حول المقابلة التي جرت بين جريدة الوسط وأمين عام وعد فؤاد سيادي. تحت عنوان ( أمين عام وعد مطالبنا ليست ملكنا والإسلام السياسي مسيطر ). في بيان سابق لجمعية وعد بأنها ضد الدعوة العلمانية التي تؤكد على فصل الدين عن الدولة.
وهو ما يؤكده هنا أمين عام وعد بان الاسلام السياسي مسيطر والنموذج هنا هو جمعية الوفاق التي تم حلها. وهو عبر هذه المقابلة يدافع دفاع مستميت عن هذه الجمعية وعن ضرورة إرجاعها الي الساحة السياسية، وان عدم إعادتها سيقود الي خلق خط انقسام داخل الحركة الديمقراطية؟! موصلا المسالة الي ان من يدعو الي عدم اعادة هذه الجمعية الي الوضع السياسي فانه يَصْب في التخندق والاستقطاب. وتعمق أزمة الثقة. وكما كانت تري وعد في بيناتها بان من يطرح فصل الدين عن السياسة هو من يحاول إيجاد أزمة ثقة ضمن الحركة الديمقراطية. بمعني ان هذا الربط بين العلمانية والإسلام السياسي المسيطر في الظرف السياسي في البحرين قاد وعد كما هو عند فؤاد سيادي الي موقف ( ديمقراطي ) لا تحمد عليه يقوم على مبدأ اما مع تصورنا حول المسالة الديمقراطية، او توضع في خانة النظام؟!! دون ان تفهم الديمقراطية على أساس انها توافقات لقوي مختلفة وأحياننا متناقضة من اجل تحقيق هدف مشترك. وبالتالي فهي تقوم على التعدد والتناقض وليس ( سيطرة الاسلام السياسي ) والذي يطلب من خلاله ( التماثل ) الذي يدعو اليه فؤاد سيادي ومعظم المعارضين في البحرين. وهو الموقف الذي يوضح الي اَي مدي تحولت الديمقراطية الي ( ايدولوجيا ) عند وعد بالرغم من انها تدعي بأنها عومت الأيدلوجيا؟!! حيث بات كل من يشير الي الديمقراطية وحتى لو كان اسلام سياسي او جمعيات شعبوية متطرفة طائفية هم ( ديمقراطيون ). دون البحث العميق في تكوينهم ومنطقهم وممارساتهم ودون رؤية كل القضايا الاخرى ( العنف والميل الي الاٍرهاب ) او عدم اعترافهم بقانون الأحوال الشخصية. من دون ان يتم تقييم لهذه التنظيمات لمعرفة ما هيتهم وتحديد الأهداف التي ( يقاتلون ) من اجلها، والأيدلوجية التي تحكمهم وبالتالي هل يفيد في الصراعات السياسية او يضر؟ فقد افتعلت هذه الجمعيات صراعا طائفيا فرض تحول الحراك السياسي الي صراع سني / شيعي. وكان يحاول ان يفرض سلطة يجلبها من أحط القرون الوسطي نموذجها واضح في العراق وإيران فهي لا تختلف عن الدولة الاسلامية لداعش الا في الدرجة
عبر التسوية التاريخية مع الاسلام السياسي منذ فترة التسعينيات والتي مهدت لها الارضيّة الجبهة الشعبية ( ألان جمعية وعد )، والتي ادخلت الاسلام السياسي بكل اطيافه وتلاوينه في جنة ( الحركة الديمقراطية ) والتي تم من خلالها شطب العلمانية واليسار الذي يدعيه الأمين العام الحالي فؤاد سيادي. كضرورة لا بد منها لهذا التنسيق والذي أرتقي الي مرحلة التحالف منذ احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ في البحرين. والذي تم في كل الجمعيات المسماة ( الوطنية الديمقراطية ) بالتخلي عن كل البرنامج الديمقراطي ( الحقيقي ) ممكنا، الامر الذي أدي الي ( ديمقراطية ) الطوائف، ( ديمقراطية الأغلبية الشيعية والأقلية السنية ) فقد كانت اجابة الأمين العام لوعد فؤاد سيادي على سؤال الصحفية في جريدة الوسط عن الديمقراطية التوافقية ( في إحدى ندوات جمعية وعد الاخيرة طرحت فكرة الديمقراطية التوافقية او الأغلبية فالي اَي منها تميلون في وجهة نظركم؟ ) الإجابة ( الديمقراطية التوافقية ( قد ) تصلح لبعض المجتمعات التي تعاني انشقاقا حادا في مكوناتها المجتمعية وهي المرحلة التي لا اعتقد اننا قد نصل اليها في البحرين، …. ). ماذا عن ( الشرخ الطائفي ) ؟!! وماذا عن طرح جمعية الوفاق وتمسكها بالديمقراطية التوافقية؟ حيث يتم تفكيك المجتمع الي كتل ( طائفية ) ولان الهدف الوحيد في الست سنوات الماضية هو ( إنهاء النظام ) وعبر شعار ( باقون حتى يسقط النظام ). فقد قاد هذا الامر الي القبول بالقوي المهيمنة ( الاسلام السياسي المسيطر ) الرافضة للعلمانية ولمبدأ المواطنة، وكانت مع التمييز بين للمواطنين، وأوجدت الارضيّة لتعميق التفكك الطائفي؟ لكنه في المقابل تم شطب القوي العلمانية( وايضاً اليسارية ) لأنه لا يريدها ان تعد ان العلمانية هدف ملتصق، بالديمقراطية، ولن تتحقق الديمقراطية، ان لم تكن علمانية، الا إذا كانت على شاكلة ( الديمقراطية التوافقية اللبنانية والعراقية ) وبالتالي فهو يدمر الديمقراطية ذاتها! هنا نلمس كيف ان احادية ( التكتيك ) لدي ما بات يسمي الان ( التيار الوطني الديمقراطي ) فرضت تدمير الحركة الديمقراطية والتي تبلورت مع اليسار في فترة التسعينيات عبر العرائض الشعبية، والتي كانت متعددة ومتنوعة وتمثل تيارات فكرية مختلفة واليسار هو محركها، وايضاً تمثل مصالح طبقية متنوعة، بالعكس حراك ١٤ فبراير ٢٠١١، والذي أنتج حركة ذات لون واحد وتحت شعار واحد بالنسبة لوعد هنا ( حقوق الانسان والديمقراطية ) وهذا ما جعل هذا التحالف مع الاسلام السياسي وتحت غطاء ( الديمقراطية ) وجعل أيضا كل البرامج والتصورات ومقالات المثقفين، تتمركز علي مسالة واحدة هي ( الديمقراطية )، لكن دون ان يتوضح معني الديمقراطية المنشودة هنا ودون ان تطرح كما جاء لاحقا ( الديمقراطية التوافقية