قراءة نقدية للورقة المقدمة من اللجنة المركزية تحت عنوان (مبادرة وحدة المنبر الديمقراطي التقدمي)

سوف نناقش ما طرح في هذه الورقة المكونة ثلاثة مستويات أولاً: المستوى السياسي وثانياً المستوى التنظيمي وثالثاً المستوى الفكري “النظري” مع محاولة الربط بين كل مستوى وآخر.

أولاً المستوى السياسي:

–         تأتي القراءة النقدية انطلاقا من منهجية لا تركن إلى ما هو ظاهر في هذه المبادرة والتي يمكن أن نسميها ((المناورة – المراوغة)) بل تدخل إلى عمق الظاهرة حيث أنها تنطلق من أن لكل ظاهرة شكل ومضمون وأن المضمون هو مركزها وهو الذي سنحاول التركيز عليه، فإذا كان الشكل السياق العام الذي كتبت فيه هذه المبادرة هو ما يبدو أمامنا، ما نقرأ فيها أو نلاحظه ونشاهده وهو ما يمكن أن يحدده المنطق الذي كتبت به هذه المبادرة فإن الجدل المادي يفرض الغوص إلى المضمون، إلى جوهر المبادرة حيث الشكل هو ما تظهر فيه في لحظة كتابتها بينما المضمون هو المعبر عن ماهيتها.

–         فالواقع يقول أن جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي تعيش أزمة وجود كما جاء في المبادرة ((أصبح يهدد ليس دور المنبر فقط بل ووجوده كتنظيم)) ص (1) والإيحاء بأن هذه الأزمة هي بسبب من استقالوا من اللجنة المركزية أو بمن سموا بالمبتعدين سياسياً؟! ولم تذكر هذه المبادرة بأنهم المستقيلين من المنبر كلياً لأسباب سياسية كل هذا بدل أن تقوم هذه الجمعية بمراجعة نقدية والإقرار بأنها قد تخلت وخصوصاً في أحداث 14 فبراير عن منهجيتها العلمية ((الجدل المادي)) لأنها تاهت خلف فكر وسياسات ((نخبة مستبدة)) في التنظيم رهنت نفسها لصالح الرؤية والرسالة لقوى الإسلام السياسي وتحديداً الشيعي وكما ورد في المبادرة ((لتأكيد نوايا وإرادة الجميع على استعادة وحدة المنبر وفق ((الرسالة)) التي قام عليها، هنا لم تذكر الجملة وفق البرنامج السياسي والنظام الأساسي ؟! ص (2) ورهنت خطها التنظيمي والسياسي بالاعتماد كما ورد في المبادرة ((على الشللية والفردية)) ص (1) ((وللأطروحات المتطرفة والطائفية والفئوية)) ص (2) ولتعبر عن سائر الكادحين على اختلاف أصولهم القومية؟ والدينية؟ والطائفية؟؟ ومناطقهم الجغرافية؟؟ ص (1) كل هذا أوصلها إلى إحداث الشرخ الطائفي في دوار مجلس التعاون في أحداث 14 فبراير فكما جاء في المبادرة ((وما تركته أحداث السنوات الماضية من فبراير 2011 من (صدع مجتمعي)) لاحظ هنا لم يستخدموا جملة الشرخ الطائفي لأنها تدينهم، ص (1) والنتيجة هنا كما تذكر المبادرة ((انعكس للأسف حتى على القوى الديمقراطية التقدمية بما فيها منبرنا)) ص(1) طبعاً هذه جملة عامة تحاول فيها ((النخبة المستبدة)) إبعاد الشبهة عن طائفيتها ومذهبيتها في أحداث 14 فبراير وما نتج عنه من شرخ طائفي؟!.

