الوفاق وأزمتها ( الوطنية ) في تصريح او بيان او تقرير او موقف ؟ والذي ورد في جريدة الوسط تحت صفحة محليات وتحت عنوان الوفاق : الحراك السلمي الوطني نابع من حاجة ملحة لبناء منظومة سياسية متقدمة ونرفض تشويهه . ان الحراك هو حراك وطني بامتياز نابع من حاجة وطنية ملحة . ان الحراك الوطني لا يخص فئة او فصيلا او مكونا . التأكيد علي الوحدة الوطنية و الإسلامية . تشكل دولة المواطنة المتساوية .
العقد الاجتماعي ( يقصدون الدستور ) يقوم علي التوافق السياسي . الشعب هو مصدر السلطات جميعا . انتخاب حكومة واختيار برلمانه الكامل الصلاحيات عبر انتخابات حرة ونزيه . نؤكد ما ننادي به بان خيار الدبلوماسية والحوار والتواصل هو الطريق الوحيد لحلحلة اعقد الأزمات . . هنا ننتهي من ما ذكر في جريدة الوسط . من الملاحظ ان جمعية الوفاق الوطنية الاسلامية دخلت في أزمة تأكيد وطنيتها ؟ لأنها تعرف بان حراكها في الشارع هو حراك طائفي سياسي مذهبي وان ثورتها هي ثورة طائفية سياسية بامتياز وليست كما ادعت بان الحراك هو حراك وطني بامتياز بدليل ان الحراك كان من يقوده من الاول الي الاخر وكما جاء علي لسان الاعلام هو المعارضة الشيعية ؟! انها الان بدأت تتحسس من كلمة وطنية وتحاول ان تلصق هذه الصفة بها بعد ان كانت منتشيه بصفة المعارضة الشيعية ايام احداث دوار مجلس التعاون والاستقطاب والانقسام الطائفي المسيس الذي أوجدته في المجتمع البحريني والذي نتج عنه ( الشرخ الطائفي ) . سنناقش الان المأزق الذي ستواجه الوفاق اذا ما أستمرت في طرح كل ما ذكر من نقاط في جريدة الوسط واولها هو ان الخط العام لهذه الرؤية يلمح الي العلمانية ؟! وان كان من يري خلف الجمل مشروع دولة محاصصة طائفية وسنناقش ذلك في حينه والسؤال هنا هل يقبل المرجع الروحي والسياسي لجمعية الوفاق بالعلمانية ؟! وهو المعروف عنه مقولة ( عدم تمكين غير المؤمنين من حكم المؤمنين ) وكما جاء في التصريح السابق ان مفهوم الوفاق للوحدة ( هي الوحدة الوطنية والإسلامية ؟!! ) وهنا تأتي جملة ( ضرورة بناء منظومة سياسية متقدمة ) اي في البحرين ولم تسأل هذه الجمعية نفسها هل هذه المنظومة السياسية المتقدمة والتي تريدها للبحرين مطبقة في داخل هذه الجمعية ؟! فالذي يديرها وان كان شكليا هو مجلس شوري الوفاق ؟! ولكن عمليا هو الأمين العام ومن ثم المرجع الشيخ عيسي قاسم ؟! الان بات واضحا لدي الكثيرين المهتمين بالشأن الوطني البحريني والذي اصبح قضية ملحة بعد الشرخ الطائفي الذي احدثته الوفاق ومن انجر خلفها من جمعيات كوعد والمنبر والتجمع ان قيام دولة وطنية ديمقراطية حديثة مشروط بتفكك البني والعلاقات الطائفية المسيّسة المذهبية ما قبل المدنية وما قبل الوطنية وانه اصبح لزاما علي المواطنين في البحرين التحرر من سيطرتها وهيمنتها سواء جاءت عبر مراجع دينية تحمل مشروع دولة دينية طائفية او من جمعيات سياسية طائفية وتأكد لدي كل الوطنيين في البحرين انهم لا يريدون من ان ينتج من اي من هذه العلاقات الطائفية المسيّسة اي نتائج سياسية في المجتمع السياسي ( الدولة ) لأنها علاقات وهمية في جميع الأحوال تخفي العلاقات المادية والأخلاقية الواقعية او تقننها بشعارات ( من مثل ان الحراك هو حراك وطني بامتياز ، ان هذا الحراك الوطني لا يخص فئة او فصيلا او مكونا ، تشكل دولة المواطنة المتساوية ) ؟!!! .