ذات المحاصصة الطائفية )، بل تم القفز علي البرنامج السياسي والنظام الأساسي لدي تلك الجمعيات وأصبحت بين ليلة وضحاها ( غير ديمقراطي ) وتم فرض على الأقليات المعارضة في تلك الجمعيات بانه يجب الاصطفاف في هذه الخانة فقط، وإلا بات يخدم النظام ، هذا هو الشكل الديمقراطي الذي ساد ويسود الي الان في تلك الجمعيات. هنا تم وضع تصور غريب ( للحلقة الرئيسيّة ) والتي يجب ان تمسك بها الجمعية السياسية في الوقت الراهن وهي التي لا تزال تحكم كل السجال البحريني، حيث تحديد ( التسلط ) كمشكلة، والتأكيد على مواجهته كما تطرح جمعية وعد، وبالتالي طرح الديمقراطية، كبديل، يفرض ان نتجاهل كل القضايا الاخرى، وان نتناسى كل الخلافات في إطار ( الحركة الديمقراطية )، ونشطب كل الطابع الطبقي والفكري ( للجمعيات الطائفية السياسية او لفئة الملالي التي تتحكم بها)، من اجل التركيز على ( الحلقة الرئيسيّة ) لتتأسس حركة ذات لون واحد. فكل ما لدي الأمين العام لوعد فؤاد سيادي هو ملاحظات وبعض التقاطعات مع الوفاق ؟!، ليجري القفز عن مشكلات الطبقات الاجتماعية، وعن الرؤي المتناقضة التي تسم القوي المناهضة لكل أشكال التسلط، وحيث في هذا الوضع ينتصر الوعي السائد الذي هو ( الوعي الطائفي او الوعي الديني ) المصاغ سياسيا وأصوليا، لأنه موجود في الواقع، ويمتلك ( الأحكام الشرعية ) المنجزة والفتاوى حسب ما يقتضي شكل الصراع ما بين ( السلطة / المعارضة ) حيث تميل القطاعات الشعبية الي الالتحاق به، لأنه البرنامج الوحيد الشامل الموجود.
من خلال رد فؤاد سيادي على أسئلة الصحفية في جريدة الوسط وبالذات في رده على سؤال (بعد حل جمعية الوفاق كيف تري مسار العمل السياسي؟ ) كانت الإجابة ( لا يعتقد من أوعز باتخاذ قرار ابعاد جمعية سياسية مثل جمعية الوفاق عن المشهد السياسي العلني بانه سيكون مرتاحا أكثر. ) وهو يطرح بأنهم رفعوا شعار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، كما كانت جمعية الوفاق تدعي طرح هذا الشعار. ان فؤاد سيادي يحاول كما حاول بعض المثقفين والسياسيين سواء في البحرين او خارجها، ان يميزوا بين العلمانية كدعوة ايديولوجية والعلمانية كعملية موضوعية، ليعد ان العملية الموضوعية هي طويلة المدي كما يطرح فؤاد سيادي ان الدولة كما وعد هي في حاجة لجمعية الوفاق وان ( الوضع السياسي اذا قارناه بالوضع قبل عامين او قبل حل جمعية الوفاق يكتنفه بعض المتغيرات السلبية لا الإيجابية الخ )، وبالتالي فان جمعية وعد وامينها العام الحالي يصل الي ان الدعوة الأيديولوجية ( التي تعني التأكيد علي ضرورة العلمانية الان والتي تطرح في وجه الاسلام السياسي المسيطر، فان هذا الامر يجعل هذه الدعوة تقوم علي تضييق ( يحجب الأبعاد الفكرية والحقوقية والعدالة الخ للمبدأ العلماني ) عدا انها تقوم علي الاقصاء للإسلام السياسي المسيطر، بكل تلاوينه. لكن الا تقوم الحركات الاسلاموية او الاسلام السياسي علي مبدأ الاقصاء؟ ان العلمانية التي تقوم علي مبدأ الفصل بين الدين والدولة، كما ان ( الديمقراطية ) ذاتها التي تبدأ من المواطنة، تفرضان ان ينظر الي ما يسميه فؤاد سيادي الاسلام السياسي المسيطر، بكثير من الدقة والحذر، لان هذا الاسلام السياسي المسيطر يقوم أساسا علي حصر الدعوة في الإطار الاسلامي وهنا المذهبي والطائفي منه اولا، الامر الذي يوجد مشكلة مع المذاهب والطوائف الأخرى وكذلك مع الأديان الاخرى، ثم ان توضيح حدود الاسلام في ( تيار ولاية الفقيه ) عند الوفاق اَي وفق منطقها يفرض طرد التيارات الأخرى كما حدث مع تيار السفارة علاوة علي طرد الأقلية الدينية الأخرى، اضافة الي ان تحول الاسلام الي ايديولوجيا عند جمعيات الاسلام السياسي سواء الشيعي او السني منها يفرض طرد ( الملحدين ) منها كما هي مقولة المرجع الديني للوفاق الشيخ عيسي قاسم ( عدم تمكين حكم غير المؤمنين من حكم المؤمنين ) الذين هم كل القوي الحداثية، اَي القوي ( الديمقراطية ، العلمانية ، اليسارية ، الاشتراكية )، لان الدعوة هنا تقوم علي ما هو اقدم من مبدأ المواطنة، اَي مبدأ المذاهب الدينية او الملل او الطوائف، الامر الذي يوجد تمييزا أساسيا بين المواطنين، وهذا مناف ( للديمقراطية ) من الأساس، لأنها تقوم علي مبدأ المواطنة، وإذا لم يجر بناء ( الديمقراطية ) علي هذا المبدأ، فان كل ما يمكن ان يتحقق هو ( ديمقراطية الطوائف ) حيث أساس ( اللحمة ) الدين او الطائفة، وحيث الأغلبية هي الأغلبية الدينية او الطائفية وهنا الأغلبية الشيعية مقابل الأقلية السنية كما تنظر اليها وعد. من هذا المنطلق، لا يجوز الانطلاق من هذا التكتيك والذي عملت عليه جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي فقط في الظرف البحريني القائم، حيث ان هذه المسالة تقود الي كوارث سياسية ( كارثة الدوار ) غالبا، لان هذا الانطلاق يقود الي خلط التيارات الفكرية، كما الي خلط المصالح الطبقية، في وضع يقود الي انتصار الأقوى كما يري سيادي ( الاسلام السياسي المسيطر ) الذي هو الطائفية والأصولية، الامر الذي يجعلنا ننتقل من المشروع الاصلاحي، الي سلطة مطلقة شمولية، لأنها سوف تعمم الاستبداد السياسي، الي المجال الشخصي، معززة بأمر الهي.
