نائب الامين للمنبر التقدمي و هذه الاماكن التي تشكل انطلاقا منها من جديد فرق سياسيه لها ارتباطات طائفيه سياسيه _قبليه سياسيه او شعبوية سياسيه.

_ان هذا الوعي بالانتماء الى مجموعه محليه المناطقية جهوية متجانسة هو نتيجة مترتبة على إعادة تنظيم الحياه السياسية في ظل مشروع الاصلاح حول مشكله الدوائر الانتخابية التي عززته و الذي اخذ بعدا سياسيا طائفيا في احداث 14 فبراير و الى الان حيث كان لكل دائرة منطقها الاقتصادي و جهازها الاداري المبني على اساس طائفي و الذي ادى الى ان يلعب دورا على مستوى لعبة سياسيه كليه بوصفه تضامنيه تنظم الى هذه الفرقة السياسية او تلك كل حسب طائفته بمنطق ليس التكامل و التعاون بل منطق المعارضة و الصراع بين المناطق والجهات الاخرى و ليس بمنطق التمسك بمصالح بينها و من ثم تتنقل هذه النزعة المحلية الى انتماء الى مكان الى مناطق جهات يستبعد بتأكيد صوره الانتماء الى هويه و طائفيه سياسيه او قبيله سياسيه زال محتواه الذي حدث في الهيكل الاجتماعي السياسي و الذي حدث فتره الخمسينيات و الستينيات و السبعينيات في البحرين و الصرعات الطبقية الوطنية الاجتماعية السياسية التي حدثت  أبان تلك الفترات  وعكس ما حدث في مع الثمانينيات و التسعينيات و للأسف تعزز في المشروع الاصلاحي كأحد الاعاقات المهمة واغتنام الوظائف تبعا لأصل الانتماء المحلي وفكرة ان اعاده توزيع الثروة لا تتم الا بقدر ما تكون المنطقة على اتصال بالطائفة وهذا يسرى على ما يسمى  بالمعارضة و النظام .

كل ذلك يعزز (النزعة) المحلية التي تصبح بذلك القاعدة في اللعبة السياسية الكلية ان التضامنيات الحديثة هي ايضا نتاج لذلك لا نها وليده التجزئة الإدارية اي التقسيمات الإدارية التشطير الجغرافي للمكان _تشطير المكان جغرافيا ولان التعبير عنها يتم بلغه (أيديولوجية) صالحه للإفصاح عن الخيارات الكبرى الممكنة انظر هنا لمساله الاصرار على مطالبة الجمعيات الخمس او الست بالاستفتاء الديمقراطية المباشرة للتمهيد للجمهورية الإسلامية او دولة ولاية الفقيه او دولة الخلافة الضفة الاخرى

_هنا لا تستبعد التضامنيات الحديثة بقاء التضامنيات  الطائفية – القبلية سواء التقليدي منها او السياسي ولكنها تضطرها اما الى الاضطلاع بدور محلى دون مستوى السياسة او اللحاق بالعبة السياسية (الوطنية) ان المناطق و الجهات هي بؤر لإعادة تشكيل التضامنيات في العبه السياسة التي تحركها سواء الدولة او الاسلام السياسي او الفئه الشعوبيه المغامرة بينما تصبح (العاصمة) الحلبة المغلقة للصراع السياسي للتضامنيات الحديثة وللفرق السياسية (محليه النزعة)

_وعلى ضوء ما حدث في الازمه يظل هنا سؤال مهم هل الدولة خداع بصرى ام بناء دائم ؟

_ اننا هنا امام نموذجان : النموذج التي تظل فيه الدولة مدار صراع لان جميع التضامنيات مشكله و مصطبغ بواقع وجود الدولة والنتيجة سيكون هناك دائما دوله غارقه في الفساد و الديمقراطية لكنها مستقرة على طريقتها.

_ النموذج الاخر الذي لن يكتب فيه البقاء للدولة اذا ما عاد المجتمع الى التنظيم الطائفية السياسية والى النزعة المحلية _المناطقية –الجهوية ان المسالة هنا هي معروفه الى اي مدى اعادة الدولة خلق حيز اجتماعي لقوى اجتماعيه جديده و طبقة تجارية –صناعين –طبقه عامله قويه منظمه – موظفين محترفين و تكنو قراط اكفاء –فئه المثقفين …الخ ليس لها وجود الابها وعلى العكس الى اي مدى تعنى العودة الى الطائفية السياسية والقبيلة السياسية والتي تقوم على اسس ذات نزعه محليه – مناطقه -جهويه متضامنة في تضامنيات حديثه غير عابئة بحقيقه وجود الدولة الحديثة او حذره منها.