لقد بات واضحا لدي كل الوطنيين في البحرين والذين لم تتلوث يداهم بالطائفية كعلاقة سياسية ان السبيل الي تفكيك البني والعلاقات الطائفية السياسية والتي حركتها جمعية الوفاق وحاولت ان تعززها في المجتمع والدولة عن طريق الهيمنة الطائفية السياسية علي المجتمع المدني سواء ممثلا في جمعياته السياسية وبالذات الجمعيات المسماة بالوطنية الديمقراطية عبر السيطرة والهيمنة علي من يصنع القرار او يحدد الخيارات في تلك الجمعيات اي ما يسمي الزعماء او الأمناء العامين وكذلك فعلت في الاتحاد العام للعمال وبقية النقابات الأخرى وكذلك في الجمعيات المهنية حيث احدثت الاستقطاب والانقسام الطائفي فيها وبالتالي ضربت وحدة هذه الجمعيات من الداخل وجعلتها تنحكم للبعد الطائفي تحت شعار من لم يكن معنا فهو ضدنا وبالتالي ألغت الاختلاف والتعارض الفكري والسياسي والتنظيمي والذي وعته الأقلية في هذه الجمعيات والتي وقفت ضد انجرار ( القيادة ) للحركة الطائفية المسيّسة وانحرافها عن نهجها العلمي اي تخليها عن ( المنهجية العلمية ) لقد بات من الواضح بعد فشل مشروع دوار مجلس التعاون وبعد الشرخ الطائفي والذي تحاول جمعية الوفاق ان تغطية بمساحيق ( انه حراك وطني بامتياز ؟!!! . ان هذا الحراك الوطني لا يخص فئة او فصيلا او مكونا ؟!! . ) نقول لقد بان لكل الوطنيين في البحرين ان السبيل الي تفكيك هذه البني والعلاقات الطائفية ذات العلاقة السياسية هو اندراج المواطن في البحرين في بني وعلاقات حديثة مهنية ونقابية وحزبية وتنظيمات مدنية مختلفة والمهم ان تكون ذات مضامين اجتماعية / اقتصادية وثقافية وسياسية واخلاقية بعيدة عن التسيس الطائفي مستندة في كل ذلك علي ( الانتاج الاجتماعي ) بجميع اشكاله المادية والروحية من دون ان يتخلّوا عن كونهم ينتمون لطوائف او مذاهب وتحديداتهم الذاتية الا بإرادتهم وليس بإرادة المراجع الدينية او الرموز او الزعماء ( الأمناء ) ان نمو الانتاج الاجتماعي المادي والروحي بجميع فروعه هو كلمة السر التي تفتح مغاليق الدولة الوطنية الديمقراطية ( ذلكم هو سر المجتمع المدني ، مسرح التاريخ الواقعي ، بتعبير كارل ماركس ) لقد أسفر ربيعهم الرمادي ونتائجه الكارثية علي الوحدة الوطنية الشعبية الي انكشاف هذه الجمعيات كلها من انها بعيدة بل خطرة علي الحركة الوطنية الديمقراطية وخطرة علي المكاسب التي انتزعها شعبنا خلال الفترة السابقة علي مشروع الدوار البائس . وهي الان تحاول البكاء علي اللبن المسكوب باستخدام شعار ( الوطنية ) الذي مزقته وقدمته كقربان علي مذبح منصة الدوار ؟! فكما تفعل اليوم الوفاق فقد سبقها المنبر فيما سماه بيان والذي كان بمثابة تقرير مقدم من اللجنة المركزية ؟!! وتحت شعار المشروع الوطني الحضاري وكذلك فعلت وعد هل هذه هي صحوة وطنية ؟! بعد ان فشلت الصحوة الدينية ؟! ان كل هذا اصبح يمثل حاجة وضرورة للالتفاف حول الوطن والوطنية والديمقراطية ولكن من منظور اخر مختلف عن منظور الوفاق ومن يلف حولها في كل مدن وقري البحرين وان الاجماع علي الدولة الوطنية الحديثة وعلي الديمقراطية من جهة والمحافظة علي البني التقليدية الطائفية المسيّسة المخترقة ( المجتمع الأهلي ) وعلاقاته وثقافته التي كانت ولاتزال تغذي الاستبداد الديني المذهبي والاستبداد بشكل عام وتسهم في اعادة إنتاجه هما التحدي الأكبر ومن هنا ننادي بفك الارتباط مع الجمعيات الطائفية السياسية أساس هذه المفارقة هو الموقف الموارب من الحداثة اي العلمانية الذي أنتج ضروبا من التلفيق والتلبيس تجلت في ايدلوجية الجمعيات المسماة بالتيار الوطني الديمقراطي فما بالك بجمعية الوفاق والتي تحاول ان تطرح خطابا حداثيًّا ؟!! من مثل تشكيل دولة المواطنة المتساوية ؟! لقد تبين بالتجربة ان هذه الحركات مناهضة للدولة الوطنية الحديثة فما بالك بالدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة ؟ اي مناهضة ايضا للديمقراطية وليست سوي نسق لتوليد الاستبداد فلا يستقيم وهذا التحدي الذي تواجهه جمعية الوفاق في خطابها اليوم ان ننشد دولة وطنية ديمقراطية وندير ظهورنا للحداثة ( للعلمانية ) ونلعن من أسسوها في الفكر والسياسية والاخلاق وجسدوها في الواقع .
ان كل الوطنيين والديمقراطيين في البحرين توصلوا الي قناعة بان الجمعيات الطائفية السياسية ( شيعية / سنية ) وبالذات جمعية الوفاق والموروث الثقافي الذي تعتمد عليه والموجود في نظامها الأساسي تحت بند الرسالة والرؤية ، لجمعية الوفاق فالنقطة ( د) في النظام الداخلي لجمعية الوفاق تقول ( يحقق مبادئ الحرية والعدالة والمساواة في ضوء ( الرؤية الاسلامية ) وهذه النقطة ترتبط بالموروث الثقافي كون جمعية الوفاق انطلقت تاريخيا من الناحية الفكرية والايدلوجية والسياسية والتنظيمية من حزب الدعوة الاسلامي العراقي ومنها اتي المرجع الروحي والسياسي لجمعية الوفاق الشيخ عيسي قاسم فقد كان منهاج العمل لدي حزب الدعوة الاسلامي والذي تأدلجت عليه كوادر الوفاق الأولي يقول : ان التشكيل الحضاري والتيار السياسي والفكري وانظمة الحكم ومنهاج الثقافة والتربية والبناء تسير علي اسس جاهلية مادية غربية رأسمالية او شرقية شيوعية وبالتالي فان الإصلاح القومي وتقييد بعض البني يكون عملا عرضيا لا يقوى علي مقاومة التيار بل يبتلعه تيار الحضارة الجاهلية ويستهلك قيمته وأثره وبالتالي يجب ان يكون التغيير جذري . الهدف لدي حزب الدعوة الاسلامي : هو تغيير واقع المجتمع البشري الي واقع إسلامي بتغيير المفاهيم والسلوك والاعراف والعلاقات علي كل المستويات علي أساس من العقيدة والرابطة الاخلاقية الاسلامية