في الحوار بين الأمين العام الجديد لجمعية ( وعد ) فؤاد سيادي كانت له هذه الجملة ( التيار الديمقراطي له تمثيله وإمكانياته وبرامجه التي تختلف ( بعض الشيء ) عن الاسلام السياسي ) وفي مجال اخر من الحوار ( ان جمعية الوفاق التي تمثل شريحة واسعة من الناس ( تتقاطع ) معنا في رفع المطالَب العادلة للشعب. الوفاق صاحبة كلمة سلم وضد العنف وتطالب بالحرية والتمثيل العادل وبسلطة تشريعية كاملة الصلاحية وتطالب بالإصلاح وهذا ( ما تتشارك ) معها فيه جميع المعارضة فالإصلاح هو هدف الجميع ). هنا لازال الأمين العام الجديد لوعد منسجما مع ( التسوية التاريخية ) مع جمعيات الاسلام السياسي والذيأصبح الان مسيطرا من وجهة نظره؟! وهو لا يزال يضعه ضمن أولوياته او أولويات التيار الديمقراطي؟ ان تحديد الاولويات يفترض اولا ان تتحدد ( التصورات ) لكل تيار، وان تتحدد الاختلافات، كما وأن تبقي الصراعات الفكرية فاعلة، وليس كما يري او يتصور فؤاد سيادي ( ملاحظات او ان الوفاق تتقاطع معنا في المطالَب ). وبالتالي يمكن ضمن ذلك ( التوافق ) على اولوية محددة، يجري تركيز الجهد عليها، اما ان تلغي الاولوية عند فؤاد سيادي كل التصور لدي اليسار او التيار الديمقراطي فهذا يحول التيار الديمقراطي الي ملحق بالإسلام السياسي المسيطر، كما بينت تجربة احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ والي الان. خصوصا انه لا يطلب من جمعيات الاسلام السياسي التخلي عن كل برنامجها، سواء ما يتعلق بهويتها الطائفية السياسية وبالنظر الطائفي الي الجمعيات الاخرى او بقانون الأحوال الشخصية او بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقائمة هنا تطول الخ. فإذا كانت جمعيات التيار الديمقراطي قد قفزت عن المطالَب الشعبية المتعلقة بالفقر وظروف العمل وبالصراع مع الحلف الطبقي من اجل كسب مواقع لها في المشروع الاصلاحي، لتخسر الطبقات الشعبية حكما، وحتي مناصريها وكثير من كوادرها، فان ما اقدمت عليه في هذه التسوية التاريخية مع الاسلام السياسي المسيطر كما يدعي فؤاد سيادي والذي تعتبره ( وعد ) كسب للحركة الطائفية الاصولية في شقها الشيعي، فرض تجاوز العلمانية وتهشيم الديمقراطية عبر تجاوز بنائها، علي مبدأ المواطنة، وبالتالي باتت هذه المعارضة تخسر القوي العلمانية وقطاعا مهما، من المجتمع، هي كما تسميها هذه الجمعيات المكون الاخر اَي السني هنا. ان وضع المسالة لدي وعد وغيرها من جمعيات امام المعادلة اما انك تقف مع النظام ، السلطة او التركيز علي ( الديمقراطية ) كما تراها ( وعد )، بعموميتها، وارتباكها، وتشوهها، ليس هو المنطق الصحيح والعملي للخروج من ( الأزمة ) لان الوضع البحريني في ١٤ فبراير ٢٠١١ ليس ( عشية ثورة أكتوبر ) لكي يصبح هدف وحيد هو الحكم، لان الحركة المجتمعية أصبحت ضعيفة، والجمعيات المعارضة أصبحت اكثر ضعفا، فالمطلوب الان بلورة ( التصورات ) وعدم تكرار التصورات التي أدخلتنا في أزمة ١٤ فبراير، وتطوير نشاط الحركة المجتمعية عبر طرح مطالبها والوقوف ضد من يريد ان يقلص المكتسبات التي حققتها منذ انطلاقة المشروع الاصلاحي، وبلورة تيار يساري قادر علي الفعل الواقعي، في هذا السياق، اننا في لحظة اعادة بناء التيارات والمصالح بعد تدمير قام به الاسلام السياسي المسيطر امتد لست سنوات، لهذا فان خيارات غير ( اما او ) هي ضرورية، وايضاً ممكنة. وهذا الوضع الذي اوصلنا له هذا الاسلام السياسي المسيطر هو الذي يفرض طرح مسالة العلمانية بحدة الان، لتجاوز التشوهات آلتي أدخلتها الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين والجمعيات القومية على هذه المسالة بالذات، وفرضت شكلا عند التيار الديمقراطي ما بين الديني والطائفي اَي ليس علمانيا بالمرة.
عندما يفترض او يقر فؤاد سيادي ان الاسلام السياسي هو المسيطر في اللحظة الراهنة، وينطلق من ان ( العيني هنا الاسلام السياسي ) يساوي ميكانيكيا ( التكتيك بالتنسيق او التحالف ) مع الاسلام السياسي المسيطر انطلاقا من ان العلمانية ( لا تفهم الا ضمن اوضاع عينية اجتماعية وسياسية وثقافية وتاريخية ) لكن الخلاف مع سيادي هنا ان العيني لا يساوي التكتيكي، بل يفرض البحث في الظرف الموضوعي، في سياقه التاريخي، حيث ان مسالة العلمانية مطروحة في التجربة البحرينية في سياق الميل الحداثوي المنطلق من تجاوز البني التقليدية ( الطائفية ) التي كانت الأيديولوجيا الطائفية السياسية والدينية مفصلها، لهذا يأتي الفكر اليساري كدعوة ديمقراطية وعلمانية معا في إطار المشروع الاصلاحي من جانبه الاقتصادي والسياسي. بالتالي فان الحداثة تفرض الدعوة للعلمانية، لأنها تحدد القطيعة مع الوعي الطائفي الماضوي وتؤسس لوعي حديث، من غير الممكن ان يقوم دون مبدأ المواطنة، وبالتالي العلمانية. بعكس ما قام به التيار الذي يسمي نفسه الديمقراطي والذي شكل انتكاسة في هذا المجال وبالذات منذ احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ لأنها عبرت عن الوعي الطائفي في المجتمع. فلم يدافع هذا التيار الديمقراطي عن مشروع الحداثة، بل قام ( بقصقصه وفق تكتيك ذاتي ) وله طابع طائفي هو الذي سمح بعودة ( مظفرة ) للأصولية سواء في شكل ائتلاف ٢٤ فبراير او في بروز ظاهرة داعش، الامر الذي يقود الي اعادة مبدأ الطوائف، وبالتالي فان الرهان علي الاسلام السياسي المسيطر والذي فرض ويفرض استثارة الطائفة الاخرى. هذا هو الوضع العيني ألان والذي لا يراه فؤاد سيادي والذي يفرض بلورة تصور يتجاوز كل ذلك لا ان يتم تعزيزه ( الاسلام السياسي المسيطر ) وهنا يأتي موقع التصور العلماني. فان الوضع الملموس في البحرين والآن، يجعل اَي تهاون في الموقف من المسالة الطائفية والأصولية خطرا، وأي تغييب لدور التيارات العلمانية والديمقراطية واليسارية ( الاسلام السياسي المسيطر ) يعني انتصارا للطائفية السياسية والأصولية ذاتهما. وإذا كان فؤاد سيادي يعتبر بان المشكلة هي مشكلة سياسية وبالتالي لا تعالج الا