–         كل هذا أدى إلى أن تعاني هذه الجمعية من العزلة والعزوف عنها من أعضائها ومناصريها وبالتالي أدى إلى الاستقالات في كوادرها التاريخية وفي مكتبها السياسي السابق وفي كادرها المنبري القاعدي، وما تلاه من استقالات لازالت تعصف بهذه الجمعية حتى بعد انفضاض المؤتمر السادس (الفاشل) الذي بدل من يقوم بتفعيل مبدأ المركزية الديمقراطية ((النقد والنقد الذاتي)) ويقوم بالمراجعة النقدية الحقيقة ويقوم بالمسائلة والمحاسبة قياساً بحجم الكارثة ((كارثة الدوار)) وانعكاساتها على المنبر بدلاً من ذلك عزز من سيطرة وهيمنة (النخبة المستبدة) وجدد البيعة لها في الجمعية مما أدى إلى استقالات أخرى من اللجنة المركزية ومما أدى إلى أن تتشقق هذه الجمعية وتتفتت وبالتالي التلاشي المقبلة عليه الجمعية، ولكي تتفادى هذا التلاشي تقوم الآن بمحاولة ((مناورة – مراوغة)) أطلقت عليها إس المبادرة وخصوصاً بعد أن ورد إلى علمها بأن هناك مشروع لتأسيس جمعية سياسية جديدة لكل الوطنيين والديمقراطيين في البحرين كبديل لما هو موجود في الساحة السياسية من جمعيات ما سمي بالتيار الوطني – الديمقراطي والتي ضمنها المنبر الديمقراطي التقدمي فكما ورد في المبادرة ((واستشعارا لوجود هذا الخطر)) أتت هذه المبادرة ((المناورة – المراوغة)) والتي يجري فيها إنكار وإخفاء الانحرافات والاختلالات في خطها السياسي الكارثي المتسم بالمخاطرة والمغامرة والشعبوية التي مورست من قِبل هذه ((النخبة المستبدة)) ما قبل وأثناء وبعد أحداث 14 فبراير وإلى الآن ولكن هذه المرة بصورة مغايرة عما طرح فيما سمي بوثيقة المراجعة النقدية المقرة في مايو 2012 والشواهد التي نستند إليها من جوهر هذه المبادرة وشكلها هي:

أولاً: باستخدام التاريخ وذلك للتأثير السيكولوجي الشعوري كما ورد في المبادرة ((المستقلين من اللجنة المركزية الحالية وما سمي في المبادرة بالمبتعدين سياسياً وأيضاً الرفاق المشاركين في نشاط الحزب والمعترضين في ذات الوقت على الخط السياسي الذي اختطته القيادة الحالية للحزب)) ص(2) وهنا نقصد بالتاريخ تاريخ جبهة التحرير وتاريخ الاشتراكية والتي لا تمت إليه هذه ((النخبة المستبدة)) من قريب أو بعيد بأي صلة عبر ممارستها الشعبوية المغامرة واستقطابها الطائفي الذي حدث في الدوار.

–         فكما ورد في المبادرة ((امتداد للتقاليد النضالية الوطنية والأممية الثورية لجبهة التحرير كحزب للطبقة العاملة وسائر الكادحين)) ((ووجوده كتنظيم بالطبيعة التي ورثناها من جبهة التحرير)) وهذا يعكس من جهة أخرى مسألة تاريخ جبهة التحرير الحقيقي بأن لا تجيره هذه النخبة المستبدة في لعبة الحسابات لعبة ((الضلال)) و((الأضواء)) التي تمارسها النخبة المستبدة في المنبر وأن لا يسقط هذا التاريخ في التمجيد وأيضاً في تجيره عندما تدعو الحاجة لذلك، فهو تاريخ ثوري وطني – أممي – اشتراكي عندما تخاطب المستقيلين والمبتعدين سياسياً؟! والمحتجين على الخط السياسي من نشطاء المنبر وهو تاريخ يجير لصالح الإسلام السياسي الشيعي بكل ما يعنيه من كلمة ويفوض الأمين العام للوفاق تفويضاً مطلقاً بالتحدث باسم هذا التاريخ؟!

–         وأيضاً تاريخ الاشتراكية كما ورد في المبادرة ((إيماناً بالاشتراكية كخيار حتمي أمثل)) وهنا كما نرى تستخدم هذه النخبة المستبدة الاشتراكية وجبهة التحرير كغطاء لشرعنة ممارستها الاستبدادية داخل الجمعية وتكتيكها الشعبوي المغامر في حراكها في الشارع السياسي الملحق بالإسلام السياسي ((الطائفية السياسية)) كما ورد في المبادرة ((في نضال شعبنا)) ((في قيادة النضال الشعبي)).

