حول جدل العلاقة بين الإستراتيجيا والتكتيك

حول الحوار الذي دار في الموقع في مسألة التحالفات وحل مسألة التكتيك والاستراتيجيا، ودخول التنظيمات او الأحزاب العلمانية – الشيوعية في تنسيق او عمل مشترك او تحالف مع تيارات او احزاب طائفية سياسية تستغل الدين.

لفهم مسألة العلاقة بين الاستراتيجيا / تكتيك يجب ان نفهم العلاقة الجدلية (الديالكتيكية) بينهما اي عدم فصل الاستراتيجية عن التكتيك وأخذ احدهما بمعزل عن الاخر ، فهناك طرح يقول بان مجال اهتمام (الاستراتيجا) هو القوي السياسية الفاعلة في التغيير وكذلك قواها الاحتياطية (المناصرين لها) وهي تتغير كلما مر التغيير من مرحلة الي اخري حتي لو بقيت هي نفسها اي القوي السياسية دون تغيير من حيث الجوهر طوال مرحلة معينة ( هنا التيار الصدري ) او الأحزاب الطائفية التي تستغل الدين او الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين في البحرين . أما في مجال (التكتيك) فهو يستند الي مرحلة معينة من التغيير وخصوصاً في مرحلة الانتخابات هنا تحالف الحزب الشيوعي مع التيار الصدري. فهو من الممكن ان يتبدل عدة مرات حسب حالات المد والجزر في موازين القوي على الارض التي تمر بها هذه المرحلة اي حسب حالات نهوضها او تراجعها. وهذا الفصل نجده الان عند الحزب الشيوعي العراقي ضمن إطار تحالفه مع التيار الصدري وكذلك وجدناه عند جمعيات وعد، المنبر، التجمع ضمن إطار التنسيق والتعاون والتحالف مع الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين. هذا الطرح او الرأي يطرح مسألة نظرية وينطوي من جهة اخري في الممارسة على خطورة سياسية. افلا يعرضنا مثل هذا الالحاح في اثناء الانتخابات او في اثناء الانفجارات السياسية (دوار الكارثة) على التركيز على التكتيك ومن ثم الفصل التام بين (الاستراتيجيا – التكتيك) الى خطر فكري – سياسي – تنظيمي. ان من يطرح التكتيك في مثل هذه التحالفات تغيب عنه المسألة الجوهرية ودون ان يوجد حلاً لها، لما هي بالتحديد العلاقة التي يمكن ان تقوم بين الصراع الطبقي في المجتمع بوجه عام وضمن آطر فهم قوانين الجدل المادي قانون وحدة وصراع الأضداد وقانون التحولات الكمية الي كيفية وقانون نفي النفي وفعلها في الصراع الطبقي وليس في الصراع الطائفي الذي تتمظهر فيه هذه القوانين وتفقد قدرتها على كشف الصراع في وجهه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. فما هو صحة مثل هكذا ممارسة وهكذا تكتيك؟


هنا يجب التفريق بين التكتيك الذي يستند الي اتخاذ قرارات على المدى القصير وبين (المبادئ) الفكرية والسياسية والتنظيمية الاساسية التي تخص الحزب الشيوعي العراقي او التيار الوطني الديمقراطي العقلاني التقدمي في البحرين. هنا يرتبط اي تغيير من اجل أية مسألة مطروحة مثلاً (التحالف في الانتخابات العراقية) او (التحالف في الاحتجاجات في ١٤ فبراير ٢٠١١) ربطاً لا ينفصم مع الأهداف الجوهرية لذلك الحزب او لذلك التيار الوطني الديمقراطي. هذا الطرح السياسي يرتبط في نفس الوقت بنقد مختلف أشكال النزعات الفوضوية – المغامرة – الاتجاهات والتيارات الاسلاموية شيعية – سنية قرو وسطية وما قبل المدنية والوطنية والتي تجسدت في كلا التجربتين العراقية والبحرينية. هنا يجب ان يقتصر (تكتيك) الحزب السياسي او الجمعية السياسية على تطبيق (المبادئ العامة للتكتيك): الديمقراطي – الوطني. وليس الدخول في تكتيك على اساس طائفي وان الاسلام السياسي الشيعي او السني هو المسيطر في الواقع السياسي؟!! وبالتالي الدخول في كتل برلمانية تهيمن عليها تيارات طائفية سياسية تستغلها هذه التيارات الطائفية من اجل الوصول الي توافقات محاصصة طائفية (الديمقراطية التوافقية) يكون الخاسر الأكبر فيها هو اليسار العلماني)، بما يعني انه لا يجوز إطلاقاً تغيير أسس ذلك؟ (التكتيك) ولا تحريك (مركزه) الأصلي. هنا بمعني كل من يقف ضد العلمانية والدولة الوطنية والانتقال الديمقراطي من دولة المحاصصة الطائفية وميلشياتها وحشدها الطائفي والمراجع التي تذعن وتنصاع الي فتاويها وبالتالي تعيق مشروع الدولة الوطنية من كل القوي الاسلاموية الطائفية وتحالفاتها المبنية على اعادة انتاج المسالة الطائفية والمحاصصة الطائفية في الدولة والمجتمع. يجب التأكيد هنا بانه لا يمكن التوصل الي (اتفاق) ما او تنسيق او تعاون او تحالف ما الا إذا تمفصلت المواقف السياسية القصيرة المدي مع (المبادئ) الاساسية اي بما هو موجود في البرنامج السياسي والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي او الجمعيات اليسارية في البحرين.

هنا من الضروري التأكيد على عدم الركون الى الموقف العقائدي الجامد في الاستراتيجيا (المبدأ هو الكل) ولكن في نفس الوقت عدم الركون الي الموقف الانتهازي (السياسة هي التأقلم مع الظروف المستجدة). هنا الانتخابات العراقية وحركة دخول الحزب الشيوعي العراقي في تحالف مع التيار الصدري لأنه أفضل الاسوأ؟ او لأنه يتشارك ويتقاطع مع الحزب الشيوعي في بعض المطالَب والرؤى؟، او كما حدث عندنا في البحرين (هناك ربيع عربي وصل الي البحرين ويجب التحالف والمشاركة مع جمعيات الوفاق، العمل الاسلامي وفاء، حق، مركز البحرين لحقوق الانسان، احرار البحرين التي تقود هذا الحراك السياسي. ذلك انه ليس من الممكن تطبيق (عمل يومي) يتصف بالصبغة الوطنية – الديمقراطية إذا لم يأخذ في الاعتبار تعديل شكله ليتكيف مع البرنامج السياسي والنظام الداخلي لليسار التقدمي في اي لحظة تاريخية ستواجه اليسار التقدمي. ان الامر يتعلق بالإمساك بطرفي السلسلة اي النظرية التي يتبناها اليسار التقدمي والظرف الخاص. ولكن كيف يتم تكييف النظرية مع الظرف الخاص؟ وفيما يتمثل نمط هذا التكييف؟ تحدد النظرية بصفة عامة (التصادم) بين المرحلة الانتقالية من دولة المحاصصة الطائفية ومليشياتها المتطرفة مثلاً في العراق وانتقالها الي مشروع الدولة الوطنية المدنية او المرحلة الانتقالية في المشروع الاصلاحي في البحرين نحو استيفاء شروط المملكة الدستورية. كما تقدم هذه النظرية عناصر تعريف بهذا المشروع السياسي اخذاً في الاعتبار ان المجتمع في العراق او البحرين لا يضم فقط طبقة عاملة وبورجوازية صغيرة وطبقة وسطي او تجارية، بل ان المجتمع في العراق أصبح مقسم ومستقطب بشكل طائفي سياسي تهيمن عليه احزاب طائفية ومليشيات طائفية تنحكم لمرجعيات دينية تتسيد الانتخابات العراقية كما تسيّدت في الحراك السياسي في البحرين منذ ٢٠١١. ويتمثل التكتيك في كشف هذا التناقض والذي تمظهر طائفياً والذي يحاول ان يخفي طابعه الطبقي. اي يحدد الرؤية رؤية نظرية للمجتمع (المنقسم والمستغلب سياسياً) والمجتمع المشكل من طبقات كما هو في الواقع. ان رؤية الحزب الشيوعي في العراق وكذلك اليسار التقدمي في البحرين كان من المفترض ان تكشف هذه المتغيرات التي حدثت في الحياة السياسية لا ان يعطي غطاء لهذه المتغيرات او يقوم بدور المساند لها وكأنه طارئ عليها؟! ذلك ان وحدة التكتيك كانت من المفترض ان تقوم على وحدة القوى السياسية التي تتماهي وتتقاطع مع الرؤية الوطنية الديمقراطية المدنية ( الكتلة الوطنية المدنية ) ، وحتي في ظل هذه الوحدة المبنية على الطابع الوطني والديمقراطي يحب ان لا تسعى الى طمس كل التنوع ( التعدد ) ولا الى إلغاء كل الفروقات بينها ، لان ذلك في الوقت الراهن هو اضغاث احلام ، بل ان يسعى هذا اليسار التقدمي في مشروعه السياسي الي تطبيق ( المبادئ ) الاساسية والقيم الديمقراطية تطبيقاً يعدل بصفة سليمة هذه المبادئ كلما تعلق الامر عبر البحث والكشف والإمساك بما هو (وطني ديمقراطي ) عندما يتم تناول اي مشكلة تواجه هذا اليسار التقدمي . وليس كما عودتنا الجمعيات اليسارية في البحرين والآن الحزب الشيوعي في العراق عن البحث والكشف والإمساك بما هو (طائفي سياسي). ان وحدة التكتيك كما يراه الحزب الشيوعي في العراق ضمن إطار تحالفه مع التيار الصدري في كتلة سائرون او كما كانت تراه جمعية وعد ، المنبر ، التجمع ، وتحالفهم مع جمعيات الاسلام السياسي هو الذي أعاقهم عن إمكانية وحدة التكتيك المستقل عن ذلك التيار الطائفي الاصولي ، كل هذا يُبين ان وحدة التكتيك لم تكون موجودة الا على مستوى الخطاب النظري اذ لم تكن توجد اي وحدة تكتيكية على مستوى الواقع لأنها لو وجدت على ارض الواقع وبشكل مستقل عن الاسلام السياسي لمثلت له قلق ويضعها في الحسبان عندما يريد ان يخوض اي انتخابات برلمانية او اي حراك سياسي وخصوصاً عندما انكشفت احزاب او جمعيات الاسلام السياسي امام الجماهير بتورطها في قضايا الفساد المالي والاداري وبتأمرها وتواطئها مع القوي الإقليمية والسماح لهذه الدول ان تتدخل في شئونها الداخلية حتي في الانتخابات مثل ما يحدث الان في العراق من التدخل المباشر لإيران فيها .

ان إخفاقات اليسار التقدمي في التجربة البحرينية ما قبل احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ ، لم تكن اكثر من نصف مصيبة في مجال الاستراتيجيا والتكتيك ، فتجربة التغيير والمهارة التنظيمية وخلق الكادر امران يكتسبان اكتساباً في العمل العلني ، وكان من المهم ان تعزز الجمعيات اليسارية في ظل تسيد الجمعيات الطائفية السياسية على الضفتين الشيعية والسنية تربية كوادرها على الصفات المطلوبة والملحة في العمل العلني ( ذات البعد الوطني الديمقراطي ) وان تعي هذه الجمعيات اليسارية النواقص وهو ما يعادل في مجال الاستراتيجيا والتكتيك اكثر من نصف إصلاح الأخطاء التي كانت تقع فيها هذه الجمعيات تنظيميا لم يتم الربط بين اللجان الفاعلة في كل الجمعيات اليسارية بين السياسي والفكري والنقابي والفني والاجتماعي وتفعيل هذا الربط بما هو موجود في برنامجها السياسي ونظامها الداخلي . بل سيطرت لجنة فاعلة واحدة (اللجنة السياسية) والتي كانت توكل مهامها الى نائب الأمين العام وكأنها وزارة خارجية همها الوحيد هو التنسيق والتعاون والعمل المشترك ومن ثم التحالف مع جمعيات الاسلام السياسي، حتى انه في بعض الفترات كانت هذه اللجنة لا تعقد اجتماعاتها في الجمعية السياسية بل فقط مع جمعيات الاسلام السياسي؟ ولكن نصف المصيبة غدت مصيبة كاملة كما حدث في حراك ١٤ فبراير ٢٠١١ الكارثية عندما اتجهت أنظار الجمعيات السياسية وضفت استراتيجية وتكتيك خاص بتلك الأحداث إنبنى على اساس ان التحرك السياسي ( عفوي ) وتم غض الطرف عن جوهره الطائفي (الواعي) للجمعيات الطائفية التي قادت ذلك الحراك الكارثي ومن ثم ( تقديس ) هذا الحراك وعفوية الجماهير التي انساقت خلفه ، هذا كان تحطيماً ( للوعي ) وللاستراتيجيا والتكتيك في اليسار التقدمي من قبل ( العفوية ) الجماهيرية  وعفوية اليسار الذين اغرتهم مقولة ( استراتيجية ) بان الوضع جاهز للثورة وان إسقاط النظام اصبح إمكانية او لنقل عند البعض حتمية . ان تحطيم (الاستراتيجية – التكتيك) الوعي كان عبر عزل (الأقلية اليسارية) التي كانت ترى خطر هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية وبأنه لا وجود لوضع ثوري. هنا تم تقوية نفوذ الأيدلوجية الدينية المسيّسة الطائفية في الحركة الجماهيرية وفِي الجمعيات اليسارية وهذا ما سوف يحدث لتكتيك – استراتيجية الحزب الشيوعي في حال استمر في تحالفه مع التيار الصدري. ولكن هل يجب على اليسار التقدمي ان يعمل لوحده من دون تنسيق او تحالف مع الأحزاب او الجمعيات السياسية؟؟ لا غني لليسار التقدمي عن سياسة التحالفات وخصوصاً لما يتعلق الامر بالتغيير من اجل الديمقراطية والدولة المدنية، فحين لا يعول الا على نفسه يكون بمثابة من يرتل منفرداً مرثاه لسببين: اولا يعود الى اصوله التي تتألف من جميع (طبقات الشعب) والثاني يرجع الي وظيفته المتمثّلة في الدفاع عن (الأكثرية) العظمى من المواطنين. الليبراليون الديمقراطيون يساندون كل حركة تغيير تحاول ان تصلح النظام السياسي الاجتماعي القائم للأفضل، اما اليسار التقدمي يجب ان يسعي الي كسب دور (التقدمية) من خلال قدرته على حسن اجتذاب وتنظيم أوسع للجماهير الشعبية وهذا الدور لعبته للأسف الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين في البحرين، اما في العراق لعبته الأحزاب والكتل والمليشيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين.

