منذ احداث ١٤ فبراير في ٢٠١١ بدا يبرز مفهوم (الازمةً) في الجمعيات السياسية في البحرين. وتحدد بشكل واضح في جمعية المنبر التقدمي وتم التغطية عليه في جمعية وعد والتجمع وكذلك في الجمعيات الطائفية السياسية (الوفاق واتباعها) وكذلك في الجمعيات الطائفية السياسية في الضفة الآخرى.
والآن فان هذه المسالة الاساسية (الازمةً)والتي أصبحت الشغل الشاغل لكثير من الوطنيين والديمقراطيين والتقدميون تتمثل في توضيح خواء (الفكروالنهج)الذي أنتج هذه الازمةً في كل الجمعيات، وبالتالي نقد المنظورات المختلفة، سواء ما يتعلق بالمسألة الوطنية، او فيما يتعلق باختيارات التطور الاقتصادي والاجتماعي، للوصول الي ان السياسة التي يتبعها (الفكروالنهج) في هذه الجمعيات منافية للفكر والنهج الذي تدعيه هذه الجمعيات، لأنها بالأساس منافية للواقع. ففي احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ حدثت (عمليةالانقلاب) هذه لان (لحظةالثورة) هي ذاتها (لحظةالانقلاب) دون مسافة ولو بسيطة من اجل التأمل، وإعادة الدراسة، ومراجعة التجربة. وبان المسالة هي مسالة وعي وممارسة، وبالتالي قناعة واقتناعاً، يحتاج تجاوزها الي وعي مشكلاتها، وبالتالي وعي (البديل) عنها. لهذا بدا هذا الانقلاب، وكأنه انتقال من سياسة الى اخرى، لكنه في الواقع مثل تغييرا في الجوهر مع التمسك بالشكل. ان الطابع العام لهذا الانقلاب (الموجة) لم يكن (عاقلا) بل عبر عن (انقلاب في العمق)لأنه قلب السياسات التي تم (التوافق) عليها، وان في أهاب جديد (ثورة) وعبر حملة (هجومية) قاسية على كل الرؤي والتصورات، والتي اعتبرت انها تصورات ورؤى سابقة. وتم حرق المراحل في المشروع الاصلاحي والذي يعمل تحت مظلة ميثاق العمل الوطني، وحرف التاريخ والصيرورة عن مساره عبر إرادية فظة للـ (المراجع، الرموز، الزعماء ) فقد فتح (الثوريون الجدد) في وعد، المنبر، التجمع الخ حربا ضد تصورات وسياسات، لم تكن هي سياستهم، ولا تصوراتهم، بل هي تصورات وسياسات (متفق عليها) هذا من جهة ومن جهة اخري عمد (الثوريون الجدد) لإعادة انتاج سياستهم الجديدة وتصوراتهم الجديدة ذاتها، هنا من الضروري ان نناقش (الثوريون الجدد) او (النقاد الجدد) او (الأفكار الجديدة) – فكر المراجعة لكي تتوضح مطابقتها (للجدل المادي) ولمسألة وعي هذا الجدل المادي او المنهج العلمي، ومن ثم السياسات التي يقود اليها هذا الوعي. فالفوضى الخلاقة كانت في أساس فكر هؤلاء (الثوريون الجدد) او النقاد الجدد او الأفكار الجديدة والتي أدت الي تدمير (الجدل والنهج المادي) وتدمير المشروع الاصلاحي وتدمير الوحدة الوطنية وتدمير اليسار البحريني فقد أصبحنا في (فوضي)، لهذا بات من الضروري التحديد وإعادة ترتيب الصورة والرؤية في ظل هذه الفوضى. لكن المشكلة هنا عند كل من يريد ان يمارس عملية (المراجعة والانتقاد) كما لا حضنا في مقال عبيد عبيدلي (جمعية العمل الوطني الديمقراطي بين الانتحار السياسي وسكة السلامة) ان هذه المراجعة تجرى انطلاقا من (الادوات القديمة) ذاتها، لهذا تبدو (الأفكار الجديدة) وكأنها عند عبيدلي (انتقال من طرف الي اخر) من الانتحار السياسي الي سكة السلامة، لهذا سيبدو هذا التحديد فارغا، او ممرا لأفكار جديدة تتجاوز (الجدل المادي) فإذا عدنا الي كل الاتجاهات التي نشأت في وعد، المنبر ، التجمع سنلحظ انها تبدأ في التخلي عن الجدل المادي عند المنبر وتعويم الايدلوجيا عند وعد الخ ، فالثوريون الجدد او النقاد الجدد او الأفكار الجديدة قفزت علي ابسط أشكال التحليل الجدلي عندما أخذت بخيار الثورة في البحرين (ان تشكيلا اجتماعيا معينا لا يزول – قط – قبل ان تنمو كل القوي الإنتاجية التي يتسع لاحتوائها، ولا تحل – قط – محل هذا التشكيل علاقات انتاج جديدة ومتفوقة، ما لم تتفتح شروط الوجود المادي لهذه العلاقات في صميم المجتمع القديم نفسه) ان محاولة لوي عنق التاريخ بالنكوص الي الخلف اي اعادة التشكيلة الاقطاعية او دولة المحاصصة الطائفية بقيادة الملالي في البحرين في حال انجزت هذه (الثورة) هذه المهمة قادت هذه الجمعيات (وعد ، المنبر ، التجمع) الي ان تصبح جزء من التكوين الاقطاعي او دولة المحاصصة الطائفية المنشودة (التحالف من اجل الجمهورية الاسلامية او دولة ولاية الفقيه) هنا نستخدم الاقطاعي من الناحية المجازية فقط
السؤال هنا ما علاقة الجدل ب فكر المراجعة وحرية الانتقاد؟أليست (الإرادة) أليس (الوعي) عند الجمعية السياسية جزءاً من الواقع؟ وبالتالي الا يشملها الجدل؟ سنلاحظ هنا ان (الجدل المادي) عند الجمعيات السياسية يفهم خارج إطار الواقع، ويكيف علي حسب إرادة ووعي الزعيم الرمز، حيث تحول هذا الجدل المادي من فلسفة للتغيير الي فلسفة للتبرير للجمعيات الطائفية السياسية وأصبح هو همها وشغلها الشاغل. وعملت علي تبرير وتمرير الاجندة الطائفية المذهبية لدى الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين وحولتها الي قوة مادية بان أقنعت كوادرها وأعضائها بالمشاركة في حراكها السياسي الطائفي بامتياز، هنا تم انتاج التصورات التي تداولها (فكر ونهج التسوية التاريخية مع الجمعيات الطائفية السياسية) وبررت لها عبر يافطة (التحول الديمقراطي الناجز) وبمنطق (التراكم الكمي) عبر الاعتصام المفتوح في الدوار والمسيرات والمظاهرات، هنا كان (الجدل المادي) غائبا او مغيبا، لان التناقض تمظهر طائفيا مذهبيا، ولم يتبلور التناقض من وجهة نظر الجدل والذي يفرض تفاقمه وتبلور طرفيه طبقيا ، ومن ثم يأتي (النفي) ليصبح ممكنا تحقيق التركيب، وتحقيق ذلك يفترض كذلك تحقيق الكيف عبر الكم، بينما ما يطرح من قبل (الثوريون الجدد) و (النقاد الجدد) سيبدو وكأنه يدفع باتجاه تحقيق التراكم الكمي في (طريق واحد) هو (الإقطاعية ودولة المحاصصة الطائفية)، وعبر تجاوز تناقض البورجوازية / الطبقات الشعبية وإلحاق هذه الاخيرة بفئة الملالي ورأسمالها المؤسلم الرجعي وجمعياتها الطائفية السياسية، هذا ما فعلته تلك الجمعيات وهذا ما تدعو اليه (ب فلسفة التحول الديمقراطي الناجز) إذن هنا نلمس ان تمسك (النقاد الجدد) في الجمعيات السياسية (بالجدل المادي) دون ان نلحظ مفاعيله في تصوراتهم ونلمسه في حراكهم السياسي، فانهم يتمسكون ب (فلسفة التحول الديمقراطي الناجز) دون ان يمس ذلك تصوراتهم بل تصورات الجمعيات الطائفية السياسية. حيث سكنت (الحتمية)(باقون حتى يسقط النظام) اي الجبرية ذاتها، اي ضرورة انتصار (منصورين) مشروع الجمهورية الاسلامية او دولة ولاية الفقيه. لقد غاب عن هذه الجمعيات ان الجدل المادي هو منهجية بالأساس وليست نصوص مقدسة وهي آلية تفكير محل نصوص معروضة (التحول الديمقراطي الناجز، مملكة دستورية على غرار المملكات العريقة) لكي تحفظ عن ظهر قلب، وأيدلوجيا طائفية سياسية تأسست على أنقاض الجدل المادي. فهذه (الموجة) حولت كنه الجدل المادي عند هذه الجمعيات السياسية الي واجهة معركة طائفية بامتياز بلورة (الشرخ الطائفي) في المجتمع. وغدت ضد الروح العلمية والتغييرية في الجدل المادي وضد منظومتها السياسية. وكذلك مثلت مدخلا لتجاوز (الجدلالمادي) وبالتالي ليحول الجدل المادي الي مسخ عند هذه الجمعيات، حيث ان (الثوريون الجدد) لا يفهمونه، ولا يستطيعون الفهم انطلاقا منه، وإلا كانت كتاباتهم وبيناتهم جدلية، لهذا فهم يكررون السياسات ذاتها المرتبطة بربيعهم الرمادي وبالتالي فهم يعيدون انتاج نفس الخطاب السياسي في ثوب التحول الديمقراطي الناجز. ان تحليل المنطق الذي يحكم مجمل (فكرالمراجعة) التي باتت تطرح من قبل (ثوريو ما بعد انهيار الدوار) يوضح بان الجدل المادي غريب فيه، كما يوضح بأنها لا تزال تنحكم لمنطق نصي، تقبع فيه(لوثة طائفية دينية مذهبية)، حيث تشكلت هذه الأفكار، في التضاد مع شيء ما، فكر ما، ولم تتأسس انطلاقا من البحث في الواقع استنادا الي الجدل المادي
سنلمس هنا بان حالة من الفوضىالسياسية وكذلك من الضياع السياسي، حكمت كل الجمعيات السياسية وبالذات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي. والي حالة من الفوضى حكمت الأفكار التي تستخدمها هذه الجمعيات كأداة للتحليل، هنا انتشرت الميول نحو (الانقلاب) بحجة ان اللحظة تفرض ذلك، الحراك السياسي في ١٤ فبراير ٢٠١١، ومحاولة البحث عن تصورات جديدة بعيدة عن ما هو موجود في البرنامج السياسي والنظام الداخلي لهذه الجمعيات، قابلها ميول الي التخلي عن (الجدل المادي) لصالح مذهب انتقائي او اختياري او خليط من عدة أفكار تم ربطها بطريقة اعتباطية، او الهروب الي ما يناقض (الجدل المادي) وينفيه لقد بدا العد العكسي في عملية تخل عن مفاهيم وتصورات سادت لفترة طويلة منذ ان ضرب الفكر الاشتراكي التربة البحرينية، رافقتها عملية اضعف لإعادة بناء المفاهيم، او لتقديم تصورات ومفاهيم (شعبوية في أهاب طائفي) لتبدو الحركة اليسارية الْيَوْمَ وكأنها في اضعف لحظاتها، لان موت التصورات والمفاهيم الجدلية، لم يفض الي بناء تصورات ومفاهيم (للجدل المادي ) جادة وحيوية تلامس الواقع الموضوعي، وبالتالي فان حالة الضياع هي التي تحكم هذه الحركة، وتفضي في الواقع الي تفكك هذه الجمعيات و (هزالها) ولربما تلاشيها، من الوجود والعمل السياسي كما هو حال جمعية وعد واخواتها الْيَوْمَ. هذه النتيجة ربما تدعم الربط بين انهيار مشروع الدوار و (الجدل المادي)، لان تداعيات الانهيار والتي تجاوزت (عندما تندفع عجلة التاريخ نحو الهاوية) كانت