ثانياً: اللعب على الورقة أو المسألة الوطنية، فكما جاء في المبادرة ((ولحضور حزبنا الدائم كداعية للوحدة الوطنية)) ففي أحداث 14 فبراير لم يكن التقدمي ((داعية للوحدة الوطنية)) بل ساهم في إحداث الشرخ الطائفي كما سمته المبادرة ((التصدع المجتمعي)) ولم تستخدم ((الشرخ الطائفي)) كما استخدمته في الوثيقة النقدية لأن هذه النخبة المستبدة تعرف بأنه وعبر استقطابها السياسي في الانقسام الطائفي الذي حدث في دوار مجلس التعاون والذي نتج عنه الاستقطاب والانقسام الطائفي في الفاتح وبأنه شارك بشكل فعّال في إحداث هذا الشرخ الطائفي وبالتالي الفتنة الطائفية التي نتجت عنه فهو يحاول هنا أن ينأى بنفسه عن هذا الشرخ – التصدع الطائفي بادعائه بأنه ((كداعية للوحدة الوطنية)).

ثالثاً: الإيماء بأن تحركه ومشاركته في أحداث 14 فبراير هي كما ورد في المبادرة ص(1) ((من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام – إيماناً بالاشتراكية كخيار حتمي أمثل))

الكل يعرف أن هذه الأحداث 14 فبراير وتداعياتها وأجندتها التصعيدية الطائفية لم تكن من أجل لا الديمقراطية ولا العدالة الاجتماعية ولا التقدم ولا السلام ولا في طريق الانتقال إلى الاشتراكية بل أن الصراع كان من أجل السلطة ((باقون حتي يرحل النظام)) هذا هو شعار الدوار ((الشعب يريد إسقاط النظام))، بروز الائتلاف من أجل الجمهورية ….إلخ وكان من يقود مشروع الدوار وما سمي بثورة 14 فبراير هو الاتجاه المتطرف في الإسلام السياسي الشيعي والفئة الشعبوية الطائفية المغامرة ((ائتلاف 14 فبراير)) وهو تيار طائفي رجعي ديني مذهبي محافظ وليس ((تقدمي)) كما تدعي المبادرة وكان ميل هذه الأحداث للعنف في الشارع والتحريض عليه في المناطق واضحاً لا يحتاج لأي أدلة وليس من أجل ((السلام)) ومشروعه هو الوصول إلى دولة جمهورية إسلامية ((طائفية)) أو دولة ولاية الفقيه وليس من أجل ((دولة اشتراكية))