وإحلال الشريعة الاسلامية محل القوانيين الوضعية . المصدر المسبار ( شيعة العراق ) المرجعية والأحزاب . وبينت التجربة ان جمعية الوفاق الطائفية السياسية تنشط في الساحة البحرينية كما يقول عباس المرشد في كتابه الانفتاح السياسي والديمقراطية الحزبية في البحرين ( تنشط الحركة الاسلامية في الساحة السياسية البحرينية مناديه بتطبيق الاسلام وشرائعه في الحياة العامة والخاصة . ولا تخرج هذه الحركة عن إطار ما يعرف بالصحوة والعودة الي الأصول العقائدية والفقهية التي شكلت معالم الحضارة الاسلامية والعربية والنظر الي تلك الأصول كإطار تنهض من خلاله الأمة العربية ) . وكما يكتب بعد ذلك فالصحوة الاسلامية عند السيد عبدالله الغريفي تأتي للتعبير عن رفض إقصاء الدين عن مجالاته السياسية والاجتماعية ف ( الدين ) يفرض حضوره في حركة الثقافة والمثقفين وفي حركة السياسية والسياسيين وفي حركة الواقع الاجتماعي والاقتصادي والتربوي والاعلامي ، خرج الدين من المسجد ليتحرك في كل الساحات وأخذت طلائع الوعي الديني الحركي تتشكل في كل موقع وفي كل الساحات ، فلم تعد الثقافة والسياسية والاقتصاد حكرا علي ( العلمانيين ) واللبراليين و اللادينيين ؟!!! ) وكما نعرف بان عبدالله الغريفي كان موجود في المجلس العلمائي الغير منتخب والوفاق وجماهيرها دائما ترفع شعار معكم يا علماء ؟! إذن هذه الرؤية والرسالة والموروث الثقافي الذي يكمن خلفها ويحكمها من خلال نظامها الأساسي وانصياعها للفتاوي التي تصدر من المراجع لا يقدمان لها اي مساحة لتحريك قضية الدولة او قضية المجتمع المدني او قضية الديمقراطية والقضايا المتعلقة بهذه جميعا من هنا يأتي في تصريحها الأخير في جريدة الوسط بتاريخ ٣١ / ٧ / ٢٠١٥ تعريفها للوحدة الوطنية ب ( الوحدة الوطنية الاسلامية ؟!! ) ان الدولة الوطنية الديمقراطية بعكس ما تراه جمعية الوفاق تنتمي الي نسق متكامل من المبادئ والمفاهيم تقوم بينها علاقات ضرورية بحيث لا تقوم اي منها بغير الأخريات كالمواطنة ، فهي تقوم بأركانها الثلاثة ( المساواة والحريّة والمشاركة وسيادة القانون وسيادة الشعب والشرعية الدستورية وفصل السلطات واستقلال القضاء وتداول سلمي للسلطة وكل هذا لا يطبق في جمعية الوفاق فكيف ينتظر منها ان تطبقه في المجتمع المدني والدولة ؟!! . لقد تجلت الحداثة واقعيا في وحدة المجتمع المدني والدولة السياسية اي الدولة الوطنية الحديثة علي نحو يستحيل معه كما تريد الوفاق في كل ما طرحته في تصريحها المذكور قيام دولة ديمقراطية علي ارضية تقليدية ( طائفية تحمل علاقة سياسية ) اي علي ارضية مجتمع منقسم علي نفسه انقسامات عمودية طوائف ومذاهب متحاجزة ومتفاصله ومتناحرة وفي ظل مناخ ثقافي وأخلاقي طائفي مذهبي مسيس هو نسق لتوليد الاستبداد علي الصعيدين السياسي والديني . سنكمل لاحقا ونفند ونحلل النقاط الأخرى في الخطاب الحداثي للوفاق والذي يسميه مارشال بيرمن ( حداثة التخلف ) وهو عنوان كتابه .
إذن فان جمعية الوفاق تحكمها العلاقة الملتبسة بين الدين والسياسة وبالذات في الجانب الثقافي وفي موروثها المذهبي وبالذات في حال ارادت ان تقترب من مفهوم الدولة الحديثة الوطنية او المجتمع المدني فهل تقدر هذه الجمعية الطائفية السياسية ان تعترف وعلي المُلا بان الدين غير السياسة والسياسة غير الدين ؟ وهل من الممكن ان تعلن وتعترف بان الدين مجال الذاتية اي مجال الإيمان والسياسة مجال العلاقات الموضوعية التي تعينها نسبة القوي الاجتماعية والصراع الطبقي بينها وليس الصراع الطائفي المسيس وان مبدا السياسة الحديثة هو الشأن العام والمصلحة العامة وليس الشأن الطائفي المذهبي والمصلحة السياسية الطائفية وان منهج السياسة نفعي ( براجماتي ) دوما ولا يتسق في معظم الأحيان مع القيم الروحية والأخلاقية للدين ؟ وان تعترف وتعلن ان الدولة الوطنية الحديثة علمانية بطبيعتها ولا تحتاج الي ( ايدلوجية علمانية او ايدلوجية دينية ؟ بل اكثر من ذلك ما السبيل ان تدرك الوفاق و الملالي فيها ان ما في الدين من قيم إنسانية يتحقق بالفعل في الأسس الفكرية والأخلاقية للدولة الحديثة ولا يحتاج لفتاوي ووصاية وأوامر ونواهي او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الموجود في نظامها الداخلي ؟!! ذلك انه في الدولة الحديثة الوطنية توجد المواطنة بركنيها الأساسين ( المساواة والحريّة ) اللتين تضعان المسئولية الفردية القانونية والأخلاقية بعيدا عما يسمي بالتميز والتهميش الطائفي الذي تطرحه الوفاق وكذلك ما يسمي الجمعيات الوطنية الديمقراطية في كل بيناتها وتقاريرها وتصريحاتها ؟!! . العلمانية مفهومة علي انها استقلال مجال الدين عن مجال السياسية كمنجز انساني من منجزات الحداثة وهي تأتي عبر عمليات وسيرورات تاريخية اجتماعية اقتصادية ثقافية تجعل المجموعات الطائفية والمذهبية المتفرقة والمتشرذمة والمقسمة والمستقطبة والمغلقة تحولها الي مجتمعا مدنيا حديثا متدامجا وموحدا وشعبا وامة حديثة تنتج بنفسها أشكال حياتها وفق شروطها التاريخية في الزمان والمكان وعبر خصوصية تجربتها الذاتية فلا يمكن فصل العلمانية لا عن الإنسية وتساوي البشر في الكرامة الانسانية ولا عن المعرفة العلمية وتغيير زاوية نظر الانسان الي عالمه ولا عن اندماج العلم بالعمل ولا عن الثقة ( بالعقل ) وقدرته علي التوصل الي الحقيقة او علي إنتاجها ولا عن تفتح الفردية بما هي حرية الفرد الإنساني واستقلاله ولا عن اي من منطويات الحداثة الأخرى كالدولة الحديثة الوطنية الديمقراطية . وهذا مالا تراه جمعية الوفاق التي تطرح دولة المواطنة المتساوية ؟!