_ اذن فان الارث السلطوي والذي سبق المشروع الاصلاحي بسنوات حيث طال امد الدولة التسلطية وقوتها التي استؤصلت منها المؤسسات السياسية الوطنية او الاحزاب الوطنية – الديمقراطية او النقابات القوية المنظمة و التي كانت في معظمها سريه وعدم استقلاليه للمجتمع المدني عنت مع الانتقال للمشروع الاصلاحي ان الانتقال الانفراج السياسي و الديمقراطي سيواجه تقريبا لوحه بيضاء اي فراغا في المؤسسات و الاحزاب و النقابات و الجمعيات المهنية و …الخ وان هذا الفراغ يجب ان يملا والذي ملاءها  للأسف الاسلام السياسي  (سني-شيعي)والقبلي السياسي مع الحلف الطبقي الضمني (العقاريون الجدد – البرجوازية التجارية المحلية – البرجوازية المالية _ المصرفية مع نخب حاكمة متشددة وكل هذه القوى الاجتماعية هيمنت على المشهد السياسي – الاجتماعي – الاقتصادي وحتى الفكري مع ملاحظة انه لن تتمكن المؤسسة الملكية بحكم حداثة تشكلها في شخص جلالة الملك من التبلور كضرورة في توفير بؤره ودعم مركزي ثابت لعمليه الانتقال والتي من المفترض ان تكون مقبولة لدى الجميع تقريبا باعتبارها مؤسسه (فوق الاحزاب) وفوق المصالح الخاصة .
 

_ كانت اللوحة السياسية هي عبر وجود نظام حكم فشل في انشاء مؤسسه حيوية جديده ولم يقدر ان يحافظ على المؤسسات القديمة لتعارضها مع المرحلة الانتقالية وهذا ادى الى مواجهه مزمنة بمستقبل غامض و افاق مسدوده لحمايه ما يعتبرونها لمصالحهم الحيوية وكان على معارضي النظام بعد ان عادو من المنفى للعمل في المجتمع تعرض الى تغيرات اساسيه كان عليهم ان يعتمدوا على هويات سابقه مهزوزة وشعارات سابقه باليه ومزيج انتقائي لا إبداع فيه انقسام و تشرذم و شلليه وكتل غير سياسيه متصارعة وهذا عكسته عملية تشكيل (جمعية العمل الوطني) كبؤره لتكتل كل اليسارين و الدمقراطيين في البحرين والتي فشلت فشلا ذريعا لإنجاز هذه المهمة الوطنية (التاريخية) مما دفع بالتعجيل لولادة جمعية العمل الوطني (وعد) وجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي يرجع الى الافق الضيق للمجموعات التي لم تترك خلفها كل حساسيات الماضي و تنظر للمستقبل بروح ورؤيه جديده تنسجم مع مرحلة المشروع الاصلاحي .

_ و بالانتقال مرة اخرى الى المشروع الاصلاحي فان الحساسية التي اظهرها (الداعمون للتغير ) حيال المعضلات و الخيارات التي توجهها المجموعات (المعارضة) الداعية للتغير تحتاج الى مقارنتها بالخيارات و التنظيمات التي اتخذها اولئك الذين هم داخل النخبة الحاكمة و الذين سمحوا بالتغيير ودعموا توسعه حيث يتم كشف من هم المعتدلين ومن هم المتشددين في النخب الحاكمة او في ما يسمى (بالمعارضة)

المراجع التي استندت عليها هذه الورقة

المراجع الاساسية:

1. الانتقالات من الحكم السلطوي – الناشر معهد الدراسات الاستراتيجية.

2. ديمقراطية من غير ديمقراطيين ، سياسيات الانفتاح في العالم العربي / الاسلامي – مجموعة من المؤلفين – الناشر مركز دراسات الوحدة العربية.

3. مداخل الانتقال الى الديمقراطية في البلدان العربية ، الشورى والليبرالية والديمقراطية في الوطن العربي ، آليات الانتقال للكاتب يوسف الشويري – الناشر مركز دراسات المدة العربية.

المراجع الأخرى :

1. سلطة الدولة – حول ديالكتيك الحكم الطبقي للكاتب يوران ثربورن – الناشر دار المروج.

2. بناء الدولة في البحرين – المهمة الغير منجزة للكاتب عبدالهادي خلف – الناشر دار الكنوز الأدبية.

3. النظام السياسي في مملكة البحرين – الاصلاح في اطار الهوية – للكاتب محمد نعمان جلال.

4. معالم في الاصلاح الشامل – مشروع ملك البحرين نموذجا – للكاتب أحمد هاشم اليوشع.

5. العرب والغرب في عصر العولمة – للكاتب خلدون النقيب – دار الساقي.

6. المجتمع والدولة في الخليج والجزيرة العربية من منظور مختلف – للكاتب خلدون حسن النقيب.

7. الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر – دراسة بنائية مقارنة – للكاتب خلدون حسن النقيب.

8. صراع القبيلة والديمقراطية – للكاتب خلدون حسن النقيب – الناشر دار الساقي.

9. تاريخ موجز للمواطنية – للكاتب ديريك هبتر – الناشر دار الساقي.

10. الرأي في المسألة الدستورية – عدد من المحامين البحرينيين – الناشر دار الكنوز الأدبية.

11. البحرين بين دستورين – للكاتب حسين محمد البحارنة – الناشر دار الكنوز الأدبية.