رابعاً: محاولة إبعاد ((المسئولية التنظيمية والأخلاقية)) كما ورد في المبادرة وإبعاد المسئول عنها في فترة أحداث 14 فبراير كالأمين العام السابق ونائبه والشلة الملتفة حولهما بحيث لم يتم مسائلتهم ومحاسبتهم عن هذه المسئولية التنظيمية والأخلاقية في المؤتمر العام السادس وذلك عن كما ذكر في المبادرة ((المهام الخطيرة التي تطرحها المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا)) وبالذات وحسب ما ورد في المبادرة ((ما تركته أحداث السنوات الماضية من فبراير 2011 من صدع مجتمعي انعكس للأسف حتى على القوى الديمقراطية التقدمية بما فيها منبرنا)) ومحاولة إبعاد ((المسئولية التنظيمية والأخلاقية)) عن ضرب الوحدة الداخلية وعن ضرب بعرض الحائط مبدأ المركزية الديمقراطية ليعزز سلطة القرار ويبقيها في يد النخبة المستبدة التي تقودها النزعة الشللية، والنزعة الفردية فهم ينزعون دائماً لخلق المحاور والكتل غير السياسية والتنظيمية وهذا ما يقودهم لخلق الشلل وتفتيت وشق التنظيم، وإلغاء آليات عمل الهيئات والمراتب ويعملون على تعطيلها ((فالفرديون)) لا يعيشون مع الهيئات والمراتب والعمل الجماعي ((القيادة الجماعية)) بل يقومون بخلق الأتباع والمريدين وهذا ما يدفع بهم من نقد الآخرين لهم والمختلفين معهم في الرأي وفي الخط السياسي والتنظيمي والفكري، وكل هذا يختزل في المبادرة ((وجهات النظر المتباينة والمتنوعة بين كافة المنبريين وصولاً إلى توافق سياسي يؤكد على السياسة المستقلة والموحدة لأعضاء المنبر وأنصاره والقاعدة الاجتماعية التي يمثلها والتي تعكس الوجه التقدمي للمنبر))، هكذا بكل بساطة ((وجهات نظر متباينة – متنوعة)) وصولاً إلى ((توافق سياسي)) مبسطة الاختلاف بأنه وجهات نظر ومبسطة الحل إلى توافق سياسي بين وجهات النظر؟! هذه إشكالية أولى والإشكالية الثانية عدم توصيف وتشخيص وتحليل الأسباب التي أتت نتيجة لها كما ذكر في المبادرة ((المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد)) ونضيف المنبر التقدمي، فالمبادرة تضمنت فقط ذكر النتيجة لما حدث في (المرحلة الحرجة) وهو ما سمته ((التصدع المجتمعي)) أي ((الشرخ الطائفي)) لماذا هي تتحاشى ذكر الأسباب ((أي السبب والذي تسبب عنه))؟ ذلك لأنها لا تملك الجرأة ولا الشجاعة في أن كما ورد في المبادرة ((أن يجمعوا بمهارة الثورين المخلصين بشكل جدلي علمي)) في مراجعة كل الأخطاء والهفوات والمخاطرة والمغامرة الشعبوية التي مارستها تلك النخبة المستبدة في تلك الأحداث والناجمة عن الانحراف وهو خروجها عن المنهج، عن الطريقة العلمية في التحليل وهذه الإشكالية المعيارية تدل أيضاً على المواطن الذي ينشأ فيه كل انحراف وهو علاقة ((النظرية بالممارسة)) وبما أن التنظيم يقدم نفسه كإطار تتوحد فيه النظرية بالممارسة، فإن كل انحراف سيكون انحرافا داخل الجمعية وللشلة أو الأفراد أو الاتجاه المسئول عن الانحراف من جهة أخرى وهذا ما تحاول النخبة المستبدة بعدم تسليط الضوء عليه في مبادرتها لأنه السبب الجذري في الإشكالية التنظيمية فتناور وتراوغ كما ورد في المبادرة ((بأن على الرفاق المنبريين أن يجمعوا بمهارة الثوريين المخلصين بشكل جدلي علمي بين استعادة الوحدة الداخلية بعيداً عن الشللية والفردية وبين الاستمرار في أن يلعب المنبر دوره النوعي في قيادة النضال الشعبي)) بدل أن تطرح هذه المبادرة السؤال الأهم وهو كيف نقوّم انحرافا أو كيف نقوّم الانحراف الذي أصاب جمعية المنبر التقدمي؟ أولاً إذا كانت المسألة المطروحة على مستوى المبادئ فمن الواضح أن الحكم يتم استنادا إلى ما تعلمنا إياه النظرية وليس كما ورد في المبادرة ((أن غياب هذا الربط الجدلي أصبح يهدد ليس دور المنبر فقط، بل ووجوده كتنظيم بالطبيعة التي ورثناها؟! من جبهة التحرير)) فمن المبادئ الأساسية الأطروحة المادية القاضية بأن الممارسة هي معيار الحقيقة وهذا ما يحيلنا إلى فهم ممارسة جمعية المنبر التقدمي في أحداث 14 فبراير وإلى الآن، وما يعيق استعادة الوحدة الداخلية ودوره في (الصراع الطبقي) وليس الشعبوي كما ورد في المبادرة (( قيادة النضال الشعبي)) فنحن إذاًً أمام حركة تنطلق من ((المبادئ)) إلى ((التجربة)) وترسم في طرف آخر إجمالية تحدد مثالية النموذج ((جمعية المنبر التقدمي))كونه انحرافا ما شعوبيا مغامرا بينما تحدد التجربة انحرافا انتهازيا أخذ صبغة طائفية – مذهبية، وإن كان تحت غطاء برغماتية كما جاء في الوثيقة النقدية ((الوطنية تحتم المشاركة في هذا الحراك السياسي في الشارع أو عدم الانعزال عن الجماهير المحتجة…إلخ)) فالانحراف هنا يقوم في ظرف مشخص ((أحداث 14 فبراير)) وهنا يرتكز مفهوم الانحراف على سياسات ومواقف معينة اتخذها المنبر ولازال في تلك الأحداث من 14 فبراير وما بعدها وإلى الآن، وهنا يكمن اصطلاح الانحراف بقدرته على تقديم تحليل عيني للوضع أي تحليل قادر على تغيره، فوحدة هاذين الانحرافين (سواءً في النموذج – أو التجربة) تكمن في قبولها قبولاً فعلياً للميدان مورست فيه (النظرية – الممارسة) ضمن إطار المنطق الصوري وليس المنطق الجدلي المادي والذي أخذ ثنائيه صراع (السلطة – المعارضة) أو (صراع طائفي سياسي – قبلي سياسي) ومن هنا أتى التعريف الإجمالي للانحراف بوصفه تعبيراً عن مواقف شعبوية مغامرة، أخذت المسحة الطائفية الدينية المذهبية تدعمها تنظيمياً البورجوازية الصغيرة مع بعض من الفئات الوسطى المستبدة في القيادة وليست تعبيراً عن الطبقة العاملة البحرانية والفئات الديمقراطية المثقف العضوي من الفئات الوسطى والبرجوازية الصغيرة وذلك في ممارسة الصراع الطبقي، وليس كما ورد في المبادرة ((لكي يأخذ المنبر التقدمي دوره الوطني الرائد بصفته حزباً تقدمياً عابر للطوائف والقبائل حزباً لكل كادحي الوطن ((الشعب))