حول بيان حزب تودة من تحالف سائرون العراقي. الملاحظة الأولى على هذا البيان ان العلاقة بين الاسلام والعلمانية ملتبسة فهو لا يفرق بين الاسلام والإسلام السياسي وانه لا توجد هناك حالة من الصراع بين العلمانية والإسلام بل في ظل العلمانية يصبح الاسلام شأناً ذاتياً بين المسلم وربه ويأخذ كامل حريته في التعبير وممارسة شعائره ويتم فصل الدين عن السياسة والسياسة عن الدين. هذا اولا وحزب توده لازال يعيش الوهم بانه يمكن المساومة والتسوية مع الأحزاب الطائفية المذهبية وحتى في هذه النقطة لا يفرق حزب توده بين الدين والمذهب ذلك انه واقع تحت هيمنة وسلطة دولة الملالي الطائفية والمذهبية. وموقفه مغاير لموقف حزب مجاهدي خلق الذي يرى ان المساومة التاريخية فاشلة مع كلا التيارين المحافظ والإصلاحي من الملالي. سنحاول الان ان نلخص كل الاطروحات التي جاءت في البيان وكل ما يدور في اذهان الحزب الشيوعي العراقي كما كان يدور في أورقه الجمعيات اليسارية في البحرين وعد، المنبر، التجمع) وبالذات نخص المنبر التقدمي منها الذي انجرف خلف التكتيك والاستراتيجيا التي اتبعتها جمعية وعد في التسوية والمساومة مع الجمعيات الطائفية السياسية وبالذات جمعية الوفاق. عبر مثال تاريخي وبعده سنقوم بالإسقاط على هذه التجربة والاستفادة من درسها على التجربة الإيرانية والعراقية والبحرينية. كمثال سنطرح تجربة الحزب الشيوعي الايطالي هنا (المساومة التاريخية والتسوية التاريخية) المساومة التاريخية وهي سياسية الشيوعيين الإيطاليين المتبناة سنة ١٩٧٣-١٩٧٤ على إثر مراجعة نقدية للوضع العالمي بعد الانقلاب في تشيلي. بهدف ربط (استراتيجيا الإصلاحات) ذات الأصل التولياتي بصفة أكثر عضوية باستراتيجيات التحالفات الموسعة. وقد برز هذا المصطلح في مقالات الأمين العام للحزب (إثر يكوبر ينغوير) فقد حدد هذه الاستراتيجية بأنها (لقاء بين التيارات الشعبية الكبرى في الحياة الإيطالية من شيوعيين و (كاثوليك) عبر عنها الأمين العام (فنحن بصدد تحالفات واسعة جداً أخص خصائصها انها (تكتيكية واستراتيجية) وعضوية في ان واحد الا ان التوازنات فيها معرضة باستمرار للاختلال في اي لحظة نتيجة انفجار التناقضات الاجتماعية التي تتكثف في صلبها). هذا المصطلح (المساومة التاريخية) الذي ظهر في الحقيقة عقب استراتيجيا (الكتلة التاريخية) لجرامشي اثار على الفور عدة تحفظات وانتقادات حتى داخل الحزب الشيوعي الايطالي ذاته. ويرتكز نهج المساومة التاريخية المنتسب للإرث الشيوعي من غرامشي الي تولياتي الذي اعتبر دائماً ( المسألة الكاثوليكية ) والوحدة مع الكتل الكاثوليكية احد الشروط الاساسية لأية هيمنة على المبادئ التالية : أولاً : بعد فشل الوحدة الشعبية في التشيلي وبالنسبة الي إيطاليا فانه لا يمكن حكم بلد رأسمالي متطور ب ٥١ بالمئة من الأصوات وبمجرد تحالف اليسار فقط ومن هنا تأتي ضرورة إيجاد تحالفات اجتماعية أوسع بين الكتل الشعبية الثلاث : الكاثوليكية السياسية الدينية والاشتراكية والشيوعية ، هذه الوحدة التي ستمكن أيضاً من ضم الطبقات الوسطي الي حركة (تحول ديمقراطي ) . ثانياً : في هذا التحالف يحب ( توريط ) (الديمقراطية المسيحية تاريخياً كحزب ) بجرها الي مشروع (ديمقراطي وحدوي ) ، الامر الذي من شأنه ان يمنع إمكانية قيام (كتلة رجعية يمينية محتملة ) وهو ما نفترض كذلك حسب احد التحاليل الضعيفة داخل الحزب الشيوعي الايطالي ولَم يحصل عليه اجماع وهو يتوهم ان تكون الديمقراطية المسيحية قابلة للتغير من خارجها وأنها ليست مجرد حزب يبحث عن السلطة وممثلاً لمصالح الرأسماليين بل هو ( حزب شعبي ) متجذر في منظمات جماهيرية وتخترقه المطالَب الديمقراطية الكبرى ومن هنا اتي الاقتراح الشيوعي في أيار مايو الذي ينادي ب حكومة الوحدة الوطنية لمجابهة وضعية خطيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية وموجة العنف والارهاب . ثالثاً: في إطار هذه الأزمة الرأسمالية المرتبطة بتحول العلاقات بين الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية المتقدمة والعالم الثالث في نضاله من اجل الاستقلال الاقتصادي والسياسي فان استراتيجيا الخروج من الأزمة لا بد لها من ان تمس بنموذج التطور الانتاجي غير العادل وان تغيره، باتباع (بديل ديمقراطي) بدل اليسار (لتجنب التصدع) اي انشقاق البلد الي قوتين يكون قاضياً بالنسبة الي الديمقراطية.


ان المساومة التاريخية لم تطرح على انها مجرد (تكتيك) يضمن الاتفاق بين قيادات الأحزاب بل (كإستراتيجيا) لتحالفات واسعة، تسمح بتدعيم الديمقراطية والطبقة العاملة وبفتح الطريق الي لاشتراكية تعددية فعلاً، في إطار أوربا. ومن هنا قام الحزب الشيوعي الايطالي بتجربة (النقابات الوحدوية) كالوحدة النقابية الإيطالية ما بين ١٩٧٠-١٩٨٠ التي وحدت عضوياً مختلف النقابات ذات الاتجاه (الشيوعي، الاشتراكي، الكاثوليكي) والتي فشلت فشلاً ذريعاً وانتكست. من الناحية السياسية والعملية يبدو ان النجاح الذي احرزه الحزب الشيوعي في الانتخابات البرلمانية ١٩٧٦ ( اذ حصل على ٣٤،٤ بالمئة من الأصوات ٢٢٧ نائباً في البرلمان) جاء مؤكداً لحقيقة سياسة المساومة التاريخية غيرت موازين القوي لصالح الحزب الشيوعي الايطالي ولاقت نوعاً من الاهتمام والصدى عند ( الديمقراطية المسيحية ) الا ان تنامي اعمال العنف والاستفراد الفوقي الحكومي جداً ودون الانتماء مباشرة الي حكومة الوحدة الوطنية من قبل حزب المسيحية للمساومة التاريخية ، تم إقامة البرهان من خلال الوقائع المادية على ان ( الديمقراطية المسيحية) تحتل فعلاً الدولة احتلالاً كلياً وبطريقة غير ديمقراطية وعبر الفضائح للفساد والاصطدام السياسي العميق مع الحزب الشيوعي والاشتراكي . كل هذه العوامل أنهت سياسة (التضامن الوطني) و (الجمهورية التصالحية) التي طالما انتقدها اليسار. وفِي الواقع فان الاستفراد الحكومي من قبل حزب المسيحية للمساومة التاريخية الذي كان يعني بالنسبة الي البعض نقداً حقيقياً وشاملاً لأسلوب حكم ( الديمقراطية المسيحية ) اثار أزمة فعلية في التوجه السياسي للحزب الشيوعي الايطالي ، اعادة التحفظات او العدوات السابقة ، هذه الأزمة التي كانت قوية داخل القاعدة العمالية بالذات وعند الشباب والمثقفين ، رافقه عودة الحزب الشيوعي الايطالي الى المعارضة مع ( النقد الذاتي ) والمراجعة النقدية لكامل السياسة التي فككت ( حزب النضالات ) ( الحزب الشيوعي ) لحساب ( حزب الحكم ) ( الحزب المسيحي ) ومنذ تلك اللحظة اندرج الحزب الشيوعي داخل الإطار الاوسع للشيوعية الأوربية فك ارتباطه مع الحزب الكاثوليكي.

في مقال لرضي السماك وتحت عنوان ( دروس ودلالات فوز سائرون في الانتخابات العراقية ) يعيد رضي السماك طرح المساومة والتسوية التاريخية كما طرحتها قبله جمعية وعد مع الاسلام السياسي الممثل في الجمعيات الطائفية السياسية والذي نظر لهذه التسوية والمساومة التاريخية الكاتب عبدالله جناحي في كتابه الكتلة التاريخية . من اجل ادخال تلك الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين الي (جنة الديمقراطية). بالرجوع الي مقالة رضي إحدى هذه الدروس التي يستخلصها (ولعل تجربة هذا التحالف هي اول تجربة انتخابية عربية تتم في ظل نظام سياسي ديمقراطي تعددي ويكون (عمود خيمته إحدى القوي الاسلامية) ذات الوزن الجماهيري ممثلاً في حزب الاستقامة المدعوم من التيار الصدري، وتشترك فيه قوي وأحزاب مدنية وديمقراطية مختلفة من ضمنها الحزب الشيوعي) إذن هي اول تجربة عربية؟!! تتم في نظام سياسي ديمقراطي تعددي؟!!! وتحت اي مظلة وعمود القوي الاسلامية. لاحظ هنا هو يحاول يضفي التسمية (الاسلامية) بدل القوي الطائفية المذهبية التي تستغل الدين. مع انه يصف هذا النظام في مقاله بانه دولة المحاصصة الطائفية البغيضة؟! التناقض الذي يقع فيه رضي هنا. اما الدرس الثاني عند رضي (أصبح تحالف سائرون رقماً صعباً يحسب لها من الان ألف حساب سواء تم التوافق معه في تشكيل الوزارة المنتظرة كما هو مأمول ام لم يتم لا سمح الله)؟!! هل تسمح المرجعية في العراق او إيران ام لا لم يدخل الكاتب هذا في السيناريو الذي يطرحه؟! فكل الكتل هي كتل طائفية بامتياز وحتى المختلطة يهيمن عليها التيار الطائفي السياسي المذهبي هنا الشيعي بامتياز (الفتح، النصر، الحكمة، سائرون الخ) وهي نفسها التي. كانت تتداول السلطة منذ ٢٠٠٣ في العراق بعد انهيار النظام الديكتاتوري لصدام حسين فجاءت ديكتاتوريات الأحزاب الطائفية المذهبية ومليشياتها فأصبحت (كل السلطة الملالي) ومليشياتها وحتى التيار الصدري له مليشيا بالرغم من انه يطرح بانه تم حلها. اما الدرس الثالث (كتلة سائرون بمثابة نواة قابلة للتطوير والبناء عليها للوصول الي كتلة أكبر هي ما تعرف في الفكر السياسي الحديث ب (الكتلة التاريخية) كرافعة سياسية) هذه التسوية وهذه المساومة هي التي عملت عليها مراكز البحوث والدراسات للإعداد لما سمي بالربيع العربي لإدخال الاسلام السياسي كبديل للتيار القومي واليساري والماركسي ليقود الحراك السياسي في ذلك الربيع الكارثي. طبعاً الرسالة موجه من رضي الموسوي كما يكتب في مقاله (الأقطار العربية ومنها الأقطار الخليجية) يذكرني بالبعث هنا القطر العربي الفلاني لكي يتم اعادة الجمعيات المنحلة ومنها جمعية الوفاق الطائفية السياسية المذهبية لتدخل في الكتلة التاريخية التي طرحها عبدالله جناحي. اما تفسيره لسقوط مدينة الموصل هو خارج التحليل السياسي لذلك الظرف لأنه لم يعي ولَم يطلع ويعلم ان تسليم الموصل للمؤسسة الأمنية (داعش) كان مدروس ومرتب له للقضاء على الاعتصام الذي كان على ما اعتقد في الأنبار من قبل العشائر والقبائل السنية التي أحرجت المالكي فقرر القضاء عليها عن طريق استغلال تلك المؤسسة الأمنية داعش.