عظيمة التأثير علي الحركة اليسارية، الي حد انها بدت وكأنها تتلاشى، وربما كان لذلك علاقة بطبيعة تشكل الجدل المادي في البحرين بدا من تأسيس جبهة التحرير الوطني، والجبهة الشعبية والتي طغي فيها التشكل السياسي، علي التشكل الفكري النظري، ومن ثم ما بعد تشكيل الجمعيات السياسية وعد المنبر التجمع في ظل المشروع الاصلاحي، ومن ثم انفصامها لمصلحة سيادة (السياسي) وخصوصا منذ احداث كارثة الدوار، الذي كان يعني (النظر التكتيكي) وبالتالي دون وعي عميق بالواقع، ووعي أعمق لآليات تحويله، وهو ما كان يؤشر الي ان (الجدل المادي) هذا لم يكن (الجدل المادي) بل كل ما عملت به هذه الجمعيات هو توظيفه واستثماره لصالح الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين، في جملة من الشعارات وافكار وتكتيكات تحت حجة عدم الانعزال عن الحراك السياسي؟! مما جعلها تفشل في تأسيس وعي مطابق لصيرورة التطور في المشروع الاصلاحي، سواء بتحديد الأهداف الاساسية المحققة لهذا التطور، او بتحديد الاليات الضرورية لتحقيق تلك الأهداف بعيدا عن روح المغامرة الثورية والشعبوية، وبالتالي دور الطبقات الذي استبدلته تلك الجمعيات بدور الطوائف والطائفية السياسية في كل هذا الحراك السياسي. هنا نكاد نصل الي نتيجة هو نفي امتلاك، (الجدل المادي) من الأساس عند هذه الجمعيات بما فيها المنبر التقدمي، لنقول بان انهيارها كان سابقا لانهيار مشروع الدوار، ولم يفعل انهيار مشروع الدوار سوي انه اطلق (رصاصة الرحمة) علي جثث الجمعيات وهي تحتضر في موتها السريري، هذا هو أساس حالة الفوضى والضياع للفوضى الخلاقة التي انساقت ولحقت بها هذه الجمعيات، اللتين حكمتا الحركة اليسارية وحركة الجمعيات السياسية وعد، المنبر ، التجمع منذ تأسيسها وبان بشكل واضح في حراكها السياسي في ١٤ فبراير والي الان، حيث افضي انهيار الدوار ومشروعه الي انهيار (منظومة فكرية) ولدت في رحم هذه الجمعيات وعممت علي أساس انها (الجدل المادي)، رغم انها لم تؤسس لنشوء وعي مرتبط (بالجدل المادي) لدي حركة اليسار في البحرين وخصوصا مع (انقلاب جماعة الدوار) جري التشكيك بهذه المنظومة كما جرت محاولة الخروج من اسارها، لكن أيضا دون وعي بالجدل المادي، لهذا بدت المشكلة وكأنها من جهة مشكلة التخلي عن هذه المنظومة واعتناق (منظومة معاكسة) ليتحقق الضياع في متاهات الطائفية السياسية والفوضى الخلاقة التي تريدها العولمة للبحرين، او انها من جهة اخري وبعد المؤتمرات الاخيرة لكل من وعد والمنبر الخ مشكلة (ترقيع) تلك المنظومة او (خلطها) بمنظومات اخري تحت شعار (التوافق) بين الشلل في تلك الجمعيات من اجل تحقيق (التماسك التنظيمي ولحفاظ علي الهوية الاعتبارية او التجديد)، الذي سيدو انه اعادة انتاج للمنظومة ذاتها، لكن في صيغة (التوافق) والذي سرعان ما فتت فيه التناقضات علي المواقف السياسية الغير متفق عليها فيما بين الشلل والفئات فيما يسمي (بالقيادات)، لقد بدت المسالة وكأنها مسالة (فرار من مركب يغرق) تحت عاصفة التركة الثقيلة لأخطاء كارثة الدوار، ولان الفوضى لا تؤسس لحوار حقيقي، ولا تسمح به، وبالتالي لا تقود الي (انتظام الفوضى الخلاقة) وستبدو المشكلة الجوهرية هنا، وكأنها في وعي (الجدل المادي) بالذات، حيث لا تسمح المنظومة التي تجذرت في تلك الجمعيات وتلونت بالون الطائفي الفاقع والتي ادخلت هذه الجمعيات في أزمة مستعصية ، في تقديم الأسس التي تسمح بتجاوز المنظومة ذاتها، وتأسيس منظومة للجدل المادي بديلة. لقد تشكلت تلك المنظومة في إطار (عقيدي، مذهبي) اي (تحولت الي عقيدة)، وبالتالي غدت اما ان تقبل او ترفض، وليس من الممكن ان تؤسس من داخلها ما يسمح ب (إصلاحها) او تجاوزها
ان خلط موقف هذه الجمعيات من كل القضايا والمهمات، والمسائل التي تناولتها مسالة الوحدة الوطنية، المسالة الطائفية، المسالة الطبقية، مسالة الموقف من المشروع الاصلاحي، مسالة العمل العلني / السري، مسالة مدنية الدولة، مسالة الديمقراطية الخ. كل هذا يفرض اعادة النظر فيها، خصوصا وان الواقع بعد انهيار مشروع الدوار يطرحها بإلحاح، والتي تم تناولها وكأنها ليست مسالة تناول (جدل مادي)، بل هي (تجميع) لمفاهيم قومية او دينية او طائفية، مذهبية وجمعها ب (مفاهيم) الجدل المادي هنا يبدو التراث الطائفي المذهبي والفكر القومي هو المصدر الأساس. لهذا تلونت هذه الجمعيات بخطاب سياسي طائفي وبشعارات شعبوية ذات شحنة ما فوق ثورية، ليست مطابقة للواقع، حيث بدت كل (قضايا الثوريون الجدد) تكرار لمفاهيم طرحها الفكر القومي او الفكر الطائفي المذهبي، هذه الطريقة في التناول كانت تشير الي ان (الجدل المادي) هو تجميع لمواقف ولرؤي اتجاهات فكرية اخري. وبالتالي فهي شكل من أشكال (تضييع الهوية) فيحل محل (الجدل المادي) النظرية الشعبوية ذات الروح الطائفية، التي هي (كوكتيل نظري) والجدل المادي يأتي في الذيل حال هذه الجمعيات التي كانت في ذيل الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين، هنا من الضروري اعادة وعي (النظرية) انطلاقا من انها منهجية بالأساس، طريقة في التفكير هي (الجدل المادي) قبل ان تكون تصورات وافكار او ايدولوجيا، فالجدل المادي هو الذي يؤسس لهذه التصورات والأفكار وتلك الإيدلوجيا ويعطيها اتساقها. فهو (اداةتحليل) بالأساس، منهجية، طريقة في التفكير، هذا التوجه هو الذي يسمح بإمكانية(دمج) القضايا المثارة (المسالة الوطنية، المشروع الاصلاحي، المسالة الطائفية، الطبقية الخ، في إطار منظومة نظرية متماسكة هي التعبير عن الصيرورة في المشروع الاصلاحي، ستكمن أهمية (الجدل المادي) الْيَوْمَ في وعيه كونه (طريقة منهجية) اداة التحليل في النظرية، ولكن ما الجدل المادي؟؟
مناقشة المنهجية، لدي الجمعيات السياسية في البحرين وبالذات جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي. من الملاحظ عند كل هذه الجمعيات انها قامت بتسييس وبتطييف من (طائفية)كل (الموضوعات) او القضايا وعبر شعار ان لم تكن معنا فأنت ضدنا؟ فيما يشبه (التقرير السياسي اليومي)، والذي يتم صياغته في اجتماعات سواء اللجنة المركزية او المكتب السياسي لهذه الجمعيات والذي يحاول ان يلمس بعض القضايا النظرية او الاقتصادية / الاجتماعية، لكنه يظل يدور (حول السياسة) بما هي جملة احداث منذ كارثة الدوار متوالية تتخللها احكام ومواقف متطرفة ومكابرة، ليست مبنية على اي تحليل او تشخيص للظرف السياسي؟! هذا هو الطابع العام الذي حكم هذه (المنهجية) وحكم بالتالي الحركة (اليسارية) في هذا المجال هو سيادة (عقلية)التقرير السياسي، الامر الذي جعل (الجدل المادي) لهذه الحركة يساوي صفراً. وأفضي الي ان يصبح (النشاط السياسي) هو ذاته ملاحقة الأحداث وتحديد الموقف منها (الحوار مع النظام، الحوار مع المكون الاخر، حل جمعية الوفاق، الذكري السادسة لحراك ٢٠١١،الخ)، بمعني ان الحركة افتقدت (الرؤية) واتسمت بأنها تحكم، بردود الفعل، ومن ثم العجز عن الخروج من أزمتها(الفكرية السياسية التنظيمية) ومن ثم العجز عن اعادة الروح وتكوين حركة مجتمعية فاعلة بعيدة عن الاصطفاف الطائفي السياسي. وهنا يطرح السؤال حول معني (السياسي) عند هذه الجمعيات، وعلاقته بالمجتمعي وبالدولة وبالطبقات (وليس بالطوائف) ان معني السياسي هنا مضيع، نتيجة الوعي الذي ساد عند الأعضاء والكوادر في الجمعيات والمنهجية التي تحكم (ما يسمي بالقيادات) في هذه الجمعيات الممسكين بسلطة القرار ، التي أسست لتناقض عميق بين النظري (الفكري) والسياسي، بالتالي بين المثقف والسياسي في هذه الجمعيات مما جعل الحراك السياسي او الحركة السياسية لدي هذه الجمعيات، حركة (خارجية) و (معزولة) والجمعية السياسية (فئة مميزة ) في (شلل وفئات) معزولة عن المحيط الاجتماعي بالرغم من ادعاء كل هذه الجمعيات انها تمثل الشعب والمعارضة ؟! فأصبحت الرؤية التي توجه الجمعية قائمة على السرد السياسي وتضمينها (احكام عقيمة)(مع او ضد، رافض او مؤيد). لقد أصبح الهم يتسم بسيطرة السياسي، او بالتركيز علي السياسي (او ما يعد انه سياسي) حيث انه في الغالب يتناول النشاط السياسي والحركة السياسية والتحولات السياسية والذي لا زالت مادته هي الصدام ما بين قوي الأمن والمجموعات التي تميل الي العنف او الاٍرهاب، بالتالي غياب (العمق) المتعلق بالأسس التي تحدد كل ذلك النشاط، حيث يغيب كل التكوين المجتمعي، بمستوياته، الفكرية والسياسية والاقتصادية. الأيدلوجيةلكي ينغلق الصراع على(السلطة / المعارضة)، وهذه مسالة تحتاج الي تأمل لان تطور الفكر الحديث قد أفضى الي نشوء الاليات التي تفضي الي الانتقال في البحث وخصوصا عند الجمعيات السياسية الي (كلية التكوين المجتمعي) بمستوياته الاقتصادية / الاجتماعية / الأيدلوجية / السياسية. ولهذا فان تناول (السطح السياسي) عند هذه الجمعيات وحده لن يسمح بفهم الواقع، اضافة الي انه لا يقود الي فهم (السياسي ذاته)؟ ذلك ان الجدل المادي يري الامر على هذه الشاكلة (اننا نقوم بعمل علمي حينما نرد الحركة المرئية اي الحركة التي هي مجرد حركة ظاهرية إلى الحركة الواقعية الداخلية) وخصوصا ان إدراك الواقع في المشروع الاصلاحي شرط لأحداث التغيير الاصلاحي فيه، لهذا سيكون التمحور لدي الجمعيات السياسية حول (السطح السياسي) عاجزا عن تأسيس الرؤية القادرة علي وعي الواقع في المشروع الاصلاحي، وبالتالي تحديد دور القوى الذاتية (الجمعيات) في اصلاحه.