سياسيا، الامر الذي جعل من جمعية ( وعد ) ارضية ذلك هو ( الديمقراطية ) كما تراها ( وعد ) فان تعريف السياسية من منطلقها او منطقها – هنا – يبدو ملتبسا، لأنها عند ( وعد) باتت تساوي التكتيك، لهذا يستميت فؤاد سيادي في الدعوة الي اعادة الوفاق للمسرح السياسي ولهذا يعد الحل هو في تعزيز فرص ( التوافق ) والتفاهم والتقارب السياسي مع جمعية منحلة او بين تيارات فكرية وعقائدية مختلفة، لبناء نظام الثقة ( الوطني ) ؟! من اجل تجاوز المشروع الاصلاحي وتحقيق ( الديمقراطية ) او كما يدعي ( الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ؟! ) وبالتالي فالديمقراطية كما تراها وعد او كما يراها فؤاد سيادي هي ارضية تحقيق الديمقراطية في البحرين. هذا الفهم للسياسي عند ( وعد ) يفرض ان تصبح ( الديمقراطية ) هي البرنامج الوحيد لكل التيارات الفكرية، دون ان تري ( وعد ) ان التجميع الكمي بين تيار ديمقراطي وجمعيات طائفية سياسية لم يحل المشكلة بل زادها تعقيدا حتي وان قام لإرباك المشروع الاصلاحي منذ احداث ١٤ فبراير ٢٠١١، لأنه بالنتيجة سيفرض استبداد اخر بينما المطلوب من التيار الديمقراطي ان يهمش الحركة الطائفية السياسية ذات الطابع الاصولي يكون بديلا لها في الشارع، لان ان يطرح ان الاسلام السياسي مسيطر.
ان الديمقراطية كما تراها وعد وكما يراها فؤاد سيادي، او كل الطرح الديمقراطي هو عبارة عن قشرة خارجية من السهل لفظها من قبل الاسلام السياسي المسيطر، لهذا صب التخلي عن المشروع الديمقراطي العلماني لدي ما يسمي التيار الديمقراطي في البحرين في هذا السياق وسيكون الرهان علي الاسلام السياسي المسيطر هو سلطة طائفية اصولية، سوف تعمم الاستبداد، الي كما ذكرنا سابقا ماهو شخصي، وكان مصير ( القوي الديمقراطية ) هو النزعة والميل الي ماهو طائفي وأصولي، وبالتالي من غير ان يشعرو الي اعتناق ( العقيدة ) الطائفية الدينية المذهبية، كتعبير ايديولوجي، حيث منذ احداث ١٤ فبراير الكارثية تم تهميش هذه القوي الديمقراطية وتم تفتيتها ومن ثم سحقها، تحت تكتيك ( وعد ) والمبني علي إنهاء المشروع الاصلاحي لإدخالنا في النظام الطائفي الاصولي، مما لا شك فيه في اننا نختلف في توصيف الواقع البحريني، وبالتالي في آليات التعامل معه، حيث نلمس عند فؤاد سيادي انه ينطلق مما يمكن تسميته او كما يسميه هو ان ( الصراع كان بين المعارضة والموالاة ) وهو الذي أسس لأزمة الثقة الوطنية بين مكونات الشعب في البحرين. الامر الذي جعله ينطلق من ضرورة تجاوز أزمة الثقة والوصول الي الثقة الوطنية. وان ذلك سوف يمنع السلطة من الإفادة من تناقضات الأطراف التي تشكل الطيف الديمقراطي والذي من ضمنه كانت جمعية الوفاق؟! او الاسلام السياسي المسيطر؟ ان هذا المنطق يحول الصراع مع الاسلام السياسي المسيطر الي محض ممارسة ( تقنية ) حيث يصبح السؤال بعد حل جمعية الوفاق هو كيف نعالج مشكلة وجود جمعية سياسية منحلة او محظورة؟ وكيف نؤسس الثقة بين الأطراف المختلفة؟ او الثقة في داخل ما يسميه التيار الديمقراطي؟ وبالتالي كيف نبحث عّن حلول تفاوضية سواء مع الدولة او مع الاسلام السياسي المسيطر او مع الجمعيات المسماة بالوطنية الديمقراطية؟ حيث التفاوض او الحوار هما منطق السياسة الحديثة؟ وفِي هذا السياق، تطرح مسالة التدرب على الحوار والتعارف، وخلق مناخات الثقة والألفة بين المعارضة والموالاة او بين المعارضة / السلطة، وتشجيع تشكيل تيارات سياسية وفكرية معتدلة الخ، وهو في مجمل إجاباته على الأسئلة الموجة له يطرح ( الحدية ) اَي التخيير بين حدين، حيث تصاغ المسالة على شكل أما ( فتح الباب للحل الأمني ومن ثم الذي يستأصل المعارضة ) او ( التفاوض وبناء الثقة عبر التسويات والحلول الوسط للخروج من عنق الأزمة؟ ) بمعني ان ليس للصراع الا شكل واحد، وهو الحل الأمني وبالتالي فان تجاوز ذلك يفرض حتما التسويات والحلول الوسط عبر التفاوض. لكن الحوار او التفاوض على ماذا؟ وهو قد قام بالإجماع على ما سمي بوثيقة المنامة. وهل بالضرورة يجب ان نصل الي حلول وسط مثلا ما هو الوسط بين فصل الدين عن الدولة، وتأكيد ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع كما هو موجود لدي جمعية الوفاق اَي الاسلام السياسي المسيطر من وجهة نظر فؤاد سيادي؟! وكيف يمكن ان نوفق هنا بين قانون للأحوال الشخصية مدني في شقه الشيعي وبين تطبيق الشريعة في هذا المجال؟ ان هناك فرقا بين تأكيد حق التواجد للإسلام السياسي المسيطر كما يراه فؤاد سيادي ومسألة التفاوض والحوار والتنسيق والتعاون والتحالف معه وهذا لا يفترض الثقة، بل يفترض تكريس اليات ديمقراطية، فالديمقراطية هي اليات تنظيم العلاقة بين مختلفين ومتناقضين كذلك؟ وهذا ما يجعل من مطلب الديمقراطية ان يحظىبأهمية وأولوية. لكن تحقيق الديمقراطية هنا يفترض ليس الثقة الوطنية، بين طوائف سنية وشيعية مسيسة، بل بالصراع الاجتماعي. الامر الذي ينقل رؤية الواقع البحريني من مستوي سياسي ( يتعلق بالقوي المتصارعة والتغيير في المشروع الاصلاحي وبالتالي بخلق الثقة بين القوى ) الي المستوي المجتمعي، والاقتصادي بأزمة الاقتصاد ورؤى حلها والفقر والبطالة ورفع الدعم الخ والتعليم والصحة الخ حيث لن تتحقق الديمقراطية الا في هذا السياق، اَي عبر نهوض الحركة المجتمعية وبالتالي خارج المنطق الذي يقول به أمين عام جمعية وعد فؤاد سيادي دون ان يعني ذلك القفز عن مناقشة الحل الأمني. الامر الذي يجعل المهمة امام التيار الديمقراطي هو اعادة بناء التيارات السياسية الفكرية كضرورة تقتضيها اللحظة، لكن في إطار الصراع الاجتماعي وليس الصراع الطائفي، من اجل تأسيس قوي اجتماعية وليست طائفية حقيقية. لهذا فان اعادة صياغة العمل السياسي في هذا الوضع والذي لم يتجاوز المشروع الاصلاحي بعد ( وبالتالي المسالة هنا لا تتعلق بمعالجة وضع جمعية الوفاق التي تم حلها ) هو الامر الضروري والذي يفرض توضيح الأفكار والرؤى وليس تلخيصها في مستوي تكتيكي وعدي.