لقد تناولنا فيما سبق دراسة تجربة الحزب الشيوعي الايطالي وتحالفه مع الحزب المسيحي الكاثوليكي والذي بينت فشل التحالف ما بين الحزب الشيوعي والحزب الديني الكاثوليكي، وهنا سوف نسلط الضوء على دراسة تجربة الجمعية التي تم حلها (وعد) وكذلك الجمعيات التي انجرفت خلفها كالمنبر التقدمي والتجمع القومي. والتي مارست في نهجها وخطها السياسي التكتيك والذي انبنت عليه استراتيجية خاصة برر هذا التكتيك وتلك الاستراتيجية لتحالف اليسار البحريني مع الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين ففي جمعية وعد سار التكتيك مع الاستراتيجية التي تبنتها وعد منذ انطلاقة المشروع الاصلاحي اما المنبر فصل العلاقة بين التكتيك والاستراتيجية الموجودة في برنامجه السياسي ونظامه الداخلي ما بعد السنوات الأولي في المشروع الاصلاحي بدخوله في تنسيق وتعاون مع جمعيات الاسلام السياسي ونسف الاستراتيجية في احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ لصالح تكتيك واستراتيجية وعد . عبر رفع التنسيق والعمل المشترك والتعاون الى سقف التحالف مع جمعيات الاسلام السياسي؟! كانت لنا ورقة منشورة على موقع التغيير الديمقراطي تحت عنوان (عندما تتجرد الديمقراطية من علمانيتها نموذج جمعية وعد). مهدت جمعية وعد ما قبل الحل في البداية لتكتيك واستراتيجيا فصلته عن الفكر والأيدلوجيا ، حيث ركزت جمعية وعد على ان يتم فصل القضايا والظواهر الاجتماعية الحادثة في التجربة البحرينية عن ( الفكر – الايدلوجيا ) ، بمعني الاكتفاء بالتأثير الحسي المباشر ( للحدث ) او ( الظاهرة ) السياسية وبناء تكتيك واستراتيجية ( لحظية ) يقابله تنسيق وتعاون وعمل مشترك في كل المسيرات والاعتصامات والبيانات والتصريحات المشتركة مع الجمعيات الطائفية السياسية ما قبل احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ اما في خلال احداث ٢٠١١ شاركت في ذلك الحراك وعززت تحالفها مع الجمعيات الطائفية السياسية العلنية والغير علنية في دوار الكارثة . وكان الموقف التكتيكي والاستراتيجي كما ذكره آنذاك نائب الأمين العام لجمعية وعد رضي الموسوي في جريدة الوسط بتاريخ ١٤ أكتوبر ٢٠١٢ كما صرح (عندما يسيل الدم فهناك قانون طبيعي يقول ان لكل فعل رد فعل مساوياً له في المقدار ومضاداً له في الاتجاه، وليخبرنا أحد ان كان هذا القانون لا ينطبق عليه) حيث يبني (التكتيك) على قانون ميكانيكي اي يخص الميكانيك وليس المجتمع والسياسة؟ هنا دون ان ينظر نائب الأمين العام وان يحاول كشف الصلات الموضوعية (الجدلية) للفعل ورد الفعل للحدث والظاهرة الاجتماعية – السياسية. صحفي جريدة الوسط حاول ان يجره الي محاولة الربط هذه عبر سؤال (لكن في الوقت الذي تحملون فيه الحكومة مسألة ازهاق الأرواح على حد تعبيرك فأن الحكومة تحملكم مسئولية العنف في الشارع، وكل طرف بات يبرر موقفه بأنه (رد فعل) على (فعل) الطرف الاخر؟) اجابه نائب الأمين العام (ان الحراك السياسي (السلمي) بدأ التخطيط لمحاولة حرفه لكيلا يكون كذلك) وجه له الصحفي هنا هذا السؤال (من هو الذي خطط لمحاولة حرفه في وجهة نظرك؟) اجابه نائب الأمين العام (هناك تخطيط من أياد خفيه محسوبة على الحكومة) هنا يقوم نائب الأمين العام لوعد بالتعمية والتغطية على التكتيك والاستراتيجية التي اتبعت في ذلك الحراك الطائفي المذهبي بامتياز وعلى التحالف الذي تبلور في ذلك الظرف بين وعد – الوفاق – حق – وفاء – احرار البحرين – خلاص – العمل الاسلامي – مركز البحرين لحقوق الانسان الخ (او ما سمي بائتلاف ١٤ فبراير) والشعار الاستراتيجي (باقون حتى يسقط النظام) وإطلاق (الائتلاف من اجل الجمهورية من على منصة الدوار). هنا كما سوف نذكر بعد قليل تم ربط التكتيك بالاستراتيجية عند وعد وفصلت جمعية المنبر التقدمي التكتيك عن الاستراتيجية المتبناة في برنامجها السياسي ونظامها الداخلي. من دون تصور ورؤية او تقدير لكل الاحتمالات لتطور ومأل هذا الحراك وهذا التكتيك وهذه الاستراتيجية وهذا التحالف الكارثي مع تلك الجمعيات؟! والذي شارك اليسار البحريني فيه. وان كان تحت مبرر (يحتم على اليسار البحريني المشاركة خاصة في هذه (اللحظة الثورية) او (الفعل الثوري) وإلا انه سوف ينعزل عن الجماهير (الثائرة) والحراك المجتمعي؟!

ان تكتيك واستراتيجيا تعويم الايدلوجيا – النظرية والذي اعتمدته جمعية وعد للمساومة والتسوية التاريخية مع الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين ، يأتي في سياق ما ذكره نائب الأمين العام لجمعية وعد رضي الموسوي للصحافة ( كان المرحوم عبدالرحمن النعيمي قد ( وعى ) له مبكراً وقدم وثيقة في سجنه في دمشق في العام ١٩٩٠ بالتزامن مع سقوط دول الكتلة الاشتراكية تناولت مسألة ( تعويم الأيديولوجية ) ويصرح رضي كذلك ( ونعتقد بأن المستقبل ليس للتطرف من جهة وليس ( الايدلوجيا ) التي عومناها منذ اكثر من ٢٢ عاماً ، ووصلنا الي خلاصة العمل السياسي في البحرين يجب ان يكون على ( مبدئين ) أساسيين وهما مسألة حقوق الانسان والديمقراطية ) لذلك نري ونسمع ان كثير من أعضاء وعد ما قبل الحل وما بعده يسمون أنفسهم ( ناشط حقوقي ) بما فيهم الأمين العام السابق ابراهيم شريف ؟! . هنا يتم الربط بين التكتيك والاستراتيجيا عند وعد وحصره في المجال الحقوقي والديمقراطي ( طبعاً الديمقراطية كما تفهمها وعد ( عندما تتجرد الديمقراطية من علمانيتها ) كما يطرحها نائب الأمين العام السابق رضي الموسوي ( ونحن في جمعية وعد من بيننا المتدين وغير المتدين ، المحجبة وغير المحجبة والسني والشيعي ونعتقد بأننا بهذا التكوين نلتقي على مسألة حقوق الانسان والديمقراطية ) هذه كانت الارضيّة والأساس الذي مهد ( لتكتيك ) التحالف مع الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين ومع التيارات والحركات المتطرفة الطائفية كحق وفاء وإئتلاف ١٤ فبراير. الغير علنية. جمعية وعد تستخدم العلاقة (الرفاقية) كبقايا للفكر الاشتراكي (الرفيق الفلاني)، فضمن هذا الإطار وهذا التكتيك فهناك في الجمعية رفاق سنة ورفاق شيعة ورفيقات محجبات ورفيقات غير محجبات وعلمانيات؟! وهنا يعكس نائب الأمين العام لوعد في هذه المقابلة الصحفية ما كان يصرح به أمينه العام ابراهيم شريف ( لا نريد الاصطفاف على أسس ايديولوجية ونحن في وعد لا نري مثل هذه الاصطفافات ونحن ضد اي ( ائتلاف ) سيقوم على أسس ايديولوجية ويكرر في هذا التصريح ( نرفض التحالف الديمقراطي اذا نشأ على جثة السداسي ) هذا التصريح كان رداً على الدعوة التي طرحناها بعد انتخابات ٢٠١٠ والذي دخلت فيه جمعية المنبر التقدمي في تنافس حر مع جمعية الوفاق في الدوائر التي اعلنتها الوفاق دوائر مغلقة عليها وبعد ان فك المنبر التقدمي في ذلك الظرف الارتباط والتنسيق والعمل المشترك مع جمعية الوفاق الطائفية وتم الإعلان في تلك الدعوة عن ضرورة تشكيل الائتلاف الوطني على قاعدة الديمقراطية.

وظفت جمعية وعد كما الجمعيات الآخرى سواء الطائفية السياسية ام اليسارية تكتيك حقوق الانسان ضمن استراتيجيتها في الصراع السياسي وليس الحقوقي؟! واستخدمت مسألة حقوق الانسان في حربها الإعلامية والدعائية والسياسية تحت مبرر انها تدافع عن المجتمع المدني وأنها تدافع عن الوضع الحقوقي والانساني في البلاد. ولكن عبر شخصيات طرحت نفسها مدافعاً ضروساً عن حقوق الانسان (كمعارضة سياسية) وليست حقوقية؟ فهل بإمكان إنساناً مؤدلج دوجمائي (حتى لو ادعت وعد انها عومت الأيديولوجيا هنا) ان تكون تقاريره الحقوقية والسياسية تتسم بالحياد والنزاهة والموضوعية وان يتحرى الدقة في كل صغيرة وكبيرة؟ ومن دون موازنة الأمور ويتفحص مدى مصداقيتها وهل هي مضخمة ام تم تضخيمها، والبحث عن حقيقتها الواقعية غير تلك المكبرة في عدسة رجال الاعلام والصحافة ومنظمات حقوق الانسان، والبعد عن ترويج فكرتها وتظلماتها على انها هي الحقيقة وحدها. اما تقارير الآخرين فتكون مرفوضة رفضاً تاماً، حتى لو تم تشكيل لجان تقص او أوقفت شخصيات مارست تجاوزاً في تلك الأحداث، او اعتذرت الحكومة عن تلك التجاوزات والعمل على التحقيق فيها. بل كان تكتيك واستراتيجية تلك الجمعيات هو استخدام هذا الملف لأغراض (سياسية) وليست حقوقية، عبر استخدام تعبيرات قانونية بشكل متعمد (كتعبير الإبادة الجماعية / العرقية) لطائفة ما. وعبر التزييف طالما هناك مشروع سياسي انقلابي يقف خلف تلك التقارير. وكما ذكر نائب الأمين العام لوعد انهم عوموا الأيديولوجيا والمبادئ هي حقوق الانسان والديمقراطية في الوثيقة التي كتبها عبدالرحمن النعيمي في ١٩٩٠ ، فأن منظمات حقوق الانسان في الخارج تشكلت مع بداية ١٩٩٠ والتي شكلتها هي معارضة المنفي ، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وجدت تلك القوي نفسها تمحور ( تكتيكها واستراتيجيتها ) وعملها في قضايا حقوقية باعتبار ان العالم بدأ يتحدث عن رياح الديمقراطية وحقوق الانسان فكانت هي الراية ( المناسبة للتحالف بين اليسار والتيار الطائفي الذي يستغل الدين ) وهي الأكثر حضوراً ومناسبة على المستوي السياسي ، فصارت المعارضة في دمشق ولندن نفسها معنية بتشكيل واجهات حقوقية – سياسية تستظل حولها وتختفي تحت مظلتها وتعزز التحالف ما بين اليسار والتيار الطائفي الاسلاموي ، ومن قاد هذه المهمة هم الحزبيون أنفسهم والمؤدلجون بمشروعهم وتم عقد مؤتمرات دولية عن حقوق الانسان عالمية الطابع في فينا ( ١٩٩٣) وأبسالا ( ١٩٩٤ ) ، فأن من صعدوا وصاروا يحضرون تلك المؤتمرات هي منظمات حقوقية تابعة لأحزاب سياسية يسارية كانت ام دينية ( طائفية ) . كل هذا (التكتيك – الاستراتيجية) انتقل الي البحرين بعد عقد من عملها في المنفي، وبروح والية معارضة سرية، واصلت عملها السياسي والتنظيمي وكذلك عملت الوفاق كما وعد عبر تشكيل واجهات حقوقية في ظروف المشروع الاصلاحي. أوقع هذا التكتيك – الاستراتيجية التحالف بين اليسار والجمعيات الطائفية السياسية العمل الحقوقي في ورطة ومأزق فتلك المنظمات الحزبية دخلت في تناقض من ان العمل الحقوقي يتطلب الشفافية والمصداقية والنزاهة. فهي منظمات حزبية الطابع ومنحازة لفكرها وجماعتها وسوف تدون كل حالة من حالات الانتهاك وفق أفقها وطريقتها وما يرضي نزواتها. مثل فتح ملف التعذيب محاولة استنساخ تجربة جنوب افريقيا والمملكة المغربية، ونقلها للتجربة البحرينية مع بدايات المشروع الاصلاحي. وتم التركيز على أن النظام عاد لمشاريعه الأمنية. في الوقت الذي كان التكتيك هو عدم المشاركة كلياً او التوافق مع الشرعية الدستورية او مارست تكتيك الدخول في العمل العلني مع اخفاء اجندتها التنظيمية والسياسية للمستقبل هنا احداث ١٤ فبراير ٢٠١١. قائمة على مشروع الوصول الي السلطة بالطرق التي تناسبها وخارج إطار ونطاق المناخ السياسي الانتخابي والنيابي.