ان النظر الي (السياسي) يؤشر على منهجية في التحليل عند الجمعيات السياسية تتمركز حول (الشكل) والذي يمكن تسميته (البنيةالفوقية) بمعزل عن المضمون الذي هو الأساس الاقتصادي / الاجتماعي. الامر الذي غيب الواقع الاقتصادي ومصالح الطبقات عند الجمعيات السياسية، وتجاهل ان السياسة هي نتاج ذلك، بالرغم من تأثيرها في مجمل التكوين الاجتماعي. الا انها تبقي منحكمة لأساسها، بمعني ان دورها يتطابق والحدود التي يفرضها الواقع الاقتصادي الاجتماعي، وبالتالي فان لم نر (المصالح) لن نكتشف سياسات الحلف الطبقي او سياسات الملالي وجمعياتهم، بل سيتم التبسيط الي ان كل ما هنالك هو (سياسات تمييز تأخذ بعدا طائفيا) ونبتعد عن الهدف الأساس من توصيف الموضوعات او القضايا علي أساس انها تشكل المدخل الذي يفضي الي الوصول الي العمق، اي الي (المصالح) لكي يتم تحديد احتمالات السياسات، وبناء الممارسة علي اساسها، مما يمكن من الانتقال من ممارسة (ردود الفعل) الي الفعل ذاته، اي الي تحديد (الرؤية) التي يمكن ان تسمي الاستراتيجيةومن ثم تحديد المهمات المستقبلية، والتحول الي (قوة مستقلة) عن الجمعيات الطائفية السياسية، وسوف تعرف دورها، ليس بناء علي الراهن فقط، بل علي الصيرورة في المشروع الاصلاحي. ان (التمركز) حول السياسي والذي أخذ بعدا يسمي ب (الهوس السياسي) عند الجمعيات السياسية، قد أنتج ما يمكن ان يطلق عليه (السياسيون) لان هذا التعامل مع السياسة من قبل الجمعيات السياسية افضي الي التعامل مع (احداث ١٤ فبراير) و كل (حدث) نتج عن تداعيات تلك الأحداث اي مع النشاط الذي تقوم به ( السلطة والجمعيات السياسية) والتصريحات والبيانات التي تطلقها، والممارسات التي تقوم بها، الامر الذي جعل السياسة هي رصد (للأحداث) والتعليق عليها، من قبل هذه الجمعيات هنا غدت السياسة هي (الحدث ) وأصبحت الممارسة عند هذه الجمعيات تعني ملاحقة (الحدث) لان هذا هو الواقع من وجهة نظرها. دون ان تري ان الواقع أوسع من ذلك الأفق الضيق لان الحياة اليومية للمواطن تشهد مئات المواقف والممارسات والعلاقات في الاقتصاد، كما في المجتمع، وكما في السياسة التي لا نسمع بها او نشاهدها، لكنها (احداث ) تجري في الواقع وربما الكثير منها لدي المواطن اكثر أهمية من (تصديع) راْسه بالسياسي والنشاط السياسي بالتصريحات والبيانات والمواقف والتي أصبحت (حالة من الإسهال) عند الجمعيات السياسية منذ ( احداث) ١٤ فبراير ٢٠١١، ان السياسة وثيقة الارتباط بالاستراتيجية للجمعية السياسية وهي التي تم التفريط بها لصالح (تكتيك) العلاقة مع جمعيات طائفية سياسية ؟! حيث تم التمويه عليها. اما المواقف فهي اما ان تكون معبراًعن الاستراتيجية او مموها لها كما حدث منذ احداث كارثة الدوار، وهذا يقع في مجال (التكتيك)، وبالتالي اذا لم تبني السياسة علي الرؤية الاستراتيجية، وقعت في ردود الفعل كما فعلت تلك الجمعيات لأنها حينها سوف تكون ردا علي تكتيك الخصم علاوة علي ان هذه الردود سوف تقوم علي ارضية كما تسمية تلك الجمعيات الخصم، لأنها رد مباشر علي ما يفعل الخصم دون رؤية أهدافه كما دون رؤية استراتيجية مقابله وهذا اكبر خطأ بنت عليه هذه الجمعيات رؤيتها وتكتيكها في تعاملها مع (الخصم) منذ احداث كارثة الدوار والي الان. مما يحول السياسة الي تكتيكات، ليس من ترابط بينها، وتنحكم في الغالب الي التناقض، مما لا يجعلها تشكل تراكما هو مهم للحركة السياسية. هنا تتم عملية انفصال السياسي عن المجتمعي وسيطرة الحدثي على السياسي، لتصبح السياسة عند هذه الجمعيات هي جملة احداث متتابعة دون وعي الرابط بينها، ويصبح نشاطها السياسي هو (التصدي) لهذه الأحداث، في بيانات تصدر عن اللجنة المركزية او المكتب السياسي في كل جمعية كل في (لحظته) حيث يشكل كل منها ما كان يسمي (الحلقة المركزية) هنا تغيب الرؤية وتتلاشي المنهجية، ويصبح الفكر وسيلة تبرير للسياسة المتبعة في (اللحظة)، هنا تتم الإشارة الي التداخل بين (السياسي) و (الفكري)، حيث ان الانطلاق من ان الفكرة او (الفتوى) هي مسيرة الواقع (وهو ما يجلب الإرادية) يفرض تناول (السطح) الذي هو (السياسي) لأنه يمثل (إرادة المرجع الديني او إرادة الأمين العام او الزعيم او الرمز) ليصبح الصراع هو (صراع إرادات) لكن بالمعني الشخصي والفردي، وليس المجتمعي ليتحول الصراع الي صراع سلطة سياسية / جمعية سياسية بعيدا عن الطبقات ومجمل الحركة المجتمعية او لتتحول الطوائف والطبقات والحركة المجتمعية الي (مادة) تستخدم في الصراع مع النظام لا قوة لها ولا تعبر عن مصالحها ومطامحها، وتزج في دوار الكارثة هنا يصبح الصراع هو صراع خيارات طائفية مذهبية وليس خيارات طبقية، لتلعب الجمعية السياسية التقدمية دور المبلور والمنظم لخيار بديل والطامح للإصلاح في المشروع الاصلاحي، ان الحركة (اليسارية) ظلت تعاني من انها لا تطمح لان تصبح (قوة مستقلة) عن الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين لكي تصبح قوة تغيير في المشروع الاصلاحي، حيث حصرت (نضالها) في السياسي وفِي الطائفي.
الفكرة او (الفتوى) هنا عند الجمعيات السياسية في البحرين، أصبحت من منظورها، هي ما يؤسس الواقع، وليس الواقع هو ما ينتج الفكرة او (الفتوى) وتصبح مهمة الجمعيات السياسية او الجماهير ان تحقق الفكرة او (الفتوى) هنا مثال (اسحقوهم) او تطبق الفكرة ومن هنا تأتي مسالة (النظرية والتطبيق) عند جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي، ومن ثم كما تحاول الان هذه الجمعيات ان تطرح على نفسها (هذا اذا طرحت هذا علي نفسها) في ظل تعطل آلية النقد والنقد الذاتي في حياتها الداخلية، اي تطرح، هل ان الخطأ في (الفكرة) او في (التطبيق) حيث سيؤكد البعض ان المشكلة كانت في
الدنس او (الممارسة) (او كما تسميه هذه الجمعيات في التيارات او التوجهات التصعيدية في الجمعيات المتطرفة) والذي نتج عن التطبيق، بينما سيقود الدنس الاخر من قبل البعض الاخر، الي (الكفر) بالفكر ذاته، لكي يفتح باب الضياع والتيه الذي تتخبط فيه هذه الجمعيات. لقد أفضى الانطلاق من (الفكرة) او (الفتوى) الي سياسة مفارقة عند هذه الجمعيات للواقع، والذي أسس لتكتيك، في غاية الخطأ والخطيئة في حق الشعب والوحدة الوطنية، بالعودة الي البنى الإقطاعية (والبنى الأولية الطائفية المذهبية) العتيقة، من دون ان تسعي حتى، الي ان تتجاوز هذه البنى الإقطاعية العتيقة والذي كان يمثل (ضرورة) في هذه المرحلة، من اجل ان تصبح الديمقراطية ممكنة؟! حيث يجب ان تتأسس البنى البديلة التي تفكك الطوائف المسيّسة، وتلغي انعزال (القرى) وتُهمَّش العلاقات الطائفية المذهبية والعلاقات القبلية والعشائرية، من اجل ان يتكرس مبدأ المواطنة ليس بالقول كما هو خطاب تلك الجمعيات بل بالفعل على ارض الواقع. فتكتيك هذه الجمعيات السياسية، لم يقم بالسعي حتى الي الدعوة لتحقيق التطور الرأسمالي، كونه نمط عالمي، وبالتالي قوة تأثير في البحرين لمحاولة اللحاق بالنمط العالمي، بالرغم من ان هذا التطور أصبح محتجزا عبر دور الامم الرأسمالية الامبريالي اولا، ثم المسيطر في إطار علاقات لا متكافئة ثانيا، الامر الذي فرض ان يكون التطور متناقضا مع الرأسمالية في المركز، وبالتالي ليس رأسماليا في الأطراف، هذا السيناريو لم يكون وارد امام مشروع الدوار بل تم الأخذ بالسيناريو الاول؟!! إذن لقد أدي هذا المنطق او هذا التكتيك الي (ثوريةمبتذلة) والي تقدم ملتبس والى نسبي تحول مطلقا والي حراك سياسي في خط مستقيم متصاعد من اجل تحقيق البنى الإقطاعية في دولة التحالف من اجل الجمهورية الاسلامية او دولة ولاية الفقيه. لقد بات الجدل المادي هنا مبهم ومشوش، بدل ان يكون المنطق الجدلي هو أساس رؤية الواقع، وبالتالي أساس بناء الرؤية والاستراتيجية والتكتيك، حيث تم هنا تغييب هذا المنهج لصالح منهج اخر (لاهوتي) بطابع طائفي مذهبي، حيث بدا هذا التنسيق ومن ثم التحالف مع الجمعيات الطائفية السياسية وكأنه شطب، لعديد من المفاهيم والمقولات ان لم يكن تجاوز الجدل المادي كليا؟! المسالة لم تكن في ان الجدل المادي كونه منهجية مفتوحة ومتجددة ونقدية والتي لا تني تعيد انتاج المقولات والمفاهيم الخاصة بالتكوين المجتمعي الكلي في البحرين وبالتالي لا تني تعيد انتاج الواقع الذي هو في تغير وتحول دائمين في المشروع الاصلاحي المسالة هنا عند هذه الجمعيات في كوّن الجدل المادي تحول الي (نص مقدس) يستخدم كأداة قياس، وبالتالي يعيد ترتيب العلاقة بين الفكر والواقع والذي حسمته هذه الجمعيات لصالح ان الفكر او الفتوى هو محددالواقع؟
المسالة هنا- تتمثل في تحديد ماهية الجدل المادي، وكيف يري هذا (الجدل) التحولات في المشروع الاصلاحي، والتحولات في دول مجلس التعاون، والتحولات في دول المنطقة وفِي دول العالم. اي متحولات العصر، والمهم لدي هذه الجمعيات كيف تفهم الجدل؟ هل هو نصوص وقوانين و (أفكار) او (فتاوي) مؤلفة في (ايدولوجيا)، وبالتالي ان تشطب هذه الجمعيات مالا يتناسب وتنسيقها وتحالفها مع الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين (عدم طرح ملف فصل الدين عن الدولة) وان تبقي على الاخر في عملية هي في واقعها (ذاتية) ومن ثم يمكن (تجميع) الباقي مع (منجزات الاسلام السياسي والجهادي) ما قبل وما بعد الربيع العربي وما قبل وما بعد ثورة شباب ١٤فبراير؟! ام بالنظر الي الجدل المادي، على أساس انه منهجية تؤسس لقوانين وافكار ووعي بالواقع، وبالتالي يمكن ان تتضمن كل المنجزات (الإيجابية في المشروع الاصلاحي)؟ المنطق الاول نصي، وهو الذي ساد عند جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي، وبالتالي انتقائي ومن ثم (لأنه لم يرى سوى السلبيات في المشروع الاصلاحي) وهذه نقطة مقتله، اما المنطق الثاني هو منطق الجدل المادي، لأنه يقوم بعملية التضمن لكل الايجابيات في المشروع الاصلاحي وينتقد السلبيات بروح المعارضة المسئولة البعيدة عن التشهير والتحريض والسب والشتم، والاسقاط وعلي أسس علمية هي منهجية الجدل المادي ويصر علي الوعي المستمر بالواقع وبالصيرورة في المشروع الاصلاحي وبعيدا عن العودة الي مرحلة (الإقطاعية) والتي من المفترض ان المشروع الاصلاحي قد تجاوزها، وعبر تضمن كل ما هو وطني وديمقراطي في تاريخ الحركة الوطنية في البحرين، الامر الذي يجعل الجدل المادي (فلسفة مفتوحة) تعيد انتاج الواقع في المشروع الاصلاحي، وبشكل مستمر. لهذا يجب (شطب) (الجدل المادي الرائج في جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي،) كله، وإعادة بناء (الجدل المادي) انطلاقا من انه (منهجية) (أدوات تحليل) تدرس الواقع والوقائع، بشكل مستمر، وتنتج التصورات المطابقة، بشكل مستمر، وهذا يفرض اعادة النظر الي مفاهيم عدة (الايدلوجيا ، الطبقة ، الثورة) حيث بات (النص) عند هذه الجمعيات السياسية، ولا كأنه يرفض مفاهيم سادت مشوهة عند (المنبر ، وعد ، التجمع) بل سوف يحدث الأسوأ في حال اشتدت الضغوط والتلويح بالحل لكل هذه الجمعيات (المفلسة فكريا، سياسيا، تنظيميا) حيث سيتم الرفض لكل تلك المفاهيم ذاتها، كما هي في الجدل المادي، ليتم تجاوز منظومة الجدل المادي ذاتها، وليس المفاهيم، كما عممها الجدل المادي الذي ساد في تلك الجمعيات، ان عدم التمييز بين الجدل الذي راج في تلك الجمعيات والجدل المادي أوقع كل تلك الجمعيات في مشكلات واختلالات منهجية، وَقّاد الي التباسات وتشوش واضطراب، لم يسمح بتحديد دقيق للمسائل (استبدال مسالة الوحدة الوطنية، بالمسألة الطائفية، مسالة الإصلاح في المشروع الاصلاحي بمسالة الثورة، مسالة وحدة الطبقة العاملة، بمسالة وحدتها الطائفية الخ) وبالتالي لم تسمح بتحديد البديل الوطني الديمقراطي في المشروع الاصلاحي.