الأزمة ثم الأزمة هذا ما يؤكد عليه أمين عام وعد فؤاد سيادي وكما ذكر سابقا في ندوة المنبر ( اشتدي يا أزمة تنفرجي ) من خلال ما ذكرناه في هذا الموضوع فان توصيف الأزمة مختلف عليه بيننا، فما بالك عن اليات معالجتها هي بالضرورة مختلفة كذلك، رغم التوافق على أهمية الديمقراطية التي يحددها ( المطالَب العادلة للشعب وبالحرية والتمثيل العادل وسلطة تشريعية كاملة الصلاحية وبالإصلاح ) والخلاف هنا يتحدد في كيفية تحقق ذلك؟ ذلك ان فؤاد سيادي يري ان جمعية الوفاق تتقاطع معه في هذه المطالَب؟! وهذا ما يحتاج الي نقد حقيقي، ذلك ان ما يسميه الاسلام السياسي المسيطر هو في تضاد حقيقي مع مبدأ المواطنة، حيث تقوم على رؤية للبشر سابق على عصر الحداثة والتشكيل المدني لصالح روابط أولية طائفية او مذهبية، يؤسس للتمييز الديني والطائفي، وهنا نشير الي البرنامج السياسي والنظام الداخلي للوفاق، بغض النظر عن مايمكن ان يقول اَي من أعضائه. وثانيا الميل لفرض الشريعة دستورا وهذا يعيد تشكيل المجتمع على ما نسعى للتخلص منه، اَي التمييز بين المواطنين، على أساس ديني طائفي مذهبي. لهذا فهي تقوم على الضد من الميل الحداثي ومن التطور الضروري في عصر الرأسمالية لأنها تستعيد ايديولوجيا ماضوية، وتضعها في مواجهة كل الايديولوجيات الحديثة ( القومية والديمقراطية والاشتراكية ) وكان دورها منذ ان تخلقت في حزب الدعوة العراقي يَصْب في هذا السياق. الامر الذي يجعل المسالة تتحدد في تناقض برنامج الحداثة والأصولية الطائفية المذهبية. في إطار الصراع مع اَي سلطة قائمة. هل يستطيع هذا الاسلام السياسي المسيطر تجاوز هذا التاريخ؟ يفترض ذلك علي كل جمعيات الاسلام السياسي او الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين عدم ادعاء تمثيل المسلمين ( جمعية الوفاق الاسلامية ) او ( جمعية المنبر الاسلامي ) وبالتالي تجاوز الاسم، كما يفترض تجاوز الاستناد الي الشريعة، وبالتالي تسيس الدين، وبالتالي تقبل الديمقراطية ليس ( كحق انتخابي ) فقط، بل كحق فردي كذلك، يبدأ من حق المواطنة، الامر الذي يفرض حقوق المرأة واقرار قانون الأحوال الشخصية أيضا حيث ان هذه الأمور هي التي لا تقود الي وضع ( الشوري مقابل الديمقراطية ) ولا تسمح بالتمييز بين المواطنين، ولا تلزم الدولة والسياسة باستخدام الدين. كل هذا كان غائب لدي فؤاد سيادي في حواره مع جريدة الوسط. ولكن هل نضع شروطا هنا على اَي جمعية سياسية او علي الاسلام السياسي المسيطر كما يسميه فؤاد سيادي؟ لم ندخل في تسوية ولا مساومة تاريخية مع هذا الاسلام السياسي المسيطر او مع جمعية الوفاق حتى لما كنّا في القيادة السياسية ( المكتب السياسي ) في جمعية المنبر التقدمي لكي يقال إننا نضع شروطا، ولا نري للمساومة اية ضرورة، بل نحاول توصيف المشكلة، من جهة وتقديم تصور حداثي لان الواقع يفترض الحداثة، وهو حكما يقوم على الضد من الحركة الطائفية السياسية والأصولية، من جهة اخري، لكي يكون ممكنا تأسيس تيار ديمقراطي علماني يساري، يقدم بدائله، ويخوض الصراع الاجتماعي على اساسه وليس الصراع الطائفي المذهبي.