من العلالقة الملتبسة بين الدين والسياسية عند جمعية الوفاق فان هذا الالتباس يمتد الي فهمًها للدولة الوطنية الحديثة ولكي تنطلق الوفاق من تلك الدولة الوطنية الحديثة تحتاج الي ايدلوجية دينية وان هي تحاول اخفاء طابعها الطائفي المذهبي تحت مسميات ( الوحدة الوطنية والإسلامية ) ( دولة المواطنة المتساوية ) هي لا تريد ان تقر بان الدولة الوطنية الحديثة بالمعني العمومي علمانية بطبيعتها لأنها اي الدولة ( شخص ) معنوي سياسي وقانوني وأخلاقي من المفترض ان تكون فوق الطبقات والفئات فما باللك بالطوائف والقبائل ومحايدة حيادا تاما ازاء عقائد مواطنيها بخلاف السلطة ذات الطبيعة المزدوجة وهنا يكمن التشوش والإرباك لدي جمعية الوفاق الطائفية السياسية حينما لا تفرق بين ( الدولة ) و ( السلطة ) وأنها لا تستهدف تغيير الدولة الي دولة وطنية حديثة بل الي انتزاع السلطة عبر ما تقول ( انتخاب حكومة واختيار برلمان كامل الصلاحيات عبر انتخابات حرة ونزيهة ) وهي لا تعي او تحاول ان تغفل ان مفهوم الدولة مفهوم مجرد يدل علي العمومية ، بخلاف السلطة السياسية التي يمكن ان توصف بأنها دينية او مدنية والطرح المبطن ( لشعار الدولة الدينية والتي كان من المفترض ان تأخذ شكل دولة ولاية الفقيه ) ناتج من عدم تمييز الدولة من السلطة ونظام الحكم وهذه الدولة والسلطة ونظام الحكم ثلاثة أشياء مختلفة ؟!! ومن هذا الفهم فان من يطرح شعار الدولة العلمانية ضد شعار الدولة المدنية او الدولة الدينية يرتكب نفس الخطأ ؟! وهذا ما تحاول الوفاق وجمعيات الاسلام السياسي السنية ان تطرحه في ظل صراعها مع التيار الوطني الديمقراطي العقلاني ولا نقصد بالطبع هنا وعد ، المنبر ، التجمع . لأنهم في تحالف مع جمعية الوفاق ؟! وان صراع الوفاق معهم نسبي علي حسب الظرف ففي وقت الانتخابات تشهر جمعية الوفاق هذا السلاح في وجه تلك الجمعيات وتصورهم بأنهم يرفعون شعار الدولة العلمانية ضد شعار الدولة الدينية ( الطائفية ) ؟ لماذا نقول ذلك لأنه يفترض ان الدولة يمكن ان تكون دينية إسلامية وتظل مع ذلك دولة وطنية حديثة ولا تحتاج هنا الدولة لشعار ( الدولة الدينية ) او حتى لشعار ( الدولة المدنية ) وهنا يأتي الأسوء عندما تطرح الوفاق شعار ( تشكل دولة المواطنة المتساوية ) ما يعني انها دولة جميع مواطنيها بالتساوي ؟ والتي في حال وضعنا سيناريو بان الوفاق عبر طرحها ( انتخاب الحكومة ، اختيار برلمان كامل الصلاحيات ، عبر انتخابات ) وهيمنت هي علي السلطة فستتحول الي سلطة شمولية واستبدادية محدثة وسوف تزهق روح الدولة الوطنية الحديثة اذ ان المعيار هنا واحد هو طابع السلطة الطائفي المذهبي وهنا إذن فان طرح ذلك الشعار ينم عن جهل بما هي الدولة ؟ او علي مكر الوفاق وهذا أدهي . وهذا مالم تراه الجمعيات التي تطلق علي نفسها وطنية ديمقراطية لأنها انجرت تحت شعارات الثورة المرهونة للجمعيات الطائفية السياسية المذهبية هنا الشيعية ؟ هل نستغرب بعد ذلك تشرذم تلك ( المعارضة ) وتخلفها عن الشعب وانفصالها عنه ؟! كل هذا غذتها جمعية وعد للأسف عندنا كانت ممارساتها السياسية في ظل المشروع الاصلاحي وعندما رفعت شعار الديمقراطية وحقوق الانسان وادعت ان العلمانية اشكالية زائفة وليس لها مستقبل في البحرين ولا تتصل (بالديمقراطية من قريب او من بعيد لتغطي علي تحالفها مع جمعية الوفاق الطائفية السياسية وتم وصم من اختلفوا معها وبالذات في جمعية المنبر قبل ان تنجرف وتنحرف عن منهجيتها بأن من يطرح غير ذلك اي عندما طرح في جمعية المنبر ضرورة تشكيل الائتلاف الوطني علي قاعدة الديمقراطية ليعبر عن استقلالية التيار الديمقراطي الوطني عن الجمعيات الطائفية السياسية المذهبية وهنا عملت وعد علي تخريب هذه الدعوة الداعية لتنسيق العمل المشترك للقوي الوطنية الديمقراطية والتوجه الي تحالفها ومن ثم تشكيل التحاف المدني الديمقراطي وقامت وعد بخطوة اخري بوصم من طرح هذا المشروع بانه يناهض الاسلام بشكل عام والجمعيات الاسلامية بشكل خاص اي الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين ان لم يكن بمعاداة من طرح هذه الرؤية ؟! هنا غاب عن كل هؤلاء ان العلمانية صفة لأفراد وجماعات لا صفة للدولة لأنها لا تحدد الدولة ولا تعينها ذلك ان المجتمع المدني والدولة معا هما ( الانسان مموضعا ) حسب ماركس ( وليس الطائفية المموضعة ) التموضع او التعيين هي مؤسسات الدولة وسلطتها التشريعية والتنفيذية والقضائية