فكر المراجعة والديمقراطية لقد سادت فكرة (الاولويةللديمقراطية) عند كل الجمعيات السياسية في البحرين وبالذات عند. جمعية وعد حيث ربطتها بحقوق الانسان؟ ولم تطرح هذه الجمعيات على نفسها ان المشكلة التي كانت بحاجة الي حل هي مشكلة التطور الاقتصادي الاجتماعي والذي يؤسس الارضيّة التي تسمح بالتحول الديمقراطي. اي وجود (التكوين المجتمعي الديمقراطي) المهم لهذا التحول الديمقراطي ان تمسك الجمعيات السياسية بهذه الاولوية للديمقراطية عند الجمعيات المسماة بالوطنية الديمقراطية وبالذات (للمنبرالتقدمي) والذي شطب في أحد مؤتمراته الاخيرة كلمة الديمقراطي بدون وعي فقط لكي يختصر الاسم (المنبرالتقدمي) قد جاء بعد انهيار التجربة الاشتراكية، بحكم ان الانهيار نتج عن (الاستبداد) وغياب الديمقراطية في تلك التجربة، والذي بنت عليه جمعية وعد وتحت حجة تعويم الأيدلوجياالتي ولدت الاستبداد في تلك التجربة أيضا؟ ان الانطلاق هنا كان من ان التجربة الاشتراكية باتت مجال. رفض فقط انطلاقا من نظرة احادية، هي (الاستبداد). وهنا يطرح السؤال هل الديمقراطية هي الاولوية او المدخل؟ ولا شك في ان الخلاف يتركز هنا، حيث بدت (الديمقراطية) هي (المفتاح السحري) وأنها (المثال) الذي يصدر الحكم بالإعدام على التجربة الاشتراكية. وتم تعميم ذلك عبر ندوات ونشرات وفعاليات مركز دراسات الوحدة العربية والذي تم فيه المساومة التاريخية مع الاسلام السياسي بإدخال أحزابه في (جنةالديمقراطية) فأصبحت الديمقراطية عند الجمعيات السياسية في البحرين شرط سابق ومولد لمفاهيم التقدم. هنا تم تأسيس الأحكام انطلاقا من (مثال) وتم الطلب من الواقع ان يطابق هذا المثال من دون رؤية ان تجاوز البنى الاقطاعية وفئة الملالي وجمعياتهم الطائفية القرو وسطية كان ضرورة من اجل ان تصبح الديمقراطية ممكنة، بل الذي حدث كان العكس؟!! فالديمقراطية تتطلب التطور لكن غاب عن كل الجمعيات البحث عن الصيغة التي تسمح بتحقيق التطور في إطار ديمقراطي في المشروع الاصلاحي هنا فان التحالف او التسوية مع الجمعيات الطائفية السياسية لا تحقق الا (الديمقراطية) التي تشل ممكنات التغيير في المشروع الاصلاحي، حيث يلعب التخلف والبنى ما قبل حديثة دورا في تمرير (اللعب الديمقراطي) واستمرار دور القوى الطائفية والقبلية. هنا لم تتنبه هذه الجمعيات المسمات بالوطنية الديمقراطية، انهم وعبر طرحهم شعار التعبير عن (الكادحين) اي عن الطبقات الشعبية وهم يدعون بأنهم يحملون (مشروع) التطور والتطوير في المشروع الاصلاحي، والانتقال الديمقراطي، فهم كان من المفروض ان يحققوا (المشروع الديمقراطي) بما فيه المشاركة في مؤسساته كالبرلمان، الذي تم إخضاعه عند هذه الجمعيات لموقف (المقاطعة / المشاركة)؟!!! حيث ليس من الممكن ان يلتقي التطور والديمقراطية في المشروع الاصلاحي الا مع هذه الجمعيات ولكن للأسف لم تكن تعي هذه الجمعيات ذلك حتى بعد ان وقع الفأس في الرأس ووصلنا الى طرح حل جمعية وعد. ذلك ان (الخطاب الديمقراطي) لكل هذه الجمعيات هو خطاب مبهم ويقوم على الحديث (المجرد) عن الديمقراطية والمواطنة وحقوق الانسان والحريات الخ.
المسالة التي كانت مطروحة على كل الجمعيات السياسية وبالذات جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي هي بلورة (برنامج ديمقراطي) مستقل لهذه القوي والطبقات الشعبية التي تعبر عنها، بدل الانسياق وراء (برنامج عام ومبهم) تم فيه دمج القوى الطائفية المذهبية، والذي هيمنت هذه القوى عليه تحت مسوق (التنسيق، التعاون، التحالف، التقاطع) هذا من جهة، وتحديد الاليات التي تسمح بتحقيق هذا (البرنامج الديمقراطي) من جهة اخرى، كما انها تتعلق بربط هذا (البرنامج الديمقراطي)، بالأهداف المجتمعية، التي تتعلق بتحقيق التطور في المشروع الاصلاحي، (وبالتالي وضع برنامج التطور الاقتصادي) وربطه بمصالح الطبقات الشعبية، ان طرح شعار الاولوية للديمقراطية عند الجمعيات السياسية تحول الي شعار (مطلق) تم تهميش الأهداف، والمصالح، والعمل خارج الاليات الديمقراطية والعمل السياسي المشروع والقانوني المتسمة بالفوضوى، والتي أخذت تميل الي العنف والارهاب منذ احداث ١٤ فبراير ٢٠١١، بدل ان تبقي الديمقراطية، جزء من (رؤية) تعبر عن الطبقات (وليس الطوائف)، هنا تحولت الديمقراطية الي ايدولوجيا عند هذه الجمعيات، ذلك ان الديمقراطية ليست (عقيدة، ولا مذهب، ولا ايدولوجيا) هنا تم استجلاب كل المبررات التي ساعدت علي اعطائها هذه السمة (عقيدة، مذهب، ايدولوجيا) وذلك عبر تماهي جمعيات التيار الوطني الديمقراطي مع القوى الطائفية السياسية، وبالتالي ذابت الفروقات بين تلك الجمعيات والتي هي جوهرية، لتذوب الحدود بينها وتختزل في إطار (مشروع طائفي) وحراك سياسي طائفي، لأنه عندما يتم تغييب الرؤية والمصالح والاهداف التي تخص الطبقات الشعبية لصالح الرؤية والمصالح والاهداف لمراجع دينية وجمعيات طائفية، يعني تمثل الرؤية الطائفية (الاقطاعية) والتماهي معها. هنا ضاعت الحدود بين الطبقات والقوي الطائفية عبر اخفاء الاختلافات بين القوى الوطنية الديمقراطية والقوى الطائفية التي تستغل الدين، خشية تفكك التنسيق او التعاون او التقاطع او التحالف مع الجمعيات الطائفية وفِي هذا الإطار، كان التكتيك المبني علي اولوية الديمقراطية عند الجمعيات السياسية، قد غيب الاستراتيجية والرؤية لدى جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي، وبالتالي مصالح الطبقات التي تعبر عنها ومنها بالأساس الطبقة العاملة البحرينية التي تم استقطابها وتقسيمها طائفيا حيث كان من المفترض في المشروع الاصلاحي تنشيط تلك الطبقات (الطبقة العاملة) التي تلمس مشكلاتها، المباشرة والتي هي مشكلات اقتصادية اجتماعية بالتحديد هنا يأتي تلمس هذه الطبقات لأهمية الديمقراطية، والذي يفترض ان تنتظم في نقابات واتحادات عمالية اي يفترض حركتها، علي ضوء تلك المصالح المباشرة، لكي تكتشف من هو يقف معها او بالضد منها، الامر الذي يقنعها بان الديمقراطية مرتبطة بمصالحها، وأنها لها الاولوية هنا. والتي تبحث عمن يضع او يحدد (البرنامج الاقتصادي الاجتماعي المطلبي) لكي يكون أساس نشاط تلك الطبقات في سعيها لتحقيق الديمقراطية، وكما ذكرنا سابقا، ان سيادة (العقل التكتيكي) عند تلك الجمعيات، والذي رسم السياسة، في حدود التكتيك وحول الفكر الي مبرر مما جعل التكتيك هو المسيطر وهو الركض وراء الحدث. ان وضع المجهر من قبل الجمعيات السياسية علي الديمقراطية، حولها الي مطلق ومدخل عقائدي وحلم يوتوبي من دون ملاحظة ان الديمقراطية تقع في المستوى السياسي وان الأساس الواقعي (التكوين الاقتصادي الاجتماعي) تم تهميشه عند تلك الجمعيات، هنا سيطر عند هذه الجمعيات التصور الذي يبدأ من (الواقع) الذي هو المباشر علي الجمعية السياسية الان هو الاستبداد لهذا فان الديمقراطية هي (كل شيء) الان، الي ان يتغير المباشر، فيتغير التكتيك، وهكذا دون رؤية او دون رؤية مصاغة ومعممة لكي تكون معروفة لدى كل القوى الآخرى .
ان مرض اليسار الراهن يتمثل في القبول بالأمر الواقع، في الغالب وإذا رفض امر واقع، فسيقبل امر واقع اخر، وهو دائما يميل الي ان يكون في ظل اخر، في ظل الجمعيات السياسة الطائفية، منذ انطلاقة المشروع الاصلاحي او منذ التسعينيات بمعني انه لا يسعي لان يكون هو، ذات مستقلة، له رؤيته ودوره وموقفه من الواقع، ومن كل التوجهات او التيارات، وان يسعي لان يلعب الدور الأساس ليقود هو حركة الآخرين. ان عدم تبلور اليسار (كذات) وتبلور رؤيته وميله لان يقود هو الطبقات الشعبية، لهذا نرى هذا اليسار ينساق مع موجة (الديمقراطية) او موجة (الشعبوية) او (الثورية) وهو يحمل المراجع وجمعياتها الطائفية على أكتافه قابلا بقيادتها ولازال مصرا على ذلك كما انجرفت وعد في الفترة الاخيرة حول الحركة الطائفية الجهادية. ان مشكلة هذا اليسار تتمثل حصريا، في انه لم يكن يعي معني اليسار، ولا أهمية دوره، وايضاً الإمكانيات التي يتمتع بها، لكي يصبح القوة الفاعلة الاساسية، بل رمى كل ذلك في بحر الطائفة والطائفية السياسية. ان القبول بالأمر الواقع كما ترى وعد (سيطرة الاسلام السياسي) هو مرض اليسار، لهذا نراه ينساق مع الموجة العالية التي ضربت البحرين في دوار الكارثة وارتداداته الكارثية على الطبقات الشعبية، وكان لا (شخصية) له ولا (ذات) ولا (وزن) رغم ان لدوره أهمية كبيرة في تغيير الواقع، لأنه الوحيد القادر على التعبير عن الطبقات الشعبية وفق استراتيجية مبنية على فكر علمي تغييري. لهذا يأتي النقد هنا لمعالجة هشاشة وخلل هذا التكوين من اجل تأسيس يسار اخر، لا يلحق الموجة الطائفية او اي موجة اخرى، بل يفعل الحركة الواقعية بما يقود الي تحقيق التغيير للنظام الديمقراطي المنشود في المشروع الاصلاحي.
الان اصبح من الضروري تجاوز الجمعيات الطائفية السياسية، والارتباط بالطبقات الشعبية، كما بتحقيق التطور المجتمعي في المشروع الاصلاحي، فهذه هي مهمة اليسار الان والتي لن تتحقق الا بفك الارتباط نهائيا مع الاسلام السياسي وجمعياته الطائفية، وبالضد من الحلف الطبقي الذي تنفذ سياسيا واقتصاديا، في المشروع الاصلاحي بمعني لا يزال امام اليسار هدف تحقيق المهمات الديمقراطية، التي تعني تحقيق التطور الصناعي/ المجتمعي، والدفع بالحريات المدنية في المدينة كما في القرية، هذه مهمته الأولى الان حيث انه هو الذي يمتلك دينامية الدفع والرافعة للتطور وبالتالي الضغط في اتجاه تحسين وضع الطبقات الشعبية. وبهذا فان اليسار بميله للطائفية السياسية لا يفعل سوى إلغاء (ذاته) لمصلحة فئة الملالي وجمعياته الطائفية والتوجه الجهادي المتطرف في الغالب. والي الدعوة لخيارات سياسية وتصعيدية مثل الندوات حول الذكرى السادسة لحراك ١٤ فبراير ٢٠١١، تزيد ابتعاد أعضائه وكوادره وكذلك الطبقات الشعبية عنه. ليتحول الى (شلل) من السياسيين الذين ينتظرون المجهول بينما الواقع يدفع في اتجاه الصراع الطبقي وليس الطائفي كما تتوهم هذه الجمعيات، ويفرض البحث عن خيار شعبي حقيقي بعيدا عن الطوائف والطائفية السياسية يكون لليسار الدور المركزي فيه.