ان منطق السياسة عند جمعية وعد وعند أمينها العام فؤاد سيادي والذي تهيمن عليه مسالة سطوة اللحظة الراهنة اَي تداعيات كارثة الدوار، والتي افضت الي حصر الرؤية، في هدف سياسي وحيد وهو اعادة الدور لجمعية الوفاق، واعتبار ان اَي ميل لطرح أهداف اخرى يقود الي التشويش، وتفكيك ( التحالف الذي تشكل في اثناء احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ ) والذي جرى التصور على انه ممكن وضروري، وبالتالي تتقزم السياسة، الي ان تكون مجرد تكتيك عند وعد، وتضيع تمايزات التيارات السياسية واختلافها وتناقضاتها. ليتشكل خطاب عند وعد وغيرها من جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي ( خطاب موحد ) يتناول قضية واحدة هي وضع الكل في سلة ( الديمقراطية ) لكي يصبح الثنائي ( الاستبداد / الديمقراطية ) هو الطاغي، والذي يحتل العقل وتصاغ الوثائق الواحدة تلو الآخر من وثيقة المنامة الي اخره انطلاقا منه هنا يتم ادخال الفكر، لكي يعطي التبرير النظري لهذه الوثائق؟ ولتصبح كل القوى ذات ( لون واحد ) وبالتالي تضيع المسافة بين الرؤية التي تعني تصورا للواقع في مجمل مستوياته، والاهداف العامة التي تسعي اية جمعية سياسية لتحقيقها. وبين الهدف الأساسي في لحظة من اللحظات. لمصلحة إلغاء الرؤية وتضخيم الهدف الأساسي ( التحالف مع الاسلام السياسي المسيطر ) الامر الذي يقود في الواقع الي العجز عن تحشيد القوى عكس ما كان تعتقد جمعية وعد. لان تأسيس القوى الفاعلة يستند الي الرؤية ومجمل الأهداف (اَي طرح الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ) فعادة ما يتم فرض تحديد هدف في لحظة محددة ( تشكيل التيار الديمقراطي اليساري ) كهدف مركزي، له الاولوية، عبر تشبيك تحالف التيار الديمقراطي اليساري مع قوى اخرى ليبرالية في لحظة محددة ( كاللحظة الراهنة )، ولمرحلة مؤقتة، هذا هو ما يسمي بالتكتيك. اما الانطلاق من التكتيك كما تراه وعد فقط فهو يحصر التحالفات في القوىي المتضررة من الممارسة ( كما يسميه فؤاد سيادي ( الحل الأمني ) والتي تحس بها هي، ولا تحس بها كل الفئات الاجتماعية بالضرورة. وبالتالي يكون المجال السياسي هنا وفِي هذه اللحظة هو مجال الفعالية لدى جمعيات صغيرة العدد والعُدَّة، وتخرج كل الفئات الاجتماعية من مجالها وهذا الضعف بدا واضحا في هذه اللحظة من الاحباط والانكسار بالرغم من ان هذه الفئات الاجتماعية وبعكس ما يري فؤاد سيادي ان هذا المجال السياسي يؤثر في وجودها، لكنها تعد ان السياسة ( رجس من عمل الشيطان ) لهذا تميل الي التكيف في ( الإطار الاجتماعي ) الذي يعني عيش ( الحياة كما هي ) بمعزل عن هموم السياسة ومشاكلها، لكنها تدافع عن مصالحها الحياتية وتتفاعل مع المسائل الوطنية وتلك التي تخص العالم العربي. لهذا من خلال تركيز كل الجمعيات السياسية على المستوي السياسي أدى الي انعزالها عما هو مجتمعي، وتقوقعت في إطار عدد محدد ممن يعملون بالسياسة. لهذا لازالت فاعلية هذه الجمعيات محدودة ومنحصرة في اروقة جدران جمعياتها. وايضاً بعيدة عن مشكلات الفئات الشعبية المتذمرة وهو الوضع الذي لا يقود الي تجاوز الأزمة الحالية.
ان كل الجمعيات السياسية وبالذات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي قد وقعت في اشكالية منهجية تمثلت في السؤال الآتي وهو ما هي الاولوية التي تحظي بنشاطها؟ هل هي ازالة المشروع الاصلاحي والذي سماه أمين عام جمعية وعد فؤاد سيادي ( بالمشروع الإفسادي )؟! وانتصار الديمقراطية كما تراها جمعية وعد؟ ام هي بعد كارثة الدوار بناء الرؤية وتأسيس حركة مجتمعية فاعلة؟ في الشق الاول من السؤال فقد بدّى ان كل الجمعيات السياسية غير قادرة على الفعل حيث ان وضع المسالة في هذا الإطار يشير الي فعل عملي اَي عدم مقدرة هذه الجمعيات على الحشد والتعبئة الجماهيرية فهي كما ذكر غسان الشهابي ( مهزومة ) وفِي تراجع لشعبيتها ولكوادرها فهي غير قادرة على حسم الصراع والذي تغيرت موازينه تماما في هذه اللحظة بمصلحة استمرار المشروع الاصلاحي كما ذكر فؤاد سيادي ( فالإصلاح هو هدف الجميع ) وبالانتقال الديمقراطي المتدرج. بينما يشير الشق الثاني الي انه بات من الضروري بلورة ( الرؤية )، والسعي لتأسيس التيار الديمقراطي العلماني عبر التفاعل مع الحركة المجتمعية في بعدها الاقتصادي لكن دون تجاهل الشق الاول، وبالتالي نجد ان الانتقال الديمقراطي المتدرج في المشروع الاصلاحي هو هدف مركزي الان. فالذي يفصل بين الشقين هو ان تفاقم الصراع الداخلي والذي أخذ منحى ( طائفي ) نتيجة لوجود جمعيات طائفية سياسية قادة هذا الحراك الي لحظة الحسم لصالح النظام وفق الوضع الداخلي الذي تبلور بعد كارثة الدوار من هنا يأتي التركيز في هده اللحظة على ( الحراك الاجتماعي القائم ) ( وليس السياسي فقط كما عودتنا الجمعيات السياسية ) ليفرض هذا الوضع التركيز على هذا الهدف وبالتالي تأسيس التيار الديمقراطي العلماني العقلاني من اجل تحقيقه. الاولوية هنا تصبح جزء من تجميع عام للكتلة المدنية الصامتة ومن ثم تحقيق اتساقها وتنظيمها، ولا تكون من اجل تحقيق تحول نوعي ( ثورة ) كما كان مشروع الدوار لا تتوافر القوى الحقيقية لتحقيقه الا في ذهن المراجع والرموز والزعماء؟! هذا الامر الذي يحتاج الان الي جهود كبيرة من اجل اعادة بناء التيار الديمقراطي العلماني العقلاني بعد التدمير الهائل الذي تعرضت له الجمعيات السياسية وبالذات في المنبر التقدمي ووعد والتجمع. بفعل روح المغامرة الثورية ومرض اليسار الطفولي اَي لأسباب تتعلق ببنيتها ورهاناتها المغامرة وطريقة عملها البعيدة كل البعد عن الديمقراطية الداخلية. هذا التصور لايتلاقى مع ما يراه فؤاد سيادي من ان اولوية الديمقراطية تجعلنا نتجنب التشويش عبر طرح مثلا نقد الاسلام السياسي المسيطر او طرح قانون الأحوال الشخصية وان ليس هذا وقتها؟! لكي نكون حبيسي اللحظة السياسية بعد حل جمعية الوفاق وفِي انتظار ماهو القادم؟؟ بمعني ان هناك عدم تمييز بين ان تكون اللحظة السياسية تحتمل ( التغيير ) الا في ظل وجود الاسلام السياسي المسيطر حيث يمكن تأسيس تحالفات علي نقطة واحدة مع الاسلام السياسي المسيطر وبين ان يكون المطلوب في هذه اللحظة تأسيس تيار ديمقراطي علماني عقلاني قادر علي لعب دوره في مدي زمني معين، الامر الذي يفرض تأسيس رؤية ( وهي غائبة لدي الحركة السياسية ) في إطار اللحظة السياسية اَي ان هناك عدم تمييز بين اللحظة التي تفرض الحراك السياسي والوضع الذي يستلزم توضيح الرؤية وتنظيم نشاط الفئات الاجتماعية المتذمرة او المتململة او المحبطة والمنكسرة والتي أصبحت تعيش هاجس الخوف بغير ما كانت تطرح كل الجمعيات ( المعارضة ) ان الناس قد كسرت حاجز الخوف ؟!! . وتشكيل الكتلة المدنية الديمقراطية الفاعلة بعيدا عن الجمعيات الطائفية السياسية، بمعني ان معني اللحظة السياسية سيكون مجال نقاش هنا مع طرح جمعية وعد وامينها العام فؤاد سيادي وبالتالي مجال خلاف كذلك، لان المتداول في حواره مع جريدة الوسط هو التركيز على الحراك السياسي دون ( رؤية ) وعلى التحالف مع الاسلام السياسي المسيطر دون تصور، والغرق في اللحظة.