من الملاحظ ان تصريح الوفاق لجريدة الوسط والذي من خلاله تحاول الًوفاق تطرح خطاب مغايرا ( خطابا حداثيًّا ) يتجاوز حتى بينات المنبر ووعد التي ادانت تفجير سترة الإرهابي ؟! بالرغم من انه خانتها جملة ( الوحدة الوطنية والإسلامية ) بينما كان خطاب الوفاق منذ تأسيسها والي احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ والي ما قبل اعتقال أمينها العام علي سلمان كان خطابها منسجم مع كونها جمعية طائفية سياسية تستغل الدين وكانت تقترب من طرح الجمعيات الطائفية السياسية في الضفة السنية حيث كانوا اكثر دقة وحصافة من جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي والذين أصبحوا مناهضين للعلمانية سواء كان بوعي او غير وعي . لماذا نأتي بها كذا استنتاج ؟ لأنهم اي الجمعيات الطائفية السياسية ( الدينية ) وكما وضحنا بشواهد من نظامهم الداخلي ، يعتقدون ان الوطنية ( مبدا علماني ) وهم محقون في ذلك والديمقراطية ( مبدا علماني ) ( مستورد من بلاد الكفار ) ويعارضونه بالشوري ، والمواطنة ( مبدا علماني ) لأنها تساوي بين المسلم الشيعي والسني وهم محقون في ذلك ايضا إذن هذه الجمعيات ( الاسلام السياسي ) اكثر انسجاما مع أنفسهم من ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي والذين علي ديمقراطيتهم و وطنيتهم ادخلوا في وعي المواطنين وفي وعي كوادرهم ان ( الدين هوية ) والإسلام مجال عام مما يعني انهم يطالبون باقتسام السيادة بين الدين والدولة عبر تعزيز جمعيات الاسلام السياسي وبالذات الشيعية وهذا ما شهدناه في كل الانتخابات لمجلس النواب ( السلطة التشريعية ) ومع احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ ( تشكيل مجلسي تأسيسي منتخب ووضع دستور جديد وإسقاط الحكومة وإنشاء حكومة انتقالية ومن ثم بعد ذلك الذهاب الي انتخابات وحكومة منتخبة وبرلمان كامل الصلاحيات الخ ) ولكن كل هذا يأتي كما وضحت الوفاق اثناء طاولة الحوار معها قبل انتخابات ٢٠١٤ عبر ( الديمقراطية التوافقية ) ذات المحاصصة الطائفية ؟! كما كان سيكون علي الواقع لو انتصرت ( الجمهورية الاسلامية الشعبية ) او دولة ولاية الفقيه لو تحقق لها ذلك في احداث ١٤ فبراير . عندها سنعرف جوهر تلك المطالَب . ماذا سيكون رد هذا التيار المسمى وطني ديمقراطي عندها فكما حدث في العراق وسوريا ما قبل تفجر الأحداث فيها وكذلك لبنان ودولة حكم الملالي الطائفية الثيوقراطية والتي تعمل في ظل مؤسسات تسمي ديمقراطية ؟! سيصفون هذه الدولة المراد تشكيلها في البحرين بأنها علمانية ؟! يصفونها هم أنفسهم بأنها طائفية وبالذات في النموذج السوري قبل تفجر الأحداث فيه فهم كما ذكرنا سابقا لا يفرقون بين ( الدولة والسلطة ونظام الحكم ) وهذه ثلاثة أشياء مختلفة مفهوميا وواقعيا وليست شيء واحد كما هي في سديم الخطاب السياسي لما يسمى بالتيار الوطني الديمقراطي ( المناضلين ) الذين ختمت الأيدولوجيات ( القومية المتزمتة ) و ( الاشتراكية الستالينية المستبدة ) و ( الاسلامية – الطائفية المسيّسة المذهبية الاستبدادية ) المناهضة كلها للدولة الوطنية الحديثة والمناهضة للديمقراطية والذي ختمت هذه الأيدولوجيات علي قلوبهم وعقولهم . حيث ان خطابهم الذي تبدو فيه الدولة والسلطة والنظام شيئا واحدا وتبدو العلمانية والطائفية شيئا واحدا وليس مستهجنا بعد ذلك في ظل الانقسام المذهبي والطائفي والأقلية ( السنية ) و ( الاغلبية الشيعية ) ان يتوصلوا الي ان الموصومين بالطائفية والتعصب مقصورة علي تلك الأقلية فيما الأكثرية المذهبية بريئة منها ؟! وليس مستهجن ان توصم ( جمعية التغيير الديمقراطي تحت التأسيس ) بكونها علمانية للأقلية ( السنية ) او لليسار السني ؟! ان الوفاق بخطابها ( الجديد الحداثي ؟! ) والذي من خلاله تربك به كوادرها وكوادر جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي وهو خطاب مرسل أساسا للخارج وليس للداخل هو تكتيك جديد / قديم فالوفاق بخطابها هذا كالطير الذي حاول ان يقلد صوت طير اخر أجمل من صوته ووجد نفسه انه فقد صوته وصوت الطير الاخر اي اصبح ( مسخا ) . ان العلمانية هي طبيعة الدولة كما ذكر سابقا بما هي فضاء عام لا طبيعة السلطة السياسية ، اي الحكومة ، فلهذه الاخيرة طبيعة مزدوجة عامة لأنها سلطة الدولة ومكلفة تنفيذ القوانين العامة وإدارة الدولة ومؤسساتها ومن جانب اخر تقوم بوظيفة الاكراه القسري لكل القوي التي تتصارع معها وهذا علي حسب توازي القوي وعلي حسب الجو العام الذي تتصارع فيه ففي ظل وجود مشروع اصلاحي له مرجعية عليا ميثاق العمل الوطني ، وفي ظل انفراج سياسي وهامش ديمقراطي فيه دستور معدل وبرلمان ذو غرفتين وهنا صحيح ان الحكومة غير منتخبة وتمثل الي حد ما الحلف الطبقي الضمني وهي لازالت لا تمثل الحزب الذي يفوز في الانتخابات بأكثرية مقاعد البرلمان ويشكل الحكومة سواء وحده او متحالف مع غيره فتحي في ظل هذا الوضع فان الحكومة هي حكومة الأكثرية والحكم حكم الأكثرية لا حكم الشعب كله . طبعا هذا السيناريو لو كان هناك لدينا في البحرين يمين / وسط اليمين او اليسار / يسار . ولكن للأسف اننا ابتلينا بواقع طائفي سياسي مذهبي يأخذ فيه الصراع علي السلطة بعدا طائفيا سياسيا مذهبيا وهذا هو مأزق الوفاق فهي لا تستطيع ان توحد ( الشعب ) طائفيا بل تقسمه طائفيا وهي هنا بعيدة عن ( الوطنية ) .