المرجع: ( اليسار السوري ) في واقعه الراهن. الكاتب سلامة كيلة
فكر المراجعة النقدية والنقد، والنقد الذاتي
بقلم الدكتور: سامي سالم
منذ احداث ١٤ فبراير في ٢٠١١ بدا يبرز مفهوم (الازمةً) في الجمعيات السياسية في البحرين. وتحدد بشكل واضح في جمعية المنبر التقدمي وتم التغطية عليه في جمعية وعد والتجمع وكذلك في الجمعيات الطائفية السياسية (الوفاق واتباعها) وكذلك في الجمعيات الطائفية السياسية في الضفة الآخرى. والآن فان هذه المسالة الاساسية (الازمةً)والتي أصبحت الشغل الشاغل لكثير من الوطنيين والديمقراطيين والتقدميون تتمثل في توضيح خواء (الفكروالنهج)الذي أنتج هذه الازمةً في كل الجمعيات، وبالتالي نقد المنظورات المختلفة، سواء ما يتعلق بالمسألة الوطنية، او فيما يتعلق باختيارات التطور الاقتصادي والاجتماعي، للوصول الي ان السياسة التي يتبعها (الفكروالنهج) في هذه الجمعيات منافية للفكر والنهج الذي تدعيه هذه الجمعيات، لأنها بالأساس منافية للواقع. ففي احداث ١٤ فبراير ٢٠١١ حدثت (عمليةالانقلاب) هذه لان (لحظةالثورة) هي ذاتها (لحظةالانقلاب) دون مسافة ولو بسيطة من اجل التأمل، وإعادة الدراسة، ومراجعة التجربة. وبان المسالة هي مسالة وعي وممارسة، وبالتالي قناعة واقتناعاً، يحتاج تجاوزها الي وعي مشكلاتها، وبالتالي وعي (البديل) عنها. لهذا بدا هذا الانقلاب، وكأنه انتقال من سياسة الى اخرى، لكنه في الواقع مثل تغييرا في الجوهر مع التمسك بالشكل. ان الطابع العام لهذا الانقلاب (الموجة) لم يكن (عاقلا) بل عبر عن (انقلاب في العمق)لأنه قلب السياسات التي تم (التوافق) عليها، وان في أهاب جديد (ثورة) وعبر حملة (هجومية) قاسية على كل الرؤي والتصورات، والتي اعتبرت انها تصورات ورؤى سابقة. وتم حرق المراحل في المشروع الاصلاحي والذي يعمل تحت مظلة ميثاق العمل الوطني، وحرف التاريخ والصيرورة عن مساره عبر إرادية فظة للـ (المراجع، الرموز، الزعماء ) فقد فتح (الثوريون الجدد) في وعد، المنبر، التجمع الخ حربا ضد تصورات وسياسات، لم تكن هي سياستهم، ولا تصوراتهم، بل هي تصورات وسياسات (متفق عليها) هذا من جهة ومن جهة اخري عمد (الثوريون الجدد) لإعادة انتاج سياستهم الجديدة وتصوراتهم الجديدة ذاتها، هنا من الضروري ان نناقش (الثوريون الجدد) او (النقاد الجدد) او (الأفكار الجديدة) – فكر المراجعة لكي تتوضح مطابقتها (للجدل المادي) ولمسألة وعي هذا الجدل المادي او المنهج العلمي، ومن ثم السياسات التي يقود اليها هذا الوعي. فالفوضى الخلاقة كانت في أساس فكر هؤلاء (الثوريون الجدد) او النقاد الجدد او الأفكار الجديدة والتي أدت الي تدمير (الجدل والنهج المادي) وتدمير المشروع الاصلاحي وتدمير الوحدة الوطنية وتدمير اليسار البحريني فقد أصبحنا في (فوضي)، لهذا بات من الضروري التحديد وإعادة ترتيب الصورة والرؤية في ظل هذه الفوضى. لكن المشكلة هنا عند كل من يريد ان يمارس عملية (المراجعة والانتقاد) كما لا حضنا في مقال عبيد عبيدلي (جمعية العمل الوطني الديمقراطي بين الانتحار السياسي وسكة السلامة) ان هذه المراجعة تجرى انطلاقا من (الادوات القديمة) ذاتها، لهذا تبدو (الأفكار الجديدة) وكأنها عند عبيدلي (انتقال من طرف الي اخر) من الانتحار السياسي الي سكة السلامة، لهذا سيبدو هذا التحديد فارغا، او ممرا لأفكار جديدة تتجاوز (الجدل المادي) فإذا عدنا الي كل الاتجاهات التي نشأت في وعد، المنبر ، التجمع سنلحظ انها تبدأ في التخلي عن الجدل المادي عند المنبر وتعويم الايدلوجيا عند وعد الخ ، فالثوريون الجدد او النقاد الجدد او الأفكار الجديدة قفزت علي ابسط أشكال التحليل الجدلي عندما أخذت بخيار الثورة في البحرين (ان تشكيلا اجتماعيا معينا لا يزول – قط – قبل ان تنمو كل القوي الإنتاجية التي يتسع لاحتوائها، ولا تحل – قط – محل هذا التشكيل علاقات انتاج جديدة ومتفوقة، ما لم تتفتح شروط الوجود المادي لهذه العلاقات في صميم المجتمع القديم نفسه) ان محاولة لوي عنق التاريخ بالنكوص الي الخلف اي اعادة التشكيلة الاقطاعية او دولة المحاصصة الطائفية بقيادة الملالي في البحرين في حال انجزت هذه (الثورة) هذه المهمة قادت هذه الجمعيات (وعد ، المنبر ، التجمع) الي ان تصبح جزء من التكوين الاقطاعي او دولة المحاصصة الطائفية المنشودة (التحالف من اجل الجمهورية الاسلامية او دولة ولاية الفقيه) هنا نستخدم الاقطاعي من الناحية المجازية فقط
السؤال هنا ما علاقة الجدل ب فكر المراجعة وحرية الانتقاد؟أليست (الإرادة) أليس (الوعي) عند الجمعية السياسية جزءاً من الواقع؟ وبالتالي الا يشملها الجدل؟ سنلاحظ هنا ان (الجدل المادي) عند الجمعيات السياسية يفهم خارج إطار الواقع، ويكيف علي حسب إرادة ووعي الزعيم الرمز، حيث تحول هذا الجدل المادي من فلسفة للتغيير الي فلسفة للتبرير للجمعيات الطائفية السياسية وأصبح هو همها وشغلها الشاغل. وعملت علي تبرير وتمرير الاجندة الطائفية المذهبية لدى الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين وحولتها الي قوة مادية بان أقنعت كوادرها وأعضائها بالمشاركة في حراكها السياسي الطائفي بامتياز، هنا تم انتاج التصورات التي تداولها (فكر ونهج التسوية التاريخية مع الجمعيات الطائفية السياسية) وبررت لها عبر يافطة (التحول الديمقراطي الناجز) وبمنطق (التراكم الكمي) عبر الاعتصام المفتوح في الدوار والمسيرات والمظاهرات، هنا كان (الجدل المادي) غائبا او مغيبا، لان التناقض تمظهر طائفيا مذهبيا، ولم يتبلور التناقض من وجهة نظر الجدل والذي يفرض تفاقمه وتبلور طرفيه طبقيا ، ومن ثم يأتي (النفي) ليصبح ممكنا تحقيق التركيب، وتحقيق ذلك يفترض كذلك تحقيق الكيف عبر الكم، بينما ما يطرح من قبل (الثوريون الجدد) و (النقاد الجدد) سيبدو وكأنه يدفع باتجاه تحقيق التراكم الكمي في (طريق واحد) هو (الإقطاعية ودولة المحاصصة الطائفية)، وعبر تجاوز تناقض البورجوازية / الطبقات الشعبية وإلحاق هذه الاخيرة بفئة الملالي ورأسمالها المؤسلم الرجعي وجمعياتها الطائفية السياسية، هذا ما فعلته تلك الجمعيات وهذا ما تدعو اليه (ب فلسفة التحول الديمقراطي الناجز) إذن هنا نلمس ان تمسك (النقاد الجدد) في الجمعيات السياسية (بالجدل المادي) دون ان نلحظ مفاعيله في تصوراتهم ونلمسه في حراكهم السياسي، فانهم يتمسكون ب (فلسفة التحول الديمقراطي الناجز) دون ان يمس ذلك تصوراتهم بل تصورات الجمعيات الطائفية السياسية. حيث سكنت (الحتمية)(باقون حتى يسقط النظام) اي الجبرية ذاتها، اي ضرورة انتصار (منصورين) مشروع الجمهورية الاسلامية او دولة ولاية الفقيه. لقد غاب عن هذه الجمعيات ان الجدل المادي هو منهجية بالأساس وليست نصوص مقدسة وهي آلية تفكير محل نصوص معروضة (التحول الديمقراطي الناجز، مملكة دستورية على غرار المملكات العريقة) لكي تحفظ عن ظهر قلب، وأيدلوجيا طائفية سياسية تأسست على أنقاض الجدل المادي. فهذه (الموجة) حولت كنه الجدل المادي عند هذه الجمعيات السياسية الي واجهة معركة طائفية بامتياز بلورة (الشرخ الطائفي) في المجتمع. وغدت ضد الروح العلمية والتغييرية في الجدل المادي وضد منظومتها السياسية. وكذلك مثلت مدخلا لتجاوز (الجدلالمادي) وبالتالي ليحول الجدل المادي الي مسخ عند هذه الجمعيات، حيث ان (الثوريون الجدد) لا يفهمونه، ولا يستطيعون الفهم انطلاقا منه، وإلا كانت كتاباتهم وبيناتهم جدلية، لهذا فهم يكررون السياسات ذاتها المرتبطة بربيعهم الرمادي وبالتالي فهم يعيدون انتاج نفس الخطاب السياسي في ثوب التحول الديمقراطي الناجز. ان تحليل المنطق الذي يحكم مجمل (فكرالمراجعة) التي باتت تطرح من قبل (ثوريو ما بعد انهيار الدوار) يوضح بان الجدل المادي غريب فيه، كما يوضح بأنها لا تزال تنحكم لمنطق نصي، تقبع فيه(لوثة طائفية دينية مذهبية)، حيث تشكلت هذه الأفكار، في التضاد مع شيء ما، فكر ما، ولم تتأسس انطلاقا من البحث في الواقع استنادا الي الجدل المادي
سنلمس هنا بان حالة من الفوضىالسياسية وكذلك من الضياع السياسي، حكمت كل الجمعيات السياسية وبالذات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي. والي حالة من الفوضى حكمت الأفكار التي تستخدمها هذه الجمعيات كأداة للتحليل، هنا انتشرت الميول نحو (الانقلاب) بحجة ان اللحظة تفرض ذلك، الحراك السياسي في ١٤ فبراير ٢٠١١، ومحاولة البحث عن تصورات جديدة بعيدة عن ما هو موجود في البرنامج السياسي والنظام الداخلي لهذه الجمعيات، قابلها ميول الي التخلي عن (الجدل المادي) لصالح مذهب انتقائي او اختياري او خليط من عدة أفكار تم ربطها بطريقة اعتباطية، او الهروب الي ما يناقض (الجدل المادي) وينفيه لقد بدا العد العكسي في عملية تخل عن مفاهيم وتصورات سادت لفترة طويلة منذ ان ضرب الفكر الاشتراكي التربة البحرينية، رافقتها عملية اضعف لإعادة بناء المفاهيم، او لتقديم تصورات ومفاهيم (شعبوية في أهاب طائفي) لتبدو الحركة اليسارية الْيَوْمَ وكأنها في اضعف لحظاتها، لان موت التصورات والمفاهيم الجدلية، لم يفض الي بناء تصورات ومفاهيم (للجدل المادي ) جادة وحيوية تلامس الواقع الموضوعي، وبالتالي فان حالة الضياع هي التي تحكم هذه الحركة، وتفضي في الواقع الي تفكك هذه الجمعيات و (هزالها) ولربما تلاشيها، من الوجود والعمل السياسي كما هو حال جمعية وعد واخواتها الْيَوْمَ. هذه النتيجة ربما تدعم الربط بين انهيار مشروع الدوار و (الجدل المادي)، لان تداعيات الانهيار والتي