ان التنسيق والتعاون والعمل المشترك ومن ثم التحالف ما بين اليسار والتيارات الطائفية التي تستغل الدين استفاد من الانفراج السياسي والهامش الديمقراطي في العمل الحقوقي حيث عملت منظمات حقوق الانسان ( الواجهة لثلاثي تحالف الجمهورية تشاطرهم الوفاق والجمعيات اليسارية عبر منظمات حقوقية جديدة طفحت كالطحالب السياسية ببركة وبفضل هذا الانفتاحٌ الديمقراطي والمشروع الاصلاحي لكي تخفي عملية ادانة العنف والانتهاكات التي تمارسها عناصر تلك القوي المعارضة ( تحالف اليسار مع الجمعيات الطائفية السياسية ) سواء لقذف المولوتوف ، تفجير السلندرات ، حرق الاطارات ، سكب الزيت في الشوارع ، هنا فقدت تلك المنظمات الحقوقية المهنية والاحترافية في تقاريرها ونظرت الي الأمور من منظار احادي ( ادانة السلطة ) ، فالمهم عندهم هو فلسفة الفضح والتحريض في الخارج لكي تكسب تلك المنظمات الحقوقية بتمثيلها ورجالاتها في الداخل والخارج حقوقاً إضافية واستحقاقات مستمرة . ولَم تنظر هذه المنظمات الحقوقية وتقاريرها الى ان من يتحمل مسئولية هذا العنف بالدرجة الأولي هو الفاعل وليس رد الفعل. كما نظر له رضي الموسوي لكل فعل رد فعل؟ وكان التكتيك والاستراتيجية هنا ان الميثاق والدستور والسياسات المتعاقبة في العهد الاصلاحي لم ترق لطموحاتهم وأحلامهم ومطالبهم (ولجمهوريتهم ولدولتهم الولي الفقيه) فانهم عائدون الي المربع الاول اي اعادة انتاج (حلقة المواجهة والتحدي) هنا أصبحت تلك المنظمات الحقوقية الجنين المشوه والطبيعي لمثل تلك النتائج ولمثل هكذا تكتيك واستراتيجيا؟ فهذه المنظمات التي كانت نتيجة لتحالف التيارات والجمعيات الطائفية السياسية مع الجمعيات اليسارية مولود غير شرعي لمثل هكذا تحالف ولمنظمات حقوقية تفتقد النزاهة والحيادية وغير قادرة على الوقوف بين ضفتي النظام والمعارضة وما يدور خارجهما في المجتمع المدني بكل مجالاته. فحقوق الانسان في البحرين وتكتيكها واستراتيجيتها كانت معنية فقط بالانتهاكات السياسية والدستورية اما ما يقع خلف ذلك بالنسبة مثلاً لقضية الأحوال الشخصية فهو شأن لا يهمها بل يخرج اليسار وراء الملالي في تظاهرات ضد قانون الأحوال الشخصية؟


برز تكتيك واستراتيجية التحالف ما بين الجمعيات اليسارية والإسلام السياسي ( الشيعي) لكي يعكس الموقف المكشوف لهكذا تكتيك و بهكذا استراتيجية ، من التعاون والتنسيق والعمل المشترك والتحالف ولكن هذه المرة بدأ على شكل بيانات والتي أصبحت بشكل عام في احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ مصاغة بروح الوفاق تارة ، وبروح اصحاب مشروع ( الجمهورية ) وذلك عبر بيانات منها بيان ( ايّام الغضب والكرامة ) و ( ثورة الغضب ) وهو الذي أشعل هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية بعد التحضير المكثف على شبكة التواصل الاجتماعي وتم إظهار هذا التكتيك على انه حركة شبابية مستقلة على غرار الحركة الشبابية في مصر وتونس . وثانياً تخريب استعدادات الحكومة، للاحتفال بمرور عشر سنوات على مشروع الميثاق، فكان لهذا التكتيك ولهذه الاستراتيجيا بعد سياسي ملموس لمن صمم واختار الْيَوْمَ والتحريض للخروج بصوت مناهض لصوت الحكومة واحتفاليتها المنتظرة. وبدورها وعد ضمن هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية تصدر بيان (وعد تهنئة الشعب المصري) تدعوا الحكم في البحرين الي التعلم من تجربتي مصر وتونس. وتطلب في البيان (كتابة دستور عقدي جديد تضعه جمعية تأسيسية منتخبة يتبعها عقد انتخابات حرة ونزيهة لبرلمان كامل الصلاحيات، وعلى الحكم استيعاب الدرس قبل فوات اوان الإصلاح، كما على الشعب البحريني استثمار هذه اللحظة التاريخية والمنعطف المهم لتشديد الضغط على نظام الحكم لإنجاز حقوقه (المشروعة في الحرية والعدالة) هنا تم تبادل الأدوار بين الجمعيات اليسارية والجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين والجماعات الدينية المتشددة لتشديد الضغط على نظام الحكم. هذا التكتيك والاستراتيجية المغامرة مورست ببيان اخر لوعد (تمر بلادنا بظروف غاية في التعقيد والصعوبة بسبب اصرار الحكم على العودة الي الدولة الأمنية، وإقامة دولة تسلطية ابعد ما تكون عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والنزاهة). وهنا يتم تحول التكتيك والاستراتيجية الي ممارسة في الشارع بعيداً عما هو الممنوع والمسموح، الشرعي وغير الشرعي وذلك عبر الدعوة للتظاهر والتجمع و(الاعتصام بالقوة) مع اخفاء كل ذلك التكتيك والاستراتيجيا (بالسلمية) كما حاء في بيانهم (حق جميع المواطنين في التعبير سلمياً عن آرائهم بمختلف السبل السلمية)، بما فيها حق التظاهر السلمي والتجمع دون معوقات! او استفزازات من قبل قوات الأمن بكل تشكيلاتها وعلى قوي الأمن حماية المشاركين في التظاهرات والتجمعات، وعدم استخدام القوة ضدهم ما دام طابعها سلمياً، كما تدعو المشاركين في التظاهرات الى الالتزام (بالسلوك السلمي الحضاري) اي سلوك حضاري في الشارع المنفلت والغير خاضع للالتزام ولا الانضباط بل هو مكان للتنفيس والغضب والشعب يريد! ويكمل البيان (تدعم جمعية وعد الحق الدستوري الأصيل للمواطنين في التظاهر والتجمعات السلمية بما في ذلك يوم ١٤ فبراير، الذي يصادف الذكري العاشرة لميثاق العمل الوطني ومرور تسع سنوات على صدور دستور ٢٠٠٢ غير الشرعي، بإرادة منفردة دستور جديد غير شرعي. وتدعو الي الشروع في تأسيس دولة القانون والمؤسسات القائمة على المواطنة المتساوية والتوقف عن التعاطي مع الشعب البحريني على انه مواطن من الدرجة الدنيا ) ان تكتيك واستراتيجيا هذه البيانات كان إعطاء الغطاء السياسي والأيديولوجي للجمعيات الطائفية السياسية والجماعات الدينية المتطرفة والتي كانت هي التي تقود فعلا على ارض الواقع هذا الحراك ووظفت هذا التكتيك والاستراتيجيا للجمعيات اليسارية لصالحها كونها تتحكم في صناعة القرارات الاستراتيجية لانقلاب الدوار ، حيث انساقت الجمعيات اليسارية خلف جمعيات وتيارات دينية متطرفة على انها قوي سياسية معارضة للحكومة وحسب ، وهذا كان يسعد تلك الجمعيات المهيمنة في ذلك التحالف ، من دون ان تفرمل وتراجع الجمعيات اليسارية لاحتمالات ولمستقبل ذلك التعاون والتنسيق والعمل المشترك والتحالف الذي برهنت الأحداث على مدي فاجعته الطائفية وجمهوريته الاسلامية ودولة الولي الفقيه وكذلك اجندته الخارجية.

هنا سنري تجربة جمعية اخري من الجمعيات اليسارية وكيف مارست التسوية التاريخية والمساومة التاريخية في تحالفها مع الاسلام السياسي هنا الشيعي؟ وهي جمعية المنبر التقدمي في احداث١٤ فبراير ٢٠١١ والتي تم فيها فصل العلاقة بين التكتيك والاستراتيجيا في برنامجها السياسي في ظل تلك الاحتجاجات كما فصلت في نفس الوقت العلاقة بين المركزية والديمقراطية في نظامها الأساسي. من اجل ان تتماهي للحلف مع الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين وكذلك لتتبني نفس تكتيك واستراتيجية وعد. وكان التكتيك ان يصبغ المنبر التقدمي الصبغة الثورجية اليساروية على الحراك السياسي ببيانات سياسية صاخبة ملوحة بكل انواع التهديد والتحذير والتصعيد لينكشف حجم التآمر والتواطؤ مع الجمعيات الطائفية السياسية والتيار المتشدد في الجماعات الدينية ولينتقل التكتيك التنسيق التعاون العمل المشترك الى استراتيجية التحالف والالتحام في هذا الحراك السياسي وفِي تلك اللحظة السياسية ، فكان البيان الصادر عن مسيرة الوفاء للشهداء بتاريخ ٢٢ فبراير ٢٠١١ ( يستوجب بعد هذه ( الانتفاضة الجماهيرية علاجاً جذرياً وشاملاً وهو هنا يصيغ تكتيك واستراتيجية لانتفاضة ) وليس مجرد مطالب مشروعة او احتجاج ؟!


ويطالب بعلاج جذري وشامل؟!. وفِي مارس ٢٠١١ المكتب السياسي للمنبر يعلن في بيان يحدد فيه موقفه (التكتيكي والاستراتيجي) ليتماهى مع تكتيك واستراتيجية وعد ومع الجمعيات الطائفية السياسية في موقف يتعارض مع برنامجه السياسي ونظامه الداخلي حيث يشير البيان (ان دستور ٢٠٠٢اخل بما نص عليه الميثاق من فصل للسلطات، ويشكل في الكثير من جوانبه تراجعاً عن دستور ١٩٧٣). هذه الاستراتيجية والتكتيك يتعارض مع ما جاء في النظام الأساسي للمنبر في بند (الأهداف والمبادئ السياسية ص ٢ – دعم توجهات الإصلاح والعمل من اجل بناء مملكة دستورية حديثة بما يتطلبه ذلك من تطوير للبنية الدستورية وتوفير مستلزمات بناء دولة المؤسسات والقانون وتطبيق احكام الميثاق الوطني واحترام (سيادة القانون ودستور مملكة البحرين)) هنا لم نجد ورود ان هناك دستور ٢٠٠٢ أخل بما نص عليه الميثاق من فصل السلطات او انه يشكل في كثير من جوانبه تراجعاً عن دستور ١٩٧٣.

وعلى منوال وعد يكسر المنبر الاستراتيجية التي جاءت في نظامه الأساسي (احترام سيادة القانون) ويحاول ان يبرر لتكتيكه واستراتيجيته الجديدة (أكد المنبر على ان اجهزة الأمن هي من استخدم القوة منذ الْيَوْمَ الاول للتحرك والاقتحام الغادر دونما مبرر سوى الرغبة في ارهاب الشعب والانتقام من المعتصمين) بدل أن يرفض او يشير الى ان التحرك والاعتصام خارج نطاق (القانون) هذا تكتيك واستراتيجية متماثله مع تكتيك واستراتيجية الوفاق والتيار التصعيدي والجماعات الدينية المتطرفة. ويطالب البيان (الأقدام على تدابير ثقة باستقالة الحكومة الحالية باعتبارها المسئولة عن الطريق الخاطئ التي أديرت به الأمور في البلاد خلال أكثر من أربعة عقود وتشكيل حكومة انتقالية لإدارة عملية سياسية تؤدي الى (تسوية تاريخية ؟!) قابلة للبقاء، ومبنية على قواعد الملكية الدستورية وما يقتضيه ذلك من إصلاح دستوري شامل) هنا ينسجم (تكتيك واستراتيجية المنبر في المبادئ والاسس والمضمون مع تحالفه مع تلك الجمعيات الطائفية السياسي وتوجهاتها الطائفية والدينية والمذهبية المتطرفة. وهذا يتعارض مع تكتيك واستراتيجية المنبر المتبناة في برنامجه السياسي الصادر في ٢٠٠٥ ص ( ١٥ ) (شخص المنبر الوضع السياسي المركب الناشئ في البلاد حينها ، وقدر ان المشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية تستجيب لشروط العمل السياسي الهادف لاستخدام القنوات المختلفة من اجل طرح القضايا والهموم المعيشية والمطالب السياسية للمنبر ، ومجمل الحركة الشعبية في البلاد والعمل من داخل الاطر القائمة لتطوير ادائها خاصة وان المناخ الجديد الناشئ في البلاد والذي يتميز بالانفراج السياسي وبقدر معقول من الحريات العامة يأتي بعد المرحلة الصعبة التي عاشتها البلاد على مدار عقود طويلة ) . لقد قدمنا رؤية نقدية لهذا التكتيك ولهذه الاستراتيجية في ورقة رؤية نقدية لموقف المنبر من احداث ١٤ فبراير ٢٠١١.