قياسا علي ما ذكر سابقا وهو ان الوفاق ، لا تستطيع ان توحد الشعب طائفيا بل كل ما تفعله هو ان تقسمه طائفيا وهنا يكمن مأزقها الوطني الفعلي ، وهنا من الصعب ان نطبق ما ذكر في تصريحها لجريدة الوسط من ان ( الشعب هو مصدر السلطات جميعا ) فإذا كانت الديمقراطية هي ( حكم الشعب نفسه بنفسه ) فان الشعب مفهوم سياسي يرمز الي مواطنات ومواطنين احرار لا الي مسلمين سنة وشيعة علي اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ولا الي قبائل وعائلات ممتدة ومن ثم فان جمعا حسابيا لطوائف وقبائل وعائلات ومذاهب لا يساوي ( شعبا ) ولا يساوي ( أمة ) حديثة وهذا التحليل ينسف كل ما تدعيه الوفاق بان ( الشعب مصدر السلطات جميعا ) ؟! فكيف ستبني الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة ومن أين ستأتي بالديمقراطية الا اذا كان المقصود ( ديمقراطية توافقية ) كما يعمل بها في كل من العراق ولبنان والتي ليست من الديمقراطية في شيء ؟!! . ولنناقش ما طرحته الوفاق في تصريحها لجريدة الوسط ايضا عندما تقول انها تريد ( تشكل دولة المواطنة المتساوية ) ان الوفاق هنا لا تنظر الي هذه الدولة من منظور علماني كما تريد ان توحي لنا في تصريحها وأن مثل هذه ، الجمل ( دولة المواطنة المتساوية ) هي من اجل ذَر الرماد في العيون ، فالعلمانية تتجلي واقعيا في المواطنة بما هي منظومة حقوق مدنية وسياسية ( غير مطأفنة ) وواجبات اخلاقية ( وليست دينية مذهبية تصدرها مرجعيات عبر فتاويها ) والتزامات قانونية يتساوى فيها جميع مواطني الدولة بغض النظر عن طوائفهم ومذاهبهم ومعتقداتهم وتحديداتهم الذاتية ، وهي مناط ( الهوية الوطنية ) للفرد والجماعة و ( ليس للطوائف ) حينها من الممكن ان نقول برلمان وطني وحكومة وطنية وقضاء وطني واقتصاد وطني الخ فالمواطنة من هذا المنظور هي مبدا الدولة الوطنية الحديثة ومبدأ الديمقراطية وفضيلتها السياسية خلافا لما تطرحه الوفاق من جمل عابرة كتشكيل دولة المواطنة المتساوية ؟! فمبدأ الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة وفضيلتها السياسية يتجليان في المواطنة والمواطنة الفعلية هي المشاركة في صناعة القرارات والخيارات ( وليس ان تصنع هذه القرارات وتعد هذه الخيارات من قبل مراجع تطلب الاذعان والانصياع لها ) كما عودتنا جمعية الوفاق وهذا ما يفعله من يسمون بالزعامات في ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي ، وكذلك فان المواطنة الفعلية هي المشاركة في صنع اي تشريع القوانيين والحرص علي احترامها والالتزام بها لا كما عودتنا الوفاق وخصوصا في احداث ١٤ فبراير من عدم احترام القوانين التي دخلت هي اللعبة السياسية بتوافق حولها فصار ديدنها هو مقاطعة الانتخابات وكسر قوانين المسيرات اي بعدم أخذ الترخيص لها او الإعلان عنها وعن مكانها والإعلان عن الاعتصام المفتوح في دوار مجلس التعاون ؟! والدعوة للعصيان المدني والأضراب العام ؟! تحت حجة الربيع العربي مما أعطي مبرر للفئة الشعوبية المغامرة الطائفية لتمارس الحرق والتكسير وقذف المولوتوف وإغراق الشوارع بالزيت وحرق الاطارات ؟! ونعود الي المواطنة الفعلية فإنها ترتكز علي المساواة والحريّة والمشاركة في حياة الدولة عبر الطرق السلمية وليس بطرق العنف اي تسلم الوظائف التشريعية والقضائية وعندما تنشأ الظروف المناسبة عبر التدرج في المشروع الاصلاحي تكون ( الوظائف التنفيذية ) ، ولنأخذ كل واحدة علي حدة ( المساواة ) هنا مساواة في الحقوق المدنية والسياسية والواجبات والالتزامات القانونية وتكافؤ في الفرص و( ليس حقوق طوائف سنية / شيعية مسيسة ) كما تدعي او تريد الوفاق ؟! ( الحرية ) تعني حرية الفرد في توجيه حياته الوجهة التي يريد ( وليس التوجيه من قبل المراجع ؟! ) كما كان يحدث عندنا في كل الانتخابات التي خاضتها الوفاق ؟! وحرية الرأي والتعبير وحرية الفكر وحرية الاعتقاد والحق في المعارضة والاختلاف هذا الاحترام للقوانين والذي يتولد عنه حب لهذه القوانين وللوطن يتطلب تفضيلا دائما المصلحة العامة علي مصلحة الطائفية السياسية المستغلة للدين فالدولة مثل كل الأمور في العالم لكي تصان ويتم الدفاع عنها ضد التدخلات الخارجية يجب ان تحب والقوانين المعترف بها كذلك لكي تطاع يجب ان تحب وان يدرك المواطنين الذين يطيعونها انها وضعت من اجلهم وهي إشارة مهمة الي وحدة الفكر والاخلاق والسياسية بالمعني الأرفع للسياسية بما هي شان عام .