تجاوزت (عندما تندفع عجلة التاريخ نحو الهاوية) كانت عظيمة التأثير علي الحركة اليسارية، الي حد انها بدت وكأنها تتلاشى، وربما كان لذلك علاقة بطبيعة تشكل الجدل المادي في البحرين بدا من تأسيس جبهة التحرير الوطني، والجبهة الشعبية والتي طغي فيها التشكل السياسي، علي التشكل الفكري النظري، ومن ثم ما بعد تشكيل الجمعيات السياسية وعد المنبر التجمع في ظل المشروع الاصلاحي، ومن ثم انفصامها لمصلحة سيادة (السياسي) وخصوصا منذ احداث كارثة الدوار، الذي كان يعني (النظر التكتيكي) وبالتالي دون وعي عميق بالواقع، ووعي أعمق لآليات تحويله، وهو ما كان يؤشر الي ان (الجدل المادي) هذا لم يكن (الجدل المادي) بل كل ما عملت به هذه الجمعيات هو توظيفه واستثماره لصالح الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين، في جملة من الشعارات وافكار وتكتيكات تحت حجة عدم الانعزال عن الحراك السياسي؟! مما جعلها تفشل في تأسيس وعي مطابق لصيرورة التطور في المشروع الاصلاحي، سواء بتحديد الأهداف الاساسية المحققة لهذا التطور، او بتحديد الاليات الضرورية لتحقيق تلك الأهداف بعيدا عن روح المغامرة الثورية والشعبوية، وبالتالي دور الطبقات الذي استبدلته تلك الجمعيات بدور الطوائف والطائفية السياسية في كل هذا الحراك السياسي. هنا نكاد نصل الي نتيجة هو نفي امتلاك، (الجدل المادي) من الأساس عند هذه الجمعيات بما فيها المنبر التقدمي، لنقول بان انهيارها كان سابقا لانهيار مشروع الدوار، ولم يفعل انهيار مشروع الدوار سوي انه اطلق (رصاصة الرحمة) علي جثث الجمعيات وهي تحتضر في موتها السريري، هذا هو أساس حالة الفوضى والضياع للفوضى الخلاقة التي انساقت ولحقت بها هذه الجمعيات، اللتين حكمتا الحركة اليسارية وحركة الجمعيات السياسية وعد، المنبر ، التجمع منذ تأسيسها وبان بشكل واضح في حراكها السياسي في ١٤ فبراير والي الان، حيث افضي انهيار الدوار ومشروعه الي انهيار (منظومة فكرية) ولدت في رحم هذه الجمعيات وعممت علي أساس انها (الجدل المادي)، رغم انها لم تؤسس لنشوء وعي مرتبط (بالجدل المادي) لدي حركة اليسار في البحرين وخصوصا مع (انقلاب جماعة الدوار) جري التشكيك بهذه المنظومة كما جرت محاولة الخروج من اسارها، لكن أيضا دون وعي بالجدل المادي، لهذا بدت المشكلة وكأنها من جهة مشكلة التخلي عن هذه المنظومة واعتناق (منظومة معاكسة) ليتحقق الضياع في متاهات الطائفية السياسية والفوضى الخلاقة التي تريدها العولمة للبحرين، او انها من جهة اخري وبعد المؤتمرات الاخيرة لكل من وعد والمنبر الخ مشكلة (ترقيع) تلك المنظومة او (خلطها) بمنظومات اخري تحت شعار (التوافق) بين الشلل في تلك الجمعيات من اجل تحقيق (التماسك التنظيمي ولحفاظ علي الهوية الاعتبارية او التجديد)، الذي سيدو انه اعادة انتاج للمنظومة ذاتها، لكن في صيغة (التوافق) والذي سرعان ما فتت فيه التناقضات علي المواقف السياسية الغير متفق عليها فيما بين الشلل والفئات فيما يسمي (بالقيادات)، لقد بدت المسالة وكأنها مسالة (فرار من مركب يغرق) تحت عاصفة التركة الثقيلة لأخطاء كارثة الدوار، ولان الفوضى لا تؤسس لحوار حقيقي، ولا تسمح به، وبالتالي لا تقود الي (انتظام الفوضى الخلاقة) وستبدو المشكلة الجوهرية هنا، وكأنها في وعي (الجدل المادي) بالذات، حيث لا تسمح المنظومة التي تجذرت في تلك الجمعيات وتلونت بالون الطائفي الفاقع والتي ادخلت هذه الجمعيات في أزمة مستعصية ، في تقديم الأسس التي تسمح بتجاوز المنظومة ذاتها، وتأسيس منظومة للجدل المادي بديلة. لقد تشكلت تلك المنظومة في إطار (عقيدي، مذهبي) اي (تحولت الي عقيدة)، وبالتالي غدت اما ان تقبل او ترفض، وليس من الممكن ان تؤسس من داخلها ما يسمح ب (إصلاحها) او تجاوزها
ان خلط موقف هذه الجمعيات من كل القضايا والمهمات، والمسائل التي تناولتها مسالة الوحدة الوطنية، المسالة الطائفية، المسالة الطبقية، مسالة الموقف من المشروع الاصلاحي، مسالة العمل العلني / السري، مسالة مدنية الدولة، مسالة الديمقراطية الخ. كل هذا يفرض اعادة النظر فيها، خصوصا وان الواقع بعد انهيار مشروع الدوار يطرحها بإلحاح، والتي تم تناولها وكأنها ليست مسالة تناول (جدل مادي)، بل هي (تجميع) لمفاهيم قومية او دينية او طائفية، مذهبية وجمعها ب (مفاهيم) الجدل المادي هنا يبدو التراث الطائفي المذهبي والفكر القومي هو المصدر الأساس. لهذا تلونت هذه الجمعيات بخطاب سياسي طائفي وبشعارات شعبوية ذات شحنة ما فوق ثورية، ليست مطابقة للواقع، حيث بدت كل (قضايا الثوريون الجدد) تكرار لمفاهيم طرحها الفكر القومي او الفكر الطائفي المذهبي، هذه الطريقة في التناول كانت تشير الي ان (الجدل المادي) هو تجميع لمواقف ولرؤي اتجاهات فكرية اخري. وبالتالي فهي شكل من أشكال (تضييع الهوية) فيحل محل (الجدل المادي) النظرية الشعبوية ذات الروح الطائفية، التي هي (كوكتيل نظري) والجدل المادي يأتي في الذيل حال هذه الجمعيات التي كانت في ذيل الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين، هنا من الضروري اعادة وعي (النظرية) انطلاقا من انها منهجية بالأساس، طريقة في التفكير هي (الجدل المادي) قبل ان تكون تصورات وافكار او ايدولوجيا، فالجدل المادي هو الذي يؤسس لهذه التصورات والأفكار وتلك الإيدلوجيا ويعطيها اتساقها. فهو (اداةتحليل) بالأساس، منهجية، طريقة في التفكير، هذا التوجه هو الذي يسمح بإمكانية(دمج) القضايا المثارة (المسالة الوطنية، المشروع الاصلاحي، المسالة الطائفية، الطبقية الخ، في إطار منظومة نظرية متماسكة هي التعبير عن الصيرورة في المشروع الاصلاحي، ستكمن أهمية (الجدل المادي) الْيَوْمَ في وعيه كونه (طريقة منهجية) اداة التحليل في النظرية، ولكن ما الجدل المادي؟؟
مناقشة المنهجية، لدي الجمعيات السياسية في البحرين وبالذات جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي. من الملاحظ عند كل هذه الجمعيات انها قامت بتسييس وبتطييف من (طائفية)كل (الموضوعات) او القضايا وعبر شعار ان لم تكن معنا فأنت ضدنا؟ فيما يشبه (التقرير السياسي اليومي)، والذي يتم صياغته في اجتماعات سواء اللجنة المركزية او المكتب السياسي لهذه الجمعيات والذي يحاول ان يلمس بعض القضايا النظرية او الاقتصادية / الاجتماعية، لكنه يظل يدور (حول السياسة) بما هي جملة احداث منذ كارثة الدوار متوالية تتخللها احكام ومواقف متطرفة ومكابرة، ليست مبنية على اي تحليل او تشخيص للظرف السياسي؟! هذا هو الطابع العام الذي حكم هذه (المنهجية) وحكم بالتالي الحركة (اليسارية) في هذا المجال هو سيادة (عقلية)التقرير السياسي، الامر الذي جعل (الجدل المادي) لهذه الحركة يساوي صفراً. وأفضي الي ان يصبح (النشاط السياسي) هو ذاته ملاحقة الأحداث وتحديد الموقف منها (الحوار مع النظام، الحوار مع المكون الاخر، حل جمعية الوفاق، الذكري السادسة لحراك ٢٠١١،الخ)، بمعني ان الحركة افتقدت (الرؤية) واتسمت بأنها تحكم، بردود الفعل، ومن ثم العجز عن الخروج من أزمتها(الفكرية السياسية التنظيمية) ومن ثم العجز عن اعادة الروح وتكوين حركة مجتمعية فاعلة بعيدة عن الاصطفاف الطائفي السياسي. وهنا يطرح السؤال حول معني (السياسي) عند هذه الجمعيات، وعلاقته بالمجتمعي وبالدولة وبالطبقات (وليس بالطوائف) ان معني السياسي هنا مضيع، نتيجة الوعي الذي ساد عند الأعضاء والكوادر في الجمعيات والمنهجية التي تحكم (ما يسمي بالقيادات) في هذه الجمعيات الممسكين بسلطة القرار ، التي أسست لتناقض عميق بين النظري (الفكري) والسياسي، بالتالي بين المثقف والسياسي في هذه الجمعيات مما جعل الحراك السياسي او الحركة السياسية لدي هذه الجمعيات، حركة (خارجية) و (معزولة) والجمعية السياسية (فئة مميزة ) في (شلل وفئات) معزولة عن المحيط الاجتماعي بالرغم من ادعاء كل هذه الجمعيات انها تمثل الشعب والمعارضة ؟! فأصبحت الرؤية التي توجه الجمعية قائمة على السرد السياسي وتضمينها (احكام عقيمة)(مع او ضد، رافض او مؤيد). لقد أصبح الهم يتسم بسيطرة السياسي، او بالتركيز علي السياسي (او ما يعد انه سياسي) حيث انه في الغالب يتناول النشاط السياسي والحركة السياسية والتحولات السياسية والذي لا زالت مادته هي الصدام ما بين قوي الأمن والمجموعات التي تميل الي العنف او الاٍرهاب، بالتالي غياب (العمق) المتعلق بالأسس التي تحدد كل ذلك النشاط، حيث يغيب كل التكوين المجتمعي، بمستوياته، الفكرية والسياسية والاقتصادية. الأيدلوجيةلكي ينغلق الصراع على(السلطة / المعارضة)، وهذه مسالة تحتاج الي تأمل لان تطور الفكر الحديث قد أفضى الي نشوء الاليات التي تفضي الي الانتقال في البحث وخصوصا عند الجمعيات السياسية الي (كلية التكوين المجتمعي) بمستوياته الاقتصادية / الاجتماعية / الأيدلوجية / السياسية. ولهذا فان تناول (السطح السياسي) عند هذه الجمعيات وحده لن يسمح بفهم الواقع، اضافة الي انه لا يقود الي فهم (السياسي ذاته)؟ ذلك ان الجدل المادي يري الامر على هذه الشاكلة (اننا نقوم بعمل علمي حينما نرد الحركة المرئية اي الحركة التي هي مجرد حركة ظاهرية إلى الحركة الواقعية الداخلية) وخصوصا ان إدراك الواقع في المشروع الاصلاحي شرط لأحداث التغيير الاصلاحي فيه، لهذا سيكون التمحور لدي الجمعيات السياسية حول (السطح السياسي) عاجزا عن تأسيس الرؤية القادرة علي وعي الواقع في المشروع الاصلاحي، وبالتالي تحديد دور القوى الذاتية (الجمعيات) في اصلاحه.