ضمن استراتيجية وتكتيك المساومة والتسوية التاريخية مع جمعيات الاسلام السياسي والجمعيات اليسارية في البحرين سوف نري ان تكتيك واستراتيجية هذا التحالف كيف انعكس ودمر حركة المجتمع المدني ومنظماته المختلفة وأفرز هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية تيارات ومنظمات صارت تدافع عن هذا التكتيك – الحراك السياسي سواء قبل احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ ام بعده واصاب الجمعيات المهنية والنقابات والاتحادات العمالية في مقتل وأبعدها عن العمل النقابي وصراع العمل راس المال ليدخلها في سياسة مغامرو الدوار. وحتى ما قبل الدوار. بحيث وجدت نفسها جميع تلك المنظمات في حالة ارتباك فكري وسياسي ومهني وعمالي. فتحالف اليسار مع الجمعيات الطائفية السياسية الوفاق هنا قبل احداث الكارثة وقد مكن جمعية الوفاق بالهيمنة على الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سواء في اثناء انتخابات هذا الاتحاد ام في العمل النقابي على المستوى العام في البحرين. حيث كان التنسيق والتعاون والعمل المشترك ومن ثم التحالف في دوار الكارثة. مما مكن الوفاق ان تقود الطبقة العاملة في الأيام السلمية من المشروع الاصلاحي، وتربعت على قيادة الاتحاد منذ تأسيسه وحاولت اختطافه كقوة اقتصادية مهمة في المجتمع هذا التكتيك من قبل الوفاق كان يدرك بعكس جمعيات اليسار التي مكنته من هذا الاختطاف يدرك قيمة الاتحاد العمالي كسلاح سياسي في وقت الأزمات ويعرف استراتيجياً كيف ينقل المعركة من المصنع الي الدوار ومن ثمة العودة للمعركة في المصانع والمنشآت مما هيأ الارضيّة لدخول جزء من الطبقة العاملة في صدام (سياسي) ضد النظام. وكان هذا الاتحاد لنقابات عمال البحرين يبصم دون تردد على كل بيان صادر عن ذلك التحالف سواء قبل الأحداث ام بعدها، بعاطفة متناهية وانفعال هائج اما في الأحداث فكان هذا الاتحاد للنقابات في طليعة من يدعون لاستخدام (سلاح الإضراب) العمالي، واستطاع ان يجر جزء من الحركة العمالية نحو حركة الاعتصام في الدوار أولاً ومن ثم نحو المشاركة والدعوة للعصيان المدني. هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية التي مورست في الحركة العمالية من قبل تحالف اليسار مع الجمعيات الطائفية السياسية (الاسلام السياسي) غيبت الحركة العمالية وأبعدتها عن المسئولية التاريخية للنقابيين في البحرين؟ وأدى هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية الي انخراط الطبقة العاملة في تدمير عجلة الاقتصاد بهدف تمرير مشاريع استراتيجية لذلك التحالف المشؤم؟ وغيب هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية لدي الطبقة العاملة وعيها الفرق بين المسئولية النقابية في حقهم المشروع للإضرابات والتفاوض في ظروف سلمية ، والفرق والمسئولية السياسية بزج النقابات والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في معركة ( سياسية ) كالعصيان المدني حول مشروع سياسي من نمط مشروع إسقاط النظام
لم يضع من تحالف من الجمعيات اليسارية حسابات ولَم يستفيدوا من تاريخ الحركة العمالية في البحرين بان العمال سوف يدفعون ضريبة قاسية وسوف يتعرضون لأحكام قاسية بسبب خطورة مواقعهم النضالية المهنية وسوف يسرحون من أعمالهم وكان اليسار في البحرين قبل تشكل هذه الجمعيات اليسارية التي وضعت بيضها كله في سلة الجمعيات الطائفية السياسية وتحالفت معها عبر تسوية تاريخية ومساومة تاريخية في انتفاضة ، ثورة ، موهومة ؟ كانت مسئولية اليسار والقيادات العمالية ما قبل المشروع الاصلاحي في عملها العلني او السري ، المشروع وغير المشروع لا تدعو من اجل إضراب عام الا في الحالات القصوى من اجل ( مطالب اقتصادية ) بل الأدهى هنا في احداث الكارثة قد ضغط اليسار على نقابة البا للإضراب تنفيذ الرغبة الوفاق وحتى عندما تم مساومتهم على الاكتفاء بوضع خيمة في الدوار باسم نقابة البا بدل الإضراب في المصنع علقت يافطة على خيمة البا مكتوب عليها ( شركة البا تتضامن مع المعتصمين وتطالب بإسقاط النظام ) هذا خرق نقابي فرضته مجموعات عمالية تمثل ذلك التحالف وذلك التكتيك وتلك الاستراتيجية . هذه تجربة اخرى تضعنا امام فشل ووهم اي تحالف ما بين اليسار والتيارات الدينية والجمعيات الطائفية السياسية بل ان مثل هكذا تكتيك وهكذا استراتيجية مكن هنا جمعية الوفاق من اختطاف الاتحاد العمالي في ظروف المشروع الاصلاحي المريحة، بل ومررت اجندتها بسهولة في طريقة (تفصيل الاتحاد على مقاسها، عن طريق نقابات صغيرة كارتونية منحت حقاً متساوياً في التصويت وأعطتها وزن مساوي لنقابة البا وغيرها من النقابات الكبيرة والمهمة.

ضمن إطار التدخلات الإقليمية والتدخلات الخارجية كان التكتيك هنا والاستراتيجية لتحالف الجمعيات اليسارية مع الجمعيات الطائفية السياسية يراهن على دول إقليمية بحد ذاتها هنا إيران وكذلك قطر بالضد من دول مجلس التعاون او بالضد من ذراعها قوات درع الجزيرة. اما العالمية راهن على أمريكا في فترة رئاسة اوباما. هل كان التحالف السداسي ما بين اليسار والإسلام السياسي وضمن إطار هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية يفهم التغير في البحرين بذاته، او يفهمه عبر انعكاسه الخارجي، ومواقف القوي الخارجية الإقليمية والعالمية منها؟ هل حاول ان يفهم التغيير كنتاج تكوين اقتصادي طبقي داخلي ام تكوين طائفي داخلي، او كانعكاس لسياسات الآخرين، وللأوضاع الدولية؟ كانت الرؤية والتصور مبني كما كانت تبين كل تصريحات وبيانات جمعيات التحالف اليساري مع الاسلام السياسي هو ما حدث ويحدث فيما سمته آنذاك الربيع العربي وكما سمته إيران الصحوة الاسلامية والتدخل الخارجي في تلك التجارب مصر تونس، اليمن، ليبيا سوريا الخ. هذا يعيدنا الي التحديد الأولي لفهم هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية قبل ان يعيدنا الي مواقف وسياسات: اي يعيدنا الي اولويات عمل العقل عند اليسار البحريني قبل ان يعيدنا الي الواقع والوقائع من مثل بيان الاستنكار والادانة لدخول قولت درع الجزيرة الي البحرين والذي صاغه عن هذا التحالف الوفاق واختارت أمين عام المنبر التقدمي حسن مدن لإعلانه باسم هذا التحالف؟! ضمن إطار المنظور الدولي سوف نلمس (الصراع) بين المحور الذي تنحاز له الجمعيات الطائفية السياسية هنا الوفاق (دول الممانعة والمقاومة) مع إيران وحزب الله ومع تحالف روسيا / الصين في سوريا. ولحد ما كان الشعار في إيران وحزب الله والحوثين هو الموت لأمريكا والموت لإسرائيل؟! فاذاً ظهرت هذه الجمعيات انها في تناقض دولي مع الإمبريالية؟ هذا التحالف بين الجمعيات اليسارية والجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين وضمن إطار تكتيكه واستراتيجيته لم يطرح التساؤل حول ما هي طبيعة هذه (التحالفات) الاقتصادية الطبقية هل هي ضد الرأسمالية؟ ام ضد الإمبريالية؟ ام انه اعادة انتاج للنمط الرأسمالي ام اعادة انتاج نمط دولة المحاصصة الطائفية ونموذجها (إيران، العراق، لبنان) وبالتالي يكون التناقض هو بين إمبرياليات، وليس بين إمبريالية وشعب يريد التغيير؟ وفِي مستوي ثالث عندما انطلقت تلك الجمعيات من ان هناك محاور إقليمية نلمس هنا انها تصطف في تحالف (الممانعة والمقاومة) ضد التحالف الاخر وحسب التفسير الطائفي عند هذه الجمعيات التحالف الشيعي ضد التحالف السني ووضعت نفسها في موقع مضاد للنظم الخليجية دول مجلس التعاون والسعودية خصوصاً. واوضحت انها مستهدفة من السعودية نتيجة تحالفها مع إيران. في كل هذا التكتيك والاستراتيجيا بدت هذه الجمعيات المتحالفة انها في الموقع (التقدمي) ولهذا سيبدو ان على القوي التي تشكلت في ظل الربيع العربي والمعادية للإمبريالية مساندتها ضد الهجمة التي تتعرض لها من قبل السلطة ودوّل مجلس التعاون ومن خلفهم أمريكا. وهو الامر الذي جعل الكثير من اليسار العالمي والعربي يدافعان عن هذا الحراك السياسي والذي سمي بانتفاضة ١٤ فبراير او ثورة ١٤ فبراير في ٢٠١١؟!. هذا التكتيك وتلك الاستراتيجية تنطلق من منظور سياسي ، اي يتعلق بالسياسات والتحالفات والتموضعات في الإطار العالمي اي يتعلق بما هو خارجي ( بالمعني السياسي) او سطحي بالمعني الدارج وتبرز سطحيته هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية من انطلاقها من ان كل تناقض مع ( الإمبريالية ) او ( دول الخليج الرجعية ) او (السنية ) هو تناقض ( تقدمي ) و ( ثوري ) والامبريالية التي هي في مركز النمط الرأسمالي هي الإمبريالية الامريكية والرجعية او السنية التي في مركز دول مجلس التعاون هي السعودية لهذا كل تناقض معها هو تناقض ( تقدمي ) و ( ثوري ) هذا بالضبط ما جعل اليسار البحريني وكل اليسار العربي ( الممانع المقاوم ) يدعم ايران وحزب الله ويتحالف في مصر وتونس مع الإخوان المسلمين وفِي العراق والبحرين ولبنان مع الأحزاب والجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين كما حدث عند منظري حزب العمال الاشتراكي البريطاني (حزب تروتسكي) يَرَوْن في بن لادن وابي مصعب الزرقاوي والاخوان المسلمين وكل الحركات السلفية (الجهادية) قوى (تقدمية) و ( ثورية ) وهذا التكتيك والاستراتيجيا يتجاهل كوّن العالم لا يتشكل انطلاقاً من تناقض احادي ، بل يتشكل من تناقضات كثيرة ، منها ما هو بين الإمبرياليات وبين الإمبريالية وبعض النظم (الممانعة المقاومة) اي التي تتكيف مع السيطرة الإمبريالية (هنا الاتفاق النووي بين ايران وأمريكا ودوّل الاتحاد الأوربي) لكن وفق شروط تجعل هذا التكيف صعباً ، الامر الذي يؤسس لصراع بينها ، من اجل الحصول على مميزات أفضل ومن اجل التمدد والنفوذ والتوسع الذي جنته ايران من اتفاقها مع تلك الدول ونهوض قوى (رجعية اصولية جهادية) ومليشيات طائفية تحتل دول مثل مليشيا حزب الله والمليشيات العراقية وهي موضوعياً خدمت القوى التي تريد تفكيك دول المنطقة من خلال طأفنة التغيير وتعميم الوعي الاصولي والجهادي في الضفتين الشيعية والسنية .


ان التكتيك والاستراتيجية التي اعتمدها تحالف اليسار مع التيار الديني المذهبي الطائفي مركز التناقض في طرف واحد كما ذكرنا سابقاً بين دول الممانعة والمقاومة والامبريالية ودولة الاستكبار والبناء على ذلك في تحديد السياسات والتحالفات يفضي بالضرورة من الناحية التكتيكية والاستراتيجية الي مشكلة، تتمثل في خلط قوى متناقضة في تحالف واحد؟ كما يفضي من الناحية التكتيكية والاستراتيجية الى سوء فهم الصراعات المحلية لأنه يساوي بين القوى التي تناقض هذا ( المركز الامبريالي ) ويوحدها رغم تناقضها العميق ، الذي يبلغ اكثر من التناقض بين محاور ( محور الخير / محور الشر ) وهذا التكتيك وهذه الاستراتيجية ينطلق من سوء فهم للإمبريالية ذاتها لأنه تكتيك ينطلق من ( تعبيرها السياسي ) اي ( من سياسات الدول وتحالفاتها ) وليس من تكوينها الموضوعي الذي يتضمن تناقضات كثيرة متعددة المستويات ( كما هو الحادث الان بين أمريكا والدول الأوربية بما يخص ملف ايران النووي والباليستي ) . هنا نعيد طرح السؤال حول: هل ننطلق من (العالمي) او من (المحلي) في مسألة التغيير؟ طبعاً تحالف اليسار مع التيار الديني الطائفي المذهبي ركز على العالمي كورقة ضغط والدعوة الي التدخل في الشأن البحريني. مع ملاحظة ان هناك ترابط يقوم بين المحلي والعالمي، وان تأثيراً كبيراً يحدث من العالمي على المحلي وهذا ما راهن عليه ذلك التحالف. بدل ان يكون التكتيك والاستراتيجية تتعلق بزاوية النظر بالمنظور المحلي الذي يجب ان تنطلق منه تلك الاستراتيجية وبحكم وجود ميثاق العمل الوطني والمشروع الاصلاحي؟ كان التكتيك والاستراتيجية وضعت في خط سياسي احادي (ان هناك صراع سلطة / معارضة) وتم تعبئة وحشد الرأي العام المحلي والخارجي لكي يَصْب إعلامه كله حول هذا التكتيك من مثل منظمات حقوق الانسان المحلية والعالمية وكما قلنا من قبل هذا منظور سياسي وبالتالي يصبح التمييز هو بين مواقف السلطة ومواقف المعارضة وهنا نصل الي احكام تتأسس على هذه المواقف (من مثل الحوار الذي دار على قناة الميادين بين حسين يوسف ومحمد العرادي) وان الموقف المطلوب الان هو الحكم لآل خليفة والحكومة للشعب؟! والسؤال هو هل المعارضة تعبر بمواقفها عن التغيير سواء بثورتها المزعومة الموهومة ام بوثيقة المنامة الخائبة ام مبادئ اعلان البحرين العامة والتي اخذت هذا المسمى من التجربة للمعارضة السورية (مبادئ اعلان دمشق)). هذا التكتيك يخفي حقيقة ان المعارضة قوى سياسية (وليست طائفية مذهبية) وشخصيات متعددة ومتنوعة وليست كما يدعي حسين يوسف ممثل الجمعية المنحلة الوفاق والذي يحصرها الان في الجمعيتين المنحلتين الوفاق ووعد؟! وهذا التكتيك يخفي أيضاً المصالح لتلك المعارضة من خلف تلك السياسات وهل هي معبرة عن التغيير بدليل انهم في هذه الجمعية المنحلة لا يمتلكون الى حد الان اي تصور لحل كما يدعون أزمة النظام بدل ان يتحدث عن أزمة هذه (المعارضة)؟! وهم خارج الان تلمس عملية التغيير او كما يسميها العرادي بالمستجدات وتغير ميزان القوي ما بعد احداث ١٤ فبراير الكارثية وان هذه المعارضة فقدت تأثيرها ودورها فيها. ولَم يتبقى لديهم كما في المنبر التقدمي والتجمع أيضاً غير التصريحات وبيانات وسياسات عامة تكرر المكرر؟ فلكي تصبح البيانات وإعلان المبادئ والسياسات معبرة عن التغير يجب ان نعرف مدى ارتباط هذه (المعارضة) بالتغيير والدور الذي يمكن ان تلعبه فيه وبالتالي ان تكشف عن اي من المصالح تعبر عنها. وهنا يحاول العرادي ان ينصح معارضة الخارج بتغيير هذا الخطاب ولكنه لا يطرح الحلول والنقد الصريح لتكتيك ذلك التحالف بين اليسار والتيار الديني الفاشل.؟ لان هذا يفتح عليه باب الاقصاء والنبذ من الطائفة؟ ولان هذا الباب يفتح على التغيير، ما هو التغيير المطلوب الان؟ اي من سيقوم به؟ وما هي المطالَب (هم لا زالوا يريدون الجلوس على طاولة الحوار بالرغم من عدم وجود اعتراف رسمي وتنظيمي بهم والمطلب كما ذكر حسين يوسف الحكم لآل خليفة والحكومة للشعب (اي سلطة الملالي) والعائلة الحاكمة تملك ولا تحكم؟! وهم يخفون انهم يعبرون كونهم كانوا جمعية طائفية سياسية تحالفت مع اليسار في دوار طائفي بامتياز طأفنوا منظمات المجتمع المدني ومزقوها على اساس طائفي من اجل انتزاع السلطة وباء الجمهورية المزعومة او دولة ولاية الفقيه؟ بعيداً عن الواقع الموضوعي للطبقات والظروف التي أدخلتها في طرح مطالبها الشرعية (التناقضات الطبقية) وليست الطائفية؟ هذا يتحدد بما هو (داخلي)، (محلي) يتحدد من طبيعة التكوين الاقتصادي الطبقي المحلي (وليس التكوين والمكونات الطائفية). الإمبريالية كما هي عند تيار اليسار هي تجريد نظري وسياسات (المعارضة) هي شعارات تمويهية والموضوع السياسي سواء للسلطة او للمعارضة لا معني له دون معرفة التكوين الاقتصادي الطبقي وطبيعة الطبقة المسيطرة وهذا يجعلنا نميز بين مكونات هذا التحالف الذي تشكل عبر التسوية والمساومة التاريخية بين اليسار والتيار الديني الطائفي المذهبي؟ وهل يعني ان هذا التحالف كما يدعيه هو (تقدمي) و (ثوري) ومعادي للإمبريالية ويقف ضمن (الممانعة والمقاومة)؟