هذه جملة فضفاضة غامضة شعبوية فنحن لسنا ضد الطوائف والقبائل كظاهرة اجتماعية وحتى تنظيمية اجتماعية تاريخية ولكن ضد شحنها وتعبئتها عاطفياً وسياسياً في تضامنيات طائفية سياسية أو قبلية سياسية واستقطابها في حرب أهلية أو فتنة طائفية أو نعرات قبلية، وعندها نفهم لماذا يتعلق الانحراف في آخر التحليل بكيفية انحراف تصور جمعية المنبر التقدمي لدورها في الصراع الطبقي وشكل تنظيمها وطرق عملها، ووظيفتها في إطار التحول الديمقراطي في ظل المشروع الإصلاحي من أجل الوصول إلى النظام الديمقراطي المنشود.

–         إن الانحراف يشير إلى مسألة لا تطرح بصفة واضحة في المبادرة (المناورة – المراوغة) ويتم استبعادها وهي مسألة الكيفيات العملية للتوحيد السياسي وهو الأعم للطبقة العاملة البحرانية والفئات الديمقراطية من الطبقات الوسطى والفئات الديمقراطية من البورجوازية الصغيرة في مسار الصراع ضد سيطرة وهيمنة الإسلام السياسي (سني – شيعي) عليها وكذلك الفئة الشعبوية الطائفية المغامرة وكذلك الحلف الضمني مع النخب المتشددة في الحكم، هذا هو التناقض الرئيسي والذي يحاول المنبر أن يلتف عليه في صورة تناقض ثانوي وذلك بأن من يهدد وجود المنبر هو المستقيلين من اللجنة المركزية والمبتعدين سياسياً والمعترضين من نشطاء المنبر على الخط السياسي للقيادة الحالية ؟! أو بطرحه أن الصراع هو بين (السلطة – المعارضة) طبعاً المعارضة هنا هي جمعية الوفاق ؟! هذه النخبة المستبدة وعبر مبادرتها هذه وحدة المنبر التقدمي تحاول أن تُرجع التناقض وتحاول أن تناقشه تنظيمياً فقط وكقضية مستقلة وعبر آليات مقترحة ((سنناقش ذلك أي المقترحات والآليات عندما نطرح المستوى التنظيمي)) فالذي تهدف له المبادرة – المناورة – المراوغة هي جعل مسألة التنظيم لقضية مستقلة وهي قضية خيالية ليس من الممكن وجودها ما دام التنظيم يعبر عن شيء وهو الدور التاريخي الذي يؤديه وهو دور ((الطليعة التغيرية)) ودور التوحيد السياسي للطبقات التي ذكرت سابقاً وبناء لحمتها القوية الصلبة المتماسكة وهنا نقصد التنظيم ((المنبر التقدمي)) وفي نفس الوقت اتحادها مع الجماهير الشعبية وهذا يعني أن التنظيم بنية حيوية تؤثر وتتأثر وليست شيئاً حيادياً أو جامداً أو خاملاً تنعكس عليه الأحداث والصراعات كما تنعكس على مرآة.