ان النظر الي (السياسي) يؤشر على منهجية في التحليل عند الجمعيات السياسية تتمركز حول (الشكل) والذي يمكن تسميته (البنيةالفوقية) بمعزل عن المضمون الذي هو الأساس الاقتصادي / الاجتماعي. الامر الذي غيب الواقع الاقتصادي ومصالح الطبقات عند الجمعيات السياسية، وتجاهل ان السياسة هي نتاج ذلك، بالرغم من تأثيرها في مجمل التكوين الاجتماعي. الا انها تبقي منحكمة لأساسها، بمعني ان دورها يتطابق والحدود التي يفرضها الواقع الاقتصادي الاجتماعي، وبالتالي فان لم نر (المصالح) لن نكتشف سياسات الحلف الطبقي او سياسات الملالي وجمعياتهم، بل سيتم التبسيط الي ان كل ما هنالك هو (سياسات تمييز تأخذ بعدا طائفيا) ونبتعد عن الهدف الأساس من توصيف الموضوعات او القضايا علي أساس انها تشكل المدخل الذي يفضي الي الوصول الي العمق، اي الي (المصالح) لكي يتم تحديد احتمالات السياسات، وبناء الممارسة علي اساسها، مما يمكن من الانتقال من ممارسة (ردود الفعل) الي الفعل ذاته، اي الي تحديد (الرؤية) التي يمكن ان تسمي الاستراتيجيةومن ثم تحديد المهمات المستقبلية، والتحول الي (قوة مستقلة) عن الجمعيات الطائفية السياسية، وسوف تعرف دورها، ليس بناء علي الراهن فقط، بل علي الصيرورة في المشروع الاصلاحي. ان (التمركز) حول السياسي والذي أخذ بعدا يسمي ب (الهوس السياسي) عند الجمعيات السياسية، قد أنتج ما يمكن ان يطلق عليه (السياسيون) لان هذا التعامل مع السياسة من قبل الجمعيات السياسية افضي الي التعامل مع (احداث ١٤ فبراير) و كل (حدث) نتج عن تداعيات تلك الأحداث اي مع النشاط الذي تقوم به ( السلطة والجمعيات السياسية) والتصريحات والبيانات التي تطلقها، والممارسات التي تقوم بها، الامر الذي جعل السياسة هي رصد (للأحداث) والتعليق عليها، من قبل هذه الجمعيات هنا غدت السياسة هي (الحدث ) وأصبحت الممارسة عند هذه الجمعيات تعني ملاحقة (الحدث) لان هذا هو الواقع من وجهة نظرها. دون ان تري ان الواقع أوسع من ذلك الأفق الضيق لان الحياة اليومية للمواطن تشهد مئات المواقف والممارسات والعلاقات في الاقتصاد، كما في المجتمع، وكما في السياسة التي لا نسمع بها او نشاهدها، لكنها (احداث ) تجري في الواقع وربما الكثير منها لدي المواطن اكثر أهمية من (تصديع) راْسه بالسياسي والنشاط السياسي بالتصريحات والبيانات والمواقف والتي أصبحت (حالة من الإسهال) عند الجمعيات السياسية منذ ( احداث) ١٤ فبراير ٢٠١١، ان السياسة وثيقة الارتباط بالاستراتيجية للجمعية السياسية وهي التي تم التفريط بها لصالح (تكتيك) العلاقة مع جمعيات طائفية سياسية ؟! حيث تم التمويه عليها. اما المواقف فهي اما ان تكون معبراًعن الاستراتيجية او مموها لها كما حدث منذ احداث كارثة الدوار، وهذا يقع في مجال (التكتيك)، وبالتالي اذا لم تبني السياسة علي الرؤية الاستراتيجية، وقعت في ردود الفعل كما فعلت تلك الجمعيات لأنها حينها سوف تكون ردا علي تكتيك الخصم علاوة علي ان هذه الردود سوف تقوم علي ارضية كما تسمية تلك الجمعيات الخصم، لأنها رد مباشر علي ما يفعل الخصم دون رؤية أهدافه كما دون رؤية استراتيجية مقابله وهذا اكبر خطأ بنت عليه هذه الجمعيات رؤيتها وتكتيكها في تعاملها مع (الخصم) منذ احداث كارثة الدوار والي الان. مما يحول السياسة الي تكتيكات، ليس من ترابط بينها، وتنحكم في الغالب الي التناقض، مما لا يجعلها تشكل تراكما هو مهم للحركة السياسية. هنا تتم عملية انفصال السياسي عن المجتمعي وسيطرة الحدثي على السياسي، لتصبح السياسة عند هذه الجمعيات هي جملة احداث متتابعة دون وعي الرابط بينها، ويصبح نشاطها السياسي هو (التصدي) لهذه الأحداث، في بيانات تصدر عن اللجنة المركزية او المكتب السياسي في كل جمعية كل في (لحظته) حيث يشكل كل منها ما كان يسمي (الحلقة المركزية) هنا تغيب الرؤية وتتلاشي المنهجية، ويصبح الفكر وسيلة تبرير للسياسة المتبعة في (اللحظة)، هنا تتم الإشارة الي التداخل بين (السياسي) و (الفكري)، حيث ان الانطلاق من ان الفكرة او (الفتوى) هي مسيرة الواقع (وهو ما يجلب الإرادية) يفرض تناول (السطح) الذي هو (السياسي) لأنه يمثل (إرادة المرجع الديني او إرادة الأمين العام او الزعيم او الرمز) ليصبح الصراع هو (صراع إرادات) لكن بالمعني الشخصي والفردي، وليس المجتمعي ليتحول الصراع الي صراع سلطة سياسية / جمعية سياسية بعيدا عن الطبقات ومجمل الحركة المجتمعية او لتتحول الطوائف والطبقات والحركة المجتمعية الي (مادة) تستخدم في الصراع مع النظام لا قوة لها ولا تعبر عن مصالحها ومطامحها، وتزج في دوار الكارثة هنا يصبح الصراع هو صراع خيارات طائفية مذهبية وليس خيارات طبقية، لتلعب الجمعية السياسية التقدمية دور المبلور والمنظم لخيار بديل والطامح للإصلاح في المشروع الاصلاحي، ان الحركة (اليسارية) ظلت تعاني من انها لا تطمح لان تصبح (قوة مستقلة) عن الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين لكي تصبح قوة تغيير في المشروع الاصلاحي، حيث حصرت (نضالها) في السياسي وفِي الطائفي.
الفكرة او (الفتوى) هنا عند الجمعيات السياسية في البحرين، أصبحت من منظورها، هي ما يؤسس الواقع، وليس الواقع هو ما ينتج الفكرة او (الفتوى) وتصبح مهمة الجمعيات السياسية او الجماهير ان تحقق الفكرة او (الفتوى) هنا مثال (اسحقوهم) او تطبق الفكرة ومن هنا تأتي مسالة (النظرية والتطبيق) عند جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي، ومن ثم كما تحاول الان هذه الجمعيات ان تطرح على نفسها (هذا اذا طرحت هذا علي نفسها) في ظل تعطل آلية النقد والنقد الذاتي في حياتها الداخلية، اي تطرح، هل ان الخطأ في (الفكرة) او في (التطبيق) حيث سيؤكد البعض ان المشكلة كانت في
الدنس او (الممارسة) (او كما تسميه هذه الجمعيات في التيارات او التوجهات التصعيدية في الجمعيات المتطرفة) والذي نتج عن التطبيق، بينما سيقود الدنس الاخر من قبل البعض الاخر، الي (الكفر) بالفكر ذاته، لكي يفتح باب الضياع والتيه الذي تتخبط فيه هذه الجمعيات. لقد أفضى الانطلاق من (الفكرة) او (الفتوى) الي سياسة مفارقة عند هذه الجمعيات للواقع، والذي أسس لتكتيك، في غاية الخطأ والخطيئة في حق الشعب والوحدة الوطنية، بالعودة الي البنى الإقطاعية (والبنى الأولية الطائفية المذهبية) العتيقة، من دون ان تسعي حتى، الي ان تتجاوز هذه البنى الإقطاعية العتيقة والذي كان يمثل (ضرورة) في هذه المرحلة، من اجل ان تصبح الديمقراطية ممكنة؟! حيث يجب ان تتأسس البنى البديلة التي تفكك الطوائف المسيّسة، وتلغي انعزال (القرى) وتُهمَّش العلاقات الطائفية المذهبية والعلاقات القبلية والعشائرية، من اجل ان يتكرس مبدأ المواطنة ليس بالقول كما هو خطاب تلك الجمعيات بل بالفعل على ارض الواقع. فتكتيك هذه الجمعيات السياسية، لم يقم بالسعي حتى الي الدعوة لتحقيق التطور الرأسمالي، كونه نمط عالمي، وبالتالي قوة تأثير في البحرين لمحاولة اللحاق بالنمط العالمي، بالرغم من ان هذا التطور أصبح محتجزا عبر دور الامم الرأسمالية الامبريالي اولا، ثم المسيطر في إطار علاقات لا متكافئة ثانيا، الامر الذي فرض ان يكون التطور متناقضا مع الرأسمالية في المركز، وبالتالي ليس رأسماليا في الأطراف، هذا السيناريو لم يكون وارد امام مشروع الدوار بل تم الأخذ بالسيناريو الاول؟!! إذن لقد أدي هذا المنطق او هذا التكتيك الي (ثوريةمبتذلة) والي تقدم ملتبس والى نسبي تحول مطلقا والي حراك سياسي في خط مستقيم متصاعد من اجل تحقيق البنى الإقطاعية في دولة التحالف من اجل الجمهورية الاسلامية او دولة ولاية الفقيه. لقد بات الجدل المادي هنا مبهم ومشوش، بدل ان يكون المنطق الجدلي هو أساس رؤية الواقع، وبالتالي أساس بناء الرؤية والاستراتيجية والتكتيك، حيث تم هنا تغييب هذا المنهج لصالح منهج اخر (لاهوتي) بطابع طائفي مذهبي، حيث بدا هذا التنسيق ومن ثم التحالف مع الجمعيات الطائفية السياسية وكأنه شطب، لعديد من المفاهيم والمقولات ان لم يكن تجاوز الجدل المادي كليا؟! المسالة لم تكن في ان الجدل المادي كونه منهجية مفتوحة ومتجددة ونقدية والتي لا تني تعيد انتاج المقولات والمفاهيم الخاصة بالتكوين المجتمعي الكلي في البحرين وبالتالي لا تني تعيد انتاج الواقع الذي هو في تغير وتحول دائمين في المشروع الاصلاحي المسالة هنا عند هذه الجمعيات في كوّن الجدل المادي تحول الي (نص مقدس) يستخدم كأداة قياس، وبالتالي يعيد ترتيب العلاقة بين الفكر والواقع والذي حسمته هذه الجمعيات لصالح ان الفكر او الفتوى هو محددالواقع؟
المسالة هنا- تتمثل في تحديد ماهية الجدل المادي، وكيف يري هذا (الجدل) التحولات في المشروع الاصلاحي، والتحولات في دول مجلس التعاون، والتحولات في دول المنطقة وفِي دول العالم. اي متحولات العصر، والمهم لدي هذه الجمعيات كيف تفهم الجدل؟ هل هو نصوص وقوانين و (أفكار) او (فتاوي) مؤلفة في (ايدولوجيا)، وبالتالي ان تشطب هذه الجمعيات مالا يتناسب وتنسيقها وتحالفها مع الجمعيات الطائفية السياسية التي تستغل الدين (عدم طرح ملف فصل الدين عن الدولة) وان تبقي على الاخر في عملية هي في واقعها (ذاتية) ومن ثم يمكن (تجميع) الباقي مع (منجزات الاسلام السياسي والجهادي) ما قبل وما بعد الربيع العربي وما قبل وما بعد ثورة شباب ١٤فبراير؟! ام بالنظر الي الجدل المادي، على أساس انه منهجية تؤسس لقوانين وافكار ووعي بالواقع، وبالتالي يمكن ان تتضمن كل المنجزات (الإيجابية في المشروع الاصلاحي)؟ المنطق الاول نصي، وهو الذي ساد عند جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي، وبالتالي انتقائي ومن ثم (لأنه لم يرى سوى السلبيات في المشروع الاصلاحي) وهذه نقطة مقتله، اما المنطق الثاني هو منطق الجدل المادي، لأنه يقوم بعملية التضمن لكل الايجابيات في المشروع الاصلاحي وينتقد السلبيات بروح المعارضة المسئولة البعيدة عن التشهير والتحريض والسب والشتم، والاسقاط وعلي أسس علمية هي منهجية الجدل المادي ويصر علي الوعي المستمر بالواقع وبالصيرورة في المشروع الاصلاحي وبعيدا عن العودة الي مرحلة (الإقطاعية) والتي من المفترض ان المشروع الاصلاحي قد تجاوزها، وعبر تضمن كل ما هو وطني وديمقراطي في تاريخ الحركة الوطنية في البحرين، الامر الذي يجعل الجدل المادي (فلسفة مفتوحة) تعيد انتاج الواقع في المشروع الاصلاحي، وبشكل مستمر. لهذا يجب (شطب) (الجدل المادي الرائج في جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي،) كله، وإعادة بناء (الجدل المادي) انطلاقا من انه (منهجية) (أدوات تحليل) تدرس الواقع والوقائع، بشكل مستمر، وتنتج التصورات المطابقة، بشكل مستمر، وهذا يفرض اعادة النظر الي مفاهيم عدة (الايدلوجيا ، الطبقة ، الثورة) حيث بات (النص) عند هذه الجمعيات السياسية، ولا كأنه يرفض مفاهيم سادت مشوهة عند (المنبر ، وعد ، التجمع) بل سوف يحدث الأسوأ في حال اشتدت الضغوط والتلويح بالحل لكل هذه الجمعيات (المفلسة فكريا، سياسيا، تنظيميا) حيث سيتم الرفض لكل تلك المفاهيم ذاتها، كما هي في الجدل المادي، ليتم تجاوز منظومة الجدل المادي ذاتها، وليس المفاهيم، كما عممها الجدل المادي الذي ساد في تلك الجمعيات، ان عدم التمييز بين الجدل الذي راج في تلك الجمعيات والجدل المادي أوقع كل تلك الجمعيات في مشكلات واختلالات منهجية، وَقّاد الي التباسات وتشوش واضطراب، لم يسمح بتحديد دقيق للمسائل (استبدال مسالة الوحدة الوطنية، بالمسألة الطائفية، مسالة الإصلاح في المشروع الاصلاحي بمسالة الثورة، مسالة وحدة الطبقة العاملة، بمسالة وحدتها الطائفية الخ) وبالتالي لم تسمح بتحديد البديل الوطني الديمقراطي في المشروع الاصلاحي.
