عندما نطالع الشخصيات التي تتربع على مناصب الوزراء والمستشارين والسفراء سنجد أن الغالبية منهم قد تعدى عمر الخمسة والستون.. بل بعضهم وصل إلى السبعون عاما؟…
هؤلاء وفي هذه المرحلة لا يسعنا إلا أن نقول لهم شكرا…البلد لم تقصر معهم مقابل عطاؤهم لها…فلماذا لا تزال الدولة ترشحهم لمناصب مهمة وحساسة داخليا وخارجيا!!…أليس التقدم في العمر له تأثير بشكل أو بآخر؟….هل خلت البلد من الشخصيات القادرة على إكمال المسيرة؟…ثم عندما نذهب خلال السير الذاتية لهذه الشخصيات المكررة والمطلوبة دائما سنجد بأن كل واحد أو واحدة منهم قد تنصب طيلة مسيرته العملية في مناصب تنفيذية مختلفة والبعض منهم مسك أكثر من منصب في مؤسسات أو وزارات الدولة….لماذا؟…
أليس المجتمع البحريني مجتمع فتي….هناك الآلاف من الشباب ممن تعب أولياء أمورهم في الارتقاء بهم فكريا وعلميا….هؤلاء الشباب من حملة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في مجالات علمية مختلفة.. وتعلموا في جامعات لم تتاح للجيل الأول الذهاب لها!…لدينا كفاءات تخرجت من بلدان مثل أمريكا وبريطانيا وأستراليا واليابان والصين وغيرها…بعكس الأجيال القديمة التي تخرجت من مصر والهند ولبنان….نحن هنا لا ننتقص من مستويات تلك الجامعات ولا ننتقص من ممن تعلم وتخرج منها… ولكن التغيير أصبح مطلوبا. ولابد من إعطاء الثقة للشباب المتعلم.. ودور الدولة يأتي في المراقبة على من تختارهم….
سنويا – يتخرج لدينا طلاب بتخصصات علمية مختلفة ولكن أين هم!….لا نراهم في مناصب وزارية أو وكلاء وزراء أو مدراء…إذن الدولة لا تستفيد منهم….هنا يضطر الشاب أو الشابة إلى النظر خارج البلد بحثا عن فرصة تتوائم مع إمكانيتهم…وتخسر البلد هذه العقول العلمية وتبقى المناصب لنفس الوجوه!…والتغيير الذي يحدث لا نشعر به لأنه لا يرقى لطموح الشعب…
كم من مواطن أو مواطنة تعرضوا للظلم في مواقع العمل وهم على قدر من الكفاءة والتخصص الذي يتفوق به على من يجلس على كرسي الوزارة أو وكيل وزارة أو حتى من يتم اختياره لمجلس الشورى!….إن شرايين الدولة بحاجة ماسة إلى ضخ دماء جديدة….المتقاعد لدينا هو من يصل إلى عمر الستين أو الخمسة والستون….فلماذا لا يطبق هذا القانون على المسؤولين أيا كانت مواقعهم واستبدالهم بدماء جديدة تبعث في جسم الدولة الحيوية وبالتالي تستفيد الدولة من هذه الطاقة المتجددة….
الغريب في الأمر أن الدولة تتحمل سنويا تكاليف لبعثات دراسية متنوعة للخريجين …إلى جانب اهتمامها بالدراسات العليا…ولكننا نشعر بأنه لازال هناك تخبط في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب….ولازلنا نشعر بأن عملية التنصيب تتم بعيدا عن معايير الكفاءة …لذلك يظل تكرار اختيار نفس الوجوه بنفس التفكير والثقافة وبنفس طريقة الظهور للإعلام وغيره….ويتقدم بهم العمر ويقل لديهم العطاء…ومنهم من ينقل إلى منصب آخر وهو قد استنفذ كل إمكانياته وقدرته …وهكذا يظل الأمر مستمرا…وتظل المناصب محتكرة ومحجوزة لهذا أو ذاك من نفس الشخصيات…حتى أصبح يخيل لنا بأن مؤسسات الدولة تدار على يد شخصيات مُسنة!!!..فهل هذا ما تريده الدولة!!!
بقلم: س. الحوطي