–         المبادرة (المناورة) تطرح جمل فضفاضة عامة ففي الصفحة (2) ((وصولاً إلى توافق سياسي يؤكد على السياسة المستقلة والموحدة)) ((تحفظ له وجهة التقدمي المستقل الذي يميزه عن القوى الأخرى)) لم تتحدث المبادرة عن السمات أو عن ما يميز هذه السياسة المستقلة الموحدة ولم تحدد من هي القوى الأخرى؟! هنا لا تتجرأ هذه النخبة المستبدة وعبر مبادرتها إلى نقد سياسات تلك القوى الأخرى والتي التحقت بها قلباً وقالباً وكانت ذيلاً لها، هنا يبرز التناقض الذي يشكل الانحراف الذي حدث في جمعية المنبر التقدمي والذي عكس موقفين أو اتجاهين في الجانب السياسي والتنظيمي والفكري فالاتجاه الأول رأى بأن المنبر التقدمي انحرف انحرافا تاماً عن برنامجه السياسي ونضامه الأساسي ((شرعيته)) أي ((سياسته المستقلة)) وعن وجهه التقدمي المستقل وبالتالي عن بنيته الفكرية والذي حاول الاتجاه الآخر والذي لايزال ممسكاً بسلطة القرار في جمعية المنبر التقدمي بمحاولة عدم إعطائه أية أهمية تذكر وحاول أن يقلل من شأنه فكما ورد في ورقة الوثيقة النقدية ((وإذ يعبر المكتب السياسي عن شديد أسفه لتقديم (بعض الرفاق) استقالاتهم من عضوية المنبر)) والتي تحاول أيضاً ورقة المبادرة ((المناورة)) التقليل من هذا الاتجاه، وحصره في أفراد وجماعات وليس اتجاه، فكما ورد في المبادرة ص(1) ((شكلت اللجنة المركزية في دورتها السابقة المنعقدة بتاريخ 3 ديسمبر 2013 لجنة خاصة للاتصال بالرفاق المستقيلين من اللجنة المركزية- والمبتعدين سياسياً عن المنبر كجماعات أو أفراد)) ولم يفسروا لنا ماذا يقصدون بالمبتعدين سياسياً هل لأنهم استقالوا من المنبر نهائياً أم أنهم تركوا السياسة؟!

–         إن العلاج العيني ((الشكلي)) الذي عولج به الانحراف في ورقة المنبر ((المبادرة)) يفضي إلى إشكالية مغايرة جداً للإشكالية المعيارية والمثالية الحاضرة في ثنايا تحليلات ((لينين)) في مواجهته للانحراف الذي حدث في الحزب فقد كان العلاج عبر ثلاث لحظات:

أولاً : لا يجب البتة ربط الانحراف بشخص أو فرد أو رده إلى أسباب نفسية بل يجب معالجته في مستوى دلالته السياسية بالنظر إلى الظرف فحسب. (وهنا الظرف السياسي هو أحداث 14 فبراير والقوى التي تقوده أو قادته)