ان أزمة الجمعيات السياسية في البحرين ومنها جمعية وعد يكمن في المرض الذي اصابها منذ تأسيسها مع بداية المشروع الاصلاحي اَي بفعل الطابع الاستبدادي الذي حكم الشلل او الفئات او ( العصابة ) التي حكمتها والذي جعلها تخضع ( الرؤية ) والفكر عند جمعية وعد لما هو تكتيكي. وتخضع ( الرؤية ) للحركة. وهو مرض لازال مستشريا في جمعية وعد وغيرها من جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي. في إطار حراكها السياسي، وهو الذي يحكم الردود، في الغالب، وهو المرض الذي يقوم علي الاستنفار الدائم علي اَي حدث عابر وكان التغيير سيحدث غدا، لهذا يكون الحوار والتفكير والبحث خارج الموضوع، لأنه على هامشه، في إطار الصراع الواقعي، ومشوش علي نشاط عملي يومي ( بل لحظي ) الامر الذي يخضع الحراك السياسي للعماء ويدفع جمعية وعد وغيرها للتخبط والتشوش المستمر في مواقفها وردود فعلها، ويلحقها ( بما هي حركة عشوائية ) كما يطرح الأمين العام لوعد فؤاد سيادي ( بان المطالَب التي تطالب بها وعد هي ليست مطالبها بل هي مطالب الجماهير ) هنا الخطاب الشعبوي والذي شهدنا منه الكثير منذ احداث ١٤ فبراير والي الان. وهنا فان هذا التخبط والتشوش والاستبداد هو من ألحقها بالإسلام السياسي المسيطر الذي يعي مصالحه والذي يملك رؤيته كما حدث منذ انطلاقة المشروع الاصلاحي والذي توضح بشكل حاد في احداث ١٤ فبراير ٢٠١١، بعكس قوي التيار الوطني الديمقراطي التي فقدت هذه المصالح وهذه الرؤية. هذه المسالة في الوقت الراهن أصبحت جوهرية، وتفرض ان تتبلور ( الرؤية ) وان تتحدد المصالح، وتصاغ الأهداف من قبل التيار الديمقراطي العلماني العقلاني، وهو جهد كما ذكرنا سابقا نظري ضروري، ويمكن ان يتحقق في اللحظة التي يتم فيها تأسيس هذا التيار اَي في اللحظة التي يجري فيها النشاط السياسي، وهذا ضد ما يراه أمين عام وعد الذي يحاول ان يؤسس لتناقض بين النشاطين ( النظري والعملي ) ففؤاد سيادي ( المتوتر ) والذي يميل الي ( الحركة ) والتي ستكون عشوائية بالتالي. فهو يخلط بين ان الوضع السياسي يجب ان يتغير، وان هناك إمكانات واقعية لتغييره، وبين الأمل بتغييره، وان هناك إمكانية فعلية لتغييره، هذا الخلط هو الذي ينتج ( التوتر ) عند أمين عام وعد ويقود الي سياسة خاطئة، انفعالية وعفوية وشعبوية. إذن من الضروري ان نحدد معني ( اللحظة الراهنة ) وهل تفرض ( خطوة عملية ) التي هي أفضل من دزينة برامج؟ كما يري فؤاد سيادي، ام تفرض ( خطوة عملية ) تؤسس لإعادة بناء التحالفات السياسية وبالتالي الحركة السياسية؟ اَي هل ان التناقضات كما يري البعض المتوتر نضجت الي الحد الذي يفرض الحسم؟ ام انه من الضروري التصعيد المتدرج للتناقضات عبر بلورة ( الرؤية ) وتطوير نشاط الطبقات ( وليس الطوائف ) الاجتماعية؟ وبالتالي الخلاف هنا مع أمين عام وعد فؤاد سيادي يتمظهر حول ( الخطوة العملية ) حيث ان ( التوتر ) عند وعد يقود الي خلط اللحظات والتسرع نحو ( العمل ) دون إمكانات واقعية. وفِي الوقت نفسه الهروب من السعي لبناء الامكانات الواقعية ( تأسيس التيار الديمقراطي العلماني المدني )، بمعني ان ضغط الواقع الاستبدادي في هذه الجمعيات يفرض الرفض دون تأسيس الاليات التي تسمح بتغيير الواقع الاستبدادي في هذه الجمعيات.