ان تكتيك الانطلاق من المحلي او العالمي سيوضح طبيعة الفكر الذي ينطلق منه تحالف أليسار مع الجمعيات الطائفية السياسية وبالتالي سيحدد موقفها مما يجري على ارض الواقع. وسنلمس بان هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية التي ينطلق منها هذا التحالف هو منظور يقوم على اساس الجغرافيا السياسية اي منظور سياسي من هنا كما جاء في أحد بيانات المنبر التقدمي (بانه يهنئ الشعبين السوري والعراقي بالانتصار على داعش)؟ البيان يتحدث عن (الشعب) وليس عن نظام ديكتاتوري في سوريا مدعوم من إيران ومليشيا عراقية ولبنانية وأفغانية؟ او من التدخل الروسي في سوريا اما العراق مليشيات احزاب طائفية وتدخل أمريكي) كل هذا يغض النظر عنه بيان المنبر التقدمي؟!!. فالموضع الدولي مثلاً لسوريا يتأسس على اساس التحالفات السياسية لها، والانطلاق من منظور سلطة / معارضة كما هو الحادث عندنا أيضاً في البحرين هو انطلاق من اساس سياسي. لهذا تشاهد وترى روسيا كحليف ضد أمريكا وكذلك الصين وإيران ك حليف ضد أمريكا. هنا يتم غض النظر عن واقع هذه البلدان، ولا يأخذ هذا التكتيك بالنظر في طبيعة تكوينها الاقتصادي الطبقي، وبالتالي طبيعة الطبقة المسيطرة فيها، وماهي المصالح التي تمثلها في سياستها المحلية او العالمية. وهذا التكتيك وهذه الاستراتيجية تتناقض مع الجدل المادي الذي ينطلق من الواقع، الواقع الاقتصادي الطبقي. والذي انطلاقاً منه يجري تناول المستوي السياسي (هنا السلطة) و(التموضع العالمي التحالفات الدولية). ولهذا حين يتم تناول مصطلح (الإمبريالية) في خطاب هذه الجمعيات اليسارية لا بد من تحليل طابعها الاقتصادي وطبيعة الطبقة المهيمنة والتشكل العالمي الذي تفرضه، قبل ان تلحظ التناقضات فيه. او تلمس الاختلافات بين القوى (الإمبريالية ذاتها): اي تناقض المصالح بين الرأسمال المالي العالمي. بالتالي حين تناول بلد طرفي مثل سوريا او العراق او البحرين لا بد من فهم التكوين الاقتصادي في ترابطه او تناقضه مع المركز (الامبريالي) و (ليس كما يفهم تحالف اليسار مع الجمعيات الطائفية السياسية ان المهم هو التناقض السياسي الذي ليس بالضرورة ان يعبر عن تناقض في التكوين الاقتصادي، بل ربما ينتج عن تناقض (مصالح) في إطار النمط الرأسمالي ذاته).

كان تحالف الجمعيات الطائفية السياسية مع اليسار في البحرين يستخدم مصطلح الممانعة ( ضد أمريكا ) هو نتاج منظري دولة ولاية الفقيه في ايران وكذلك ربيبها حزب الله ناقلاً هذا المصطلح – التكتيك الى التجربة البحرينية وانه يعبر عن كونه خلاف مع أمريكا وهو في الحقيقة خلاف يتعلق بشروط التكيف ، وليس في رفض التكيف مع الرؤية السياسية للحل للازمة السياسية من المنظور الامريكي لما يحدث في البحرين في فترة اوباما عندما أرسل مالنوسكي ( حقوق الانسان ) للبحرين حيث كانت هذه السياسية تريد ان تضع الارضيّة للديمقراطية التوافقية اي لدولة المحاصصة الطائفية ؟ . هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية توضح المنظور الذي حكم هذه التسوية وهذه المساومة بين اليسار والجمعيات الطائفية حيث توضع (المعارضة) والسلطة عالميا هو اساس تحديد الواقع الاقتصادي، اي يكون السياسي هو محدد الاقتصادي. هذا التكتيك يشوش مسألة الانطلاق هل يكون من المحلي ام العالمي ولا يرى الانطلاق من الاقتصادي الطبقي الى السياسي.. هنا تم إهمال هذا البعد الطبقي وتم الانطلاق من البعد الطائفي ومن الاصطفاف الطائفي سواء كان في البحرين ام في الدول الإقليمية وكانت الجمعيات الطائفية منتشيه من الانتصارات للحرس الثوري الإيراني في بلدان عربية مثل لبنان، سوريا، العراق، الحوثيين في اليمن ومن احداث فبراير ٢٠١١ والتي ستقلب المعادلة وميزان القوى في البحرين؟! دون ان ترى ما هو الوضع الاقتصادي مثلاً في سوريا او العراق او إيران او البحرين وما هو التكوين الطبقي الذي يتأسس على ضوئه؟ ومن ثم لا بد من فهم مدي ترابط او تناقض التكوين الاقتصادي مع التكوين الاقتصادي (الامبريالي) وعلى ضوء ذلك يمكن البحث في أسباب الاصطفاف العالمي والاقليمي، وفهم أسباب التغيير ومعرفة مدي توافقه او تناقضه مع القوى (الإمبريالية) او مع الدول التي يسميها تحالف المعارضة (الرجعية) طبعاً القصد دول مجلس التعاون وبالأخص منها السعودية. فحين يكون سبب التغير داخلياً، سنصل الي استنتاجات وتكتيك واستراتيجيا معينة غير تلك التي يمكن ان نصل اليها إذا كان (الخارج) هو محرك (التغيير) وحينها لا يكون (تغيير) أصلا كما حدث في احداث ١٤ فبراير ٢٠١١. هذا الامر يفرض تحديد التكوين الاقتصادي الطبقي في البحرين قبل احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ وتلمس الوضع الذي يفرض التغيير من عدمه. حيث كان ولا زال ينحكم لميثاق العمل الوطني والمشروع الاصلاحي بالانفراج السياسي والهامش الديمقراطي الذي كانت تتحرك في ظله العملية السياسية ضمن إطار قواعد اللعبة السياسية المتفق عليها بين كل الفاعلين السياسيين. بالعكس من وضع سوريا التي تحكم من قبل فئة عائلية مافياوية وفِي ظل سلطة أمنية بوليسية وارتفاع في نسبة البطالة (من ٣٠ – ٣٣ بالمئة) وتدني الاجور فالفارق بين الحد الأدنى للأجور والحد (الضروري) للعيش هو ١ الي ٥ (الحد الأدنى كان ٦ آلاف ليرة، والضروري هو ٢١ ألف ليرة سنة ٢٠١٠) والاقتصاد المفتوح تحت مسمي اقتصاد السوق الاجتماعي تحول الي اقتصاد. ريعي اي تحول الاقتصاد من اقتصاد منتج الي حد معين في الزراعة والصناعة الي اقتصاد يقوم على الخدمات والسياحة والعقارات والمولات والاستيراد ومن ثم البنوك، وهو اقتصاد يستوعب، بشكل (طبيعي) نسبة ٢٠ بالمئة من القوى العاملة ومن المجتمع، الامر الذي فرض تهميش النسبة الكبرى، التي يمكن ان تصل الي نسبة ٨٠ بالمئة من الشعب وهنا يكون السؤال هل هذا الوضع ينتج تغيير او (احتجاج) لقد حدث الاحتجاج انطلاقاً من هذا الأساس في سوريا. وهو الأساس الذي يجعل اي تحالف بين تيارات لا تمتلك حلاً لهذا الوضع تسقط وتفشل امام الشعب كما حدث في سوريا وغيرها. والتغير في سوريا انطلق وأنحكم لهذا الأساس بغض النظر عن الشكل الذي اتخذه في التغيير. ولكن أيضاً السياق الذي سارت فيه هذا هو الأساس الذي فرض حدوث هذا التغيير ومن ثم يمكن تفسير كل العناصر التي دخلت في أتون الصراع بين الشعب والسلطة. سواء تعلق الامر بالمعارضة، التي يجب البحث في تكوينها ومدى علاقتها بالتغيير ذاته، وسباب سياساتها وميولها لدول مثل دول الخليج ليس اعتماداً على التصريحات، بل انطلاقاً من المصلحة والدور العملي وصولاً الى طلب السلطة الدعم من إيران وحزب الله، وصولاً الى الوضع العالمي وموقف القوي الإمبريالية المختلفة ومنها روسيا.

تكتيك تحالف اليسار في البحرين مع الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين في عملية التغيير لم يلامس الموقف الصحيح من التغيير ولَم يحدد المستويات المتعددة للمحلي والعالمي ولَم يتجاوز الخلط فيما بينها او التركيز على مستوي، وتجاهل المستويات الآخرى ومن هذه المستويات وهو الأساس فيما يتعلق بالتكوين الاقتصادي الطبقي وهل ان التغيير هو نتيجة لتفاقم الصراع الطبقي على ضوء التمايز في السلطة والقوة والثروة في يد أقلية وأغلبية مفقرة؟ ومن ثم يتم تلمس وضع (الناس) وظروف معيشتهم ومقدرتهم على العيش. المستوى الثاني يتعلق بالتعبير السياسي عن الشعب، وهل ان المعارضة هي جزء من الشعب، وتعبر في سياستها وفاعليتها عنه؟ ام انها منعزلة ولا تتلمس مشكلات الشعب، بل تعبر عن مصالح نخب منعزلة؟ المستوى الثالث يتعلق بوضع السلطة، طابعها الطبقي وتكوينها ومصالحها وكيفية حلها للمشكلات المجتمعية. المستوي الرابع يتعلق بالوضع الإقليمي والعالمي وأثر ذلك من الموقف من التغيير؟ في التجربة البحرينية كان القلق هو سيد الموقف منذ انطلاقة المشروع الاصلاحي ما بين الاخفاق والنجاح لهذه التجربة متناسياً هذا القلق ان عملية التغيير والديمقراطية هي حالة من التموجات المستمرة والتي تتصاعد فترة نحو الأفضل وتتراجع فترة نحو الاسوأ في واقع الانفراج السياسي والذي خرج لتوه من تركة ثقيلة ما قبل المشروع الاصلاحي وتحكمه ثقافة القبلية والطائفية وفِي مجتمع مدني وسياسي اختلطت لديه أوراق اللعبة السياسية وقواعدها؟ النظام ادخل الشعب والمعارضة في مناخ الحريات عبر وثيقة ميثاق العمل الوطني ومن ثم اتجه الي المؤسسات (البرلمان) اي نحو الانتخابات النيابية، اما المعارضة فكانت منقسمة من البداية ما بين مقاطع ومشارك لمخرجات المشروع الاصلاحي وركزت على موضوع الدستور المعدل وأسمته بدستور المنحة وطالبت بالعودة الي دستور السبعينات، وهنا برز التساؤل هل تراجعت عملية الإصلاح في جوانب معينة؟ وما مدي وحجم ذلك التراجع وهل ستستمر التجربة الديمقراطية ام ستنتكس؟ هنا كان تكتيك واستراتيجية اليسار انه دخل في تحالف مع التيار الديني الاصولي ومن خلفه الجهادي بما سمي التحالف السداسي تحت يافطة (المعارضة الوطنية) بكل سذاجة سياسية وهمية وعاجلة ومصلحية اسمها التحالف السداسي دون ان يسأل نفسه مع من ومن اجل ماذا لكي يطلق عليه تسمية (تحالف)، لم يسأل اليسار نفسه سؤال أين الارضيّة المشتركة في الفكر والأيديولوجيا؟ أين القواسم المشتركة التي تربط يميناً دينياً طائفياً معادياً ومناهضاً لليسار؟ كان اليسار يفهم التحالف بأنه توقيع بيانات واعتصامات واحتجاج؟! ولَم يسأل نفسه هل فكرة المتناقضات المتصارعة بين تيارين بإمكانها بناء تحالف سياسي حقيقي ومبدئي وقائم على الثقة المتبادلة؟ وانه من الاستحالة بناء تحالف استراتيجي بين طرفين نقيضين في الفكر والتوجهات الأيدلوجية. اذ لا يمكن حتى عقد ميثاق شرف سياسي مع الجانب الرجعي الطائفي الذي يستغل الدين ويعمل بالتقية حتى لو ادعى انه يطالب بالدولة المدنية الديمقراطية في الشكل والطائفية المذهبية الدينية في الجوهر. حيث تم الاستفراد من قبل الجمعيات الطائفية السياسية هنا الوفاق بزعامة هذا التحالف فكانت التحركات والتوقيعات والاحتجاجات تصمم وفق المنظور الوفاقي قبل احداث ١٤ فبراير والإعلان عن مشروع إسقاط النظام والثورة بعد احداث ٢٤ فبراير الكارثية. وتم تهميش اليسار من قبل التيار الديني قبل احداث ١٤ فبراير، بينما أصبح جسراً مطلوباً – انتهازية سياسية – في احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ فتم تحويل (قيادات) الجمعيات اليسارية الى واجهة وسياج سياسيين وظيفتهم هي الغطاء على مشروعية الحركة المعارضة في الخارج والداخل على انها انتفاضة شعبية عارمة تستند الى كل الاطياف والمكونات الوطنية والمذهبية؟!.