والآن لنناقش ما ظلت تصرح به الوفاق في كل شاردة وواردة وهو بضرورة وجود حكومة منتخبة تمثل الإرادة الشعبية . وكما جاء في تصريحها لجريدة الوسط ( نؤكد ما ننادي به بان خيار ( الدبلوماسية ) والحوار والتواصل هو الطريق الوحيد لحلحلة اعقد الأزمات ) ان هذا الكلام العام المرسل لا يدعمه الواقع ألذي تبلور ما قبل وما بعد احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ و حتى الان ذلك ان الانقسام والاستقطاب الطائفي ( الشرخ الطائفي ) الذي احدثته الوفاق وجمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي ( وعد ، المنبر ، التجمع ) العلنية بات يتطلب قراءة جديدة لحل تداعيات تلك الازمة ومنها ضرورة وجود تصور واضح ( لمبدأ السيادة الوطنية ) المستمدة من الشعب . كما تتجلي في واقع العلمانية وليس في واقع الطائفية السياسية عند الوفاق او الشعبوية عند ما يسمي التيار الوطني الديمقراطي . فالشعب من منظور العلمانية هو ( السيد ) وارادة ( السيد ) هي السيد نفسه ( الإرادة العامة ) وليست إرادة مرجعية الوفاق وفتاويها او إرادة الأمناء العامين في ( وعد ، المنبر ، التجمع ) ذلك ان السمة الأولي ( للسيد ) هي القدرة علي وضع قانون ( وليس فتوي او شريعة او عرف ) اي قانون عام للجميع وبوجه عام بدون موافقة اعلي من اي مرجع سواء ديني او سياسي شعبوي وإلا فان ( السيد ) تابع حقيقي للمرجع الديني . ( السيد ) لا يفرض اي عقيدة علي رعاياه ، بخلاف معني السيادة المستمدة من ( التفويض الالهي ) و ( ولاية الفقيه ) عند الوفاق هنا القانون يستطيع كسر الفتاوي وكسر الاعراف ( العرف لا يستطيع مخالفة القانون ) والعرف ملتبس بالشريعة الدينية دوما باستثناء بعض الاعراف السياسية والأخلاقية الحديثة . السيادة من منظور العلمانية هي ( قوة تلاحم الجماعة السياسية ( وليس الطائفة السياسية ) اي الأمة واتحادها وبدون هذه القوة تتفكك الجماعة وتنهار ( وهذا ما فعلته الوفاق والجمعيات التي انجرت خلفها في احداث ١٤ فبراير . وقوام السيادة هو تبادل الآراء والاختلاف في الآراء للوصول للوحة الوطنية ، الذي تفرضه طبيعة الأشياء علي كل جماعة سياسية ( وليست طائفية سياسية ) تريد ان تعيش وتتعايش في ظل قيمة التسامح ( وليس التفارق والتباعد والتناحر المبني علي أساس طائفي ) . السيادة : هي القدرة المطلقة والدائمة للدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة . وديمومة ( السيادة ) هي البقاء الطبيعي لشكلها الاجتماعي ( الشعب ) السيادة دائمة بدوام الشعب الذي هو صاحبها ومصدرها ( وليس المرجع الديني ) وهي ثابته بثبوت وحدة الشعب فلا تتجزأ ولا تنتقل ولا تفوض . السيادة ، المستمدة من الشعب ( وليس من الطائفية السياسية او القبلية السياسية او العائلات الممتدة ) هي سيادة الدولة ، اي سيادة القانون ، الذي هو روح الدولة لا سيادة ( الحكومة المنتخبة ) او السلطة التنفيذية كما تريدها الوفاق وجمعيات ( وعد ، المنبر ، التجمع ) فكما حدث ويحدث في كل انتخاباتها منذ ان تشكلت تلك الجمعيات فان السيد ( المؤتمر العام ) لا ينتخب القيادة الا بطريقة شكلية او صورية حيث تلعب الشلل وليس التكتلات دورها في من يصل الي القيادة ؟! ومن ترضي عنه هي فقط وليس المؤتمر ؟! فالحكومة والسلطة التنفيذية هذه الاخيرة والتي تستميت الوفاق في الحصول عليها لا سيادة لها بدلالة اسمها ( سلطة تنفيذية ) . هنا علي المستوي العام فان ( الانسان ، الفرد ، المواطن ) هو أساس السيادة وبشكل خاص ( العضو في المؤتمر العام او حتى في الجمعية السياسية هو أساس السيادة . وهو الذي يستحق الهيبة لا القيادة السياسية في تلك الجمعيات التي تدعي الديمقراطية ؟! لان الانسان / الفرد / المواطن . هو أساس الدولة او مادتها لا موضوعها كما هو العضو في الجمعية السياسية هو أساس الجمعية ومادتها لا موضوعها ! فإذا كان الشعب هو السيد حاكما او محكوما ، فان كل فرد من ( أفراده ) ( سيد ) حر ومستقل بالمعني ذاته عن وصاية المرجع الديني او الأمين العام ؟! اي بمعني كونه حاكما او محكوما ، الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة هي الشيء العام او الشأن العام والاشتراك السياسي المؤسس علي مبد ملازم للسيادة هو ( الشرعية ) و( ليس الشريعة الدينية المذهبية كما تذهب لها الوفاق وتريد ان تطبقها عبر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟! ) وخير مثال ما حدث في نموذجها الدولة الثيوقراطية في ايران او دولة حزب الدعوة الحالية في العراق ؟! فالشرعية تعني مطابقة الحكم للقيم الاخلاقية من عقل وعدل ونظام بالمعني الأرفع .