لقد بات معني السياسة عند جمعية وعد في إطار الالتباس او التقزيم الي مستوي اللحظة او التكتيك ما قبل وفِي اثناء احداث ١٤ فبراير والي الان بالرغم من ان للحظة او التكتيك يجب ان يتأسس على ضوء ( رؤية ) هي التعبير عن مصالح الطبقات وعن تصورها البديل الوطني الديمقراطي واليات تحقيق ذلك. لتكون اللحظة هي خلاصة كل ذلك، وتصب في سياق تصور عام، والتي على ضوئها، يمكن صوغ التحالفات. وليس كما عودتنا جمعية وعد وغيرها من جمعيات تسمي بالتيار الوطني الديمقراطي كتعبير عن مصالح ( طوائف ) عبر التنسيق والعمل المشترك ومن ثم التحالف مع جمعيات طائفية سياسية تستغل الدين فليس من قيمة حقيقية ل ( اللحظة ) او ( الهدف الرئيسي ) دون قوة فعلية للتيار الوطني الديمقراطي المدني، لتعبر عن الحركة المجتمعية. لان تحديد الانتقال الديمقراطي في المشروع الاصلاحي ( الهدف الرئيسي ) وتشديد اللجوء اليه بدون وجود قوة فعلية، لن يفضي سوي الي الفشل، ولهذا يصبح للهدف الرئيسي معني حينما تتحدد قوي التيار الوطني الديمقراطي المدني. وبالتالي فان التركيز علي الديمقراطية كما تفهمها جمعية وعد وامينها العام فؤاد سيادي واعتبارها الهدف الأوحد من و جهة نظرها في الوضع الراهن، لن يبدو الا كمسخرة، لأنه يلغي الطابع العام لكل الاتجاهات الفكرية والسياسية والطبقية ويزيد في اضعافها، تحت حجة الاسلام السياسي المسيطر، هذا الوضع هو الذي يفرض النقاش لكل الوطنيين والديمقراطيين والتقدميون حول مختلف القضايا كما يفرض السعي الجاد لتشكيل التيار المدني الوطني الديمقراطي ولتأسيس ( حركة مجتمعية ) فاعلة، يمكنها ان تصبح قوة تغيير في المشروع الاصلاحي والذي لازال منفتح على عدة إمكانيات للتغيير بعيدا عن الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين في شقيها ( الشيعي / السني ) وهو العمل او المهمة التي تحتاج الي تجاوز ( التوتر ) و ( ردود الأفعال ) لدي جمعية وعد وامينها العام فؤاد سيادي ومن ثم التفكير العميق في الواقع البحريني. لسنا في الخنادق لكي لا يكون لدينا وقت او كما يسميه البعض ( ترف الحوار ) او ( التنظير ) او تعويم ( الأيديولوجيا ) لأنه بعد هذا التدمير الذي اصاب اليسار في البحرين يجب ان نسعي لإعادة تأسيسه ومن ثم تأسيس الحركة السياسية وإعادة تفعيل النشاط المجتمعي، لهذا يجب ان تطرح على هذا التيار وهذه الحركة السياسية كل القضايا للحوار ومن دون التقوقع في شرنقة ( الاستبداد / الديمقراطية ) او ( الموالاة / المعارضة ) او ( المكون الشيعي / المكون السني ) لأنه لا خلاص من اَي استبداد او تقسيم واستقطاب على أساس طائفي او موالاة ومعارضة ولا طريق الي الانتقال الديمقراطي في المشروع الاصلاحي وتحت مظلة ميثاق العمل الوطني الا عبر ذلك فنحن لا نريد ( ديمقراطية محاصصة طائفية ) كما تسمي ديمقراطية توافقية بين شيعة وسنة، الصراع السياسي ضمن الحدود القائمة ضروري، ولكن يجب السعي من قِبل التيار المدني الديمقراطي العلماني لتأسيس رؤية للواقع الذي نشا عن تداعيات كارثة الدوار تسمح بإعادة تأسيس الحراك السياسي او الحركة السياسية، فقد اصبح هذا وذاك متكاملان، ولا يجب ان نتجاهل اَي منهما، لان الواقع المتشكل يفرض اعادة بناء ( الرؤية )، فقد تلاشت التعبيرات الفكرية الطبقية عند ( جمعيات وعد، التقدمي ، التجمع ) والتي تمثل الاتجاهات المختلفة فيما عدا الاسلام السياسي او الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين او كما يسميها فؤاد سيادي ( الاسلام السياسي المسيطر ) الذي بدا
انه يسيطر على مجال التعبير السياسي و ( الجهادي ) عند ائتلاف ١٤ فبراير. ولهذا يكون من الضروري اعادة تأسيس تلك التعبيرات الوطنية الديمقراطية والطبقية الان، لان السيطرة على مجال التعبير السياسي التي تمت تبعت للأسف انهيار كل الاتجاهات السياسية القومية والاشتراكية والوطنية العامة. وخلق فراغ فكري أسس لعودة واستمرار ( الوعي الطائفي والديني ) في المجال السياسي. لهذا بدا ان للإسلام السياسي المسيطر او الجمعيات الطائفية السياسية ( شيعية / سنية) وكان لها دورا في مقاومة ما تسميه ( الاستبداد ) كما كانت تطرح قبل ذلك مقاومة الإمبريالية او الاستكبار العالمي او الغرب الصليبي مما أوجدت وهما عند جمعية وعد ان الاسلام السياسي المسيطر هو كذلك وبتجاهل تام لرؤيته الكلية، ومشروعه التاريخي ونماذجه الفاشلة سواء في دولة الملالي الطائفية او دولة الاخوان المسلمين او دولة الخلافة الاسلامية، وبطرح فؤاد سيادي ان الدولة يجب ان تعيد النظر في حل جمعية الوفاق الطائفية السياسية والتي كانت جمعية وعد في حالة تحالف معها هنا تم إلغاء الهوية لدي كل الجمعيات المسماة بالوطنية الديمقراطية او اليسارية اَي ألغت ( ذاتها ) وضيعت تيارها تحت حجة ان مواجهة ( الاستبداد كما تراه هي ) او مواجهة الاستكبار العالمي تقتضي ذلك، وتفرض عدم تقديم التصور المتكامل الذي يعبر عن هذا التيار، ( القومي او الماركسي او الديمقراطي ) ومن المفارقة التاريخية الان ان جمعية وعد هي من تم تخويلها لتشكيل التيار الوطني الديمقراطي ؟!!! كما لا زالت وعد تصر على عدم اللجوء الي نقد هذا الاسلام السياسي المسيطر الاصولي لان ذلك يوجد تحسسات او ليس وقته؟ وانه يجب التنسيق ليس فقط مع الاسلام السياسي الشيعي بل السني؟ الذي هو ضرورة الان. كما تراه للوقوف امام الحل الأمني؟ الامر الذي يبقي المشروع المجتمعي الوحيد المطروح هو المشروع الذي يقدمه الاسلام السياسي المسيطر!! بمختلف تلاوينه ( موالاة ، معارضة ، معتدل ، متشدد ، اصولي ، محافظ الخ ) والذي لن يحقق التطور الاقتصادي الاجتماعي كما هو حادث حاليا في العراق كمثال ولا يأتي بالديمقراطية، لان واقعه يقول انه يسعي لتطبيق قوانين، تخص الاقتصاد والمجتمع والاحوال الشخصية والسياسية والفكرية تبلورت منذ ما يقارب الخمسة عشر قرنا، ان التحالفات و ( التكتيكات ) تجري بين قوي سياسية متبلورة وذات برامج سياسية ونظام أساسي متقاربة وفِي لحظات كاللحظة الراهنة تفرضها الضرورة عكس التحالفات السابقة مع الجمعيات الطائفية السياسية إذن يجب قراءة الواقع السياسي المتبلور الان قبل التفكير في الصراع السياسي .
المرجع: ( اليسار السوري ) في واقعه الراهن. الكاتب سلامة كيلة