ثانياً: عندما ينتهي النقاش السياسي داخل هيئة من الهيئات العليا للحزب وهذا النقاش والحوار يأخذ بعض الجوانب الشرعية لمجمل ((النقد)) الموجه لنشاط الحزب بعين الاعتبار يجب أن تكون الكلمة الأخيرة للوحدة والانضباط حول الخط أو الموقف الذي تم تبنيه. فكما كتبنا في ورقة نقد مسودة الوثيقة النقدية، المقدمة من المنبر التقدمي للجنة المركزية قبل إقرارها من المؤتمر العام السادس في ص (15) ((ولكن يجب إيضاح أن الاستقالات خصوصاً الاستقالات في القيادة ((المكتب السياسي)) قدمت بعد نفاذ كل أشكال التعبير وإبداء الرأي والمكاشفة والمصارحة، وتنتقد بصوت عالي القيادة الماسكة بسلطة القرار في المكتب السياسي في هذه اللحظة التاريخية أحداث 14 فبراير وحرصاً على وحدة المنبر وتماسك بيته التنظيمية قد رتب لاجتماع مصغر من (5) أعضاء من المكتب السياسي ما قبل الاستقالة مكون من الأمين العام (حسن مدن) وأعضاء المكتب السياسي (غازي الحمر+ علي البنعلي + نعيمة مرهون + سامي سالم) كان همه الأساسي هو كيفية إخراج المنبر التقدمي من الأزمة وإبعاده عن المزيد من التفتت ودار حوار مع الأمين العام حول كيفية وآلية الخروج من الأزمة، ولمنع المزيد من الاستقالات وكان الحوار قد دار حول نقطتين أولاً فك الارتباط بجمعية الوفاق والانسحاب من الاستقطاب السياسي مع التجمع السداسي والفئة الشعبوية الطائفية المغامرة، وقد رجوناه بالإقدام على هذه المبادرة وخصوصاً بعد تكشف نتائج هذا التحالف الكارثية على المنبر والمجتمع. ثانياً تقديم نقد ونقد ذاتي لكل الممارسات التي أدت إلى هذه الكارثة خلال أحداث 14 فبراير، وقد رأى الأمين العام أنه بالنسبة ((للنقطة الأولى فإنه سيكون هناك اجتماع غداً في جمعية الوفاق للجمعيات السبع بوجود التيار التصعيدي وهذه فرصة مناسبة للإعلان عن فك الارتباط والانسحاب وخرج الاجتماع بالتوافق، والذي نسفه الأمين العام في اجتماعات الجمعيات السبع)) أما بالنسبة للنقطة الثانية فقد قدم الأمين العام وأمين السر ومسئول النقابات مسودة سُميت بالمراجعة النقدية والتي اعتمدت في المؤتمر العام السادس، والتي بررت وماطلت والتفت على الانحرافات والأخطاء الكارثية في الخط السياسي والتنظيمي والفكري التي مورست في أحداث 14 فبراير، ثالثاً ويكمل ((لينين)) يمكن للنقاش أن يتواصل حتى في منشورات خاصة، شريطة ألا يتحول إلى معارضة لها خطوط أو برامج سياسية ((ونضيف خارج إطار البرنامج السياسي والنظام الأساسي المتفق عليه)) ويكمل لينين لقد تم تناول الانحراف كتعبير عن تناقض حقيقي داخل الحزب تناقض قد يصبح عدائياً وقد يفضي إلى تشكل تكتل أو تيار ((ونضيف وحتى أن يؤدي إلى الانشقاق)) ويكمل لينين ولكنه لا ينطوي بالضرورة على هذا المآل.

–         إذاً كلمة الانحراف تدل في الميدان السياسي للصراع الطبقي وليس ((الطائفي السياسي- القبلي السياسي)) على مسألة معينة مسألة عدم شق الوحدة السياسية للطبقة العاملة البحرانية مع الطبقات الوسطى والبورجوازية الصغيرة ومع الطليعة من المثقفين العضوين والتحالف مع الجمعيات (الوطنية – القومية) لحساب جمعيات الإسلام السياسي الطائفي (شيعي – سني) أو الحلف الطبقي المتحالف مع النخب الحاكمة المتشددة. وبالتالي وحدة النظرية والممارسة للتغيير في ظل المشروع الإصلاحي وتحت مظلة الميثاق العمل الوطني. أن الانحراف حتى وأن كان يبدو نظرياً فقط هو إذاً مؤشر على تناقض داخل النظرية تناقض تكمن جذوره في آخر المطاف في ميدان ممارسة الصراع الطبقي وليس الصراع (الطائفي السياسي – القبلي السياسي) وهذا يعكس من جهة مسألة تأسيس تاريخ حقيقي للحركة الوطنية – الديمقراطية وليس لحركة الإسلام السياسي الطائفي المذهبي، تاريخ لا يسقط في التمجيد ولا في لعبة الحسابات لعبة ((الظلال)) و((الأضواء)) التي تمارسها القيادة الماسكة بعنق جمعية المنبر التقدمي.