هنا نأتي للنقطة الاخيرة والمهمة والتي كانت محط اهتمام الاسلام السياسي ومن ثم الجمعيات الطائفية السياسية التي انبثقت منه وهو ( الشرعية الدستورية ) وهي المظهر الثالث من مظاهر العلمانية حيث اتي الذكر علي المظهرين ( المواطنة ، السيادة الوطنية ) . فمنذ انطلاقة المشروع الاصلاحي وتحت مظلة ميثاق العمل الوطني والتي حازت علي الاجماع العام عبر الاستفتاء عليها من قبل الشعب ، كانت الوفاق عينها علي ( العقد الاجتماعي ) الدستور كونه سيقنن العلاقة بين الحاكم والمحكوم ولكن الإعلان عن نتائج لجنة تعديل الدستور في فبراير ٢٠٠٢ مثل مفاجأة وصدمة لجمعية الوفاق الطائفية السياسية التي تستغل الدين ؟ عندها حركت الوفاق موضوع ما سمي بدستور المنحة ٢٠٠٢ والدستور العقدي ١٩٧٣ وبضرورة عدم تعديله فالذي دفع الوفاق الي الخوض في هذا الشأن ليس حرصها علي وجود دستور عقدي اجتماعي ( علماني ) بل وكما يذكر عباس المرشد في كتابه الانفراج السياسي والديمقراطية الحزبية في البحرين ( عدة أمور كونت هذه الرؤية منها ان التيار الاسلامي ينظر الي دستور عام ١٩٧٣ علي انه مصنوع تحت عينه وان الكتلة الدينية التي شاركت في انتخابات المجلس التأسيسي عام ١٩٧٢ تركت بصماتها الواضحة في الدستور ، وبالأخص في تحديد هوية الدولة وتعريفها بالحد الاسلامي ، في وقت كان التيار الاسلامي يمثل أقلية في الشارع السياسي ، ان اتفاق التيارات الاسلامية علي مرجعية دستور عام ١٩٧٣ يعني بالنسبة الي التيار الاسلامي وجمعية الوفاق انتصارا للرؤية السياسية الصائبة منذ ذلك الوقت ) ؟! إذن فان الوفاق لا تفكر من الناحية السياسية في ما سمي ( منحة / عقدي ) بل كانت ولا زالت عينها علي السلطة التشريعية وبعد احداث ١٤ فبراير علي السلطة التنفيذية من اجل ان تهيمن الوفاق علي كل السلطات وهذا بالضبط كان مشروع ( ثورة ١٤ فبراير ) وان كان عبر استخدامها لخطاب حداثي تبلور مع ما سمي الربيع العربي ( انتخاب مجلس تأسيسي يضع الدستور وإسقاط الحكومة وانتخاب حكومة انتقالية الخ ) من شعارات ومطالب شكلها علماني وجوهرها طائفي ديني مذهبي ؟! من منظور العلمانية الشرعية الدستورية تستمد من الشعب او من العقد الاجتماعي بين أفراد احرار يعبر عنه الدستور والقانون والشرعية هنا لا تستمد من مصدر الهي او شريعة دينية او مذهبية كما تريدها الوفاق طائفية او كما كانت تدعي علي الدوام من أغلبية عددية ( طائفية سياسية ) لا يمكن ان تتحول الي اكثرية سياسية او أقلية سياسية مادام المجتمع منشطر عموديا بشكل طائفي ويعيش علي اقتصاد ريعي من جهة والنهب والهدر والفساد من جهة اخري وتغذية ثقافة تقليدية ( دينية مذهبية مسيسة طائفيا ) لا تتسق في جملتها مع مقتضيات الحياة العصرية وها هي تجربة حزب الدعوة الإسلامي في العراق والذي خرجت الوفاق من رحمه يُرينا هذه المشهد بالصوت والصورة ؟! . فمن المنظور العلماني وليس من ما تريده وتستخدمه الوفاق مساحيق تغطي طابعها الطائفي وخصوصا ما طرحته في احداث ١٤ فبراير . فان العلمانية تقول ان الشعب ( الحر ) وليس المقيد بالمرجعية الدينية المذهبية هو من يصنع الدستور والقانون بوساطة جمعية تأسيسية منتخبة انتخابا وطنيا وليس طائفيا ( عبر المحاصصة الطائفية ) وتلتزمه او تعدله او تغيره هيئة تشريعية ينتخبها الشعب انتخابا وطنيا صحيحا ( وليس طائفيا عبر محاصصة طائفية ) وهذا الانتخاب هو الشكل السلمي لتداول السلطة ، سواء كان النظام ليبراليا ام ديمقراطيا فلا يختزل الديمقراطية ولا يستنفذونها خلافا لمن يعتقدون ان الديمقراطية مجرد ( صندوق اقتراع ) . الشرعية الدستورية هي النتيجة الضرورية لسيادة الشعب المؤسسة علي مبدا المواطنة فلا تستقيم الحياة السياسية ولا يتحقق الاستقرار السياسي في البحرين الا علي هذه الأسس والمبادئ التي هي أسس الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة فان فساد احد هذه المبادئ يؤدي الي فسادها جميعا ! هنا من المطلوب ان تتحرر السياسة من العلاقات الطائفية السياسية والدينية المذهبية ومن العلاقات العائلية والشخصية وترتقي الدولة الي مؤسسة سياسية عامة فوق الأفراد وفوق الطبقات وفوق الأديان والطوائف والمذاهب .
المرجع الاساسي: (حداثة بلا حدود) في حرية الفرد. جاد الكريم الجباعي