الجمعيات الطائفية السياسية مهدت لإضعاف ومن ثم جر تيار اليسار لكي يكون ذيل لها منذ فترة التسعينيات و (كوشت) عليه وسيرته في فلكها مع انطلاقة المشروع الاصلاحي أوهمت جماهير هذا اليسار واليسار ذاته بأنهم فلول (لجبهة التحرير الوطني في البحرين، وفلول للجبهة الشعبية في البحرين وفلول لحزب البعث في البحرين وفلول للحزب الناصري في البحرين. وبالتالي هم لا يشكلون (معارضة) بل هم امتداد لتلك الجبهات ونقطة فوق السطر؟! من مثل التحف الموجودة في المتاحف وكما كان يتم التأكيد ان الجبهة الشعبية وضعت في الثلاجة وان جبهة التحرير تركت لكي (تخيس) من تلقاء ذاتها؟! هذا كان تكتيك واستراتيجية التيار الديني في تعامله مع التيار اليساري لكي يبتلعه ومن ثم يجيره في ميزان القوى مع السلطة ولكن ليحقق اجندة هذا التيار الظلامي القروسطي. في الوقت الذي كان التيار اليساري بحاجة للمسائل العميقة حول كيفية التعامل مع حلفاء الامس من اليسار والبناء على بذور العمل المشترك الذي تبلور قبل ان ترجع المعارضة من الخارج في دمج الاعلام الحزبي اليساري في جريدة واحدة او نشرة واحدة وبناء أسس جديدة تتناسب مع العمل العلني مستفيدين من الارث النضالي والرفاقي القديم ولكن في شروط سياسية وأوضاع سياسية جديدة جاء بها المشروع الاصلاحي. وكان من المهم ان يتوقف هذا التيار اليساري ملياً ويحدد الكيفية في التعامل مع الاسلام السياسي وان يتم تصنيفه فكرياً وسياسياً، لكي يتحدد الموقف منه، وهل يجوز التعامل والتنسيق والتحالف معه؟ لقد استفادت جمعيات الاسلام السياسي وبالذات جمعية الوفاق الطائفية من الانزلاقات والشطحات والتأزيم داخل جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي وجمعية العمل الوطني الديمقراطي ازاء الموقف الواضح من جمعية الوفاق او من الاسلام السياسي بالمجمل السني والشيعي. وصدرت جمعية وعد وكذلك عناصر في جمعية المنبر خطاباً سياسياً يعيدون النظر الي الاسلام السياسي (ككتلة صماء) وبالتالي الحكم عليه من ذلك المنظور؟ بأنه خطا فادح وان المنظرين في تلك الجمعيات كانوا يَرَوْن ان التنظيمات الدينية ليست كلها رجعية وظلامية او اسلاموية او طائفية، وإنما تحمل في جوهرها المواقف الوطنية. لكيلا يتم التشخيص لهوية الوفاق وأيدولوجيتها وفكرها وتركيبها التنظيمي الراهن كامتداد لحزب الدعوة العراقي. لم تقتنص جمعية وعد الفرصة التاريخية عندما رأت بأم عينها كيف تعاملت الوفاق مع جمعية المنبر التقدمي في انتخابات ٢٠١٠ وسحقت الأمين العام للمنبر والمسئول الإعلامي عضو المكتب السياسي في تلك الانتخابات بالرغم من ان المنبر داخل في إطار التحالف السداسي؟! كانت فرصة لجمعية وعد والمنبر لكي ينطلقا مجددا نحو رؤية جديدة للتحالف، يتم فيها إقناع وعد بحقها في بناء تحالفات متعددة من ضمنها تحالف مع اليسار التقليدي بالإضافة مع جمعية الوسط العربي إذا ما اقتنعت بالبرنامج الذي يصيغه اليسار بروح ديمقراطية وخصوصاً عندما طرح عضو المكتب السياسي للجنة إعداد الكادر ورقة عمل لتشكيل الائتلاف الوطني على قاعدة الديمقراطية بعد ان فك المنبر تحالفه مع السداسي. ويترك لوعد حقها ورغبتها في بناء تحالفات خارج هذا التخالف اليساري مع من تشاء بحيث يكون تحالف اليسار جاهز لأي عملية تغيير في العملية الديمقراطية ومسيرتها المتعرجة وأبانت احداث ١٤ فبراير أهمية ان يكون تحالف اليسار وتياره المدني الديمقراطي لقيادة اي تحرك سياسي بعيداً عن التيار الديني الطائفي الاستبدادي.

تكتيك واستراتيجية روح المغامرة والتطرف الثورجية من في التيار الديني الطائفي المذهبي انسحب على التحالف المشكل من التيار الديني الطائفي والتيار اليساري في مسألتين تمثلان قمة التطرّف في احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ هما تكتيك واستراتيجية ( العصيان المدني ) و ( الأضراب العام ) لقد مهدت الوفاق وعبر خطابها السياسي لتكتيك واستراتيجية العصيان المدني والإضراب العام عبر استحضار تجربة المهاتما غاندي في الهند وتجربة جنوب افريقيا وكذلك تجربة مارتن لوثر كنج في الولايات المتحدة من اجل البدء بالعصيان المدني كتكتيك للمقاومة المدنية السلمية او اللا عنف بتعبير غاندي وكان أمين عام جمعية الوفاق المنحلة يكرره في البيانات والمقابلات الصحفية محاولا تطبيق تلك التجربة على البحرين باستغلاله مسألة ( التمييز ) الطائفي بينما كان في الهند وجنوب افريقيا بالذات موضوع ( التمييز ) العنصري ؟ وتحت مظلة هذا التكتيك تحرك هذا التحالف بين اليسار والتيار الديني الطائفي ليبلور (الشرخ الطائفي) و (الفتنة الطائفية) وليتم تسمية هذا الحراك وهذه المعارضة بالمعارضة الشيعية؟ فكذلك فعلت جمعية وعد والمنبر التقدمي عندما طرح أمين عام التقدمي انها ( جماعة سكانية تطالب ) فلقد لعب هذا التحالف بهذه المسألتين بشكل ديماغوجي مستغلاً مفهوم العصيان المدني والإضراب العام ليخدم هذا التكتيك (التمييز الطائفي ) بعكس ما كان حادث في تجربة الهند وجنوب افريقيا او في الولايات المتحدة التي كانت تعاني التمييز العنصري حيث عملت تلك التجارب برفع الوعي بين السكان بجميع طوائفهم وأديانهم لموضوع واحد مشترك هو النضال ضد تسلط نظام الفصل العنصري (الابارتهايد ) حيث تم ربط موضوعة التحرر الوطني والتحرر من التمييز العنصري باعتبار ان الاثنين مرتبطين بنظام استعماري استيطاني ابيض . حيث حركة تلك التجارب في الاشتراك مع تلك الحركة الاحتجاجية المدنية وبذرت تلك التجربة شجرة العصيان المدني الكبرى في تلك البلدان، وأكسبها دعماً دولياً واقليمياً واسعاً تم بموجبه عزل النظام العنصري في المجتمع الدولي والامم المتحدة، الي جانب وحدة الشعب في الداخل من اجل إلغاء نظام الفصل العنصري حيث ارتبطت كل الطوائف في موضوع مشترك يشترط الوعي بطبيعة الأهداف والمصالح المشتركة والتي تخدم الجميع ولَم تذهب تلك الحركات أبداً لمطالب تغيير أسس النظام الرأسمالي. بينما كانت الوفاق لديها كتلة برلمانية كبيرة ١٨ نائب في برلمان ٢٠١٠ وتمارس العمل السياسي العلني وكذلك بقية جمعيات الاسلام السياسي قبل احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ وحيث بان التناقض الحاد بين هذا التكتيك وهذه الاستراتيجية ذلك ان انتهجت مبدأ العنف كنقيض لمنهج اللا عنف وبررت له بشعار (العنف والعنف المضاد) وأضفت عليه جملة (الحراك السلمي)؟! و (التحدي / المواجهة) والذي بدأ يكرس داخل ذلك الحراك التيار الديني المتطرف (وفاء، حق، خلاص) او ما سمي بائتلاف ١٤ فبراير. وفشل هذا العصيان وهذا الإضراب العام منذ البداية لكون المجتمع منقسم على نفسه الي طائفتين فتشكل الفاتح بالضد من الدوار ولَم يكون هناك اي اتفاق على الأهداف والمطالب من الناحية العملية ولا توجد قيادة موحدة لقيادة التغيير تضم النسيج الشعبي وأطيافه بل هيمن على التحالف التيار الديني الاصًولي الجهادي وهمّش دور التيار اليساري في (خيمة يتيمة). بالرغم من ان كلا الضفتين الفاتح / الدوار كانا يرددان الخطابات والهتافات المنددة للطائفية والمؤيدة للوحدة الوطنية. في الوقت الذي كان الدوار يبلور مشروعه السياسي منتقلاً من الاعتصام والتظاهر الي موضوع اشمل بتوسيع دوائر الاعتصام من المنطقة الدبلوماسية الي منطقة المرفأ المالي ، فتم اختطاف مساحة جغرافية استراتيجية وارباك الحركة والحيوية الاقتصادية تحت تكتيك واستراتيجية تحول العصيان المدني الجديد الجزئي الي عصيان واسع بعد ان تم توسيع رقعة حجم العصيان تدريجياً من مؤسسات تعليمية ومعلمين الي موضوع اخطر على الاقتصاد هو الدعوة الي الإضراب العام ، كان التكتيك والذي تم جر التحالف فيه في مواجهة السلطة الرسمية بسيادة سلطة الشارع ( الطائفية الشعبوية) بتشكيل لجان كمقدمة لمرحلة التمسك بالقوانين الرسمية وقفز بمغامرة بعد مغامرة الدوار ، بتكتيك واستراتيجية تم عبرها توسيع الاعتصام وتحوله الي مستوي العصيان والإضرابات ومن ثم توسيع المناطق الجغرافية للاعتصام ومحاولة الهيمنة على الحراك السياسي وفرض سياسة الامر الواقع بالقوة والهيمنة السياسية عبر التحكم في المدن والقرى البحرينية وعبر التحكم بمنافذ تلك المناطق عبر تكتيك العزل والتمرتس ( حرب مواقع ) ومتاريس العصيان المدني عبر الهتاف والشعارات باسقا النظام . كل هذا ولد حالة من الغضب الشاسع لدي أطراف المجتمع ولدى أطراف الحكومة وبلدان مجلس التعاون. والذي كانت نتيجته هو ازالة دوار الكارثة ودخول قوات درع الجزيرة ومن ثم الإعلان عن قانون السلامة الوطنية لمدة ثلاث شهور لنبدأ مرحلة جديدة من الأزمة وباتت الاولوية للأمن ولاستقرار النظام وتمت استعادة مستشفى السلمانية والتدرج في عودة الحياة. هذا السيناريو وهذا التكتيك والاستراتيجية تناست مدى الحكم القانوني الدستوري لتلك المطالَب وذهب مفهوم العصيان المدني والإضراب العام ادراج الريح العنف والتطرف الذي حاولت الجمعيات الطائفية السياسية بتحالفها مع تيار اليسار ان توظيفه في الحالة البحرينية. منطق السياسة عند رضي السماك.

