احتفالية الذكرى لـ 59 لتأسيس جبهة التحرير الوطني

كلمة غازي الحمر

الأخوة و الأخوات رفاقي الاعزاء طاب مساءكم .

في هذه الامسية نلتقي وتتلاقى ارادتنا لنحتفل بمرور الذكرى التاسعة و الخمسين على تأسيس جبهة التحرير وهي ذكرى عزيزه على قلوبنا جميعا تؤصل فينا تاريخا وشعبا ووطن، ذكرى تمد في اعماقنا حبا لشعبنا و وطننا،

وانه لأمر يعزز الامل فينا و يستشرف المستقبل لأجيالنا. فرمزية احتفالنا و جمعنا هذا ملئ بالعبر و الدروس و يوثق و يؤكد للجميع على ان ولادة جبهة التحرير ونبض فكرها يتجدد كل يوم في بسمة اطفالنا و قبضات عمالنا و في أمل نساؤنا وعزيمة رفاقنا. فذاك الفكر وشعلته التي انطلقت فبل تسعة وخمسون سنة لازالت متوقده نابضه بالحياة وتتوالى عليها الاجيال ,فلم تهزمها بالأمس حراب الاستعمار البريطاني ولم تقتلع جذورها اجهزة المخابرات في ظل قانون أمن الدولة المقبور. انه تاريخا مجيد من النضال تغلغلت جذوره الخصبة في تراب وطننا الحبيب وزرعه مناضلو الجبهة الاوفياء الذين استرخصوا دمائهم وحياتهم من اجل شعبهم وتجرعوا عذابات السجون و المنافي من اجل الحرية و الديمقراطية ومن اجل الفجر الجديد وحق شعبنا في العيش الكريم.

رفاقي و رفيقاتي الاعزاء .

يمر شعبنا اليوم و وطننا بمرحلة عصيبة ونجد انفسنا امام منعطفات تاريخية لم يسبق لها مثيل تستدعي منا الوقوف امامها إن مؤيدين لها او معارضين ولكن دون فقدان بوصلة الاتجاه و الطريق ,فهناك من يراهن اليوم على تمزيق شعبنا و تفتيت وحدته ونسيجه و حتى تغييب تاريخه، وتتكالب دوائر عده من الداخل و الخارج لتحول وطننا الى كانتونات متحاربة في ظل التسييس الطائفي الذي اختطف قضايا شعبنا ومطالبه المشروعة ليتاجر بها في سوق الارهاب والتطرف …. وتقنّع اباطرة الطائفية بعمائمهم المذهبية ليغسلوا تاريخهم الاسود بشعارات طنانة رنانة تستبيح سفك دماء شباب الوطن وتشرع لهم جريمة حرق ارضهم!! ويالها من مفارقات مضحكة مبكية فلقد تحول الشيطان الاكبر الى ملاك يقود ثوره !! ولدى البعض الاخر تحولت الامبريالية الى داعيه لاحترام حقوق الانسان !!؟ تلك هي مبدئيتهم التي يتباهون بها والتي تكشف لنا قمة الانتهازية السياسية و الوصولية لموائد الغنائم. تلك هي المؤامرة الكبرى على شعبنا و مراهنات ضرب وحدته وتفكيك نسيجه على يد الساسة الطائفيين. فمن الذي يحدثنا عن الحرية و الديمقراطية و الدولة المدنية وتحت عمامته قاموس الطائفية لقضايانا الوطنية ولا يؤمن بحق المرآة في الحياة وحقوق الانسان بمفهومه تبدأ به و تنتهي عنده!! كيف يُفسر لنا من يحمل الفكر الاقصائي؟ ويدغدغ المشاعر في موروث الخلافات المذهبية بالتاريخ الاسلامي بأنه رجل العصر والحضارة الانسانية، هل يمكننا ؟ ان نتصور ان من كان بالأمس يصفق لقانون امن الدولة وينادي به ممكن ان يتحول بقدره قادر الى داعية للحرية وحقوق الانسان !!.ان التاريخ لا يموت و الشعوب لا تنسى ورفاق جبهة التحرير الاوفياء المتمسكين بهويتهم و تاريخهم و المسترشدين بجدليتهم المادية و التاريخية مدركين لحقائق المشهد السياسي بوضوح وامام مسؤوليتهم التاريخية و الوطنية سيقفون بقوه وثبات بوجه دعوات الطأفنة أيا كان شكلها ومصدرها و لن يهادنوا النظام في ذلك و لن يعفوه من تحمل مسؤوليته الكلية او الجزئية فيما نحن نعاني منه اليوم ونتجرع مرارته. نعم نحن نقف مع المشروع الاصلاحي ونمارس حقنا من خلاله فهو ثمره من ثمرات نضال شعبنا و تضحياته , الا ان هذا المشروع الاصلاحي بميثاقه و دستوره لا بد ان يُترجم ويُفـّعل الى واقع ملموس يسابق الزمن ويحقق تطلعات شعبنا نحو الغد الافضل، و اي حوار وطني اذا ما قام على دعوات المحاصصة و ترضيه الطائفية السياسية ومبدأ توزيع الغنائم خلف الدهاليز … فلن يُكتب له النجاح و البقاء لرسم مستقبل شعبنا نحو الحرية و العدالة و العيش الكريم، فما كانت الطائفية السياسية ابداً لتنجح في لبنان او العراق حتى يُكتب لها النجاح لدينا !!. ان الطائفية السياسية لا يمكنها ان تؤمن بمفهوم المواطنة و لا يمكنها ان تؤمن بالعيش المشترك و الراي الاخر. و لنلقى نظره خاطفه على ما احدثه التسييس الطائفي في وحده طبقتنا العاملة التي هي عنوانا لوحدة شعبنا و التي كانت تذوب كل الفوارق و الاختلافات على ارضها، لم تكن التعددية سببا في شق وحده عمالنا بل كانت نتيجة للتسيس الطائفي الذي اعتمده الاتحاد العام لسنوات فأسهم في تمزيق الحركة النقابية وضرب وحدتها فقد ناصب العداء لرفاقنا النقابيين و بالذات بنقابة المصرفيين ونقابة عمال ألبا كبرى النقابات و اكثرها جماهيرية و كان لرفيقنا علي البنعلي النصيب الاكبر في ذلك العداء و الذي لم يتوقف للنيل من سمعته وتشويه صورته خصوصا بعد أن وقف بشجاعة مع رفاقه بجانب نقابته و اخوته العمال و دافع عن شعبه ووطنه في المحافل الدولية, فله منا كل التقدير و الشكر نوصله رسالتنا ها هنا بأننا مهما اختلفنا فلن نتخلى عنه و لا عن نقابة عمال البا في كل الاحوال و الظروف وسنقف بجانب رفاقنا و اخوتنا العمال، فما جبهة التحرير إلا حزبكم الذي انطلق من بين صفوفكم، ونحن لا نرى فيكم اليوم الا احفادا لحسن نظام – وعلى مدان – واخوتا لأحمد الذوادي، فنعاهدكم و العهد منكم على أن من يُراهن على ضرب وحدة شعبنا و طبقتنا العاملة لن ينال الا الدحر و الانكسار وسنتصدى له بحزم وعزيمة. فتحية نضالية لشهداء شعبنا و جبهتنا وتحيه نضالية لكم جميعا.

وكل عام وانتم بخير .