فكر المراجعة والديمقراطية لقد سادت فكرة (الاولويةللديمقراطية) عند كل الجمعيات السياسية في البحرين وبالذات عند. جمعية وعد حيث ربطتها بحقوق الانسان؟ ولم تطرح هذه الجمعيات على نفسها ان المشكلة التي كانت بحاجة الي حل هي مشكلة التطور الاقتصادي الاجتماعي والذي يؤسس الارضيّة التي تسمح بالتحول الديمقراطي. اي وجود (التكوين المجتمعي الديمقراطي) المهم لهذا التحول الديمقراطي ان تمسك الجمعيات السياسية بهذه الاولوية للديمقراطية عند الجمعيات المسماة بالوطنية الديمقراطية وبالذات (للمنبرالتقدمي) والذي شطب في أحد مؤتمراته الاخيرة كلمة الديمقراطي بدون وعي فقط لكي يختصر الاسم (المنبرالتقدمي) قد جاء بعد انهيار التجربة الاشتراكية، بحكم ان الانهيار نتج عن (الاستبداد) وغياب الديمقراطية في تلك التجربة، والذي بنت عليه جمعية وعد وتحت حجة تعويم الأيدلوجياالتي ولدت الاستبداد في تلك التجربة أيضا؟ ان الانطلاق هنا كان من ان التجربة الاشتراكية باتت مجال. رفض فقط انطلاقا من نظرة احادية، هي (الاستبداد). وهنا يطرح السؤال هل الديمقراطية هي الاولوية او المدخل؟ ولا شك في ان الخلاف يتركز هنا، حيث بدت (الديمقراطية) هي (المفتاح السحري) وأنها (المثال) الذي يصدر الحكم بالإعدام على التجربة الاشتراكية. وتم تعميم ذلك عبر ندوات ونشرات وفعاليات مركز دراسات الوحدة العربية والذي تم فيه المساومة التاريخية مع الاسلام السياسي بإدخال أحزابه في (جنةالديمقراطية) فأصبحت الديمقراطية عند الجمعيات السياسية في البحرين شرط سابق ومولد لمفاهيم التقدم. هنا تم تأسيس الأحكام انطلاقا من (مثال) وتم الطلب من الواقع ان يطابق هذا المثال من دون رؤية ان تجاوز البنى الاقطاعية وفئة الملالي وجمعياتهم الطائفية القرو وسطية كان ضرورة من اجل ان تصبح الديمقراطية ممكنة، بل الذي حدث كان العكس؟!! فالديمقراطية تتطلب التطور لكن غاب عن كل الجمعيات البحث عن الصيغة التي تسمح بتحقيق التطور في إطار ديمقراطي في المشروع الاصلاحي هنا فان التحالف او التسوية مع الجمعيات الطائفية السياسية لا تحقق الا (الديمقراطية) التي تشل ممكنات التغيير في المشروع الاصلاحي، حيث يلعب التخلف والبنى ما قبل حديثة دورا في تمرير (اللعب الديمقراطي) واستمرار دور القوى الطائفية والقبلية. هنا لم تتنبه هذه الجمعيات المسمات بالوطنية الديمقراطية، انهم وعبر طرحهم شعار التعبير عن (الكادحين) اي عن الطبقات الشعبية وهم يدعون بأنهم يحملون (مشروع) التطور والتطوير في المشروع الاصلاحي، والانتقال الديمقراطي، فهم كان من المفروض ان يحققوا (المشروع الديمقراطي) بما فيه المشاركة في مؤسساته كالبرلمان، الذي تم إخضاعه عند هذه الجمعيات لموقف (المقاطعة / المشاركة)؟!!! حيث ليس من الممكن ان يلتقي التطور والديمقراطية في المشروع الاصلاحي الا مع هذه الجمعيات ولكن للأسف لم تكن تعي هذه الجمعيات ذلك حتى بعد ان وقع الفأس في الرأس ووصلنا الى طرح حل جمعية وعد. ذلك ان (الخطاب الديمقراطي) لكل هذه الجمعيات هو خطاب مبهم ويقوم على الحديث (المجرد) عن الديمقراطية والمواطنة وحقوق الانسان والحريات الخ.
المسالة التي كانت مطروحة على كل الجمعيات السياسية وبالذات جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي هي بلورة (برنامج ديمقراطي) مستقل لهذه القوي والطبقات الشعبية التي تعبر عنها، بدل الانسياق وراء (برنامج عام ومبهم) تم فيه دمج القوى الطائفية المذهبية، والذي هيمنت هذه القوى عليه تحت مسوق (التنسيق، التعاون، التحالف، التقاطع) هذا من جهة، وتحديد الاليات التي تسمح بتحقيق هذا (البرنامج الديمقراطي) من جهة اخرى، كما انها تتعلق بربط هذا (البرنامج الديمقراطي)، بالأهداف المجتمعية، التي تتعلق بتحقيق التطور في المشروع الاصلاحي، (وبالتالي وضع برنامج التطور الاقتصادي) وربطه بمصالح الطبقات الشعبية، ان طرح شعار الاولوية للديمقراطية عند الجمعيات السياسية تحول الي شعار (مطلق) تم تهميش الأهداف، والمصالح، والعمل خارج الاليات الديمقراطية والعمل السياسي المشروع والقانوني المتسمة بالفوضوى، والتي أخذت تميل الي العنف والارهاب منذ احداث ١٤ فبراير ٢٠١١، بدل ان تبقي الديمقراطية، جزء من (رؤية) تعبر عن الطبقات (وليس الطوائف)، هنا تحولت الديمقراطية الي ايدولوجيا عند هذه الجمعيات، ذلك ان الديمقراطية ليست (عقيدة، ولا مذهب، ولا ايدولوجيا) هنا تم استجلاب كل المبررات التي ساعدت علي اعطائها هذه السمة (عقيدة، مذهب، ايدولوجيا) وذلك عبر تماهي جمعيات التيار الوطني الديمقراطي مع القوى الطائفية السياسية، وبالتالي ذابت الفروقات بين تلك الجمعيات والتي هي جوهرية، لتذوب الحدود بينها وتختزل في إطار (مشروع طائفي) وحراك سياسي طائفي، لأنه عندما يتم تغييب الرؤية والمصالح والاهداف التي تخص الطبقات الشعبية لصالح الرؤية والمصالح والاهداف لمراجع دينية وجمعيات طائفية، يعني تمثل الرؤية الطائفية (الاقطاعية) والتماهي معها. هنا ضاعت الحدود بين الطبقات والقوي الطائفية عبر اخفاء الاختلافات بين القوى الوطنية الديمقراطية والقوى الطائفية التي تستغل الدين، خشية تفكك التنسيق او التعاون او التقاطع او التحالف مع الجمعيات الطائفية وفِي هذا الإطار، كان التكتيك المبني علي اولوية الديمقراطية عند الجمعيات السياسية، قد غيب الاستراتيجية والرؤية لدى جمعيات ما يسمي بالتيار الوطني الديمقراطي، وبالتالي مصالح الطبقات التي تعبر عنها ومنها بالأساس الطبقة العاملة البحرينية التي تم استقطابها وتقسيمها طائفيا حيث كان من المفترض في المشروع الاصلاحي تنشيط تلك الطبقات (الطبقة العاملة) التي تلمس مشكلاتها، المباشرة والتي هي مشكلات اقتصادية اجتماعية بالتحديد هنا يأتي تلمس هذه الطبقات لأهمية الديمقراطية، والذي يفترض ان تنتظم في نقابات واتحادات عمالية اي يفترض حركتها، علي ضوء تلك المصالح المباشرة، لكي تكتشف من هو يقف معها او بالضد منها، الامر الذي يقنعها بان الديمقراطية مرتبطة بمصالحها، وأنها لها الاولوية هنا. والتي تبحث عمن يضع او يحدد (البرنامج الاقتصادي الاجتماعي المطلبي) لكي يكون أساس نشاط تلك الطبقات في سعيها لتحقيق الديمقراطية، وكما ذكرنا سابقا، ان سيادة (العقل التكتيكي) عند تلك الجمعيات، والذي رسم السياسة، في حدود التكتيك وحول الفكر الي مبرر مما جعل التكتيك هو المسيطر وهو الركض وراء الحدث. ان وضع المجهر من قبل الجمعيات السياسية علي الديمقراطية، حولها الي مطلق ومدخل عقائدي وحلم يوتوبي من دون ملاحظة ان الديمقراطية تقع في المستوى السياسي وان الأساس الواقعي (التكوين الاقتصادي الاجتماعي) تم تهميشه عند تلك الجمعيات، هنا سيطر عند هذه الجمعيات التصور الذي يبدأ من (الواقع) الذي هو المباشر علي الجمعية السياسية الان هو الاستبداد لهذا فان الديمقراطية هي (كل شيء) الان، الي ان يتغير المباشر، فيتغير التكتيك، وهكذا دون رؤية او دون رؤية مصاغة ومعممة لكي تكون معروفة لدى كل القوى الآخرى .
ان مرض اليسار الراهن يتمثل في القبول بالأمر الواقع، في الغالب وإذا رفض امر واقع، فسيقبل امر واقع اخر، وهو دائما يميل الي ان يكون في ظل اخر، في ظل الجمعيات السياسة الطائفية، منذ انطلاقة المشروع الاصلاحي او منذ التسعينيات بمعني انه لا يسعي لان يكون هو، ذات مستقلة، له رؤيته ودوره وموقفه من الواقع، ومن كل التوجهات او التيارات، وان يسعي لان يلعب الدور الأساس ليقود هو حركة الآخرين. ان عدم تبلور اليسار (كذات) وتبلور رؤيته وميله لان يقود هو الطبقات الشعبية، لهذا نرى هذا اليسار ينساق مع موجة (الديمقراطية) او موجة (الشعبوية) او (الثورية) وهو يحمل المراجع وجمعياتها الطائفية على أكتافه قابلا بقيادتها ولازال مصرا على ذلك كما انجرفت وعد في الفترة الاخيرة حول الحركة الطائفية الجهادية. ان مشكلة هذا اليسار تتمثل حصريا، في انه لم يكن يعي معني اليسار، ولا أهمية دوره، وايضاً الإمكانيات التي يتمتع بها، لكي يصبح القوة الفاعلة الاساسية، بل رمى كل ذلك في بحر الطائفة والطائفية السياسية. ان القبول بالأمر الواقع كما ترى وعد (سيطرة الاسلام السياسي) هو مرض اليسار، لهذا نراه ينساق مع الموجة العالية التي ضربت البحرين في دوار الكارثة وارتداداته الكارثية على الطبقات الشعبية، وكان لا (شخصية) له ولا (ذات) ولا (وزن) رغم ان لدوره أهمية كبيرة في تغيير الواقع، لأنه الوحيد القادر على التعبير عن الطبقات الشعبية وفق استراتيجية مبنية على فكر علمي تغييري. لهذا يأتي النقد هنا لمعالجة هشاشة وخلل هذا التكوين من اجل تأسيس يسار اخر، لا يلحق الموجة الطائفية او اي موجة اخرى، بل يفعل الحركة الواقعية بما يقود الي تحقيق التغيير للنظام الديمقراطي المنشود في المشروع الاصلاحي.
الان اصبح من الضروري تجاوز الجمعيات الطائفية السياسية، والارتباط بالطبقات الشعبية، كما بتحقيق التطور المجتمعي في المشروع الاصلاحي، فهذه هي مهمة اليسار الان والتي لن تتحقق الا بفك الارتباط نهائيا مع الاسلام السياسي وجمعياته الطائفية، وبالضد من الحلف الطبقي الذي تنفذ سياسيا واقتصاديا، في المشروع الاصلاحي بمعني لا يزال امام اليسار هدف تحقيق المهمات الديمقراطية، التي تعني تحقيق التطور الصناعي/ المجتمعي، والدفع بالحريات المدنية في المدينة كما في القرية، هذه مهمته الأولى الان حيث انه هو الذي يمتلك دينامية الدفع والرافعة للتطور وبالتالي الضغط في اتجاه تحسين وضع الطبقات الشعبية. وبهذا فان اليسار بميله للطائفية السياسية لا يفعل سوى إلغاء (ذاته) لمصلحة فئة الملالي وجمعياته الطائفية والتوجه الجهادي المتطرف في الغالب. والي الدعوة لخيارات سياسية وتصعيدية مثل الندوات حول الذكرى السادسة لحراك ١٤ فبراير ٢٠١١، تزيد ابتعاد أعضائه وكوادره وكذلك الطبقات الشعبية عنه. ليتحول الى (شلل) من السياسيين الذين ينتظرون المجهول بينما الواقع يدفع في اتجاه الصراع الطبقي وليس الطائفي كما تتوهم هذه الجمعيات، ويفرض البحث عن خيار شعبي حقيقي بعيدا عن الطوائف والطائفية السياسية يكون لليسار الدور المركزي فيه.
المرجع: ( اليسار السوري ) في واقعه الراهن. الكاتب سلامة كيلة