في مقال تم نشره على نشرة التقدمي الالكترونية وتحت عنوان (المنتدى الفكري الخامس ل (التقدمي) وقضايا وحدة اليسار). سوف نناقش رضي السماك في الملاحظات والتساؤلات على الأوراق المقدمة في هذا المنتدى (هل يجوز لليسار الماركسي الخليجي إذا ما أراد توحيد وتقوية صفوفه ان يتم ذلك بمعزل عن استشراف صيغ وأطر من التعاون الحقيقي مع قوى اليسار الآخرى من قومية مختلفة وقوى وعناصر وطنية ليبرالية وديمقراطية). (ولعل الحديث عن نهوض ووحدة اليسار في الخليج لا يستقيم أيضاً دون ربطه كمستلزمه ضرورية من مستلزمات هذا النهوض بمسألة العمل المشترك مع قوى ورموز المعارضة الاسلامية التي تتبني النهج السلمي للتغيير والإصلاحات السياسية في ظل تمتعها بنفوذ جماهيري هائل منذ انحسار اليسار وذلك من اجل إيصال صوته وتأثيره في صفوف وقواعد تلك القوى وهي مسألة وان ما فتئت شائكة في ظروفنا الراهنة الا انه ينبغي تدارسها ببصيرة، وبعد نظر وتحتاج منا الى وقفة خاصة مفصلة). إذاً المطلوب في الحديث عن نهوض اليسار ووحدة اليسار في اللحظة الراهنة الى حصر الرؤية في هدف سياسي وحيد، واعتبار اي ميل لطرح رؤى واهداف اخرى يقود الي التشويش وتفكيك (استشراف صيغ وأطر التعاون الحقيقي او العمل المشترك او التحالف) والذي يصوره رضي السماك على انه ممكن وضروري وخصوصاً مع الاسلام السياسي ورموز المعارضة الاسلامية والتي كما يتوهم رضي السماك تتبني النهج السلمي للتغيير والإصلاحات السياسية؟! وبالتالي تتقزم السياسة والنهوض لليسار ووحدة اليسار الى ان تكون مجرد (تكتيك يمارسه هذا اليسار) لتضيع هنا تمايزات التيارات السياسية بين التيار الماركسي والقومي والليبرالي والإسلاموي (التيار الطائفي السياسي) وتضيع الاختلافات بينها وتغيب (تناقضاتها). ولينهض يسار موحد يتناول قضية واحدة هي (التنسيق، التعاون، العمل المشترك، التحالف) يعني اعادة المعاد وتكرير المكرر (التجمع السداسي، او الرباعي)، هنا كل ما يحاوله رضي السماك هو ان يعطي التبرير النظري لإعادة اليسار الماركسي الخليجي (كما تم تسميته في هذا المنتدى) الي ان يلعب دور الغطاء السياسي للإسلام السياسي او ادخال هذا الاسلام السياسي الطائفي بامتياز الي جنة الديمقراطية، ولتصبح كل القوى ذات (لون واحد). وبالتالي تضيع المسافة بين رؤية اليسار الماركسي التي تعني تصور للواقع في مجمل مستوياته ، وتضيع الأهداف العامة لليسار الماركسي والذي يسعي لتحقيقها من اجل المستلزمات الضرورية للعمل المشترك مع قوى ورموز المعارضة الاسلامية اي لمصلحة إلغاء الرؤية لليسار الماركسي الخليجي وتضخيم الهدف الذي يطالب به رضي السماك ( العمل المشترك ) تحت حجة ان الاسلام السياسي الطائفي الذي يستغل الدين ( تمتع بنفوذ جماهيري هائل ) ( منذ انحسار اليسار ) وان اليساريين ليس جيلهم اليًوم وقد هرمنا وخط المشيب شعرنا ) ، كل هذا يقود – في الواقع – الي محاولة إيهام اليسار الماركسي الخليجي الي انه عاجز عن تحشيد القوى ذلك انه يغيب عن رضي السماك ان تأسيس القوى الفاعلة يستند الي الرؤية ومجمل الأهداف ( اي طرح هذا اليسار الماركسي الخليجي الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ) هي بالضرورة تختلف تماماً عن رؤية ما يسميه رموز المعارضة الاسلامية التي تتبنى النهج السلمي للتغيير والإصلاحات السياسية . ولليسار البحريني تجربة خاصة ارتكبت فيها اخطاء فادحة في حق الشعب مع هذا الاسلام السياسي سواء الاصولي منه او الجهادي ما قبل وما بعد احداث كارثة الدوار. ان تركيز رضي السماك على المستوي السياسي يعني انعزال عما هو مجتمعي. وهنا فأن رضي يتوهم ان دخول اليسار الماركسي في عمل مشترك مع المعارضة الطائفية السياسية (الاسلامية) يمكن قوى اليسار من اجل إيصال صوته وتأثيره في صفوف وقواعد تلك القوى؟! وهو نفس التبرير الذي ساقته القيادة السياسية في المنبر التقدمي للمشاركة في الحراك السياسي في كارثة الدوار؟! والمضحك المبكي هنا في ظل تلك الأحداث لما تم تقديم سؤال لنائب الأمين العام عبد النبي سلمان في اجتماع المكتب السياسي هل تم اكتساب عضوية جديدة من هذا الحشد الموجود في الدوار اجاب حصلنا على عضوين جديدين؟! هنا نقع في اشكالية منهجية، تتمثل في الاولوية التي تحظى بنهوض اليسار الماركسي الخليجي هل هي العمل المشترك مع رموز المعارضة الاسلامية؟ ام هي بناء الرؤية وتأسيس حركة مجتمعية فاعلة؟

عند رضي السماك

هل الاولوية الان لمسألة العمل المشترك مع قوى ورموز المعارضة الاسلامية؟ ام الاولوية هي بناء الرؤية وتأسيس حركة مجتمعية فاعلة؟ في الشق الاول من السؤال فان رضي السماك يري ان الاسلام السياسي يتمتع بنفوذ جماهيري هائل منذ انحسار اليسار وهنا بعكس ما يراه رضي السماك ان الاولوية تفترض اعادة بناء الرؤية وفك الارتباط مع قوى ورموز المعارضة الاسلامية ففي ظل هذا الانحسار لليسار تلاشت كل التعبيرات الفكرية الطبقية التي تمثل سواء اليسار الماركسي الخليجي او الاتجاهات القومية او الليبرالية فيما عدا الاسلام السياسي اي الجمعيات الطائفية السياسية بكل تلاوينها والذي سماه فؤاد سيادي ( الاسلام السياسي المسيطر ) ويسميه هنا رضي السماك ( يتمتع بنفوذ جماهيري هائل ) والذي بدا انه يسيطر على مجال التعبير السياسي و الاصولي – الجهادي ولهذا يكون من الضروري لاستنهاض اليسار الماركسي الخليجي اعادة الروح لتلك التعبيرات الفكرية والسياسية الطبقية ( الغير طائفية ) الان ؛ لان السيطرة على مجال التعبير السياسي من قبل جمعيات وقوى ورموز المعارضة الاسلامية ( هنا الطائفية ) تبعت انهيار كل الاتجاهات الفكرية والسياسية اليسار الماركسي الخليجي والقومية والوطنية العامة ومهد الارض وخلق هذا الفراغ الفكري والسياسي لعودة ( الوعي الديني – الطائفي ) في المجال السياسي . لهذا بدا لدى رضي السماك ان للقوي والرموز المعارضة الاسلامية ( الاسلام السياسي ) دوراً أساسياً في مواجهة النظام وأصبح ينظر اليه ، من هذه الزاوية فقط : اي بتجاهل رؤيته الكلية ومشروعه ( التاريخي ) الذي ينتح من تاريخ الطائفة ، وإجابته عن سؤال التقدم او ( التطور ) او عن ما يسميه رضي للتغير والإصلاحات السياسية وعن شكل الديمقراطية التي تراها هذه القوى وتلك الرموز المعارضة الاسلامية وبالتالي كل ما يراه رضي السماك هو (بعقد مصالحة معه)  و ( اعادة العمل المشترك معه ) او مع احد أطرافه والذي يسميه كما يتوهم رضي السماك ( يتبني النهج السلمي للتغيير ) . كل هذا يؤدي الي إلغاء (الذات: اليسار الماركسي الخليجي) ويصبح هو والتيارات القومية والوطنية ملحق وتابع وذيل لتلك القوي الاصولية او الجهادية وذلك بحجة ان تلك القوي تتمتع بنفوذ جماهيري هائل او انها في مواجهة مع النظام يقتضي العمل المشترك معها وتفرض عدم تقديم تصور متكامل لليسار الماركسي الخليجي، كما تفرض عدم اللجوء الي نقد هذا التيار الاصولي – الجهادي، لان ذلك يوجد تحسسات تمنع العمل المشترك الذي هو من وجهة نظره ضرورة. إذا أراد اليسار الماركسي النهوض من انحساره وهنا نصل الي نتيجة هذا المنطق السياسي لدي رضي السماك الامر الذي يبقي المشروع المجتمعي الوحيد المطروح هو المشروع الذي يقدمه الاسلام السياسي بمختلف تلاوينه. والذي لن يحقق لا التطور الاقتصادي الاجتماعي ولن يأتي بالديمقراطية: لان واقعه يقول انه يسعي لتطبيق قوانين، تخص الاقتصاد والمجتمع والأحوال الشخصية والسياسية تبلورت منذ ما يقارب الخمسة عشر قرناً.

 عند رضي السماك 

الطابع الطبقي لليسار الماركسي الخليجي. هنا يطرح رضي السماك تساؤلات على ورقة حسن مدن في ذلك المنتدى عن الطابع الطبقي لليسار الماركسي الخليجي حيث يسأل رضي السماك (ثم اي طبقة عاملة بات اليسار الخليجي معنياً بتمثيلها لها او يتطلع الى ذلك؟ هل هي الطبقة العاملة المعروفة اليًوم واقعاً بكامل تعدديتها الاثنية والقومية الوافدة او المجنس بعضها في بعض البلدان الخليجية ام تلك التي كانت تشكل غالبيتها العظمي من المواطنيين عشية استغلال معظم هذه البلدان ثم انقلبت الآية كما هو معروف للجميع رأساً على عقب في بحر عقود قليله فقط منذ نيل استقلالها؟

هنا يحاول رضي السماك وعبر طرح هذا السؤال الى ان ينزع الطابع الطبقي عن اليسار الماركسي الخليجي عن كونه حزب الطبقة العاملة وان الوضع الان قد تغير ويستخدم أسلوب التفكيك لهذه الطبقة العاملة الخليجية او البحرينية كما يرد في مقاله ( بكامل تعدديتها الاثنية ، والقومية ، والوافدة ، او المجنس بعضها ) حيث يقوم كما فعلت رموز المعارضة الاسلامية بتقسيم واستقطاب طائفي واثني وعامل بحريني اصلي وآخر بحريني مجنس وآخر وافد لكي يتم نزع السلاح الذي تملكه الطبقة العاملة البحرينية او الخليجية وهو ( وحدتها ووعيها بمصالحها الطبقية المشتركة مع اليسار الماركسي الخليجي المؤسس للوعي المطابق لمطالب ومصالح الطبقة العاملة . وهذه العلاقة فكر يساري ماركسي خليجي / طبقة عامله في علاقة حميمية رفاقية لأنها ترتبط بالهدف النهائي للطبقة العاملة في ظل صيرورة التطور في المشروع الاصلاحي، حيث هذا اليسار الماركسي الخليجي لكي ينهض لابد ان يؤسس الوعي المطابق لمصالح ومطالب هذه الطبقة في إطار تحركها الراهن وفِي إطار السعي لتحقيق التحول الديمقراطي في المشروع الاصلاحي من هذا المنطق، سيبقي اتحادهما حاسماً. وهذا ما وعته جمعيات الاسلام السياسي بحيث فكت الارتباط بين الطبقة العاملة واليسار الماركسي وقامت بحرف الصراع من طابعه الطبقي ليتمظهر طائفياً وعبر الهيمنة على النقابات والاتحادات العمالية (الاتحاد العام لعمال البحرين). بالرغم من ان الطبقة العاملة واليسار الماركسي يمكن ان يحققا مهمات التحول الديمقراطي في إطار تحالف (طبقي / سياسي). بمعني ان المهمات المطروحة هي مهمات ديمقراطية لا تقود الي توسع الأساس الطبقي لليسار الماركسي الخليجي – بل يفرض تأسيس شكل اخر هو العمل المشترك او التنسيق او حتى التحالف مع تيارات قومية او ليبرالية ولكن بعيداً عن الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين. وإذا كان تغير التكوين الطبقي في البلدان الخليجية كما يراه رضي السماك لغير مصلحة الطبقة العاملة هو الذي فتح طرح الأسئلة لديه حول هذه المسألة فأن هذا التغيير الذي احدثته جمعيات الاسلام السياسي هو الذي سد أفق تحقق التحول الديمقراطي في هذه الدول وبالتالي قاد الي متاهات هذا اليسار وهو الذي يطرح الان أهمية استنهاض هذا اليسار بدل ان يتم طرح شعار عام كشعار المؤتمر الثامن للمنبر التقدمي ( تحول يحمي حقوق المواطنين ويستنهض الحياة السياسية ) وهنا السياسية تفهم بشكل عام لان المنبر وكتابه في جريدتهم يطرحون أيضاً عودة الحل السياسي الشامل ؟ اي العودة باليسار الي احضان رموز المعارضة الاسلامية كما يراه رضي السماك كمستلزم ضروري؟! نعود ونكرر المشكلة هنا امام هذا الطرح هي مشكلة انسداد أفق اليسار الماركسي الخليجي وبالتالي سيستمر الضياع في متاهات الاسلام السياسي مما يفرض وضوح الطابع اليساري الماركسي الخليجي للجمعية السياسية والتي تسعي لتحقيق التغيير ويتحقق ذلك عبر تحول الجمعية الى معبر حقيقة عن الطبقات الشعبية وطليعتها الطبقة العاملة بعكس ما يراه رضي السماك. فهنا يقبع الأساس الطبقي الضروري لكي يكون يساراً ماركسيا حتى وهو يسعي لحماية حقوق المواطنين والأهداف الديمقراطية الراهنة.

المراجع: –

  • كتاب الصراع الطبقي في سوريا للكاتب سلامة كيلة
  • البحرين الربيع الرمادي للكاتب بدر عبدالملك