–         رابعاً: تحاول هذه المبادرة (المناورة) إخفاء طابعها الشعبوي تحت جمل فضفاضة من مثل ((ولحضور حزبنا الدائم كداعية للوحدة الوطنية في ((نضال شعبنا)) ((بين استعادة الوحدة الداخلية وبين الاستمرار في أن يلعب دوره النوعي في ((قيادة النضال الشعبي)) ))، فالشعبوية هي كل حركة أو عقيدة تتوجه بصورة مطلقة أو تفضيلية إلى ((الشعب)) من حيث هو كيان غير متمايز وحيث يجري فيه إنكار أو تقليل من شأن الطبقات وتناقضاتها. إن جمعية المنبر تدعي لنفسها بأنها حزب يمثل ((الشعب)) وتدعي بأنها تعبر عن ((الشعب)) بأسره مهما تعددت مشاربه أو اختلف مصالحه أو تباينت أراءه من دون أن تكترث بارتباطها بقوى اجتماعية بعينها فاعلة في المجتمع لها مصالحها المختلفة، بل رهنت قراراها وسيادتها لقوى الإسلام السياسي الطائفي؟! أن كل هذا يسهل من جنوح قيادتها بعيداً عن الديمقراطية، ويسهل التصارع والاقتتال على النفوذ، داخل الجمعية طالما لا يوجد من يهمه رأب الصدع والانحراف لأن الجمعية لا تعني أي شيء بالنسبة إليه بل كل ما يهم النخبة المستبدة هو مصلحتها ومنصبها وطائفيتها، فالربط هنا بين استعادة الوحدة الداخلية وقيادة النضال الشعبي الذي يحلم بها الأمين العام الجديد (عبد النبي سلمان) لإعطائه غطاء الشرعية والوقوف خلفه والانصياع لأوامره والإذعان لها وبالتالي الاستمرار في الانحراف واللحاق والتحالف مع الإسلام السياسي الطائفي الشيعي الذي يقود هذا النضال الشعبي؟! والذي فوضته القيادة الحالية للمنبر التقدمي في شخص ((مكتبها السياسي)) تفويضاً مطلقاً بالحديث بالنيابة عنه في الدعوة أو المبادرة من سمو ولي العهد للحوار مع ((المعارضة))؟!

–         وأخيراً نقتبس هذه الفقرة المطولة من كتاب ما العمل للينين ص(10) مع إضافة بعض الجمل إليها بين () قوسين.

((نحن نسير جماعة متراصة في طريق وعر صعب، متكاتفين بقوة ومن جميع الجهات يطوقنا الأعداء ((تواجهنا التحديات)) وينبغي لنا أن نسير على الدوام تقريباً ونحن عرضة لنيرانهم ((وبذائتهم الأيديولوجية موالي، حكومي، سلطوي، عميل، منشق…إلخ)) لقد اتحدنا بملء إرادتنا، اتحدنا بقية مقارعة الأعداء بالذات (مقارعة القوى المعادية للتغيير – والديمقراطية بالذات) لا للوقوع في المستنقع المجاور (المستنقع الطائفي المذهبي) الذي لامنا سكانه منذ البدء لأننا اتحدنا في جماعة على حدة وفضلنا طريق النضال على طريق المهادنة (طريق التغيير والديمقراطية على طريق اللحاق بالإسلام السياسي الطائفي وتفويضه للتحدث بالنيابة عنا استجابة لمبادرة سمو ولي العهد الأخيرة كما فعلت جمعيات ما سمي بالتيار الوطني – الديمقراطي ونخص منها جمعية المنبر التقدمي)، وإذا بعض منا يأخذ بالصياح (هنا مبادرة وحدة المنبر التقدمي للمستقيلين والمبتعدين سياسياً) هلموا إلى هذا المستنقع! وعندما يقال لهم : ألا تخجلون، يعترضون قائلين: ما أجهلكم يا هؤلاء! ألا تستحون أن تنكروا علينا حرية دعوتكم إلى الطريق الأحسن! صحيح ، صحيح أيها السادة! أنكم أحرار لا في أن تدعوا وحسب، بل أيضاً في الذهاب إلى المكان الذي يطيب لكم، إلى المستنقع أن شئتم، ونحن نرى أن مكانكم أنتم هو المستنقع بالذات (الإسلام السياسي الطائفي المذهبي) ونحن على استعداد للمساعدة بقدر الطاقة على انتقالكم أنتم إليه ولكن رجاءنا أن تتركوا أيدينا، أن لا تتعلقوا بأذيالنا، أن لا تلطخوا كلمة الحرية العظمى (تاريخ كل الحركة الوطنية – الديمقراطية البحرانية) ذاك لأننا نحن أيضاً ((أحرار)) في السير إلى حيث نريد، أحرار في النضال لا ضد المستنقع وحسب، بل أيضاً ضد الذين يعرجون عليه!